مامدى قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل شخصيتك!
مامدى قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل شخصيتك!

قبل ظهور روبوت الدردشة "ChatGPT" بسنوات، تمكن باحثون في جامعة كامبريدج من تطوير خوارزمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي
تمكنها من تحليل الشخصية بشكل أفضل من أصدقائك، عائلتك، وشريك حياتك. تعتمد هذه الخوارزمية على عدد معين من "الإعجابات" التي قمت بها على فيسبوك.
وحتى إذا لم يكن لديك حساب على فيسبوك، فإن الذكاء الاصطناعي يمكنه الكشف عن أسرارك باستخدام صورتك الشخصية.
كما قامت جامعة امريكية اخرى بتقديم نظام آخر يعتمد على الذكاء الاصطناعي، حيث استخدم عينة من 35 ألف صورة لتحليل الوجوه فقط وتوصلت إلى نتائج مذهلة. استطاع هذا النظام التعرف على الآراء السياسية ومعدل الذكاء وحتى الميول الچنسية وما إذا كان الفرد عرضة للسلوك الإجرامي بدقة 91% للرجال و74% للنساء.
على الرغم من أن هذه التقنيات تفتح المجال لتطوير الخدمات عبر الإنترنت وإمكانيات مهمة في التحليل والعلاج النفسي، إلا أن الباحثين يحذرون من التهديدات المحتملة مثل انتهاك الخصوصية واحتمال استخدام هذه "الخوارزميات التنبؤية" لكشف معلومات حساسة عن الجميع.
تحليل شخصيتك من "إعجاباتك" على فيسبوك!
يُعد الحكم على شخصيات الآخرين مهارة أساسية في الحياة الاجتماعية البشرية، وعلى الرغم من أن تحليل الشخصية الدقيق قد يعتمد على التجارب الاجتماعية وهي خبرة بشړية، فإن هذا لم يمنع خوارزمية الذكاء الاصطناعي من إصدار أحكام صحيحة أيضاً، بل كانت دقيقة أكبر بكثير من أحكام البشر.
خلال تلك الدراسة كان الذكاء الاصطناعي قادراً على التنبؤ بشخصية الشخص بشكل أكثر دقة من معظم الأصدقاء وأفراد العائلة. ومع زيادة عدد الإعجابات التي يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليلها، كان ينافس قدرة زوج أو زوجة الشخص المرتبط به منذ عقود، في مدى دقة معرفة الصفات النفسية العامة.
وهو ما دفع الباحث الرئيسي "وو يويو"، من مركز القياس النفسي إلى أن يقول: "في المستقبل، أجهزة الكمبيوتر يمكنها أن تكون قادرة على استنتاج سماتنا النفسية والتفاعل معنا وفقاً لذلك، مما يؤدي إلى ظهور آلات ذكية عاطفياً وذات مهارات اجتماعية.
ويبدو أن التفاعلات بين الإنسان والآلات في أفلام الخيال العلمي ربما في متناول أيدينا".
في تلك الدراسة، كل ما احتاجه الذكاء الاصطناعي 10 إعجابات فقط، ليتمكن من تحليل الشخصية بأكثر دقة مقارنة بزميل في العمل، وعند تحليل 70 إعجاباً كان تحليله أكثر دقة من صديق أو زميل يشاركك السكن، ومع 150 إعجاباً، ارتفعت الدقة لتنافس أحد أفراد الأسرة، (أحد الوالدين، أو الأخ).
صورتك كافية لتوقع سلوكك!
في تجربة أخرى من جامعة بريطانية، تمكن الذكاء الاصطناعي من تحديد ميول الآلاف الأشخاص استناداً إلى الصور.
وقال ميشال كوزينسكي المشرف على تلك الدراسة، لصحيفة مشهورة: "إن التوجه كان مجرد واحدة من العديد من الخصائص التي يمكن للخوارزميات التنبؤ بها من خلال التعرف على الوجه. وإن الذكاء الاصطناعي قادر على تحديد الآراء السياسية للناس، ومعرفة ما إذا كانوا يمتلكون معدل ذكاء مرتفعاً.
بل حتى التنبؤ بما إذا كانوا ميالين للسلوك الإجرامي أو العڼيف في حياتهم، وتحديد العديد من التفاصيل الشخصية الأخرى التي يمكن أن تحمل عواقب اجتماعية ضخمة".
وأضاف كوزينسكي: "يمكن ملاحظة الوجه لاستنتاج مجموعة واسعة من العوامل، مثل تاريخ حياتك، وعوامل تطورك، سواء كنت بصحة جيدة أو لا".
وتعمل خوارزمية الذكاء الاصطناعي تلك بتحليل مجموعة كبيرة من الصور، وتدريبها عبر تقييم الإجابات من قبل المتطوعين المشاركين في الدراسة. فكانت النتيجة أنه تمكن من تحديد التوجه بشكل صحيح بنسبة 91% من الوقت مع الرجال و83% مع النساء.
مخاطر الخصوصية باستخدام الذكاء الاصطناعي
تلك القدرات التي أظهرها الذكاء الاصطناعي في تحليل الشخصية بهذه الدقة أثارت كثيراً من الأسئلة والمخاۏف حول الخصوصية وإساءة الاستخدام المحتملة للذكاء الاصطناعي لاستهداف مجموعات من الأشخاص والتأثير على آرائهم في الانتخابات مثلاً.
أو مخاطر استغلال توقع ارتكابهم أعمالاً إجرامية في المستقبل، ويتم اتخاذ إجراءات قاسېة بحقهم بناءً على توقع خوارزمية الذكاء الاصطناعي حتى قبل أن يرتكبوا أي چريمة بالفعل.
بينما دافع كوزينسكي عن تلك البرامج، وقال إنه إذا أمكن استخدام الخوارزميات للتنبؤ، بدقة بالطلاب الذين يحتاجون إلى المساعدة والدعم المبكر، فقد يكون ذلك مفيداً. "تبدو التقنيات خطېرة جداً ومخيفة، ولكن إذا تم استخدامها بشكل صحيح أو أخلاقياً، فيمكنها حقاً تحسين وجودنا".
ويدافع القائمون على تلك الدراسات بأن تحليل الشخصية باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي دقيق ورخيص، ويمكن أن يحسن عملية صنع القرار الاجتماعي والشخصي بعدة طرق من التوظيف واختيار الموظف المناسب، إلى الرومانسية واختيار شريك الحياة.
قال المؤلف المشارك أيضاً: "يمكن أن تكون نتائج تحليل مثل هذه البيانات مفيدة للغاية في مساعدة الناس عند اتخاذ القرارات".
وبحسب الباحث الرئيسي: "يمكن لموظفي التوظيف مطابقة المرشحين بشكل أفضل مع الوظائف بناءً على شخصيتهم؛ ويمكن للمنتجات والخدمات تعديل سلوكها ليتناسب بشكل أفضل مع شخصيات المستخدمين والحالات المزاجية المتغيرة".
ويرى الباحثون أن هذا النوع من فحص البيانات وتحليل الشخصيات لا يختلف كثيراً عن التقنيات المستخدمة في وقتنا الحالي من قبل بعض مزودي الخدمات الرقمية، ومواقع التواصل الاجتماعي.