رواية مزيج العشق (الفصول كاملة) بقلم نورهان محسن

الفصل الأول ( فراق ) مزيج العشق
بعض الفراق نختاره..
و بعض الفراق نجبر عليه..
ف يأتي بثقل الجبال.. نستقبله بوهن شديد
و لكن الحياة لٱ تقف لتحزن علينا.. بل تتسابق معنا..
ف نجبر ان نمضي.. ونلتفت للوراء قليلا..
لان في الخلف اشياء واحلام.. وارواح معلقه قلوبنا بها
،،،،،في جمهورية مصر العربية،،،،
تحديدا في القاهرة.... سنة 2016
قصر البارون
في صباح يوما لا يخلو من الحزن
بدا العزاء والبكاء والنحيب على فقيدهم
الاخ الاصغر والاجمل لهذه العائلة الثرية
(عمر البارون ) الذي ټوفي في حاډث طيران اثناء رحلة عمل.
ها وقد انتهى اليوم
واعلنت الشمس عن غسقها
و راحت رائحة الظلام تلامس عتاب الحزن
المترامية في ذلك القصر العريق، واغلقت ابوابه
بعد ان ودع "ادهم البارون" اخر المعزين،
ابن عمه الذي كان ملازما له طيله فترة الډفن والعزاء
الټفت لأمه وصار ينظر لها بعين العطف تارة
و بعين الحزن تارة اخرى
اقترب منها نفث بانفاس الفقد على اكتافها
واحتضنها برفق وحنان، كأنه يخاطبها ناشدا.
سنشد من الصبر يا امي
فقد أعد الله سبحانه للصابرين أجرًا عظيمًا كما في قوله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَأَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 156 ـ 157 }
فعليكِ أن تصبري وتحتسبي الأجر عند الله فله ما أخذ وله ما بقي، وكل نفس ذائقة المoت
كلماته كانت كالدواء الذي يشفي ويخفف عليها هول المصېبة والفاجعة، لإبنها الذي كان لا تمضي ليله الا ويحدثها حتى في سفره نعم..انه متعلق بها بشده.
نظرت له بأعين باكية، وهي تقول بإنهيار وبكاء:
كان قلبي مقبوض من السفرية دي بالذات،
و حاسه ان دي اخر مرة هاخده في حضڼي يا ادهم،
كان كل مرة يسافر يقولي ادعيلي وسامحيني.. ويفضل يوصيني علي كارمن وملك وهو غايب، بس المرة دي ماكنش عاوز يسيب حضڼي كأنه كان حاسس يا حبيبي
_كفاية يا امي انتي تعبتي جدا انهاردة وماينفعش تزوديها علي نفسك دا قضاء الله وقدره، ادعيله بالرحمه وان ربنا يصبرنا...
هتف لولدته بحنان يخصها هي وحدها، وهو يجذبها اكثر الي احضانه، ويربت علي كتفها في محاولة لتهدئتها.
_ كارمن في المستشفي، ماشوفتش لما وصلنا الخبر حصلها ايه، وقعت من طولها، وهي اصلا ضعيفه ومش متحملة،
و هي يا حبيبتي لسه خارجة من عملية من مدة بسيطة.. لازم الصبح نروح نطمن عليها هي وملك مالهمش غيرنا دلوقتي..
خرج صوتها قلقا ومبحوح اثر البكاء الشديد
حاول السيطرة علي نبضاته المتسارعه فور سماعه لكلمات والدته، وبصوت كالجليد اجاب: حاضر يا امي الصبح هنروح نطمن عليها، فين ملك ؟...
خرجت من حضنه وهي تقول: مع المربية فوق من الصبح بټعيط كأنها حاسة باللي بيحصل، هطلع اطمن عليها
اشار بالموافقه وهو يقبل رأسها
: ماتخافيش عليها كدا يا طنط هيكون جرالها ايه يعني هي مش اول واحدة جوزها ېموت احنا اللي فضلنا سهرانين طول الليل بنستقبل في الناس...
قطع حديثهم دخول "نادين" زوجة "ادهم" التى جلست تتحدث بتهكم وقسۏة
كان يجعد حاجبيه، ويضيّق عينيه ليخفي غضبه من كلامها، وكان معتادًا على سلوكها المتغطرس والأناني، لكنه يتجاهلها دائمًا.
نظرت اليها "ليلي" بإزْدراء: انا طالعه اوضتي يا ادهم استريح تصبح علي خير.
ڠضبت نادين من تجاهل تلك المرأة العجوز لها، لكنها تجاهلت ذلك باستخفاف.
نظرت"لأدهم" الجالس، والذي لا يلقي لها بالا، وهذا امرا ليس جديد عليها معه.
غادرت لتصعد غرفتها وتركته لأفكاره.
... في نفس التوقيت...
داخل غرفة واسعه في احدي المستشفيات
امرأة في أوائل الخمسينيات من عمرها تجلس أمام سرير ابنتها النائمة كارمن بعد أن تلقت نبأ ۏفاة زوجها، اڼهارت من الصد@مة، ونقلوها إلى المستشفى.
عندما استيقظت، بدأت تتذكر ما حدث، ثم شرعت تبكي وتصرخ باسمه حتى أتى الطبيب مهدئًا قويًا
، وها هي تنام لا حول لها ولا قوة.
ذكرتها بنفسها عندما ټوفي زوجها وحبيبها، وكانت كارمن لا تزال صغيرة.
مريم بدموع علي حال ابنتها: الله يكون في عونك يا حبيبتي
رن هاتفها فمسحت دموعها، واجابت بصوت باكي:
الو
ليلي: طمنيني علي كارمن يا مريم
مريم: نايمة يا ليلي.. فاقت من شوية وفضلت تصرخ وټعيط
الدكتور اعطها مهدئ وقال عندها اڼهيار عصبي
بكت ليلي حزينه علي حالهم الذي تبدل بيوم وليلة.
ليلي: طيب انا هجيلها الصبح اطمن عليها المعزيين لسه ماشيين من شوية بسيطة
مريم: اكيد كارمن هتزعل اوي لما تعرف انه ادفن يا ليلي قبل ما تلحق تشوفه وتودعه يا ليلي
قالت ليلي پبكاء: كدا احسن كانت هتتعب اكتر والډفن حصل بسرعه، ربنا يصبرنا كلنا انا لسه مش قادرة اصدق وحاسة اني ھموت من الۏجع يا مريم
هتفت مريم بحزن: ادعيله يا ليلي هو محتاج دعانا دلوقتي
تنهدت ليلي بحزن: ملك نايمة هنا جنبي البنت مابطلتش تقول ماما ويدوب راحت في النوم من شوية انا هقفل دلوقتي واطمن علي كارمن الصبح
مريم: مع السلامه
اغلقت تنظر الي ابنتها، وهي تدعي ان يشفيها ويصبرها
في أحد أرقى الأحياء في القاهره
منزل "مالك البارون"
دلفت يسر الي البيت في حزن علي ما اصاب صديقتها
يسر: الحمدلله ان ياسين عند ماما انهاردة انا تعبانه اوي وماكنتش هستحمل شقاوته هتفت
بنبرة متعبه وهي تجلس علي الاريكة
جلس بجانبها مالك قائلا بمزح: علي اساس انه بيهد حيلك لوحدك مش كل يوم بفضل اتحايل عليه عشان ينام في سريره وانتي تخليه ينام معنا
يحاول ان يخفف عليها الامر، وهو يحتاج من يخفف عنه رحيل ابن عمه وصديقه "عمر".
لٱ يعلم كيف سيعتاد عدم وجوده،
سيشتاق الي مزحاته ومرحه الدام معه ؟
همست يسر له بحنان، وهي تربت علي كتفه وتدخل بين احضانه: حاسة بيك يا حبيبي صعب اوي اللي حصل، بس دا قدره ومكتوب انه يحصل
احنا لازم نكون اقوي عشان نقف جنب طنط ليلي وكارمن في محنتهم دي
اشار مالك لها بصمت وهو يتنهد بحزن، يجذبها الي احضانه اكثر،
يحمد الله علي هذه الزوجة الصالحة التي تقف بجانبه في جميع المواقف بحب وصبر شديد.
في قصر البارون
هذا القصر الكبير ذو الثلاث طوابق
بحدائقه الواسعة يحيطها الحراس من كل جانب
الطابق الأول به مطبخ كبير، غرف الخدم، صالة مفتوحة
و 4 غرف واسعه للضيوف مرفق لكل غرفه حمام كبير،
وغرفة طعام داخلها سفرة تكفي 20 فرد وحديقة واسعه وحمام سباحة
أما الطابق الثاني به اربعه أجنحه واسعة
جناح للسيدة مريم، والثاني لنادين، اما الثالث فهو مخصص لعمر قبل ان يتزوج
، والطابق الثالث بالكامل فهو لأدهم يحتوي علي جناحا واحد بإتساع الطابق بأكمله
صعد "أدهم" إلى جناحه في الطابق الثالث،
الغير مسموح لأحد دخوله غير والدته والخدم،
ذلك الجناح الفسيح كثيرا بأثاث راقي، وملحق به حمام واسع، وغرفه رئيسة للنوم ذات لونين الاسود والابيض وبها غرفة ملابس مع أشهر تصاميم البدلات العالمية، وغرفة مكتب واسعة وغرفه صغيرة لا يستخدمها، وصالة كبيرة للرياضة.
دخل أدهم إلى الجناح، وجلس على الكنبة العريضة، وهو متعب جدًا اليوم هو أصعب يوم في حياته بعد ۏفاة والده الذي تركه مسؤولية هذه الأسرة على كتفيه.
سمع أدهم قرعًا على الباب اجاب للدخول.
صاحت نادين بصوت خاڤت: حبيبي انت لسه ما نمتش؟
اتجهت عيناه في مكان الصوت، ورأى زوجته تقترب منه، وكانت ترتدي قميصًا ليليًا أسود يكشف أكثر مما يخفي من مفاتن جسدها.
جلست الي جواره تضع يديها في شعره البني الناعم، فقلب عيناه سخطا على تصرفات هذه البغيضة، فهو يعلم جيدا غرضها.
أجاب ادهم بسخرية واضحة: انتي شايفه ايه ؟ وايه اللي جابك لجناحي مش سبق ونبهت عليكي ممنوع تطلعيه
تمتمت نادين بغيظ من سخريته المعتادة معها: جيت اطمن عليك واكون معاك في الشدة اللي انت فيها يحبيبي.
قالت هذا الكلام، بينما كانت تلعب بزر قميصه وتحاول فتحه.
صاح بحدة، ونفض يديها عن جسده: اطلعي برا يا نادين انا مش فايقلك.
رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن
موجودة بالواتباد كاملة فضلا متابعة للحساب واتفاعلو علي الفصول بتصويت وكومنت
_ ليه بتعاملني كدا يا ادهم عملتلك ايه !! عشان تكون قاسې معايا كدا !!
حاولت إخراج نبرة صوتها المؤلمة، تحثه على أن يخفف حدته معها، فهي الان تخاف من هذا البرود الدائم، ولا تريد ان تحرم من ماله ومن المستوى الذي تعيش فيه.
_دا اللي عندي وانتي قبلتي انك تكملي معايا رغم انك عارفه اني مش بخلف ودلوقتي حالا تروحي اوضتك.. مفهوم..
قال أدهم اخر كلمة بصياح شديد بعد ان هب واقفًا مستعدًا ان يلقنها درس لن تنساه، فهرولت مسرعه تغلق الباب ورائها.
ذهب إلى سريره، وألقى عليه بثقله، وسقط في نوم عميق بعد أن انهار من شدة التعب، والألم الذي يعيشه اليوم ومنذ سنوات عديدة.
في مكان جديد
رن جرس الهاتف بداخل الغرفه الواسعه، وايقظ ذلك النائم
اجاب مراد بصوت ناعس اجش: احسنلك يبقا في حاجة مهمه تخليك تصحيني عشانها في الوقت دا؟
تسائل مراد بإندهاش من ما سمعه: متأكد من اللي بتقوله دا ! امتي حصل كدا؟
استمع بإنصات واهتمام شديد واجاب: تمام خليك متابع الاخبار وعينك ماتنزلش من عليهم من غير ما حد يحس بيك زي ما انت فاهم
اغلق الخط، وهو مندهش من هذا القدر الذي يعتقد انه يقف في صفه هذه المرة.
مراد: كان عندي استعداد للقتل لكن الحظ خدمني من غير تدخل مني، قريب جدا هتكوني جنبي هنا وليا ومحدش هيقدر يحميكي مني بعد انهاردة
تمتم داخله بـ هوس وتملك
نهاية الفصل الاول
تعريف الشخصيات «مزيج العشق»
"كارمن الشناوي" بطلة الروايه
.. 26 عام..
.. درست فنون تطبيقيه قسم ملابس..
.. تزوجت عمر البارون منذ 3 سنوات..
من عائلة متوسطة والدها ټوفي وهي طفلة
خجولة.. عصبية.. عنيدة.. طيبة القلب.. رقيقه جدا
"ادهم البارون" بطل الرواية
.. 35 عام..
.. متزوج من نادين..
مهندس، ولكنه يحب تصميم الملابس كهواية، وتطور حتى اصبح اسمه من اشهر الاسماء في هذا المجال
يدير شركات المقاولات العائلية
وأسس أكبر شركة أزياء في مصر والعالم العربي، هو وأخوه الصغير
صارم، وقاس، صارم،وعصبي للغاية،
يحاول دائمًا السيطرة على هذا الڠضب بقناع من البرودة واللامبالاة، ولكن هل ستدوم هذه السيطرة ام سيسقط هذا القناع، ويظهر الۏحش الكامن ؟
شخصيات اخري
"عمر البارون"
.. 30 عام..
.. تزوج من كارمن بعد قصه حب جميلة، وانجب منها ابنتهم
ملك ذات العام ونص..
شريك اخوه في شركاتهم الخاصة...
ټوفي في حاډث ټحطم طائرة أثناء سفره بغرض العمل.
"نادين المهدي"
..31 عام..
من عائلة مرموقه بالمجتمع لهذا السبب تزوجها ادهم
طماعه.. حقودة.. تحب المال اكثر من نفسها ولأجله تفعل المستحيل
"مالك البارون"
.. 34 عام..
ابن عم ادهم وعمر والصديق المقرب لأدهم
يعمل في الشركة معهم
متزوج من "يسر" ورزقهم الله ب "ياسين" الطفل المدلل
مرح، وطيب القلب، ولديه نسبة من شموخ ادهم،
جاد جدا في عمله
"يسر الحناوي "
.. 25 عام..
فتاة رقيقه جدا، وهادئة
زوجة مالك.. تحبه بشدة
الصديقة المقربة لكارمن
منذ زوجها من عمر ابن عم زوجها
" مريم الجندي "
والدة كارمن
امرأة لٱ يوجد في حنانها تعيش لإبنتها وتعشق حفيدتها كثيرا
ورثت كارمن منها الجمال التركي
" ليلي الالفي "
والدة ادهم وعمر
تعيش لأبنائها منذ ۏفاة زوجها وحبيبها
تكره نادين كثيرًا
"مراد عزمي"
36 عام
اعزب
لديه شركات كثيرة ومطاعم وفنادق في اغلب بلدان العالم
ك واجهة لعمله الحقيقي فهو يعمل في تجارة الاسلحة مع منظمة ماڤيا دولية ولم يتم اثبات شئ غير قانوني عليه حتي الأن
مستبد.. قاسې لأبعد الحدود.. منزوع الرحمة..
متملك..
عنده هوس اتجاه الاشياء التي تعجبه ولا يحصل عليها بشكل مرضي للغاية
باقي الشخصيات سنعرفها بأحداث الروايه
قولولي بقا رأيكم في الشخصيات
#مزيج_العشق
الفصل الثاني ( رحيل الأمان ) مزيج العشق
الصورة لحظة مېت،ـه..
يحييها فقط من يسكن فيها او من يلتقطها...!!!
45 صباحا
يدخل الي غرفتها في المستشفي
بعد ان علم ان والدتها غير موجودة بالغرفه.
نظر اليها يراها نائمة بضعف، ووجهها شاحب،
شعر ان قلبه ېتمزق من الحزن عليها وعلي نفسه،
فهو اختار سعادتها علي سعادته
كان يكفيه ان يعلم انها سعيدة، ويتابع اخبارها من والدته بهدوء ليطمئن باله.
افاق من تفكيره، وهو يشعر بها تتحرك في مكانها،
فخرج قبل ان تفتح عينيها وتراه امامها.
أنصرف خارجًا في هدوء، ليصل الي سيارته، ثم توجه الي مډفن شقيقه !!••
قصر البارون
في جناح نادين
تجلس علي الاريكة، وهي تتحدث في الهاتف مع صديقتها
نادين: عملت كل اللي قولتيلي عليه يا ميرنا، وفي الاخر طردني
ميرنا بدهشة: معقوله.. ماتأثرش خالص.. هو جوزك دا معمول من ايه بالظبط ؟ ازاي وحدة حلوة زيك وماتأثرش عليه!!
اجابت بحنق: معرفش.. انا زهقت من معاملته الباردة ليا.. انا كل اللي يهمني فلوسه.. والا مكنتش فضلت علي ذمته لحظة.. خصوصا بعد ما بابي خسر كل فلوسه في البورصه.
هتفت بخبث: شكل كدا في وحدة تانية في حياته ؟
شهقت بړعب: تفتكري كدا !! دي تبقي كارثه، وكل اللي عملته عشان احافظ علي مكاني هنا هيدمر ولو عرف مش هيرحمني !!
ميرنا بخبث اشد: اهدي بس.. اصل مفيش راجل يهمل مراته كدا الا لو في وحدة تانية شغله باله !!
نادين بتفكير: لا ماظنش الجواسيس للي حطاهم في الشركة بيجيبولي اخباره كلها.
ميرنا: تمام، هتيجي النادي امتي ؟
نادين: مش قبل اسبوع علي الاقل.. ما انتي عارفه الدنيا هنا غامقه ازاي عشان ۏفاة عمر.
هتفت ميرنا بحسد: ايوه عندك حق بس عارفه مراته دي محظوظة مقعدتش معه كتير وخلفت منه وهتورث من وراه ثروة
صاحت نادين بغيظ: فعلا الجربوعه دي هتبقي سيدة مجتمع
ميرنا: طيب انا هقفل بقا يا حبيبتي عشان لازم انزل بعدين نكمل كلامنا.. باي
نادين: باي
اغلقت الهاتف تفكر بكلام صديقتها.
هل من الممكن ان يفكر ادهم في امرأة اخري ؟
فهي تعرف طبعه البارد، ولم تراه ينظر لإمرأة منذ زواجهم !!
في المستشفي
فتحت عيناها، وهي تشعر بآلم حاد في رأسها
، لتتعجب من ذلك المكان حولها، اخذت عدة لحظات لتعلم انها في مستشفي، لتبدأ دموعها في النزول عند تذكرها ما حدث انه واقع وليس كابوس.
تذكرت ان مoت زوجها حقيقه تعيشها الان.
اخذت تبكي في صمت، ولم تستطع التحرك، سوى حركات جفنيها البطيئة، ودموعها التي تتساقط دون توقف.
لمحت كارمن ان والدتها تجلس على أريكة أمامها، افرجت شفتيها محاولة ان تناديها، ولكن صوتها لا يريد الخروج من حلقها كأن لسانها شُل تمامًا عن الحركة.
انتبهت مريم الي حركة الفراش، فنهضت مسرعه تري ابنتها فاقت، فأخذت تمرر يديها علي شعرها في حنان تطمئنها انها ستصبح بخير، وراحت تستدعي الطبيب ليراها.
بعد عدة لحظات
دخل الطبيب ومعه ممرضة، وبدأ فحصها
و هو يتحدث مع والدتها بعملية: تمام.. ضغطها بدأ يرجع طبيعي.. ونبضها منتظم.. بعد شوية هتفوق تماما من تأثير المهدئ
مريم: الحمدلله وتقدر تخرج امتي يا دكتور ؟
هتف الطبيب بجدية: مش قبل اسبوع.. ولازم تتابع مع طبيب نفسي دا هيساعدها تتعافي من صډمتها
غادر الطبيب والممرضة الغرفه، جلست مريم بجانبها تعانقها بحنان وهي تدعي لها بالشفاء.
في نفس التوقيت
كانت ليلي ويسر في ممرات المستشفي يتوجهون الي غرفه كارمن.
سمعت مريم طرق خفيفًا علي الباب، فسمحت بالدخول
هتفت ليلي بصوت خفيض: صباح الخير يا مريم
نهضت مريم من مكانها تعانقها بشدة: صباح النور حبيبتي
ثم رحبت بـ يسر، واتجهو الي الاريكة يجلسون عليها...
يسر: هي عاملة ايه يا طنط دلوقتي؟
مريم: فاقت من شوية والدكتور قال شوية وتخرج من تأثير المخدر.. بس محتاجة دكتور نفسي يشوفها
يسر: عنده حق يا طنط دا افضل لها
مريم: طمنيني عليكي يا ليلى!!
تساقطت دموع ليلي: ربنا يصبرني يا مريم.. وجود ملك وكارمن هو اللي مهون عليا.. مش مستحملة اشوفها تعبانه قدامي كدا.. انتي عارفه دي بنتي زي ما هي بنتك بالظبط
عانقتها مريم في محاولة لمواساتها والتخفيف عن اوجاعها.
يسر: اتفضلي انتي يا طنط مريم روحي ارتاحي شوية وانا هفضل هنا جنبها
مريمx: مقدرش اسيبها يا بنتي وانتي عندك بيتك وابنك مش عاوزة اتعبك زيادة
يسر: ماتقلقيش يا طنط انا استأذنت من مالك وياسين عند ماما وبليل حضرتك تيجي تباتي معها ومالك هيعدي عليا يروحني
مريم: ماشي يا حبيبتي ربنا ماميحرمنيش منك
يسر بمحبة: ولا منكم يارب
في مدافن الخاصه بعائلة البارون
يقف ادهم امام مډفن اخيه يقرأ له الفاتحة.
بدأت دموعه في النزول، وهو يتحدث بصوت خفيض له: الله يرحمك يا عمر.. سامحني
عارف انك زعلان مني دلوقتي.. كان لازم ماروحش ازورها بس ماقدرتش امنع نفسي.. انا بحبها من زمان اوي حاولت كتير ابعدها عن تفكيري وافضل بعيد.. عملت كل حاجة في ايدي.. بس قلبي غلبني المرة دي.. ومش عارف المفروض احكيلهم انك كنت مسافر تعمل عمليه ولا افضل ساكت ومازودش وجعهم عليك...!!!
بعد مرور اسبوع غادرت كارمن المستشفي
دخلت كارمن غرفتهما، وهي تنظر إليها في حزن، وتخطر في بالها ذكريات جمعتها بينها وبين زوجها في هذه الغرفة.
تحركت منهكة إلى الفراش، جلست وعيناها مستقرتان على الطاولة التي كانت عليها صورة تجمعهما معًا.
حملت الصورة بأصابعها المرتجفة، وتحدثت معها بدموع: ليه سيبتني لوحدي.. ما انت عارف اني ماليش غيرك في الدنيا بعد ربنا.. سيبتني لمين.. ازاي هعرف اعيش حياتي من غيرك.. هكمل ازاي لوحدي!!!
نامت وهي تبكي على سريرها، بينما تعانق الصورة بشدة بين ذراعيها.
داخل اكبر شركات الازياء فى مصر والوطن العربى
"البارون ديزاين" صاحبت اشهر براند " كاميلا "
حيث مكتب فخم جدا بتصميم حديث
نجد أدهم جالسًا على كرسيه، وينظر إلى نافذة مكتبه التي تطل على منظر رائع، لكنه لا يراه بسبب حزنه على أخيه سمع طرقًا على الباب فسمح له بالدخول.
دخلت سكرتيرة مكتبه، وكانت تشعر ببعض التوتر بسبب عصبيته الشديدة في ذلك الوقت.
هتف ببرود: في ايه يا مها مش قولت مش عايزك تحوليلي مكالمات او مقابلات ؟
تحدثت مها بإحترام: اسفه يا ادهم بيه استاذ مدحت طالب يقابل حضرتك وبيقول امر مهم !!
اشار لها بالموافقه: تمام دخليه
بعد لحظات، دخل مدحت الغرفة، وأشار له أدهم بالجلوس
تحدث مدحت بنبرة حزن صادقه فكان يعتبر عمر مثل اولاده: البقاء الله يا ادهم بيه.. انا طبعا محبتش اتكلم مع حضرتك في العزاء لأن الوقت مكنش مناسب
ظهر بريق حزن في عينيه، لكنه اختفى قبل أن يلاحظه مدحت، ثم اؤمأ بجدية: خير يا استاذ مدحت ايه الموضوع المهم ؟
هتف مدحت بعمليه: الموضوع بخصوص وصية عمر بيه
نظر ادهم بدهشة: وصية ايه اللي بتتكلم عنها !!
رد مدحت: وصية كتبها عمر بيه قبل ۏفاته بفترة، وتم تسجيلها، وطلب مني انها ماتتفتحش الا في وجود حضرتك والوالدة ومدام كارمن واستاذ مالك.
كان يتابع الحديث بإهتمام، ثم قال بهدوء: تمام يا استاذ مدحت.. امتي تقدر تفتح الوصية دي !!
أجابه مدحت: انا كلمت والدة مدام كارمن وعرفت منها ان صحتها تعبانه الفترة دي وبلغتها بالموضوع وبعد ما تتحسن صحتها هنفتح الوصية عند حضرتك بالقصر
اشار أدهم له بالموافقة وأردف: تمام يا استاذ مدحت شكرا لتعبك
مدحت بإحترام: تحت امرك يا أدهم بيه، استأذن انا
أدهم: اتفضل مع السلامه.
غادر المحامي يترك ادهم يفكر في محتوي هذه الوصية.
فى احدى محافظات الصعيد....
في قصر كبير يغلب عليه الطابع الفرعوني الأصيل،
ولا يقل جمالًا من الداخل، وتحديدًا في المندرة الشاسعة.
يجلس كبير هذه العائلة، ويبدو حزينًا على الرغم من جلالته الواضحة وخطوطه الرمادية على ملامحه الشرقية.
يتحدث مع نفسه عما إذا كان ما حدث في الماضي إثمًا في حق ابنه الاكبر، ولا ينكر أن الڠضب والعناد كانا سيد الموقف في ذلك الوقت، ولم يكن معتادًا على معصيته، فقد كان دائمًا يطيع أوامره.
ربما كان هذا هو سبب تركه ابنه له، لأنه لم يسمح له بالاختيار من قبل، لكنه كان دائمًا فخورًا بهذا الولد الطيب.
لكن فات أوان الندم الان، يدعو الله أن يجد حفيدته ليخفف الألم والندم الشديد بداخله.
نهاية الفصل الثاني
الفصل الثالث ( روحي تحترق ) مزيج العشق
ستظل الدنيا هكذا لقاء بلا موعد وفراق بلا سبب...
فيلا عمر البارون
داخل فيلا صغيرة بيضاء بتصميم حديث وبسيط بإحدي الاحياء الراقيه الهادئة
في غرفة نوم مظلمة نجد ذلك الجسد الضعيف هادئ علي الفراش لا يصدر له صوت.
تبكي كارمن بصمت، وتعانق ابنتها بشدة
وعقلها لا يتوقف عن التفكير.
هل م١ت محب روحها وزوجها العطوف،
و تركها في الدنيا وحيدة هي وابنته التي تشبه والدها كثيرًا بعيون مشرقة من البراءة والفرح؟
كيف ستواصل حياتها بدونه؟
تدعو الله ان يداوي روحها ويصبرها علي فراقه.
أغمضت عينيها عندما خطرت هذه الذكرى في عقلها
وقف "عمر" في المطبخ، واحتضنها إلى صدره من الخلف، وهو يزيح خصلاتها المتمردة علي جانب عنقها ليقول بهمس: تعرفي يا كوكي أنا بعشقك اوي خليتي لحياتي كلها طعم جميل... مش خاېف من حاجة.. قد ما انا خاېف تبعدي عني دلوقت !!
التفتت كارمن اليه واحاطت خصره وشددت من ذراعيها حوله، ودفنت رأسها بصدره لتهمس له ايضًا: مقدرش ابعد عنك انت الامان بالنسبالي.. كفاية ان ربنا عوضني بيك عن حنان الاب والاخ والزوج.. مش عايزة حاجة تانية غيرك من الدنيا.
أكملت كلامها بمشاكسة: وبعدين هبعد عنك واروح فين ! انا قاعدة على قلبك لا عينك تزوغ كدا ولا كدا
ضحك عمر بمرح: وانا اقدر اصلا دا كفاية الأخبار اللي في التليفزيون عن جرائم قتل الستات لأزوجهم انا مش مستغني عن عمري.
كارمن بإبتسامة ماكرة: برافو عليك حرس على عمرك بقي
همس عمر بصدق: انتي وملك اغلي حاجة عندي وهفضل عايش عشانكم
ثم غمز لها قائلًا: بحبك اوي.. ماتسيبي الاكل دا وتيجي اقولك كلمة سر قبل ما تصحي ملك
ابتسمت "كارمن" وقبل ان ترد سمعو بكاء تلك الصغيرة، ومعكرة صفو لحظاتهم الجميلة معًا كما يسميها "عمر"
عادت إلى الواقع على صوت فتح باب غرفتها، دلفت مريم الحزينة للغاية علي حالة ابنتها منذ ان عادت من المستشفي.
جلست مريم على الطرف الاخر من الفراش بجانب ابنتها قائلة: ادعيله بالرحمة يا حبيبتي هو شايفك دلوقتي وزعلان علي حالك لازم ترضي بإرادة الله هي دي الحياة مفيش شئ دايم
كارمن خرج صوتها مبحوح اثر البكاء: صعب عليا اوي يا ماما.. مش مستوعبة ان اللي انا فيه دلوقتي دا حقيقة.. حاسه انه كابوس وهصحي منه..
تكلمت الام بحنان: من رحمه ربنا علينا يا بنتي ان الاحزان بتتولد كبيرة ومع الوقت بتصغر.. ولازم تهتمي بصحتك انتي لسه خارجة من عملية الزايدة واڼهيار عصبي ومش بتأكلي كويس.. لو مش عشان نفسك عشان ملك...
اقتربت منها تربت على كتفها بحنان واستمرت في قراءة القرآن الكريم لها لتهدأ حتى استغرقت في نوم عميق على صوت والدتها الرقيق.
بعد مرور اسبوعين
في منزل مالك البارون
استيقظ مالك من نومه علي صړاخ طفله، الټفت جانبه لم يري زوجته.
نظر في ساعة الحائط كانت الرابعه فجرا، رفع الغطاء وهو ينهض متجها الي غرفه ياسين.
دخل ليري يسر تحمل ياسين بين ذراعيها
مالك بخضة: في ايه يا يسر ماله ياسين؟
يسر بحيرة وخوف: مش عارفه يا مالك صحيت علي صريخه بيقولي ان بطنه بتوجعه وبحس حرارته سخن اوي !!
حمل من يديها ياسين يربت على ظهره بحنان: طب هاتيه انا هلبسو وانتي روحي البسي وناخده المستشفي بسرعه.
يسر: حاضر...
هرولت يسر الي غرفتها ترتدي ملابسها، وغادروا الي المستشفي••
داخل المستشفي
مالك يحمل ياسين علي ذراعيه، ويدخل للطوارئ ومعه يسر
بعد فحص الطبيب لياسين: اطمنو يا جماعه مفيش خطړ المغص والحرارة من اكله للحاجات اللي فيها مواد حافظة زي الشيبسي والكراتيه
يسر: ايوه فعلا يا دكتور دايما ياكل الحاجات دي
الطبيب بعمليه: ممنوع الحاجات دي الفترة الجاية تماما يا مدام.. لازم ياكل اكل صحي وفي فيتامينات ويشرب لبن كتير عشان مناعته تقوى..
انا كتبتلو علي شوية فيتامينات وخافض حرارة وان شاء الله يبقا كويس.
نظر الطبيب لياسين الذي يعدل ملابسه بمساعدة والده، وقال بهدوء: وانت يا بطل بلاش شقاوة وتسمع الكلام ولا انت بتحب الحقن
نظر له الصغير پخوف من ذكر الحقن، وهز رأسه بالرفض
ضحك الطبيب ببشاشة: يبقي مفيش شيبسي والا هكتبلك علي حقنه كبيرة
هتف ياسين ببراءة: مش هحب الشيبسي تاني
مالك: شكرا ليك يا دكتور بعد اذنك
غادروا المستشفي يتوجهون الي المنزل بعد ان اشتري مالك الادوية
صباح يوم جديد
في قصر البارون
استيقظ "أدهم" في الثامنة صباحًا وحده بجناحه، وفلم يعد يتقاسم الغرفة مع زوجته منذ فترة طويلة.
فرك وجهه يخرج من النعاس، والتعب من السهر لا ينام جيدًا، وكيف ينام وهو يشعر بكل هذا الحزن لفقدان أخيه.
يظهر للجميع كم هو متين ومتماسك من الخارج، والعكس تماما بداخله، يتنهد بقوة، يزيل الغطاء عنه ويخفض قدميه على الأرض ليقف منتصبًا متوجهًا إلى الحمام الملحق داخل غرفته، آخذًا حمامه الصباحي.
دخل الصالة الرياضية وقام ببعض التمارين لتنشيط جسده كالمعتاد، ثم ذهب إلى غرفة الملابس وأخرج بدلته السوداء ولبس ملابسه وساعته وحذائه.
وقف أمام المرآة، يرتب خصلاته الناعمة بأصابعه، ويضع عطره الخاص، ويتجه للخارج، جاهزًا ليوم حافل بالعمل.
نزل على درج القصر الكبير الذي كان يسوده الهدوء والسكون.
ذهب إلى غرفة الطعام، ليرى والدته تجلس امام الطعام ولم تأكل شئ
هتف ادهم بصوته الرخيم: صباح الخير علي ست الحبايب
ابتسمت ليلي ببشاشه: صباح النور يا حبيبي
اقترب منها مقبلًا يديها وجلس بجوارها، قائلا بإهتمام: اكلك مش عجبني يا امي ماتنسيش انك بتاخدي ادوية قوية لازم تاكلي كويس
تحدث بنبرة لوم وهو يشير الي الصحن الذي امامها
ربتت علي يديه وقالت بحنان: هفطر اذا فطرت معايا الاول قبل ما تروح الشركة
ابتسم ادهم لها وقال: امرك يا ست الكل
نظرت اليه كأنها تذكرت شئ لتقول بهدوء: ادهم انا هروح اشوف كارمن انهاردة البنت حالها كل يوم بيسوء وهي لسه قايمة من عملية من مدة بسيطة وبعدها اڼهيار عصبي ربنا يكون في عونها.
اشار بالموافقة قائلا ببرود: تمام يا امي.. وبلغيني لما تتحسن صحتها عشان ارتب مع المحامي يجي يفتح وصية عمر الله يرحمه.
في ذلك الوقت، كانت نادين تقف عند باب الغرفة، تستمع إلى ما يقولونه بداخلها،
فهي تتجنب الجلوس مع ادهم منذ ان طردها من غرفته، لتخاطب نفسها سرًا: يا تري الوصية دي فيها ايه يا عمر مش مطمنه بس يا خبر بفلوس بكرا يبقي ببلاش
عندما شعرت بأقدام تسير نحو الباب غادرت مسرعه الي الأعلي.
خرج ادهم من القصر متجها الي سيارته الخاصه التي يقودها بنفسه، وبدأ ان يتحرك وسيارة كبيرة بها مجموعه الحرس الخاص به ورائه.
في شركة البارون ديزين
دخل "مالك" مكتب "ادهم" بعد ان دق الباب سامحًا له بالدخول
أدهم بدهشة: جاي متأخر انهاردة مش عادتك...!
مالك بتعب: ياسين سخن الفجر،
و اخدنه المستشفي بعد ما فضحنا بعياطه
أدهم: وهو اخباره ايه دلوقتي ؟
مالك: تمام الدكتور كتبلو علي خافض حرارة وفيتامينات، الباشا مش بيبطل اكل الشيبسي
ابتسم أدهم بحزن، وشرد بتفكيره في حالة عقمه الذي علم به منذ سنوات افاق من شروده علي صوت مالك: روحت فين يا ادهم ؟
أدهم: معاك !!
احس بما يفكر به صديقه المقرب،
فشعر بالحزن عليه رغم قناع الجليد الذي يرتديه دائمًا، فقال بتساءل: لسه مش عايز تفكر بالعلاج مافيش شئ دلوقتي الا وله حل وربنا قادر علي كل شئ
رد أدهم بجمود: ونعم بالله.. كل شئ وله وقته !!
قال مالك بحيرة: اللي مستغرب منه ازاي نادين كان رد فعلها انها تكمل معاك.. وهي متأكدة انك مش بتحبها وعارفه سبب جوازك منها عشان مركز ابوها..
ابتسم ادهم قائلا بتهكم: عشان الفلوس هي مش تهمها الخلفه والأطفال قد ما بتحب الفلوس.. وطول ما في فلوس هي موجودة مش بتفكر غير في النوادي وسهر والخروج والشوبنج..
مالك: وانت ايه مصبرك عليها لحد دلوقتي وانت فاهمها كدا..؟
أدهم: بستمتع باللعبة وهي فارقه موجودة او لا.. كله زي بعضو..
مالك: طيب انا هرجع علي شغلي.
غادر مالك الي عمله وعاد ادهم الي الاوراق التي أمامه.
نهاية الفصل الثالث
الفصل الرابع ( عودة بالذكريات ) مزيج العشق
.. عندما تشيخ مشاعرنا..
.. نقف على عتبات الماضي..
.. نستحضر ذاكرتنا الهشه..
.. و يفيض سيل من الذكريات الجميله..
.. نشيح النظر، ونهز الرمش لتتساقط صورهم..
.. و تملىء المكان بشظايا من الخذلان والألام ..
بعد مرور اسبوع في ايطاليا
حيث فيلا واسعة بتصميم حديث
استيقظ مراد من نومه، واستدار إلى الجانب الآخر وفتح عينيه الناعسه، فوجد فتاة عاړية نائمة لم يكن جسدها مغطى بشيء.
يكره ان يفتح عينيه، ويرى بجانبه عاهرة
، فهو يأخذ متعته منهمx، ثم يدعس عليهم بقدميه ويلقي بهم خارجا.
ظل ينظر إليها لبضع لحظات قبل أن يدفعها بقدميه لتسقط على الأرض پعنف، متذكرًا ليلته العاصفة معها.
شهقت الفتاة من الألم من معاملته القاسېة لها.
لم يتوقف عن ذكر اسم فتاة أخرى، وهو يعانقها بقسۏة وۏحشية، لكن ما تفعله ذلك عملها وهي معتادة على هذا النوع من الرجال.
_ damn what is this?
_ اللعنه ما هذا ؟
_ Take the money off the table and get out of my face
_ خذي المال من علي الطاولة واغربي عن وجهي
نطق بهذه الحروف ببرود شديد
جمعت أغراضها من الأرض وهربت بسرعة من براثن هذا الۏحش الشرس.
نفخ بعصبية وهو يشعل سېجارة، يفكر فيها.
كم يرغب في العودة إلى مصر سريعًا لرؤيتها بعد الأخبار التي وردت عنها وأنها أصبحت حرة.
من وجهة نظره، هي تختلف عن أي فتاة آخرى ويريد امتلاكها، وإنه يتوق كثيرًا للوقت الذي ستكون له.••
في فيلا عمر البارون
رن هاتف المنزل فأجابت مريم: الو !!
ليلي ببحه في صوتها: ايوه يا مريم.. عاملة ايه ؟
مريم: الحمدلله بخير حبيبتي.. طمنيني عنك ؟
ليلي: اهو الحمدلله على كل حال.. اخبار صحة كارمن ايه دلوقتي ؟
تنهدت مريم: تمام.. اتحسنت كتير عن الاول.. كنا فين وبقينا فين يا ليلي.
ليلي: طب الحمدلله.. بصي يا مريم المحامي حدد ميعاد انهاردة بليل، عشان يفتح وصية عمر الله يرحمه، ولازم كارمن تكون موجودة
مريم: حاضر يا ليلي هبلغها.
ليلي: وانتي وملك تعالو معها.
مريم بأسف: سامحيني يا حبيبتي مش هقدر.. بس اكيد كارمن هتاخد ملك تشوفيها.
ليلي: ماشي يا قلبي تسلميلي.. سلام
مريم: مع السلامه
أغلقت "مريم" الهاتف وهي تشرد قليلًا
لا تعرف لماذا تشعر بتوجس من هذه الوصية،
و لكنها استغفرت ونهضت تحضر الغداء لإبنتها.
في غرفه كارمن
دلفت مريم تقول بحنان: حبيبتي الغدا شوية ويكون جاهز
كارمن بصوت ناعم: يا ماما متتعبيش نفسك ام فتحي هتعمل كل حاجة ارتاحي انتي...
مريم برفض: ابدا انتي عارفه الطبخ دا تخصصي وبحبه قد ايه؟
ابتسمت كارمن وقالت بإستسلام: علي راحتك يا ست الكل
مريم بتذكر: بقولك يا قلبي ليلي اتصلت بيا.. بتأكد عليكي تكوني موجودة بالقصر المحامي هيفتح الوصية بليل
نظرت اليها كارمن بحزن، ففهمت امها نظرتها، لتجلس بجانبها تعانقها بحنان قائلة: حاسه بيكي يا قلب امك بس لازم تعرفي ان دا ابتلاء من ربنا وفي الابتلاء لازم نصبر ونقول الحمدلله
همست كارمن بصوت خاڤت: الحمدلله علي كل حال يا ماما تسلميلي وميحرمنيش منك ابدا يارب
مريم بحب: ولا منك يا عيوني.. هروح بقا اشوف ام فتحي بتعمل ايه لوحدها؟
خرجت مريم، واتجهت كارمن تجلس أمام المرايا تمشط شعرها في شرود وحزن.
تتذكر كيف التقت بزوجها لأول مرة، وكم شعرت بالراحة معه؟
سنه 2013
كانت في عامها الأخير بالكلية، ولأنها متفوقة ولديها موهبة رائعة، تم اختيارها مع بعض مجموعة من دفعتها للتدرب في أكبر شركة أزياء في مصر، "البارون ديزاين".
لا تستطيع وصف شعورها بالفخر فقط بسبب هذا الحدث المذهل، استعدت ليومها الأول، وأخذت الأوراق المطلوبة وبعض أعمالها، وغادرت غرفتها بقلب يرفرف بفرح.
كارمن بمرح: صباح العسل علي عيونك يا مامتي
هتفت بصوتها الناعم وابتسامة مشرقه جميلة
مريم بإبتسامة: صباح الورد يا حبيبتي.. يلا عشان تفطري قبل ما تنزلي
كارمن برفض: مش قادرة اكل يا ماما قلقانه وانتي عارفاني معرش اكل وانا متوترة كدا
مريم بإصرار حنون: مفيش نزول الا لو اكلتي حاجة بسيطة حتي وبعدين قولتلك كتير العادة دي غلط عليكي يا قلبي وانتي بقى خاېفه ليه ماشاء الله متفوقه علي دفعتك.. جمدي قلبك كدا
كارمن: التدريب دا مهم جدا ليا يا ماما وهيفرق معايا كتير بالمجال اللي بعشقه، ودي فرصة كل 100 سنه وحصلت في كليتي لازم اقلق ڠصب عن
مريم بقلة حيلة: طب حتي سندويتش صغير خديه في ايدك كليه قبل ماتركبي العربية وخدي بالك من سواقتك بلاش سرعه
أومأت كارمن بالموافقة قائلة: حاضر يا مريومه يا قمر حافظة كل الكلام وهتصل بيكي اول ما اوصل وبعد ما اخلص شوفتي انا شاطرة ازاي
ابتسمت اليها وهي تقبل خديها وتغادر سريعا
و امها كانت سعيدة بإبنتها تشعر بالفخر وتتمني من الله ان يوفقها.
ركبت سيارتها الصغيرة لم تكون حديثة، ولكنها تحبها بشدة.
وصلت أمام الشركة، وكانت مفتونة بهذا العالم الجديد الذي ستدخله لأول مرة.
نزلت من السيارة بعد أن وصفته ووقفت قلقة، فأخذت تقرأ بعض السور القرآنية القصيرة وأغمضت عينيهاx، تتكلم مع ربها كما كانت تفعل وهي صغيرة، ونسيت أنها تقف في وسط الشارع.
فتحت عيناها خوفًا وهي تلفتت إلى صوت السيارة التي كانت على وشك الاصطدام بها، توقف قلبها عند التفكير في ذلك،
وازداد ارتباكها بعد خروج شاب طويل القامة من السيارة.
صاح فيها بقلق ولوم علي فعلتها الحمقاء: ازاي واقفة كدا في نص الطريق.. افرضي مالحقتش افرمل.. كان زمانك تحت عجل العربية.
تمالكت نفسها ونظرت اليه لتجيب بصوتها الناعم وهي تعتذر فهو محق: متأسفه.. انا كنت بقرأ قرأن في سري ومخدتش بالي انا واقفه فين.. بعتذر لحضرتك
سرح بهاتين العيون الزرقاء التي نسي بها كل هذا الموقف قائلا بإبتسامة: مفيش داعي للاعتذار.. المهم ان ربنا ستر بلاش تكرريها تاني
كارمن بسرعة: تمام شكرا لذوقك.. بعد اذنك.
تركته وذهبت سريعا اما هو فرجع لسيارته، ليصفها بالجراج الخاص بالشركة شاردا يفكر بهذه الملاك.
_ اتأخرتي كدا ليه يا "كارمن" ؟
_ انتو بدأتو !!
_المقابلة لسه شوية عليها، بس استغربت دايما مواعيدك مظبوطة.
_ معلش حصلي موقف برا كدا عطلني شوية.
_ تمام يا حبيبتي
تحدثت هي وصديقتها بالكلية تدعي "ليلي"، وبدأت تخرج من توترها شيئا فشيئا.
بالناحية الاخري
يجلس ادهم في مكتبه بالشركة
، ثم دلف عمر كالصاروخ بدون ان يطرق الباب
عمر بمرح: صباح لي بتغني علي عيونك يا دومه
أجاب ادهم بحنق: دومه في عينك يا زفت مش هتبطل تدخل عليا كدا من غير ما تخبط
عمر بغيظ: هو انا داخل عليك الحمام فيها ايه لما ادخل علي اخويا الوحيد بالشكل للي يعجبني
قطب أدهم حاجبيه وقال بإنزعاج: خلاص بطل دوشة علي الصبح انا مصدع
عمر بتسأل: فين "مالك" المقابلة بتاعت الطلاب اللي تحت التمرين هتبدأ ولازم يكون موجود معايا
دلف مالك من خلفه: بتجيب في سيرتي ليه علي الصبح ياض؟
عمر بمزح: ياريتني افتكرت مليون جنيه احسن
مالك: انا اهم من المليون جنيه ولا ايه
هتف بهم ادهم بجدية: بس انتو هتفضلو ترغو.. مالك يلا روح معه قابلو الطلاب واشرحلهم المطلوب منهم مش عايز اخطاء
كلاهما في نفس واحد: تمام
دلف كلا من عمر ومالك الي قاعة الاجتماعات حيث يتجمع بها الطلاب
تحدث مالك بجدية: اهلا بيكم في الشركة.. من الاول لازم يكون في التزام بالمواعيد وجدية في الشغل تدريبكم هيتم
تحت اشرافنا اتمني من الكل النشاط والتركيز
اكمل عمر بجدية تليق به: مش محتاج افكركم اللي هيثبت نفسه بالشغل المطلوب منه هيتعين هنا بعد التخرج.. بالتوفيق.
لفت نظر كارمن انه نفس الشخص الذي كان سيرتطم بها خارج الشركة.
وقفت بدهشة تفكر انها كانت تتحدث مع صاحب الشركة، واحست بالاحراج لهذا الموقف السخيف التي وقعت به.
التقت العيون في هذه اللحظة، ولكن كارمن اخفضت عيناها سريعًا كي تتفادي نظراته اليها.
لم يصدق ان القدر جمعه بها مرتين في نفس اليوم
، وانه سيراها لفترة طويلة في الشركة، وكان سعيد بشدة.
لا يعرف السبب، ليقول بداخله بهيام: البت جابتك ارضا يا عمر ولا ايه وشكلك حبيت يالهوي على جمال عينيها
مرت الأيام، وكانت كارمن سعيدة بالعمل، وأثبتت مهارتها في التصميم والفن، ادهشت عمر كثيرًا، وبدأ في جذب انتباها والتحدث معها بحجة العمل، وهي لا تنكر أنها أحببت أسلوبه المضحك ولطف قلبه وبدأت تفكر فيه كثيرًا.Back
خرجت من ذكرياتها علي رنين هاتفها
_الو
اجابت بصوت ناعم مبحوح
يسر: عاملة ايه دلوقتي يا روما؟
كارمن: الحمدلله حبيبتي احسن انتي اخبارك ايه
يسر: الحمدلله تمام الواد ياسين مصدعني بالبلاي ستيشن بتاعه
كارمن: هو بقا كويس دلوقتي
يسر: اه الحمدلله والادوية نزلت حرارته وبطل الشيبسي بمعجزة ونايم دلوقتي، قولت انتهز الفرصة واكلمك، عشان هعدي عليكي انا ومالك بليل نروح القصر
كارمن: ايوه تمام حبيبتي هستناكم
يسر: مع السلامه يا قلبوشتي
كارمن: مع السلامه حبيبتي
اغلقت الهاتف، وهي تفكر في هذه الوصية
التي علمت بأمرها من المحامي، ووقفت متجهة الي باب الغرفه تخرج تري ابنتها وتستعد للقاء المساء.
نهاية الفصل الرابع
الفصل الخامس ( الوصية ) مزيج العشق
ان تغيير حياتنا او تغيير انفسنا، ليس سهلا ومزخرفا بالورود..
لابد من التعب والاذئ والكفاح لأجل ذلك..
لا تتراجع مع اول الم او خذلان او چرح..
يستنزف كل امنياتك واحلامك وكل شئ تؤمن به..
تأكد كل شئ قابل للتغيير للأحسن او للأسوء بإرادتنا..
الا القپور فأنها لا تتغير الا بعدد محبيك..!!!
قصر البارون
عاد في المساء متعبًا من العمل، لكن كان عليه أن يستعد لاستقبال المحامي.
صعد إلى جناحه كي يأخذ حمامًا دافئًا لإنعاش عضلاته المتوترة.
ذهب إلى الحمام، وهو يخلع ملابسه ويغطس في حوض الاستحمام ويغلق عينيه ويريح عضلاته.
يتذكر كيف التقى بزوجته المحفوظة منذ 4 سنوات؟
أصبحت شركة الأزياء مشهورة في وقت قياسي، ويرغب الكثيرون في التعامل معها وكان والد نادين عميلا مميزا، ومن هنا تعرف على نادين انجذب إلى لطفها وأناقتها المطلقة ولباقتها في الحديث، كانت من عائلة مرموقة ولأنه أراد أن يرتبط بمستوى يليق به وبعمله، فرأها تناسبه كما كان يعتقد، وتزوجها والمعاملة ينهما كانت جيدة، ولديهما فيلا خاصة بعيدًا عن والدته وأخيه، وكان هذا من شروط نادين الاستقلال في حياتهم.
دخل الي فيلته الساعه العاشرة مساءا
و نادي علي زوجته
الخادمة بتهذيب: مدام نادين خرجت يا فندم
ادهم بتساءل: خرجت امتي يا عزه؟
أجابت عزه: من العصر تقريبا حضرتك
ادهم ببرود: طيب روحي نامي انتي
عزه بإستفهام: مش هحضر العشا لحضرتك ؟
ادهم برفض: لا ماليش نفس
انصرفت عزة في احترام..
نفخ خديه من تصرف زوجته هذا، فكيف تتأخر دون علمه؟ وجلس على الأريكة ينتظرها.
دخلت البيت في الساعه 11:46
كانت ترتدي هذا الفستان الذي لا يليق بالمتزوجة إطلاقا، رأته أمامها ينظر إليها من اسفل قدميها إلى شعرها، في عينيه اشمئزاز واضح.
ادهم بصوت كجليد: كنتي فين لساعة دي يا مدام ؟
اقتربت تلف ذراعيها حول رقبته: حبيبي انت وحشتني اوي
شم رائحة كريهة من فمها، مع العلم أنها كانت في حالة سكر: انتي سكرانه ! بسألك كنتي فين وايه لي عامله في نفسك دا؟
لكنها لم تكن واعية للرد، فحملها بين ذراعيه القويتين متجهًا نحو الحمام، ليضعها تحت الدش ويفتح الماء على رأسها.
شهقت بحدة من صد@مة الماء،
و عندما انتهي اغلق الماء، وتركها تجفف نفسها وغادر الحمام.
خرجت من الحمام تجفف شعرها بمنشفه صغيرة، وهي ترتدي رداء الحمام.
هتف بهدوء: فوقتي دلوقتي وتقدري تردي يلا سمعيني
ردت بلا مبالاة: كنت في بارتي لناس صحابي يا حبيبي
صاح بتجهم: اخدتي اذن مين عشان تخرجي.. هي وكالة من غير بواب وراجعه سكرانه.. انتي اجننتي
نظرت اليه ببرود: اهدا بس يا بيبي انا متعودة علي السهر.. بابا عمره ما سألني وبيثق فيا
عقد حاجبيه بصرامه: انا مش بابا انا جوزك لازم تحترمي نفسك وتنسي السهر والشرب والقرف لي كنتي عايشة فيه قبل ما نتجوز
قالت بعدم اهتمام: انت مكبر الموضوع اوي علي فكرة
صاح بحدة: سمعتيني كويس مش هعيد تاني
تركها وغادر الغرفه
اتضح له حقيقتها، المتهورة، الأنانية، اللامبالية، ما عدا بنفسها، هذا مجرد موقف من كثيرين بعد ذلك، وعلم أن ما رآه في البداية كان فخ وقع فيه خاصة عندما اصبحت طلباتها تفوق حد البزخ لكنه لم يطلقها لأن الطلاق في عائلته لا يليق بهم، فقرر جعلها تعيش في القصر مع والدته، خاصة بعد زواج اخيه.
خرج من الحمام واتجه الي غرفه الملابس وارتدي ملابسه، ونزل يري والدته.
في فيلا عمر البارون
كارمن: حبيبة مامتها المؤدبة مش بتتعبني ابدا
قبلت ابنتها علي خديها المكتزة بحب بعد ان البستها ملابس وردية جميلة.
تحدثت كارمن بحنان لإبنتها: خليكي هنا بقا لحد ما انا اجهز وارجعلك يموكة
اعطتها بعض من العابها تلعب بها.
دلفت الحمام تتوضئ، وخرجت لبست اسدالها
و ادت صلاتها ودعت لزوجها بالرحمه والمغفر
و ان يصبرها علي الالم ويكتب لها الخير، وان يقدرها علي رعاية صغيرتها.
اتجهت ناحية الخزانه تخرج ملابس الخروج باللون الاسود، وهي تفكر انها لم تجتمع مع ادهم في مكان واحد الا مرات قليلة طوال سنوات زواجها من عمر وهذا كان يريحها، لأنها دائما تشعر بالقلق في حضوره منذ اول لقاء لهم.
انتهت كارمن من ارتداء ملابسها، واخذت ابنتها
و نزلت السلالم بهدوء
في هذه اللحظة وصلو يسر ومالك وياسين
، فرحبت به
قبلت يسر كارمن قائلة بمودة: وحشتيني حبيبتي
هتفت كارمن بصوت ناعم: انتي اكتر يا ياسو
مالك بلطف: عاملة ايه دلوقتي يا كارمن؟
تجمعت الدموع بعينيها لتقول بخفوت: بتحسن الحمدلله علي كل حال بحاول اتعود علي غيابه.. بس صعب اوي بجد
عانقت يسر صديقتها، لعلها تخفف عنها هذا حزنها
همست كارمن بإمتنان: شكرا علي وقفتكم معايا الفترة اللي فاتت.. ربنا مايحرمنيش منكم
يسر بمحبة: كلنا معاكي يا كارمن مش هنسيبك ابدا يا حبيبتي
ابتسمت بحزن وتحركو جميعا الي الصالون ليجلسوا
جاء ياسين الي كارمن يرفع يديه يود ان يحمل ملك
ياسين: هاتي ملك عروستي العب بها يا راما
ضحكت كارمن بصوت خفيض علي كلام هذا الصغير
هتف مالك بدهشة: تلعب بمين يا واد انت ؟
نظر ياسين لأبيه وصاح ببراءة: ملك يا بابي عروستي الحلوة
قالت كارمن وهي تحاول تداري حزنها فهي تعشق الاطفال: بتعاكس بنتي قدامي يا شقي.. طب خليها من ورايا يبقالي عذري
ثم ضحكو جميعا.
يسر بيأس: مفقود فيه الامل الواد دا مش هيسكت
دخلت مريم وهي تحمل صنية عليها شاي وكعك
مريم بود: اتفضلو يا حبايبي كلو حاجة قبل ما تتحركو
مالك بتهذيب: تسلم ايدك يا طنط ماكنش في داعي تتعبي نفسك
مريم بلطف: ماتقولش كدا يا حبيبي مفيش اغلي منكم
يسر برفض: سامحيني يا طنط الريجيم حرمني من كل حاجة
ابتسمت مريم قائلة: يا حبيبتي تقدري تاكلي كل حاجة بتحبيها بس تاخدي بالك في كميات الاكل والسرعات الحرارية والنشويات تكون قليلة اوي وعمر وزنك ما هيزيد
يسر صفرت بإعجاب وقالت: اوبا دا انتي خبرة بقا يا طنط
مريم بضحك: الانترنت عرفني حاجات كتير،هبقا ابعتلك كام وصفه تمشي عليهم.. وكلي براحتك الدور والباقي علي "كارمن" مش بتاكل خالص
نظرت لها كارمن بلوم: بأكل يا ماما علي قد نفسي
مالك: طب يلا عشان مانتأخرش عليهم
نهض مالك حاملًا ياسين وغادروا جميعًا في سيارة مالك.
نعود الي قصر البارون
كان أدهم يجلس مع المحامي في غرفة الصالون الفسيحة ومعهما ليلى ونادين، بينما الصمت هو سيد الموقف.
سمعوا طرقا على الباب، ثم دخل ياسين يركض إلى أدهم، وفإلتقطه بين ذراعيه ويمسكه ويقبله على خديه، وهذه عادة ياسين مع أدهم الذي يحبه كثيرا وأدهم يعشقه.
ثم دخل الباقون، فاستقبلتهم ليلي بترحيب، قبلت كارمن ويسر، وأخذت كارمن بين ذراعيها، وعانقتها بمحبة وهي تحمل ملك وتقبّلها بحب وحنان، ولم تزعج نادين نفسها بالترحيب بهم.
التقت عينا كارمن بأدهم، ورأته كالعادة ينظر إليها بشكل غامض لم تستطع قراءة ما يدور في
ذهنه، ولا يستطع أحد أن يتنبأ بهذا، ثم التفتت عيناها إلى نادين متسائلة بداخلها ما الذي صنعت منه هذه المرأة الجليدية؟
عادت كارمن من أفكارها على صوت ياسين يتشاجر مع أدهم، وهو يرآه يعانق ملك بحب ويقبلها في فمها، فشعرت كارمن بمشاعر لم تستطيع تفسيرها.
ياسين پصرخ: مش تبوسها يا ادهم انا بغير دي ليا انا بس
ضحك ادهم بشدة من كلام هذا العفريت الصغير: الواد دا عنده كام سنه بالظبط !!
هتف ياسين يعد علي اصابعه: خمسه
ادهم بسخرية: وبتغير عليها يا اوزعه.. انا عمها ابوسها براحتي
ياسين بعناد: لا محدش يبوسها غيري انا وبس
نظر له ادهم بطرف عينه وقال: مفيش الكلام دا
ضحك مالك وقال بمرح: انا ليه ماعيشتش طفولتي زي الواد دا.. اي كلام في باله بيقولو مابيهموش حد
نهض يحمله ويجلس به ثم قال بتحذير: اهدي ما تودناش في داهية مع ادهم يا بني الله يهديك.. خديه يا يسر والعبو في الجنينه كدا مش هنعرف نتكلم منه..
تحدث الي زوجته وهو يعطيها ياسين
نظر ياسين الي ملك ببراءة وقال: هاخد عروستي تلعب معايا
ابتسمت كارمن بصمت، وهي تقف بعد ان اعطي ادهم ملك الي يسر، ونزلت كارمن الي مستوي ياسين تقبله بعمق في خده، فهذا الصغير فقط من يخرج ابتسامتها بسهولة مثل ابنتها.
خرجت يسر بالطفلين الي الجنينه، وعاد المكان الي سكونه.
ضحك مالك بإحراج من ابنه، ليتحمحم بعد ذلك في جدية، وهو يري ادهم يشير للمحامي أن يبدأ.
كان "مدحت" متوترا، بعد لحظات،
ستتغيرت موازين الأقدار لكل من يجلس أمامه الأن
أخذ بعض الأوراق من حقيبته وفتحها
وبدأ يقرأ بصوت عال:
«بسم الله الرحمن الرحيم»
اوصي انا "عمر محمود البارون"
و انا بكامل القوة الذهنية والحرية الكاملة.
كالأتي:
اولا: بصفتي نائبًا لمجلس إدارة شركات "البارون للمقاولات"، قررت نقل منصبي إلى مدير الشركات "مالك صلاح البارون"
ثانيا: تنتقل ملكية فيلتي الخاصة لزوجتي "كارمن محمد الشناوي"
ثالثا: منصبي كنائب لمجلس ادارة شركة "البارون ديزاين" سينتقل الى "كارمن محمد الشناوي"، وتشرف على تنفيذ مشاريع التصميم الخاصة بالشركة
رابعا: ستنتقل وصاية ابنتي إلى أخي "أدهم محمود البارون" فور زواجه من "كارمن محمد الشناوي"، ويتم تسليم الورث الشرعي لملك فور إتمامها 21 سنة.
في حال رفض أي منهم تنفيذ هذا البند، يلغى كل ما سبق باستثناء منصب "مالك صلاح البارون"، وتنقل وصاية "ملك" إلى أخي "أدهم محمود البارون"، ولا يحق لكارمن الاعتراض، فإن ابنتي سيربيها فقط أخي.
خامسا: اما نصيبي في باقي الxxxxات والمصنع ومحلات الملابس تقسم وفقًا للشريعة والقانون.
و هذه الوصية وتنفذ بعد إتمام ستة أشهر من تاريخ وفاتي.
اتسعت عيون كل من في المكان
، وهم يتوجهون بنظراتهم نحو كارمن التي لا تستطيع وصف ما تشعر به في هذه اللحظة
عدم فهم، ذهول، صد@مة، ڠضب، حزن
لا يقل عنها حال ادهم بل واكثر، فهو لم يتوقع ابدا هذا الطلب من اخيه، ولا احد يمكنه التصديق ان هذا قد يحدث بالفعل
نهاية الفصل الخامس
الفصل السادس ( اللقاء الأول ) مزيج العشق
اياك ان تكون مېتا وانت حي
فالحياة طريقها متسع طويلا
عليك ان تمشيه كله بخيره وشړ
اتسعت عيون كل من في المكان، واول من تجرأ وتحدث !!
كانت نادين التي ڠضبت كثيرا من هذه الوصية التي سوف تكشف كل شئ فعلته.
نادين بصړاخ: ايه الجنان اللي بيتقال دا.. اكيد عمر اټجنن عشان يكتب حاجة زي دي !
ادهم بتحذير: ماسمعش صوتك يا نادين
نادين پغضب: يعني ايه يا ادهم انت موافق علي الهبل اللي مكتوب دا !!
هتفت ليلي بإنفعال شديد: اخرسي انا ابني الله يرحمه عقله يوزن بلد وماتدخليش في اللي بيحصل دا.. فاهمة
اما هي فلم تستطيع مشاركة هذا الحديث الصاخب،
ماذا تقول لا تصدق ان عمر وضعها في هذا الموقف ؟
تتزوج من اخوه كيف؟
_ انا مش هنفذ الوصية دي
كانت هذه كلمات كارمن ونظرتها مصوبة في الفراغ
صاحت نادين فيها بإحتقار وتعالي: مين قال اصلا ان الكلام دا هيحصل يا حبيبتي.. انتي ناسية نفسك ولا ايه.. مش كفاية انك ضحكتي علي الصغير وخليته يتجوزك وانتي مش من مستواه.. هتكوشي علي الراجل اللي فاضل كمان
تجمعت الدموع بعيون كارمن وهربت منها الكلمات، فلم تستطيع الرد.
وصل ڠضب ادهم الي اقصي حد، وهو يلاحظ دموعها من كلمات زوجته المسمومه، ذهب إليها وصفعها بقلم على وجهها.
ادهم بصوت جهوري: الزمي حدود يا نادين مش هصبر عليكي اكتر من كدا.. يلا اطلعي علي اوضتك حالا.. مش عايز اشوف وشك قدامي
صړخ فيها عاليًا فاخذت المتبقي من كرامتها، وغادرت تتوعد بداخلها ان هذه الزيجه لن تمر علي خير.
نهضت ليلي من مكانها جالسة بجانب كارمن، وهي تعانقها بتعاطف في هذا الموقف الذي لا تحسد عليه.
مدحت بجدية: اهدو يا جماعه فاضل اقل من خمس شهور علي مهلة الوصية لازم توصلو لقرار قبل الميعاد دا وتبلغوني به
انصرف المحامي ليعم الصمت المكان للحظة
هتف ادهم بملامح صارمة: وصية عمر هتتنفذ يا كارمن
نظرت كارمن اليه بدهشه وقالت بإصرار: بس انا مش موافقه ومش هتجوزك
رفع أدهم حاجبيه قائلا ببرود: لو سمحتم الكل يخرج عاوز اكلمها لوحدها
ضاقت عيناها وهى ترأهم جميعًا يغادرون في صمت لتبقي معه وحدها، لذلك لم تنظر إليه.
ادهم بصرامة: مفيش اختيارات كتير قدامك.. الوصية خلاص اتفتحت واللي جواها لازم يتنفذ.. والا وصاية ملك هتكون من حقي لوحدي
نطق اخر جملة بنبرة ټهديد وحزم
هبت كارمن واقفه تنظر له پغضب وقالت بصړاخ: انت اټجننت.. عايز تاخد بنتي مني
هتف ادهم پغضب ايضا: اتكلمي كويس.. قولتلك معندكيش اختيارات.. يا تقبلي كل حاجة يا تخسري كل حاجة
كارمن بضعف: انا مش عايزة فلوس ولا شركة وأي حاجة غير بنتي وبس
أخفى أدهم شعوره بالأسى عليها، ليقول من بين أسنانه: الكلام واضح قدامك خمس شهور تفكري فيهم.. لحد معاد تنفيذ الوصية
هتف بهذه الكلمات وغادر المكان بأكمله.
منزل مالك البارون
في غرفة مالك ويسر
دلفت يسر لتجد مالك يجلس علي الفراش شارد بتفكيره، ولم ينتبه لدخولها.
قالت يسر برقه: ايه اللي واخد عقلك يا قلبي؟
خرج من شروده ينظر إليها، ويبتسم عندما وجد تلك الجميلة بشعرها الأشقر واقفة أمامه.
كانت ترتدي فستانها الأسود القصير خطفت أنفاسه بإطلالتها الساحرة.
مرت عينيه من رأسها إلى اسفل قدميها كالعادة أبهرته بأدنى حركة منها.
مالك بحب: هو حد يقدر ياخد عقلي وقلبي غيرك يا ام العفريت
ضحكت بخجل وهي تجلس الي جواره: بلاش تجيب سيرة العفريت.. هتلاقيه جاي ينط فوق بطنك زي كل يوم
ضحك معها وقال: عندك حق الواد دا متسلط علينا
يسر بإبتسامة: ماتقلقش لعب كتير مع ملك انهاردة.. اول ما حطيته في سريره راح في ساااابعه نومه
ابتسم مالك بخبث وهو يصقف بيديه، ليقول بحماس: يعني الملعب فضيلنا اخيرا
ضحكت بدلال علي حركاته، وسألت بنعومة: قولي بس الاول ايه اللي حصل معاكم وانا في الجنينه
مالك بإنزعاج: لا كدا الليلة هنقضيها في الحكاوي وهتتحسب عليا اونطه.. وحكاية الوصية دي هيطول شرحها انا عايزك في حكاية مستعجلة دلوقتي
نظرت له بطرف عينيها وتمتمت: حكاية ايه دي بقا ؟!
لم يرد مرة أخرى فقط حاصرها داخل ضلوعه، هامسًا بجانب اذنيها بكلمات الحب والغزل التي خدرتها قبل أن يبتعد عنها ويلف خديها بيديه الكبيرتين بينما ينظر بلطف في عينيها وهمس: بعشقك
خديها ېحترقان بهذا الاحمرار اللطيف لقلبه، فبغض النظر عن عدد السنين التي مرت عليهم فإنها ستظل تخجل من كلماته الحب منه، لتغمغم بإبتسامة: وانا بمoت فيك
تسارع أنفاسه يقترب أكثر فأكثر، وأنفاسها الحارة تلهب جلده بالإغراء، أغمض عينيه وهو يلتهم شفتيها بين شفتيه بقبلة عاطفية تتعمق معه، وهو يستمتع برحيقها ليذهبو معا في عالمهم الخاص.
في فيلا عمر البارون
هتفت مريم بصد@مة: مش معقولة اللي بتقوليه دا يا بنتي ؟
ردت كارمن پبكاء: هو دا اللي حصل يا ماما
عانقتها امها وقالت بحزن: ازاي عمر يعمل كدا ؟
خرجت من حضنها، وصاحت بدموع: معرفش يا ماما.. قوليلي اعمل ايه لو ماتجوزتش ادهم الوصاية هتروح له وهياخد مني ملك.. انا مقدرش اعيش من غيرها
مريم بقلة حيلة: اقبلي يا كارمن.. اكيد عمر ماعملش كدا عشان يأذيكي لاني متأكده قد ايه كان بيحبك
كارمن بتعجب: بيحبني !! ويحطني في وضع اجباري زي دا عشان اتجوز اخوه يا ماما.. ازاي يفكر كدا ؟
مريم بهدوء: الله اعلم يا بنتي.. محدش عارف الخير فين ؟
كارمن بعدم اقتناع: بس انا مقدرش اتخيل نفسي مع ادهم ابدا.. ازاي اصلا وانا مرات اخوه
مريم بتصحيح: كنتي مرات اخوه يا كارمن عمر م١ت ومش هيرجع تاني.. لازم تتقبلي الوضع لو عايزة تفضل بنتك معاكي
و انتي مش اول وحدة تجوز اخو جوزها
هتفت تذكرها بالواقع الذي لا تستطيع ان تتقبله
نظرت لأمها بحزن ولم تستطيع انكار ما تقوله لكنها قالت: انا هطلع اوضتي استريح.. تصبحي علي خير
مريم بحنان: وانتي من اهله يا حبيبتي
نعود الي قصر البارون
عاد أدهم من الخارج بعد أن خرج ماشيًا بسيارته في الشوارع بلا هدف، غير مدرك ما كان يفكر فيه شقيقه !!
لماذا أجبره على هذه الوصية ؟
بدون ادراك من اخيه فتح الجراح التي حاول إخفاءها خلف قناع البرودة منذ أن علم أن شقيقه يحبها وينوي الزواج منها.
جلس أدهم في مكتبه يفكر فيما حدث بعقله الشارد.
سمع طرقة خافته على الباب، فسمح له بالدخول
تمتمت ليلي بصوت هامس، وهي تغلق الباب ورائها: ممكن اتكلم معاك يا ادهم ؟
رد ادهم على الفور: اكيد اتفضلي يا امي
ليلي بعتاب: كنت قاسې علي كارمن يا حبيبي كنت سامعه كلامك ليها من برا.. براحة عليها ماتنساش هي خارجه من صد@مة قوية من فترة بسيطة
قال ادهم دون أن ينظر إليها: كدا احسن لازم تتقبل الواقع بسرعه.. انا مش عايز احرمها من بنتها.. اكيد انا مش هعمل كدا حتي لو اضطريت اني اضغط عليها واتجوزها بالعافية
ختم حديثه بإنفعال لتقول ليلي بصوت هادئ: وحدة وحدة عليها يا ادهم البنت يتيمه وبقت ارمله كمان في سن صغير اوي مش هتتقبل كل دا بسهوله
رد أدهم بغموض: ماتقلقيش يا امي خير ان شاء الله
في غرفة كارمن
جلست غاضبة على سريرها، غير قادرة على النوم.
تفكر في كل ما حدث اليوم، لا تفهم كيف ستتزوجه بعد خمسة أشهر ؟
تتذكر جيدًا ما حدث في لقائهما الأول، لم تكن تعلم عنه شيئًا عندما عملت في الشركة لأول مرة، كانت كل معرفتها به هي كلمات عمر البسيطة عنه فقط.
تقتربت كثيرا من عمر، وأحست انها تحبه كثيرا، فقد لامس قلبها بلطفه وأسلوبه الراقي المهذب، وبعد أربعة أشهر من العمل في الشركة كانت على وشك التخرج من الجامعة، وكانت متحمسة لعملها المستقر في الشركة، فقد أذهلتهم بأفكارها الجديدة والراقية.
في ذلك الوقت، قرر عمر أن يطلب منها الزواج، وبالفعل ذهب إلى أخيه، وأخبره بما يشعر به لم يرفض أدهم طلب عمر، وقال له إنه ليس لديه مشكلة فهذه حياته وعليه الاختيار لنفسه.
كان عمر سعيدًا جدًا بحديث أخيه وزادت ثقته فى نفسه، وطلب منه إحضار كارمن إلى هنا يتعرف عليها، وبعد تخرجها سيأتي معه ليتقدم الي خطبتها، ووافق أدهم علي ذلك.
و باليوم المتفق عليه...
كانت تمشي في الطابق الأخير من الشركة بمفردها بعد أن تركها عمر لأمر مهم من العمل، وطلب منها الانتظار في غرفة سكرتيرة شقيقه حتى يعود.
لكنها لا تعرف الطريق الذي عليها أن تسلكه، هناك ممران، لذلك بدأت تمشي، وأنذهلت بفخامة هذا الطابق الذي تراه لأول مرة.
لفت انتباهها لوحة فستان جميلة جدًا معلقة على الحائط.
توقفت كارمن في منتصف الممر ناظرة إليها بإعجاب شديد، وفجأة شعرت بهزة قوية دفعتها في كتفها، فشهقت بشدة وسقطت على الأرض لأنها لم تستطع التوازن وذراعها اصبح يؤلمها كثيرًا.
اغمضت لبرهة عينيها من الألم ونظرت لأعلى، لتجد أمامها جدارًا بشريًا كان ينظر إليها ببرودة شديدة.
صړخت كارمن بإندفاع، محاولة النهوض من الأرض پغضب، وهي تدلك ذراعها برفق: انت اعمي مش شايف حد واقف وانت ماشي زي الصاورخ كدا
اقترب منها يقف امامها مباشرة،
ونظر الي عينيها وهو يقسم بداخله انها صافيه اكثر من السماء.
هتف ببرود وعجرفه: انتي للي غلطانه.. واقفة في نص الممر براحتك كأنك في بيتكم مش في شركة
صاحت كارمن بنبرة ڠضب وكبرياء: لو سمحت حضرتك الزم حدودك انا كنت واقفه ببص علي اللوحة وانت خبطت فيا ووقعتني ودلوقتي بتغلط فيا.. ايه قلة الذوق دي
تغيرت ملامحه إلى ڠضب، فلم يجرؤ أحد على النظر إليه من هذه، لتأتى تلك الضئيلة وترفع صوتها عليه وتغلط به ايضا بكل وقاحة.
صړخ في وجهها بحدة: انتي هتحكيلي قصة حياتك.. صوتك مايعلاش هنا والا هقطعلك لسانك الطويل دا.. ويلا اتأسفي حالا
حاولت كارمن التنفس بهدوء للسيطرة على انفعالها، لكنها ارتجفت بشكل لا إرادي خوفا من هذا المهيب، وشعر أنه يحب ذلك البريق المذعور الذي ظهر في عينيها الزرقاوتين، فابتسم بداخله بشكل خبيث، وقرر اللعب بأعصابها عقاپا لتحديها له قائلا بسخرية لاذعة: القطة اكلت لسانك دلوقتي.. ولٱ بتفهمي متأخر.. قولت اتأسفي عن الكلام للي قولتيه وصوتك العالي
اشتعلت غيظًا، فهذا المتغطرس عدم الاحساس يسخر منها وېهينها بكلماته ايضا رغم ان الخطأ منه.
وضعت يديها على خصرها في تحدي وقالت بعناد: لما تعتذر انت الاول وتتكلم بإحترام.. وقتها انا هكلمك بإحترام
رفع حاجبيه بشموخ يليق به ونطق بكبرياء: غصبن عنك تتكلمي معايا بإحترام
هتفت كارمن بملل وإستنكار من غروره: وبعدين بقا في اليوم دا.. لو سمحت عديني عشان في ناس مستنياني
حاولت أن تمر من جانبه، لكنه أمسك بخصرها ودفعها على الحائط.
شهقت بتفاجئ من فعلته، ورفعت عينيها له في ڠضب ونظرت مباشرة إلى عينيه، فشعرت بارتباك من قربه الخطېر منها، ونظرة عينيه القاتمه التي جعلتها حقا تريد الهرب منه الأن.
اما هو فأصبح مثل الشخص الضائع في امواج هذه العيون، لا يعرف كم من الوقت بقي في هذا الوضع.
همست كارمن بتوتر: مايصحش كدا.. لو سمحت ابعد عني
لكنه لم يسمع ما تقوله، بل اقترب منها اكثر، فأغمضت عينيها بشدة، ليشعر بتوترها يزداد تزامنًا مع تسارع أنفاسها، لكنه استيقظ من هذا السحر فجأة، وفي غمضة عين لم يكن موجودًا في المكان.
فتحت عينيها ببطئ بعد ان شعرت انها تقف وحدها بالمكان، لدرجة أنها لا تعرف إذا كان ما حدث هذا حقيقيًا أم أنها كانت تتخيل، لكن الألم الذي مازالت تشعر به في ذراعها جعلها تدرك ان ذلك حدث بالفعل.
_ كارمن
كان هذا صوت عمر الذي أنهى عمله، وذهب للبحث عنها في مكتب السكرتيرة، ولكنه لم يجدها ولم يكن شقيقه وصل إلى مكتبه، فذهب للبحث عنها.
نظرت اليه في شرود فهي لم تتخطي الصد@مة بعد، تعجب من امرها ليقول بتساءل: مالك يا بنتي سرحانه في ايه.. وواقفه هنا ليه ؟
همست بإرتباك: توهت معرفتش اروح المكتب !!
عمر بإبتسامة هادئة: ولا يهمك ادهم لسه موصلش.. تعالي نستناه في مكتب مها
ذهبت معه وهي تحاول ان تستعيد تركيزها، وتنسي هذا الموقف المحرج لها.
نظرت كارمن الي صورة عمر الموضوعه علي المنضدة بجانبها، ثم مدت يديها تمسكها وهي تتحدث لها بدموع: ليه تحكم عليا الحكم دا.. مش عارفه اعمل ايه دلوقتي ازعل منك ولا ازعل عليك يا عمر!!!
وضعت الصورة في مكانها، واغمضت جفونها لعل سلطان النوم يأتيها لتهرب من افكارها.
نهاية الفصل السادس
الفصل السابع ( صراع داخلي ) مزيج العشق
لكل صمت هستيريا خاصه به، فكلما زاد هدوء الشخص، كثر الضجيج برأسه.
في ايطاليا مساءا
بداخل احدي الفنادق الفاخرة التي يمتلكها "مراد عزمي"
يجلس مراد مع رجال اعمال فاسدون من مختلف البلاد يتحدثون حول اعمالهم وتجارتهم الغير مشروعه مثل المخ،ـدرات، الاثار، الس،ـلاح.. الخ
"سيتم ترجمه المشهد باللغه العربية الفصحي"
_ اللعنه مراد ألم تقل لي ان شحنة الاسلحة قد دخلت الحدود الاقليمية وانه ليس هناك مشكلة
اجاب مراد بثقة: أجل، كل شئ علي ما يرام، لقد تأكدت بنفسي
_ سيدي، لقد تم التخلص من الجواسيس التي زرعتها الشرطة وسطنا ليتعقبونا، ولا يوجد اي خطړ الان علي المنظمة
_ حسنا، لا اريد ان يبقي اثر لأي شئ يرشد الشرطة عن اعمالنا مفهوم
_ حسنا
_ اما انت مراد سوف تظل في ايطاليا هذا الشهر، فأننا نحتاجك معنا هذه الفترة
اؤمأ مراد بالموافقه وهو يفكر ان نزوله لمصر تأجل، وانه سيغيب عن محبوبته لمدة شهر فأنه يتطوق شوقًا لها.
صباح يوم جديد
فى احدى محافظات الصعيد، وبالتحديد محافظة قنا التى بها المقومات الاساسية، والضرورية اللازمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبها اراضى قابلة للاستصلاح، والعديد من الاماكن، والمعالم السياحية، وسكانها المعروفين بأصالتهم وأخلاقهم منذ القدم
في منزل الحاج "عبد الرحمن الشناوي"
استيقظ جميع من في المنزل يلتفون حول مائدة الطعام كالمعتاد.
كان "بدر" يجلس في مقعده المعتاد على اليمين، وبجانبه تجلس زوجته "حنان"، وعلي اليسار مقعد "حياة"، بينما المقعد المترأس للطاولة يجلس عليه الحاج "عبد الرحمن الشناوي" بهيبته الطاغية.
تحدث الحج عبدالرحمن: لسه العيال ماصحيوش ولا ايه؟
ضحكت حنان قائلة ببشاشة: لا يعمي اكيد صحيو.. بس انت عارفهم عاد متلكعين علي طول
هتفت روان بمرح: يا صباح الفل يا الناس الحلوين
ثم ذهبت الي جدها وقبلت يده بإحترام وقالت بمرح: وحشتني اوي يا ابو الشباب، وقبلته في خده بحب
بدر بضحك: يا بت اهمدي علي الصبح وبطلي مناغشه في جدك
اجاب عبدالرحمن بمحبه: سيبها يا بدر دي حبيبه جدها
صاحت روان بطفوليه: شوفت بقي يا سي بابا احنا متفقين اهو محدش يدخل بيني وبين حبيبي لو سمحتم بقي
ضحكت حياة وقالت بنبرة حنونة: مابتكبرش ابدا البت دي.. يلا يا حبيبتي اقعدي افطري
جلست روان، ثم وضعت يديها علي رأسها كأنها تفكر ثم قالت بلؤم: اه صحيح يا جدي وانا داخلة كدا سمعتك بتكلم عن العيال للي مصحيوش.. اكيد قصدك ماجد طبعا مش كدا!!
ضحكو جميعا علي تصرفات هذه الطفله مهما كبرت لا تتغير.
جاء صوت ماجد من وراءها: بتجيبي في سيرتي ليه يا ام طويلة انتي ؟
روان: يمه تف تف قطعت خلفي يا عم.. ايه انت بتنط علي السيرة.. والطويلة مالها دي حتي الغلبانة والمستغلة في كل حاجة
ماجد بلا اهتمام: افطر وبعدين ارد عليكي
هتف بدر بنفاذ صبر: كفاياكم دوشة واقعدو افطرو وسيبو جدكم يفطر
جلسو جميعا يأكلون بصمت
_ صباح الخير
تحدث زين بهدوء بعد ان دلف الي غرفة الطعام، وهو يقبل يد جده بإحترام.
رد الجد ببشاشة: صباح النور يا ولدي
اجابت حياة بإبتسامة حنونه: صباح الخير يا حبيبي
قبل يد والدته وجلس بجانبها يفطر بصمت
كانت عيون روان مصوبة نحوه، لم يكلف نفسه ان يلقي عليها تحية الصباح او حتي ينظر اليها، لا تعلم لماذا هو بارد هكذا ؟
لكنها تحبه!!
خرجت من تفكيرها علي ضړبة من اخيها
صاحت روان بإنزعاج: ضربه في ايدك.. حد يعمل كدا ؟
ماجد بملل: بنادي عليكي من ساعه وانتي في المريخ.. يلا عشان اوصلك للجامعه في طريقي
تحدثت حياة على الفور: قوم يا زين وصل خطيبتك يا ولدي
اجاب زين ببرود: عندي شغل مهم فى المستشفي يا امي مينفعش اتأخر عنه
كتمت روان الغصه التي شعرت بها من حديثه البارد ولامبالاته بها، لكنها اخفت ذلك الشعور خلف مرحها المفتعل.
روان بإبتسامة واسعة: مش مشكلة ماجد هيوصلني يا عمتي.. سلام يا ناس يا حلوين..
أنهت جملتها لتقبل خد جدها.
كان ينظر اليها زين بطرف عينيه، ولم يبدي اي رد فعل اتجاهها.
بعد لحظات نهض من كرسيه وهو يقول بهدوء: انا كمان لازم اتحرك اتأخرت علي المستشفي عن اذنكم.. سلام
الجميع: مع السلامه
في بقصر البارون
الساعه 9:00 صباحا
استيقظ أدهم من نومه، أو بشكل أوضح من غفوته، حيث لم ينم حتى الساعات الأولى من الصباح.
قام متجها الي صالة الألعاب الرياضية حيث يفرغ كل شيء على صدره بالرياضة كعادته، أثناء ممارسة للرياضة كان يفكر في أول لقاء لهما.
كان يسير في طريقه إلى مكتبه بعد أن تأخر على الوصول للشركة في الوقت المعتاد بسبب نادين التي لا تتوقف عن استفزازه بطلباتها السخيفة، وهذا اخره كثيرا، ولابد أن شقيقه ينتظره هو وفتاته، فأسرع ليكمل طريقه، وهو ينظر إلى هاتفه ليعرف الساعة.
اصطدم بها وجعلها تسقط على الأرض پعنف، وعندما رفعت عينيها إليه، صړخت في وجهه.
تذكر كيف أنه لم يتحكم في نفسه معها وهذا جديد عليه، فهو نادرًا ما ينجذب إلى فتاة، لكن نظرة من هذه العيون الزرقاء البريئة سلبت عقله في ثوان، وهي أول من يجرؤ ويرد عليه بشجاعة رغم ارتجافها أمامه ووضوح التوتر عليها.
لا يعرف كيف اقترب منها، ولكنه افاق هذا السحر وعقله يحذره بالابتعاد عنها فورًا.
بعد مرور وقت قليل
جلس أدهم في مكتبه، شارد بتلك العيون الجميلة، لابد أنها تعمل في الشركة، وسوف يعرف من هي ؟
افاق من تفكيره علي طرق الباب، سمح لأخيه ان يدخل، لكنه لم يكن وحيدا كانت معه، إنها نفس الفتاة الفاتنة التي سحر بها.
عمر بإبتسامة: صباح الخير يا ادهم
رفع رأسه وهو يرد تحية اخيه: صباح النور
قال عمر وهو يشير بيديه علي كارمن الواقفة وراءه: اعرفك.. دي كارمن خطيبتي المستقبلية اللي حكتلك عنها..
ثم نظر الي كارمن مردفًا بفخر: اقدملك ادهم اخويا يا كارمن ورئيس مجلس ادارة شركاتنا
كسرت هذه الكلمات السحر الذي شعر به، وهو يرى عينيها تتسعان في صد@مة لم تكن أقل من صډمته، لكنه عالج الموقف بعقله الصلب في ثواني، ونظر اليها بجدية وبرود، ثم أشار إليهم بجلوس.
تحدث ادهم بصوته الرخيم: فرصة سعيدة يا كارمن
اجابت كارمن بصوت مرتبك، وكانت تنظر الي الارض: انا اسعد يا فندم.. شكرا
ادهم بسؤال: تشربو ايه ؟
لم تستطيع الرد من شدة توترها
عمر ببساطة: انا عاوز قهوة وكارمن بتحب المانجه
نظرت كارمن بإمتنان لعمر تشكره بإبتسامة صامته، وهذا ازعج ادهم بشدة، لا يدري لماذا لا يستطيع يتحكم في مشاعره ؟
عم الصمت للحظة قبل ان يكسره عمر بمرحه الدائم لا يدرك مايجول في خاطر الجالسين امامه.
هتف عمر قائلا بأبتسامة رجولية لم تزيده الا وسامةً: ايه رأيك في ذوق اخوك.. مش بذمتك ليا حق استعجل علي الخطوبة ؟
احمرت كارمن خجلا من حديثه
اجاب ادهم بغموض: ماكنش عندي شك في اختيارك
ثم وجه نظراته لكارمن مستطردًا حديثه بنبرة عادية: انتي عايشة مع والدتك بس مش كدا ؟
اجابت كارمن بصوتها الناعم: ايوه حضرتك.. والدي ټوفي وانا طفلة
ادهم بإستفسار: وايه هي دراستك ؟
اجابت كارمن وهي تشعر انها امام لجنة امتحان: انا هتخرج بعد شهر من فنون تطبيقيه قسم ملابس
هتف عمر يذكره: كارمن بتشتغل معانا هنا يا ادهم كانت ضمن طلاب التدريب
اومأ ادهم بصمت وانتهت المقابلة بسلام.
افاق من صراعه الداخلي وهو يأخذ نفسا عميقا، ويعود من تلك الذاكرة الثقيلة على قلبه، يتذكر كيف كان يتجنب أي لقاء معها بعد خطوبتها لأخيه ؟
كيف كان يتعامل معها بحذر شديد وجدية في أي مناسبة تجمعهم، لكنه في نفسه لم يتوقف عن التفكير فيها، لقد حاول كثيرًا وفشل.
خرج من صالة الرياضة يستعد الي عمله، فهو عليه مباشرة شركة المقاولات مع مالك اليوم محاولا عدم التفكير في المستقبل، وسوف يترك كل شئ يأتي كما كتبه الله لهم.
نهاية الفصل السابع
الفصل الثامن ( قرار )
في فيلا عمر البارون
تجلس كارمن في الصالة شاردة بتفكيرها
مريم ببشاشة: صباح العسل علي عسولتي
كارمن بهدوء: صباح الفل يا ماما
مريم بحب: حبيبتي عملتلك شاي بلبن اللي بتحبيه
كارمن بإبتسامة عذبة: تسلم ايدك يا ماما
مريم بفضول: بتفكري في ايه ؟
كارمن بحيرة: متلخبطة يا ماما.. مش عارفه لسه عاوزة اعمل ايه ؟
مريم بهدوء: لو عايزة رأيي وافقي يا بنتي
اتسعت عيون كارمن، وقالت بإستغراب: انتي اللي بتقولي كدا يا ماما ! طب انتي ليه مفكرتيش تتجوزي بعد بابا الله يرحمه ؟
ابتسمت مريم قائلة بحب: باباكي الله يرحمه ماكنش في زيه محدش هيملي مكانه.. وبعدين انا كان كل تفكيري وقتها فيكي انتي ومستحيل كنت هجيب ليكي جوز ام يبهدلنا
عانقتها كارمن بشدة لتقول بإبتسامة: حبيبتي يا ماما ربنا يخليكي ليا
مريم بحب: ويخليكي ليا يا رب يا قلبي..
واصلت مريم حديثها بهدوء: بس انتي وضعك مختلف عني يا حبيبتي !!
كارمن بدهشة: ازاي يعني مختلف ؟
مريم بصوت حنون: اللي هتتجوزيه دا عم بنتك.. مش واحد غريب ولا طماع.. الشهادة لله يعني انسان محترم وبيعامل ملك زي بنته.. وبالعقل كدا هو اكتر واحد هيخاف عليها
جادلت كارمن بعدم اقتناع: بس يا ماما دا متجوز.. وانتي عارفه طريقة مراته مستحيل هنتفق مع بعض !!!
مريم بجدية: وانتي مالك بمراته.. مالكيش دعوة بيها اصلا انتي ليكي بنتك وجوزك وكل واحدة منكم في حالها.
عقدت كارمن حاجبيها وسألت بسخرية: وانتي فاكرها هتسكت انتي ماشوفتيش اكلمت ازاي عني بعد ما سمعت الوصية ومضايقة من نفسي اني ماقدرتش ارد ؟
مريم بإستفسار: هو انتي مش قولتي ان ادهم وقفها عند حدها وكمان ضربها قدامكم كلكم !!
أجابت كارمن بضحكة خاڤتة: اه اللهم لا شماته بس انا ارتحت لما عمل كدا لانها فعلا انسانه مستفزة بس قلقانه لا تحطني في دماغها.
قالت مريم تطمئنها بنبرة هادئة: متقلقيش واهو الراجل من اول يوم خدلك حقك عايزة ايه تاني !
كارمن بحزن: مش حاسة اني هعرف انسي عمر يا ماما !!
مريم بتفهم: يا حبيبتي انتي مش هتنسي عمر لانه ابو بنتك.. بس هو الله يرحمه وانتي اللي عايشة دلوقتي.. ممكن تحسي ان الحياة وقفت عند اختفاء عزيز من حياتك.. بس الحقيقه ان الحياة ماشية وانتي اللي واقفة مكانك.
قالت كارمن بتنهيدة، وقد بدأت تقتنع بحديث امها: ماشي يا ماما انا هتكلم مع ادهم وان شاء الله خير...
في النادي
تجلس نادين بصحبة ميرنا وهي تتحدث بعصبية شديدة: انا يضربني بالقلم قدام الكل وعشان الجرب#وعه دي
ميرنا بكلمات مهدئة: اهدي بس وفهميني براحة.. انا مش فاهمه منك حاجة من وقت ماقعدتي وانتي بتزعقي.. فرجتي الناس علينا
نادين بسخط: بقولك فتحو وصية اخوه.. ومكتوب فيها انها تكون نائب مجلس الادارة.. ومشرفه علي المصنع بعد ما تتعلم الشغل.. وفوق كل دا هتجوز ادهم دا علي چثتي ان دا يحصل
ميرنا بتفكير: معقوله.. كارمن دي طلعت مش سهلة خالص
نادين بقلق تحادث نفسها بصوت عالي: انا مش عارفه افكر هي لو اتجوزته اكيد هيفهم اني كذبت عليه واقل حاجة هيعملها هيطردني من بيته ويطلقني دا لو مقتلنيش اصلا
ميرنا بفضول: قتل ايه مش فاهمه حاجة؟
نادين بتردد: هقولك ما انتي لازم تفكري معايا وتشوفيلي حل
في كلية روان
تجلس مع صديقتها "رنا" يتحدثون فتأتي اليهم صديقتهم "مني" تجلس معهم
مني: صباح الخير يا بنات عاملين ايه
ردو: صباح النور
اجابت روان: الحمدلله تمام
هتفت رنا بفتور فهي لا ترتاح الي مني: بخير
روان: انتي اخبارك ايه
مني بخبث: تمام والله.. قوليلي صحيح عاملة ايه مع خطيبك؟
نظرت لها رنا بحنق لتدخلها بحياة روان
روان بحزن: الحمدلله.
مني بمكر: اومال مالك كدا وشك مكشر وزعلانه انتو اتخانقتو سوا
هتفت رنا بسخط: ايه الحشارية اللي انتي فيها دي ياريت تخليكي في نفسك احسن
مني بتذمر: ايه دا مالك انتي.. انا بطمن عليها وعاوزة مصلحتها.. مش شايفه شكلها بتحط ميكب ودايما بالنظارة دي طبيعي مايبقاش واخد باله منها
تتابعهم نظرات روان الحزينة وهي صامته
رنا بتعقل: علي فكرة الحب بالقلوب مش في الشكل ابدا ماتسمعيش كلامها يا روان
مني بملل: خلاص خلاص انا مالي براحتكم،و نهضت تغادر بحنق
تحدثت روان بحزن علي حالها فهي تجهل تماما امور الاعتناء بمظهرها وكان كل اهتمامها فقط بدراستها: يمكن مني عندها حق يا رنا انا برده مش مهتمه بنفسي
رنا بتوبيخ حانى: بطلي هبل بالعكس انتي احلي مني انا وهي.. كفاية دمك الخفيف وشقاوتك وقلبك الطيب وطولك ماتسمعيش كلام مني انا مش بستريحلها
روان بيأس: بس مظنش ان دا كفايه يخليه ياخد باله مني يا رنا
قالت رنا بصوت ناعم: لو علي الشكل يا ستي سهل جدا.. سيبيها عليا انتي اصلا مش محتاجة حاجة يدوب هنشيل النظارة وتحطي لينسيز طبي وميكاب خفيف وتبقي قمر.
روان بسؤال: وتفتكري دا هيخليه يشوفني حلوة يعني؟
رنا بتأكيد: التغيير مطلوب.. وكمان لازم تخرجي من مرحلة الطفولة اللي انتي لسه عايشة فيها يعني تتكلمي بهدوء برقه وبصوت واطي فهمتي يا بت
ابتسمت روان لصديقتها التي تعتبرها اختها فهي طوال الوقت تدعمها، وقالت ببشاشة: حاضر يلا قومي معايا نشوف المحاضرة اللي ورانا.
في غرفه نادين ظهرًا
جلست تقطم اظافرها من التوتر والعصبية شديدة
، فهي لا تعرف هل حقا خطة صديقتها ستفلح ام لا؟
سمعت رنين هاتفها لتتجه الي المنضدة تري الشاشة تضئ برقم تعرفه جيدا، اخذت تفكر هل ترد ام تغلق ككل مرة ؟ ولكنها بحاجة الي التحدث مع احد الان.
نادين بتردد: ايوه
_ ازيك يا روحي وحشتيني
نادين بهدوء تحاول السيطرة علي نفسها:x احنا مش اتفقنا نقطع علاقتنا ببعض يا قاسم
قاسم بمراوغة: حاولت ومش قادر انساكي يا بيبي هو انا ماوحشتكيش
نادين وقد بدأت تلين نبرتها: بس انا حاليا عندي مشاكل ومش هينفع نتكلم
قاسم بلهفة: بس انا لازم اقبلك ضروري بجد مشتاقلك ولا خلاص نسيتي ايامنا سوا
نادين بهمس: لا مانسيتش ولا حاجة بس ياريت انت كمان متنساش اني متجوزة
قاسم بإصرار: وايه المشكلة ما احنا كنا سوا وانتي متجوزة برده ومبسوطة ولا هتنكري انا لسه بحبك يا نادين ومصمم اني اشوفك
نادين برضوخ: ماشي يا قاسم عايزني اقابلك فين
اجاب قاسم على الفور: في شقتي طبعا اكيد لسه فاكرة العنوان مستنيكي
نادين بهدوء: تمام ساعتين واكون عندك سلام
اغلقت وهي تتجه الي خزانة الملابس تبحث عن شئ مغري وملفت ترتديه، فهي قررت ان تحاول نزع الخۏف من داخلها ولو مؤقتا.
اما عند قاسم
ضحكت بخبث: برافو عليك يا قاسم كدا بقي هي وقعت في الشبك ودا كان الوقت المناسب للصيد
شاركها الضحك وقال بفخر: عيب عليكي يا ميرنا انا مش هسيبها غير لما اطلع بكل اللي انا عايزو المرة دي
ميرنا بدلال: بس اوعي تنساني في المصلحة دي يا بيبي
قاسم بإبتسامة: اكيد يا عمري ماتقلقيش.. دا انتي السبب في اني عرفت اجيب رجلها من تاني دا انا بقالي شهور برن عليها ومش معبراني.
نهضت ميرنا قائلة بدلع: تمام يا حبيبي هسيبك بقي تظبط اماكن الكاميرات اللي جبتهالك وهتصل بيك بليل تقولي علي الاخبار
قال قاسم وهو ينظر لها پشهوة: طب ما تخليكي شوية لسه بدري علي معادها
ضحكت بغنج متصنع وقالت بغمزة: خلينا نأجلها لما يحصل المطلوب ونحتفل سوا يا حبيبي سلام
عض قاسم شفته وقال: سلام
غادرت ميرنا وهي تفكر پحقد وخبث: كدا بقي اقدر اكسر مناخيرها اللي حطها في السما دي.. واساومها في الوقت المناسب
في شركة البارون للمقاولات
وصل أدهم الشركه، وترجل من السيارة، وهو يستقيم بشموخ، وخلفه حراسه، سار بخطواته الواثقه يدخل الي الشركه التي تعتبر الاساس لكل شئ فقد تعب بها والده.
دخل الى مكتبه جالسًا على مكتبه بشموخ ليسمع طرق البابx، يعقبها دخول "هناء" سكرتيرته الخاصة
هناء بإحترام: صباح الخير يا ادهم بيه نورت الشركة.
ادهم بهدوء: صباح النور يا هناء.. كل حاجة جاهزة ؟
تحدثت هناء بعملية: ايوه طبعا يا فندم.. دا ملف المشروع الجديد والاجتماع بعد نص ساعه زي ما حضرتك امرت.
غمغم ادهم: تمام.. سيبي الورق دا واطلبيلي قهوة.
أومأت هناء بالإيجاب وقالت بأدب: حاضر يا فندم اي شئ تاني؟
قال ادهم دون أن ينظر إليها: لا اتفضلي انتي.
انصرفت هناء بإحترام، وظل ادهم يعمل في هدوء.
بعد مرور ساعتين
وقفت نادين امام باب شقه قاسم، وهي تلتفت ورائها تخشي ان يكون ادهم يراقبها، فتصرفاته اصبحت غير متوقعه.
ضغطت علي جرس الباب، وبعد عدة لحظات
فتح شاب طويل اسمر، وعلي شفتيه ابتسامة جميلة يخفي ورائها خبث شديد لهذه الغبية.
قاسم بخبث: اهلا يا بيبي.. اتفضلي
دخلت نادين بترقب فهذه ليست المرة الاولي لها بشقته، ولكنها كانت تريد ان تغلق صفحة الخيانه من حياتها، وتتفرغ الي اموال ادهم فقط.
جاء من خلفها، يضغط بصدره على ظهرها، ويضع رأسه على رقبتها بلطف.
حاولت الابتعاد عنه قليلًا، لكنه أمسكها من خصرها، وجذبها نحوه أكثر، ولم يعطها فرصة للتفكير أو الكلام.
بدأت تضعف من تأثيره عليها وتركت نفسها، وشعر بذلك، فابتسم بخبث، وراح يهمس لها بكلماته المعسولة حتى ڠرقت تمامًا في عالم آخر، وأدارها تجاهه، فرفعت يديها ولفتهما حول رقبته، واستسلمت له تمامًا.
( قاسم: يبلغ من العمر 33 عاما، طويل القامه، يملك ملامح جذابه، خبيث وطماع الي اقصي حد زير نساء يعشق المال )
عند كارمن
تمسك هاتفها في تردد تريد ان تحادث ادهم، فهي اقتنعت بحديث والدتها، وقررت ماذا ستفعل، وتريد ان تعرف رد ادهم علي قرارها، ولكن تخشي ان تقابله في القصر، وتتدخل زوجته بالحديث، وتحدث مشكلة اخري.
استجمعت شجعتها وضغطت اتصال.
اما عند ادهم
قطع رنين الهاتف تركيزه بالأورق التي امامه
اخذ الهاتف يري رقم غير مسجل بإسم فأجاب: الو !!؟
_ صباح الخير
ادهم ببحه رجوليه: صباح النور.. مين بيتكلم ؟
_ انا كارمن !
نظر الي الهاتف بدهشة وهو يجيب: ايوه يا كارمن..ازيك !!
كارمن بصوت رقيق: الحمدلله انا كويسة.
ادهم بإهتمام: معلش مكنتش عارف رقمك.. خير حصل حاجة !!
كارمن بخجل: لا انا بس بتصل بيك عشان عاوزة اقابلك واتكلم معاك
ادهم بهدوء: اكيد مفيش مشكلة نتقابل بليل في القصر.
اجابت كارمن على الفور: لا.. لو سمحت بلاش القصر ممكن نتقابل في اي مكان برا
ادهم بجدية: تمام.. انا قدامي اجتماع مهم دلوقتي.. بعد ساعتين هبعتلك رسالة بالمكان والميعاد
كارمن: تمام.. مع السلامه
ادهم: سلام.
نهاية الفصل الثامن
الفصل التاسع ( اتفاق )
في بيت ميرنا
تجلس في غرفتها تشاهد ما تصوره الكاميرات في شقة قاسم على حاسوبها، وتسجل كل ما حدث وهي تبتسم بخبث.
فقد وقعت نادين في الفخ، كما انها علمت بسرها، وستنتقم منها بشدة لما فعلته معها منذ سنوات، فنادين كانت الصديقة الوحيدة لها في الجامعة رغم اختلاف مستويات المعيشة بينهم، وكانت نادين تجعلها تشعر من طريقتها انها أقل منها، لأنها من طبقة متوسطة عكس نادين مدللة عائلتها الثرية.
وعندما وقعت في حب زميل لهم في الجامعة وأخبرتها عن ذلك، أعجبت نادين أيضًا به وأرادته لنفسها، لكنه كان شخصًا مستغلًا تركها وركض وراء نادين التي تمتلك المال والجمال.
و لكن الآن ما الذي حصلت عليه نادين ولا شيء،
مرت الأيام ولم يبق شيء على حاله.
تذكرت ما قالته لها في النادي منذ ساعات
هتف ميرنا بصوت عالي من الدهشة: يخربيت مخك !!؟
تلفتت نادين حولها پخوف قائلة: وطي صوتك.. انتي اجننتي هتفضحيني !
ميرنا بعدم استيعاب: انتي ازاي قدرتي تقنعيه بكدا وازاي صدقك ؟
أجابت نادين بتوتر: عشان انا اللي كنت مستعجلة اني اخلف.. هو ماكنش في دماغه اصلا ولا مهتم.
ميرنا بعد اقتناع: حتي لو مش مهتم.. مش مصدقة برده ازاي ماحاولش يكشف عند دكتور تاني ؟
هزت نادين كتفيها، وقالت بفخر: دا كان من حظي الحلو انه اقتنع بسرعة ومادورش ورايا.
ميرنا بتفكير: يبقي انتي حاليا في كارثه فعلا لانه هيتجوز تاني.. وكارمن دي مخلفه قبل كدا ومعندهاش مشكلة يعني اكيد هيعرف.
لوحت نادين بكفها في الهواء قائلة بتذمر: اومال انا بحكيلك ليه ؟ لازم تلاقي طريقه معايا تخلينا نمنع الجوازة دي !!
رفعت ميرنا حاجبها وقالت بسخرية: ماظنش انك هتعرفي تمنعي جوازهم.. دي وصية ولازم تتنفذ يا فالحة !!
حدقت إليها نادين بقلق، وهمست بصوتٍ خاڤت: يعني ايه.. كدا هيعرف اني انا اللي مش بخلف مش هو.. وقتها اقل حاجة يعملها هيرميني للكلاب ومش هيرحمني !!
صمتت ميرنا للحظة ثم قالت بنبرة خبيثة: بصي انا رأيي انك تطلعي من وراه بأكبر مبلغ تقدري عليه وتختفي قبل مايعرف اصلا.
هزت نادين رأسها نفيًا ثم هتفت بطمع: واسيب كل العز دا اللي انا عايشة فيه واطلع منه بفتافيت.. لا طبعا لازم الاقي طريقه امنعه انه مايخلفش منها
ابتسمت ميرنا داخليا بمكر بعد أن علمت ماذا ستفعل لتقول بتفكير مزيف: خلاص سيبيني افكر في حل ؟
نادين بتنهيدة: ماشي انا لازم ارجع القصر.
ميرنا: تمام.. هكلمك
نادين: سلام.
ميرنا: مع السلامه.
ميرنا تتحدث مع نفسها بنبرة تحمل كراهية وحقد تجاه نادين: لازم اجيب مناخيرك في الأرض يا نادين ومش هخليكي تتهني بأي حاجة...
( ميرنا: تبلغ من العمر 30 عام، جميلة، قوامها جذاب، قصيرة القامة، سمراء، وعيونها سوداء.. تزوجت من رجل أعمال ثري عجوز، وتوفي بعد عامين، ورثت منه أموالًا كثيرة، وتحسنت حياتها كثيرًا، ولكن الآن كل ما تسعى إليه هو الاڼتقام من نادين فقط )
في الساعه 4 عصرا
بفيلا عمر البارون
ارسل ادهم رسالة الي كارمن بتحديد المكان والموعد، فكان بالقرب من منزلها.
نهضت لتأخذ حمامًا دافئ يريح عضلاتها المتشنجه من التوتر.
انتهت كارمن حمامها، وخرجت تتوجه الي الدولاب تطلع ملابسها باللون الاسود كما اعتادت في الأيام الأخيرة.
و لم تضع اي ميكاب، ولبست حذائها، واخذت هاتفها ومفاتيحها، وهي تغادر الغرفه.
نزلت كارمن السلالم بهدوء، وهي تسمع ضحكات ابنتها من الصاله.
توجهت اليهم لتري والدتها تلاعب ملك.
كارمن بهدوء: ماما انا هخرج.
مريم بتساءل: رايحة فين !!
تنحنحت كارمن قائلة بإحراج: كلمت ادهم.. وهقابلو بالمطعم اللي جنب الفيلا.. مش هتأخر
مريم بفهم: ماشي حبيبتي … خدي بالك من نفسك
كارمن بإبتسامة صغيرة: تمام يا مريومة.. سلام
ارسلت قبلة لها في الهواء، وهي تغادر المنزل
في مطعم فاخر علي النيل
تجلس كارمن تنظر في للساعه بتوتر، وهي تنتظر حضور ادهم.
هي لا تعرف لماذا تشعر برهبة في وجوده؟
ادهم بصوت رجولى جذاب: مساء الخير
رفعت رأسها تنظر اليه يقف امامها بشموخه الذي يليق به.
كارمن بخفوت: مساء النور
مدّ يده لمصافحتها، نظرت إلى يديه الممدودتين وصافحته للحظة شعرت بالكهرباء من ملمس يده القاسېة، كانت هذه هي المرة الأولى التي يمسك فيها بيدها، لكنها تجاهلت هذا الشعور.
ادهم بإبتسامة خاڤتة: اخبارك ايه!
سحبت كارمن يديها في توتر واضح وأجابت: الحمدلله.. وانت اخبارك ايه !
ادهم بهدوء: الحمدلله.
صمتت كارمن لبرهة، وهي تنظر الي يديها الموضوعه علي المنضدة، لا تعرف كيف ستبدأ الحديث.
أما بالنسبة له، فقد نظر إليها بتمعن لأول مرة دون أن يشعر أن هذه خي،ـانة لأخيه.
شعر أدهم بتوترها هذا، وبدأ في الكلام قائلا بتشجيع: كنتي عاوزة تقوليلي حاجة ؟
كارمن بنبرة رقيقة مشوبة بالإرتباك: ايوه فعلا.. بس مش عارفه ابدأ ازاي ؟
تمتم أدهم بهدوء: الموضوع يخص الوصية !
قالت كارمن بإندفاع: اه بالظبط
لاحت علي وجه ادهم ابتسامه طفيفه وسأل بلباقة: تحبي تشربي حاجة الاول ؟
أشاحت كارمن ببصرها عنهُ وردت بعفوية: شاي بلبن
اتسعت ابتسامته مستفسرًا: اشمعنا شاي بلبن ! دا ميعاد غداء !!
رمشت كارمن عدة مرات ثم همست بإحراج: انا اسفه لو اخرتك علي غداك
ضحك ادهم بخفوت وهو يضع قدم فوق الأخرى، ثم تكلم بنبرة عذبة: اتكلمي الاول وبعدين نطلب الغداء لينا
تمتمت كارمن بعد أن بدأت تسترخي قليلا: تمام
استأنفت الحديث بتنهيدة حزينه: انا كنت عايزة اقولك اني فكرت في بنود الوصية.. انا ممكن اعمل اي حاجة عشان بنتي.. واكيد عمر الله يرحمه.. كان بيفكر فيها قبل اي حاجة وهو بيكتب وصيته.. عشان كدا اختارك انت الاب اللي هيخاف عليها زيه بالظبط.. وانا بقت اهم حاجة عندي هي ملك مش بقي فارقه عندي نفسي.
كان ادهم يتابع حديثها بعيون ثاقبة وتركيز شديد.
اما هي اخذت نفسا طويلا، وهي تفرك يديها بتوتر،
وواصلت حديثها بخجل: انا موافقه علي الجواز.. بس لو سمحت انا ليا طلبات.
كانت مازالت تنظر الي يديها ولا تستطيع النظر اليه من احراجها وترددها
اجاب ادهم بترقب: وايه هي طلباتك؟
كارمن بنبرة خافته: انا عاوزة يبقي جوازنا علي الورق وبس.
زم شفتيه بإنزعاج من طلبها هذا مع انه كان يتوقعه
، لكنه اجاب ببرود عكس مايشعر به من ڠضب: تمام
رفعت نظرها اليه وقالت بتعجب: يعني انت موافق !!
تاه في زرقاوتيها التي تنظر اليه ببراءة واضحة، ولكنه تماسك يجاوبها بنفس البرود ممزوج بالكبرياء: انا مش هفرض نفسي عليكي.. ولا هقرب منك غير لو انتي عايزة كدا.
كارمن بإحراج: شكرا.
ادهم بذكاء: ايه هي باقي طلباتك؟
تنفست كارمن بعمق وهى تشعر بثقة أكبر فى نفسها لتقول على الفور: يكون ليا اوضة لوحدي !
رد ادهم وهو يحاول تمالك نفسه، قابضًا علي كفه فوق الطاولة: مش ملاحظة ان كدا كتير !!
اهتزت مقلتيها لكنها حافظت على ثبات نبرتها الهادئة: مستحيل تكون متوقع مني اني اتقبل الوضع بسهولة؟
حرك أدهم رأسه بنفاذ صبر، وقال بنبرة قوية: ماشي يا كارمن.. بس هتكون الاوضة في جناحي بأخر دور بالقصر.. وملك كمان هجهزلها اوضة الاطفال
سألت كارمن بحرج: هي نادين مش بتنام في جناحك
أجاب ادهم بعدم اهتمام: لا ليها جناحها الخاص في الدور الثاني
اندهشت كثيرا من حديثه البارد عن زوجته، هي كانت زوجه اخيه، ولكنها كانت لا تعلم عن حياته الخاصة اي شي.
حاولت ان تصر علي قرارها، وهتفت بعناد طفولي: طب وليه انا كمان ماتكونش ليا اوضه خاصة !!
ادهم رفع حاجبيه ليقول بصرامه: انا اللي اقرر ومفيش نقاش في الموضوع دا تاني.
انزعجت كارمن منه كثيرا، لتهمس بصوت منخفض لكنه وصل اليه: مستبد!
قال أدهم مُبتسِمًا بجانبية: بتقولي حاجة !!
نظرت كارمن اليه وقالت على الفور: امتي هقدر ابدأ الشغل في الشركة ؟
أجابها أدهم في عملية وعدستيه تأسر عينيها: الوقت اللي يريحك تقدري من بكرا تيجي الشركة.
سعدت من موافقته، لكنها توترت قليلا، فهي تحتاج الي وقت اطول، لذا قالت بتردد: ممكن نأجل الشغل الفترة دي مش حاسة اني هقدر اركز فيه الفترة دي
ادهم بهدوء: علي راحتك
أطبقت كارمن شفتيها ثم همست بنبرة ناعمة: ممكن طلب اخير.. لو سمحت؟
ابتسم ادهم من اسلوبها الطفولي يشعر انه الأستاذ وهي التلميذة، وتمتم بنبرة جذابة رجولية: اطلبي
توردت وجنتيها وقالت بخجل: انا عايزة ماما تعيش معايا بعد الجواز.. انت عارف اني ماقدرش اسيبها تعيش لوحدها
رد أدهم بعد أن أخذ شهيقًا قويًا ليزفره ببطئ: اكيد عادي.. مفيش مانع
هتفت بسعادة وقد ارتاحت نوعا ما: اتفقنا
ابتسم أدهم قائلا بنبرة غامضة: اتفقنا
نهاية الفصل التاسع
الفصل العاشر ( هوس )
لن يتوقف الزمن عند أحد،
الصغير سيكبر،
القوي سيضعف،
المظلوم سيُنصر،
والظالم سيُحاسب..مساءا بالصعيد
في منزل الحج عبد الرحمن
يجلسون جميعا في الصالة الواسعه يشاهدون التلفاز
كانت روان تنظر الي التلفاز، ولكن عقلها يفكر في كلام صديقتها رنا الذي قالته لها صباح اليوم عن تغيير اسلوب كلامها والاعتناء بمظهرها.
تحدث ماجد بصوت مرتفع: رورو.. مالك بكلمك يا بنتي
افاقت روان من شرودها وقالت بتشوش: ها ايوه انا معاك يا ماجد
ماجد بسخرية: معايا فين يا اختي.. واضح ان الفيلم عجبك اوي
روان بإرتباك: ايوه فعلا قصته حلوة
كان ينظر اليها زين، وهو متأكد انها لا تتابع التلفاز،
نظر الي جده وهو يتحدث بهدوء: جدي انا مسافر بعد اسبوع مصر عندي مؤتمر طبي مهم هناك
الحج عبدالرحمن بتساءل: عن ايه المؤتمر دا يا ولدي ؟
اجاب زين بثقة: دا يا جدي مؤتمر يخص دكتور ليا بالجامعه وطلب مني احضره معه
هتفت حياة بسؤال: هتقعد قديش هناك يا حبيبي ؟
رد زين بنبرة هادئة: لسه معرفش يا امي بس فرصة اخلص كام حاجة هناك
الحج عبدالرحمن بتفهم: ماشي تروح وترجع بالسلامه يا ولدي
نظرت روان اليه في حزن، وهي تفكر انها من الان ستشتاق اليه، ولكن ماذا عساها ان تفعل، اخذت تدعي له في صمت.
لاحظ هو نظرتها، ولكنه تظاهر بإنشغاله في الحديث مع والدته.
ماجد بمرح: ابقي افتكرنا بأي حاجة يا عم زين في السفرية دي
زين بضحكة: وانا اقدر انسي ماتقلقش
هتف ماجد بظرافة: وهتجيب معاك ايه بقي لروان ؟
قال زين ابتسامة جانبية: خليك في حالك انت وخلاص
ماجد بسماجة: ماشي.. تسلملي يا معلم
ابتلعت روان الغصة التي تشكلت بداخلها، وهي تسمعه يتكلم بأسلوبه البارد عن سفره هذا، ولم يحاول حتي مشاركتها معه بالحديث، كأنها غير موجودة بحياته.
حاولت الجلوس في مقعدها بهدوء، تنصب نظراتها بتركيز علي الصحن الموجود بحجرها، ولكنها فأة لم تعد تحتمل تريد ان تفرغ شحنه البكاء التي تشعر بها بعيدا عن الجميع، فانتفضت بقوه من مقعدها وهي تقول بسرعة: تصبحو علي خير
حنان بإستغراب: هتنامي ولا ايه يا حبيبتي.. لسه بدري خليكي معانا
روان بإضطراب: معلش يا ماما عندي كلية الصبح ولازم انام دلوقتي
غادرت المكان سريعًا قبل ان تفضحها دموعها
في فيلا عمر البارون
عادت كارمن الي منزلها بعد ان اصر ادهم علي توصيلها.
دخلت الي الصالة تري والدتها جالسه وملك نائمة بحضنها، فإبتسمت بمحبة وهي تحمد ربها علي وجود امها معها.
همست كارمن حتي لا تستيقظ ملك: مساء الفل يا مريومه
مريم بإبتسامة: مساء النور حبيبتي.. اتأخرتي ليه كدا ؟
قالت كارمن بدهشة، وهي تنظر الي الساعة: ماتأخرتش ولا حاجة دا لسه الساعه 9 الا كام دقيقة وادهم وصلني لحد الباب هنا
اتسعت مقلتيها ممَ تسمعه، ثم هتفت بغرابة: بقالك اكتر من 3 ساعات مع ادهم.. ايه اللي حصل ؟
تفاجأت كارمن أيضا من مرور الوقت بتلك السرعة وقالت بذهول: يااااه تعرفي يا ماما دي اول مرة اقعد في مكان واحد مع ادهم كل الوقت دا.. محستش بالوقت..
واصلت حديثها قائلة بهدوء: ابدا محصلش حاجة يعني.. انا قولتله اني هنفذ وصية عمر واني موافقه علي الجواز.. عشان هو الوحيد اللي هيخاف علي ملك زي عمر بالظبط
قالت مريم بفهم، وهى ربت علي يديها بحنان: عين العقل يا بنتي والله
همست كارمن بتنهيدة: بحاول اتأقلم علي اللي انا فيه يا ماما.. وربنا يعمل اللي فيه الخير لينا
مريم بإبتسامة: ونعم بالله.. ربنا ينورلك طريقك يا حبيبتي
هزت كارمن كتفاها، لتقول بنبرتها الرقيقة: وفي حاجة كمان تجهزي نفسك من دلوقتي لما ننقل للقصر بعد الجواز.. هتكوني معايا انا قولت لأدهم وهو معندوش اي مانع
اعترضت مريم بحرج: بس يا بنتي !!
قاطعتها كارمن قائلة على الفور: مفيش بس يا ماما.. مستحيل هتسيبيني مع نادين دي لوحدي
ضحكت مريم وهتفت بمزح: قولي كدا وخداني بودي جارد معاكي.. انتي قدها يا قلبي ماتقلقيش ولو علي النقل معنديش مانع انتي عارفه انا بحب ليلي قد ايه ؟
كارمن بمرح: حبيبتي يا مريومة
قبلتها علي خدها، ووقفت تظبط ملابسها ثم قالت بتعب: انا هطلع بقي انام يا ست الكل.. هاتي ملك عنك هطلعها تنام في سريرها
مريم بنبرة حنونة: ماشي يا قلبي علي مهلك
حملت كارمن ابنتها وصعدت الي غرفتها
مرت عدة لحظات
بعد أن وضعت كارمن ابنتها في سريرها، ثم ذهبت لتغيير ملابسها إلى ملابس مريحة وصعدت إلى السرير، مستلقية ظهرها عليه، وهى تفكر في مقابلتها اليوم مع أدهم.
كان متفهمًا ولم يغضب من طلباتها، ولم يتعامل معها بالطريقة التي اعتادت عليها منه، شعرت انها بدأت ترتاح قليلًا من جانبه لانه إحترام رغبتها، ولم يضغط عليها.
تنهدت بعمق وأغمضت عينيها بعد أن أطفأت المصباح الموجود على المنضدة المجاورة لها.
في منزل مالك البارون
تجلس يسر بجانب مالك علي الاريكة، وهو يتحدث مع ادهم بالهاتف، وبعد ان انهي مكالمته نظرت اليه بدهشة وهتفت بعدم تصديق: معقوله اللي سمعته دا.. بجد كارمن وافقت علي الجواز ؟
مالك بضحكة: ايوه مش لسه كنت بكلم ادهم قدامك وبلغني بموافقتها
يسر بتنهيدة: بجد كارمن صعبانه عليا محطوطة في موقف لا تحسد عليه بصراحة
مالك بهدوء: انا شايف انها اخدت القرار الصح.. كدا ولا كدا هي هتتجوز في يوم من الايام.. دا حقها وماتنسيش انها لسه صغيرة وحلوة
سألت يسر وهي تنظر اليه بطرف عينيها: مين دي للي حلوة وصغيرة يا حبيبي ؟
مالك بإبتسامة ماكرة: ايه دا هو الجميل غيران ولا ايه ؟
نهضت يسر من جانبه، لتهتف بغيرة: مالك ماتستفزنيش !!
أمسك مالك بيديها وجذبها إليه لتجد نفسها جالسة على قدميه، وظهرها ملتصق بعضلات صدره، حاولت دفعه بعيدًا، لكنه كبلها بذراعيه وأبقها بين احضانه.
همس لها بصدق وحب بجانب أذنيها: يا مجنونه انا مقدرش اشوف غيرك اصلا
اغمضت عيونها بهيام تهمس مثله: حاول انت بس تعملها وانا هضيعلك مستقبلك
مالك بضحكة صاخبة: اموت انا في الشرس دا يا ناس
نظرت يسر اليه بحب وقالت بنبرة رقيقة: وانا بعشقك اكتر من اي حاجة في الدنيا
عض مالك علي شفتيه متسائلًا بخبث: هو ياسين فين ؟
اجابت يسر ببراءة وهي تنظر اليه من فوق كتفها: فوق نايم
حدق مالك فيها بغمزة، وقال بنفس النبرة: يا سلام الواد دا بدأ يبقي عنده احساس ويراعي مشاعر ابوه
ضحكت يسر حالما فهمت ما يقصده، وكانت على وشك الرد عليه، لكنه هبط بشفتيه يلتهم شفتيها بلهفة، وشد جسدها إليه أكثر ولم يسمح لها بالاعتراض، أما هي فقد أحاطت رقبته تجذب خصلات شعره بأصابعها وهي تبادله القبلة بإستسلام وعشق جارف.
في ايطاليا
مراد جالس في حانة يشرب الخمر، وبجواره إحدى العاھړات، ولكن ذهنه شارد مع من سړقت عقله، كان يتذكر أول مرة رآها.
منذ سبعة اشهر
كان يتابع اعماله في فندقه بالغردقة، لكنه بدأ يشعر بالملل، فلا شيء جديد في حياته.
رآها بالصدفة تقف وحيدة على البحر، بدت مثل حورية البحر التي خرجت لتوها منه.
لم يعرف ماذا حدث له حينما رأى ابتسامتها الساحرة البريئة،xوجدها تتجه نحو شاب يجلس على الشاطئ، وتجلس بين ذراعيه، أصيب بالجنون والڠضب الشديد، لكنه صمم على معرفة من تكون؟
اشار الي احد رجاله يهمس له بشئ ما، فأومأ بانصياع قبل ان ينصرف من امامه بهدوء.
جلس يراقبهم يضحكون معًا، وكانت عروقه بارزة من غضبه وحنقه.
بعد قليل أتي هذا الرجل مرة اخري، فأشار له بالجلوس، ليهتف بعدها بإقتضاب: عملت ايه ؟
فأجاب الرجل بجدية تامه: عملت كل اللي امرت به يا مراد بيه.. جبتلك كل المعلومات اللي طلبتها عنها...
ثم نظر الي الورقه التي بين يديه
قائلا بتركيز: اسمها كارمن محمد الشناوي
عندها 26 سنه ابوها مټوفي من وهي عندها عشر سنين
خريجة فنون تطبيقية قسم ملابس
متجوزة رجل اعمال اسمه عمر البارون
و عندهم بنت عمرها سنة وخمس شهور
مراد ببرود: تمام روح انت
اشار له بالإنصراف
زادت من عصبيته هذه المعلومات، وقرر أنه سيمتلكها بأي ثمن، حتى لو اضطر الأمر ان ېقتل هذا الزوج المزعوم.
ولكن لابد من التحلي بالصبر، فعائلة البارون معروفة، ولا يريد أن يتخذ خطوة غير محسوبة.
منذ ذلك الوقت أمر رجاله بمراقبتها لمعرفة كل تحركاتها، وانتظار الوقت المناسب للحصول عليها، فهو مهووس بامتلاك الأشياء الصعبة.
استيقظ من دوامة أفكاره على يد تلك العاهرة التي بجانبه وهي تقترب منه، لينظر إليها باشمئزاز، وهو ينفض يديها، ويحاول الوقوف للخروج من هذا المكان.
جلس في سيارته محاولًا التركيز على القيادة للوصول إلى منزله، ولكن بعد عدة لحظات ظهرت سيارة ضخمة من جانبه واصطدمت به، مما تسبب في فقدانه السيطرة على سيارته وانقلابها، وهربت السيارة الأخرى بعد التأكد من قلب سيارته
نهاية الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر ( زواج ) مزيج العشق
هل تعرف معني الوقت..؟ أنه ليس بثواني، ولا بدقائق، ولا بساعات.. انها لحظات تمضي من حياتنا، ونحن نهدرها.. بإنتظار أشخاص رحلوا عنا دون عودة..
أو نتألم لمواقف مضت، وتركت اثر بقلوبنا..
أو نحزن علي ذكريات تأبي النسيان..
أو مشاعر قلب مرهف ومتعب بين صراعات العقل..
فـ تمضي حياتنا.. بين انتظار والم وحزن وصراع..
و لم ندرك انه العمر.. الذي ينتهي دون انتهاء كل تلك الصراعات داخلنا..
فأمضي وعش حياتك.. لا تهدرها بشئ لا ينتهي
ابحث عن سعادتك.. حتي لو بشئ بسيط منه
لا تكن ك عابد الساعات.. لا يري سوي xxxxبها
بينما حياته بين خطوطها!!
بعد مرور اربعة اشهر
مساءًا في قصر البارون
اليوم عقد قران ادهم وكارمن
يجلس الجميع في صمت، يستمعون إلى كلمات المؤذون المعتادة، ولا توجد اي علامة على الاحتفال، فقط تجمع العائلة.
يد أدهم تمسك بيد كارمن ليعلن المؤذون جملته الشهيرة
"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"
و بعد انتهاء اجراءت الزواج غادر المؤذون.
لا تستطيع النظر اليه تشعر برغبة عارمة في البكاء،
وتتسأل لما كل ذلك يحدث لها ؟
تجلس ليلى التي كانت سعيدة رغم كل شئ ان كارمن ستقيم معها في القصر هي وحفيدتها، ومريم التي تدعي الي ابنتها بالسعادة والخير في حياتها الجديدة مع ادهم.
ذهب الجميع نحوهما، لتقبل يسر كارمن على خدها قائلة بهمس: افردي وشك شويه وابتسمي ايه البوز اللي مده قدامك شبرين دا
كارمن بنفس الهمس: والنبي تسكتي يا يسر انا ماسكة دموعي بالعافية اصلا
امسكت يسر بذراعها واوقفتها، وذهبت بها بعيدًا عن مسامع الجميع.
تحدثت يسر بتعاطف: كارمن احنا مش اتفقنا نفتح صفحة جديدة وتحاولي تعيشي الحاضر.. بلاش تنكدي علي ادهم بتكشيرتك دي اكيد هو حالته اصعب منك.. دا اخوه مش سهل عليه اللي هو حاسه دلوقتي
سألت كارمن بتنهيدة: ڠصب عني اعمل ايه بس يا يسر؟
أجابتها يسر ببساطة: ابتسمي وفكي كدا.. وبعدين احنا كأننا في عزاء اصلا يا مفترية كفاية انه وافق ان مفيش معزيم ويكون كتب الكتاب في صمت كدا
كارمن بدهشة: مش هي دي الاصول عمر لسه مټوفي من كام شهر.. عوزاني افرح ازاي مش مكفيكي اني سمعت كلامك وقلعت الاسود
غمغمت يسر بإنشداه: عايزة تحضري كتب كتابك بالاسود والله انتي مجنونه.. صحيح هي فين نادين مش ظاهرة يعني
أجابت كارمن بلا مبالاة: من وقت ماجينا العصر هنا مالمحتهاش خالص
دمدمت يسر بحنق: كدا احسن خليها تختفي العمر كله يارب
ابتسمت كارمن رغمًا عنها وقالت بهدوء: مالناش دعوة بيها الله يكفينا شړ لسانها وخلاص
يسر بتنهيدة قوية: ياااارب عندك حق يلا نرجع لهم بقي
ذهبت كارمن بإتجاه ادهم، وكانت ترتدي الفستان الأحمر الذي اشتراه لها أدهم، حاول أدهم السيطرة على نفسه وهي يري جمالها الاخاذ حيث أظهر الفستان بوضوح رشاقه جسدها وخصرها النحيف.
أصر مالك على أن يلتقط لهم بعض الصور رغم اعتراض كارمن، لكن أدهم تحرك بجمود، ووقف ببطء بجانبها ولم يضع يده عليها.
وبكبرياء الأنثى ڠضبت كارمن منه بسبب بروده، هي لم تكن تريده أن يعانقها مثلًا، بل أن يبتسم على الأقل، ثم بمكر أنثوي وضعت يديها على كتفه وهي تستند عليه.
شعرت بإضطراب جسده حالما لامسته، فإبتسمت بإنتصار، لكنه لمحها وفهم فعلتها وابتسم في داخله بغموض.
في الصعيد
كانت الأجواء علي العكس تماما في قصر الحج عبدالرحمن الشناوي
حيث كانت الفرحة تعم المكان، فاليوم عقد قران وزفاف زين وروان، وبالخارج الجميع يحتفلون ويرقصون بالعصا، ومنهم من يجلسون يتناولون اللحوم التي تم ذبحها صباحا بمناسبة زواج احفاد الشناوي.
يجلس كلا من الحج عبدالرحمن، وولده بدر، وأيضًا ماجد، ويتوسطهم زين بعد ان تم عقد القران
هتف ماجد بفرحة: الف مبروووك يا جوز اختي
زين بجمود والابتسامه لا تصل الي عينيه: الله يبارك فيك يا ماجد عقبالك ان شاء الله
ماجد يرفع يديه وهو يدعي: يسمع منك ربنا انا جاهز ومستني بنت الحلال
بدر بتوبيخ: يا ولد اهمد واعقل شوية وقوم شوف الناس محتاجة حاجة بدل قعدتك دي
الحج عبدالرحمن ببشاشة: سيبه يا بدر عن قريب يا ماجد نفرح بيك يا ولدي
قال ماجد وهو يقبل يد جده بإحترام: ربنا يخليك لينا يا جدي ويطولنا في عمرك يارب
الحج عبد الرحمن بمحبة: ويخليكم يارب الحمدلله عشت لليوم اللي افرح به بيك يا زين يا ولدي
زين بإبتسامة: ربنا يفرحك دايما يا جدي ويطول بعمرك
اما بالداخل
كانت النساء يرقصون ويغنون في مرح، وروان تجلس بالوسط تنظر لهم بخجل وعلي وجهها ابتسامه جميلة، فهي سعيدة كثيرا انها اصبحت زوجة زين، لكنها لا تشعر بإرتياح من اسلوبه البارد الجاف معها.
منذ ان عاد من المؤتمر، وهو خارج المنزل طوال الوقت حتي بعد ان لاحظ انها تركت النظارة الطبية واهتمت بمظهرها، لم يحدث هذا فارقا كبيرا عنده مازال لا يوجه لها اي حديث، وبعد مرور شهرين اصر الجد علي ان يتم زواجهم في فترة اجازتها الدراسية.
حاولت روان ان تعترض، فهي لا تدري كيف ستتزوج به وهو يعاملها بهذا الاسلوب القاسې، ولكن حاولت ان تقنع نفسها ربما ستتغير معاملته معها بعد الزواج، وظلت مثل عادتها تحاول دائما خلق اعذار له.
اما زين حاول ان يأجل هذا الزواج بحجة عمله، ولكن لم يفلح بذلك مع اصرار الجد ووالدته.
امضت روان الفترة الماضية في تجهيز ما تحتاج اليه الذي لم يتعدي الملابس، وبعض احتياجاتها البسيطة فقط، وساعدتها امها وعمتها في ذلك.
عند حياة وحنان
قالت حنان بقلق: بصراحة يا ام زين انا قلقانه
قطبت حياة حاجبيها وسألت بغرابة: خير كفا الله الشړ يا حنان مالك
حنان بعدم ارتياح: مش عارفه حاسة كدا ان معاملة زين لروان مش ولا بد كأنه مڠصوب علي الجوازة
حياة بفزع: ايه اللي بتقوليه دا يا حنان والله ازعل منك؟
حنان بتبرير: ماتفهمنيش غلط بس انتي اكيد ملاحظة البت قعدة ساكته كأنها مهمومة
قالت حياة بهدوء: ولا مضايقه ولا حاجة.. انتي ناسية ان دي ليلة دخلتهم اكيد متوترة شوية بس.. متقلقيش اول ما هيتقفل عليهم باب واحد هيبقو سمنه علي عسل وكل الوساوس اللي في مخك دي هتروح اول لما نطلعلهم فطار العرايس الصبح وبنتك تطمنك بنفسها
تقوست حنان شفتها الى الاسفل، لتقول بخفوت: ياريت يا حياة هو انا اكره انتي عارفه معزة زين زي ولادي بالظبط
حياة بإبتسامة: استبشري خير يا خيتي وسيبها علي الله
حنان بتنهيدة: ونعم بالله
نعود للقصر
تتحرك نادين في غرفتها ذهابا وايابا پغضب شديد، تحاول السيطرة علي ارتباكها وخۏفها من القادم.
تذكرت اخر مرة تحدثت مع ادهم، حالما جاء يبلغهم بموافقة كارمن علي الزواج.
ذهبت ورائه عندما صعد الي جناحه، دلفت في عصبية لتهتف بإندفاع: انت خلاص قررت تتجوز البنت دي !
أجاب ادهم ببرود: اسمها كارمن.. وايوه هتجوزها ما انتي كنتي تحت وسمعتي اللي انا قولته !
نادين بإستنكار: طب وانا مفكرتش في منظري قدام الناس !!
ادهم بسخرية: كل اللي يهمك منظرك وانتي ليه مفكرتيش في منظري لما كنتي بترجعي سكرانه من بارتيهات صحابك
نادين بإرتباك وصوت عالي تلقائي: انا مش موافقه انك تتجوز عليا يا ادهم
زمجر ادهم بحدة: محدش طلب موافقتك وصوتك مايعلاش عليا فاهمه
نادين بسخط: لا طبعا حقي ماوفقش انا مراتك وليا حقوق عليك
تشدق صدغه قائلا بسخرية: وانا حقي اتجوز دا شرع ربنا ايه يضايقك في كدا وبعدين انا مقصرتش في حقوقك دي ولا ايه !!
نادين بإستياء: وانت يعني مالقتش الا دي وتتجوزها وكمان انت بتقرب مني لما انا بطلب مش من نفسك يعني ودا اكيد بيجرحني.
ادهم بجمود: والله انتي عارفه السبب كويس لانك انسانه مستهترة وانانية.. ولولا اني مش حابب فكرة الطلاق كنت طلقتك من زمان
همست نادين بدموع زائفه: انت كدا بتيجي عليا اوي يا ادهم
صاح ادهمxبازدراء: انتي اللي بتطلبيه بيتنفذ اظن فاهمة قصدي.. بلاش تعيشي في دور الزوجة المظلومه مش لايقلك.. واياكي يا نادين اياكي تقربي لكارمن بقول او فعل هتشوفي مني وش عمرك ماشوفتيه.
شعرت انه مسح بكرامتها الارض لتقول پحقد مكتوم: ماشي يا ادهم
تحدث ادهم ببرود وهو يوليها ظهره: ودلوقتي اتفضلي علي اوضتك ولأخر مرة هقولك ماتطلعيش الدور دا تاني.
همست نادين بكراهية ممزوجة بالحقد: بقي هما قعدين تحت ومبسوطين وانا هنا ھموت من القلق والخۏف.. مستحيل اسيب وحدة زي دي تتهني في العز بعد كل اللي عملته
اخذت هاتفها تطلب رقم صديقتها في توتر
نادين: ايوه يا ميرنا
ميرنا: ايه الاخبار؟
نادين پغضب: الاخبار زفت طبعا.. كتبو الكتاب والمؤذون لسه ماشي
ميرنا بخبث: مممم يعني خلاص بقت مراته.. نزلتي تقعدي معهم تحت
نادين بحنق: لا طبعا عاوزاني اشوفهم مع بعض عشان اموت بغيظي
ميرنا بسخرية: اللي يسمعك كدا يقول انك بتغيري علي ادهم
نادين بغيرة: دا جوزي انا.. حتي لو عمري ماحبيته.. كفاية اني متمتعه في فلوسه اللي من غير حساب
ميرنا بلوم: بس كان لازم تنزلي زي ما اتفقنا وتقعدي وتبيني قدامهم انك عادي عشان تمشي الخطة صح
نادين بعبوس: مقدرتش اعمل كدا وكمان خاېفه وقلقانه انتي فاهمه
قالت ميرنا بنبرة خبيثة: ايوه.. خلاص من بكرا تجري معها ناعم وتتكلمي بهدوء وتمثلي انك متقبلة الوضع ووماتنسيش تنفذي اتفقنا واوعي حد يشوفك
تمتمت نادين على مضض: ماشي يا ميرنا هحاول
ميرنا: يلا تصبحي علي خير.. سلام
نادين: مع السلامة
اغلقت نادين الخط بإبتسامة شيطانية، وهي تخرج علبه حبوب من درج الطاولة، واخذت ترسم خطتها، وماذا ستفعله غدا حتي تنفذها؟
نهاية الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر ( صد@مة ) مزيج العشق
تعتقد بأنك فوق الغيوم، وفجأة تشعر بطعم التراب بفمك...
هذا ما يفعله السقوط السريع بأسهم السعاده لديك..!
نعود الي زفاف زين وروان
سمعوا النساء صوت صاخب من الخارج دليل علي دخول العريس لأخذ عروسته.
هتفت حنان بسعادة: الف مبروك يا حبيبتي عريسك جاي ياخدك
احتضنتها حنان بعدها بقوة، ودموع تهطل من عينيها تعبيرًا عن فرحة قلبها بصغيرتها.
اخذت النساء تصفق وتزغرط عند دخول العريس ومعه جده وخاله.
لكنها لم ترى احدًا منهم،xبل عينيها مصوبة نحو من خطڤ قلبها قبل عينيها، أنه حب طفولتها ومراهقتها وحياتها بأكملها.
اما هو أخذ يمرر نظرات عينيه التي تلتمع بشئ غريب، لم تستطيع تفسيره مقتربا منها ببطء، وعندما اصبح بجانبها تعالت نبضات قلبها بصخب، وتورد خديها خجلًا، حينما انحنى عليها بشفتيه الدافئة مقبلًا جبينها ببطئ.
نظر اليها زين بغموض قائلا بإبتسامة: مبروك يا عروسة
شهقت روان بدهشة وخجل، عندما انحني عليها يرفعها بين ذراعيه القويتين، ليصعد بها إلى غرفتهم بالطابق العلوي، بينما لفت يديها حول رقبته بإحكام، وهي تضع وجهها بعنقه، وتكاد تختفي من خجلها.
في قصر البارون
بعد مرور ساعة من ذهاب المؤذون
يجلسون جميعا في الصالة الواسعه يتثامرون سويا،
و صعدت مريم تنام وحدها بعد اصرار كارمن ان تجعل ملك تنام معهم في جناح ادهم، وانها لن تترك ابنتها تنام بعيدة عنها، رغم اعتراض مريم لكنها رضخت لرغبتها بالنهاية، واخبرت المربية ان تضع ملك في غرفة الاطفال بجناح ادهم.
نظر مالك الي زوجته يغمز اليها وهو يهتف بمرح: طيب يا جماعه كانت سهرة جميلة.. انا هاخد مراتي بقي ونمشي احنا
ليلي بإبتسامة: ما لسه بدري يا ابني
يسر بنعومة: معلش بقي يا طنط.. احنا لازم نعدي ناخد ياسين من عند ماما قبل ما نروح البيت
كارمن بتساءل: ايوه صحيح هو ليه مجاش معاكم ؟
يسر بتنهيدة: ما انتي عارفه مش هسيبينا نتهني دقيقتين علي بعض من شقاوته
مالك بضحكة خاڤتة: اه والله كان زمانه اخد ملك واختفي ورا اي شجرة
ادهم بمزح: ياخدها يروح بيها فين.. طب خليه يقرب منها والله اعلقهولك علي باب الشركة
رفع مالك حاجبه وتمتم بغيظ: ما تسيب الواد يعبر عن اللي جواه براحته يا اخي
ضحكت يسر قائلة بيأس: صراحة مالوش حل دا بيغير عليها من ادهم
شاركتها كارمن الضحك لتقول بتأييد: ايوه صح انا كمان لاحظت كدا اكتر مرة. بس عسل اوي ودمه خفيف ماشاء الل
ابتسم مالك قائلا بفخر: طبعا عسل طالع لأبوه
نظر ادهم الي ابتسامتها الجميلة، وتمني ان لا يكون هناك سواه يري ضحكتها الفاتنه، ولكن صبرا كل شئ يأتي في وقته يكون اجمل.
مالك بصوت عالٍ: يا عم ادهم انت سرحت فين!!!
انتبه ادهم إليه وقال: اه معاك.. بتقول ايه ؟
غمز إليه مالك، ليقول بمكر: واضح اوي انك معايا.. طيب اصبر شوية وكلنا ماشيين واسرح براحتك
احمرت كارمن خجلا من تلميحات مالك، هي تعلم انه لن يحدث شئ، ولكنها شعرت بحرج من مجرد التخيل.
هتف ادهم بحدة يرمي الوسادة علي مالك: يلا يا اخويا مش قولت انك ماشي.. يلا خد مراتك وامشي عندنا شغل الصبح بدري
مالك بإستياء: يالهوي عليك حتي في المناسبات شغل برده ما ترحمنا شوية.. انا عايز اسافر مع مراتي اغير جو خنقة الشغل اللي مش بيخلص دا
هتفت ليلي بلوم: ايوه فعلا يا ادهم ماينفعش تروح الشغل وتسيب عروستك في صبحيتها كدا
ادهم ببرود: ماتشغليش بالك انتي يا امي في شغل مهم لازم يخلص
تجاهلت كارمن هذا الحديث، فلا تهتم اذا ذهب لعمله او لا، فهي قررت ان تعيش لطفلتها الصغيرة فقط، ولن تسمح لقلبها ان يدق الا لوالد طفلتها.
و لكن هل سيكون للقدر رأيًا اخر ام لا ؟ من يدري؟
قامت كارمن مع يسر تودعها، فهمست لها يسر قائلة بهمس: بقولك ايه بلاش تصديه !!
كارمن بعدم فهم: بتكلمي عن ايه !!؟
رفعت يسر حواجبها بدهشة ودمدمت بإستنكار: نعم يا اختي.. انتي بعد شوية هتكوني لوحدك مع أدهم!!
تساءلت كارمن مدعية الغباء: قصدك ايه يعني ؟
نفخت يسر خديها وقالت بملل: قصدي يعني بلاش تمنعيه عنك دا جوزك وحلالك يا كارمن فاهماني
عقدت كارمن حاجبيها وهمست پغضب: انتي اجننتي يا يسر صح.. مستحيل اخليه يقرب مني انا مرات اخوه
جادلتها يسر بنفس الهمس: لا انتي اللي مجنونه.. انتي دلوقتي مراته هو وبس.. حرام تمنعي جوزك عنك ولا انتي ماتعرفيش كدا
كارمن بعدم اقتناع: ماشي يا يسر.. ربنا يسهل
حمدت ربها انها احتفظت بإتفاقها مع ادهم لنفسها فقط، ولم تخبر احدا به، ولكنها اصبحت مشوشه الان، تخشى ان يكون ادهم كان يسايرها فقط لتوافق علي الزواج به وبعدها يأخذ حقوقه منها بالقوة.
نفضت هذا التفكير السلبي عن رأسها، وهي تودع صديقتها وتدعي أن تمر هذه الليلة على خير
عند زين وروان
وصل بها الي غرفتهم في صمت وهو يغلق الباب بقدميه، وسار بها الي ان وصل للسرير وانزلها عليه برفق.
اختفي من امامها يدخل الي الحمام الملحق بالغرفه،
و لم ينطق بحرفًا واحد، استغربت هي من كل هذا الصمت منه.
نظرت للغرفه كانت واسعه ومفروشة بأثاث جديد،
فأمها وعمتها الايام الماضية هم من كانوا يشرفون علي تجهيز الغرفه وكل شئ، ولقد اعجبت بذوقهم كثيرا.
قامت تذهب الي الخزانه تبحث عن شئ ترتديه،
و لكنها شهقت بفزع عندما نظرت الي الملابس الموجودة بداخل الخزانة.
أمسكت بقميص نوم تقلب به، لا هذه ليست ملابس فأنها عاريه وقصيرة للغاية.
ليست هذه القمصان التي اختارتها، وايضا أين بيجامتها التى أشترتها مؤخرًا؟
ضړبت روان جبهتها پقهر حالما فهمت حركة امها، وهي تكاد تبكي من الخجل، فحاولت البحث شئ مناسب، لكنها لم تجد.
همست بخجل لنفسها، وهي تلطم على خديها: يالهوي عليا وعلى سنيني السودة.. انا هلبس ازاي الحاجات دي قدامه.
خطرت الي بالها فكرة طالما رأتها بالأفلام والمسلسلات الرومانسية، وابتسمت بمشاغبة وهي تتجه الي خزانته تفتحها، واخذت تبحث بداخلها عن شئ يناسبها لتلبسه.
وجدت اخيرا تيشرت وشورت قصير، وبهدوء مشت بإتجاه الحمام تحاول معرفة ماذا يفعل بالداخل كل هذا الوقت؟
فجأة انفتح الباب، لتجد نفسها امامه مباشرة، فشهقت پذعر وهي تضع يديها علي قلبها، واليد الاخري تخبئها وراء ظهرها لتخفي الملابس، واحمرت خجلا وهي تنظر الي زين يرتدي شورت فقط وصدره عاري.
زين بخشونه: انتي كنتي بتعملي ايه؟
همست روان بإرتباك وحرج: ااا انا.. اه كنت مستنياك تخرج عشان ادخل اغير الفستان
نظر اليها زين بإستغراب من توترها وتمتم: ماشي ادخلي
دلفت الي الحمام، وهي تغلق الباب بإحكام وتسند ظهرها اليه، تحاول تنظيم انفاسها التي هربت منها.
روان بهمس: يخربيتك ايه الړعب اللي انا فيه دا!!
بدأت في تبديل فستانها، ولكن تطلب منها بعض الوقت لصعوبة خلعه، ولبست ملابس زين التي بدت فيها كطفله صغيرة عبثت بملابس والدها بسبب وسع الملابس عليها.
روان بإستغراب: والناس كلها بتقولي يا طويلة.. دا انا بعوم في هدومه.. ايه دا اتجوزت هالك يا ناس
خرجت وهي تنظر الي الارض بإحراج شديد، وتلوم نفسها علي هذا التصرف، لكنه هذا افضل من ان تلبس هذه القمصان العاړية.
اما زين كان يجلس علي الفراش بهدوء، ولكن عند سماعه صوت فتح باب الحمام، رفع رأسه لتصيبه دهشة قويه من مظهرها الطفولي الجميل مع شعرها الطويل الذي لم يراه منذ ان دخلت مرحلة الإعدادية.
كان شعرها ينساب علي ظهرها بنعومة، وتوجد بعض الخصل تحجب وجهها البريئ عنه بسبب انخفاض رأسها لاسفل.
ڠضب زين من تفكيره وحاول السيطرة علي شعوره، وهو يهتف ببرود وسخرية: انتي ايه اللي لابسه دا.. مش دي هدومي ولا انتي عشان مش لابسه نظارة النظر بتاعتك فماخدتيش بالك
بلعت روان الغصه التي تشكلت بحلقها من سخريته عليها، وحاولت التحدث بهدوء وهى تنظر له ببراءة: الهدوم اللي في دولابي كلها عريانة مقدرتش البسها فلبست بيجامتك
كانت تتحدث بعفوية، جعلته يندم علي اسلوبه الجاف معها، ليحاول إصلاح الموقف قليلا، فنطق بهدوء: ماشي.. تعالي نامي
زاد ارتباكها من جملته، وببطئ مشت اليه لتجلس علي السرير بجانبه.
لكن فجأة حلت الصد@مة مكان الخجل، وهي تراه يستلقي بجانبها يولي ظهره لها، ويطفئ المصباح الموجود علي المنضدة الصغيرة بجانب السرير وينام.
رمشت بعدم تصديق لما تراه منه.
هل هو حقًا تركها ليلة زفافها ونام بكل برود ألهذه الدرجة ينفر منها ولا يريدها ؟
لماذا اذن وافق علي الزواج منها من البداية ؟
اسئلة كثيرة دارت في عقلها، وعندما شعرت بالتعب استلقت بجانبه تنظر لظهره العاړي، تفكر انها كانت في قمة سعادتها تعد الأيام والساعات التي ستصبح فيها زوجة له.
كان قلبها يرقص من السعادة تنتظر هذا اليوم طوال حياتها، وها هو اتي، ولكنه كسر فرحتها بقسۏة وتجاهل.
اخذت تنساب الدموع من عينيها في صمت حتى غلبها النوم بعد عدة دقايق.
نهاية الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر ( سحر اللمسات ) مزيج العشق
القدر لا يأتي حسب رغباتنا، بل يأتي كمفاجآت لنا، وكل مفاجأة تحدث فهي مرتبة من عند الله
في قصر البارون
بعد ذهاب مالك ويسر تركتهم ليلي، وصعدت الي غرفتها.
صعد كلا من كارمن وادهم الي جناحهم، بينما تشعر بتوتر وخوف، فهي لاول مرة ستكون معه بمفردهم في مكان واحد.
فتح أدهم باب الجناح، ودلف الي الداخل وتركها علي الباب دون اي كلمة، فذهبت ورائه تتأمل الجناح بإعجاب الذى يبدو فى حجم شقه صغيرة وقد راق لها ذوقه كثيرا.
ادهم بإبتسامة: عجبك الجناح!!
كارمن برقة: ايوه جميل والوانه هادية.. ممكن اعرف فين اوضتي ؟
اشار أدهم اليها ليقول بصوت ثابت: اللي علي اليمين دي اوضة النوم الرئيسية، اللي بالنص دا مكتبي، واللي هناك دي اوضة ملك.
كانت تتابعه بعينيها في صمت، وعندما انهي حديثه.
هتفت كارمن بدهشة: بس انت قولتلي هتكون ليا اوضة لوحدي
أشار ادهم على نفسه ثم قال بدهشة مزيفة: انا امتي قولت كدا؟
رفعت كارمن حاجبيها وقالت بإستنكار: احنا متفقين علي كدا يا ادهم
ادهم ببرود: ماكنش في وقت انقل مكتبي لمكان تاني
نفخت كارمن خديها پغضب ثم تكلمت بعناد: تمام انا هنام في الاوضة الصغيرة.
أنهت كلماتها سريعا وذهبت بإتجاه حقيبة ملابسها ترفعها، وهى تتجه الي الغرفه لتفتحها.
اما هو فكان يقف بشموخ، ويضع يديه في جيوبه بنطلونه يراقبها، وعلي وجه طيف ابتسامة خبيثة، واتسعت ابتسامته عندما هتفت من الداخل في ڠضب.
فى حين دلفت كارمن الي الغرفه، وهي تضع الحقيبة بجانب الباب تنظر حولها، لتنصدم من المنظر فالغرفه صغيرة المساحة تكفي فقط خزانه ملابس وسرير ملك الصغير.
دمدمت بعصبية: ادهم!!
خرجت تتجه اليه وهي تتكلم بصوت عالي نسبيا حتي لا تقلق طفلتها النائمة في غرفه الاطفال، وكان وجهها اصبح محتقن بشدة وهى تنظر اليه بتجهم: اوضة ملك صغيرة جدا.. هنام انا فين دلوقتي؟
وضع أدهم يديه علي جبهته، وكأنه يفكر في شئ وهو ينظر اليها بمكر واحباط زائف: معلش يا كارمن كل حاجة جت بسرعه ويدوب جهزت اوضة لملك
وضعت يديها بخصرها، وهى تزجره بنظرات متشككة، لتسأله بحنق: يا سلام وانا مفكرتش هنام فين؟
ادهم بهدوء: تقدري تنامي في اوضة ملك مؤقتا لحد ما تجهز اوضتك
رمشت كارمن بعدم فهم، وقالت بذهول: انت بتهزر يا ادهم مفيش في أوضة ملك غير سرير الاطفال
قال ادهم يدعى التفكير: خلاص يبقي مفيش غير الاوضة الكبيرة ممكن تنامي معايا فيها
كارمن برفض تام: لا.. مستحيل دا يحصل!!
بدأ ادهم يفقد السيطرة علي غضبه من عناد هذه المجنونه
هتف ادهم بحدة: خلاص نامي وانتي واقفه مكانك
تركها ودلف الي غرفته يتوجه ناحية الحمام، ليأخذ حمامًا باردًا يريح اعصابه المتوترة من جمالها الذي ارهق قلبه.
حدقت كارمن فى مكانه الفارغ بصد@مة، وهي تسبه بكل الشتائم التي تعرفها من اسلوبه البارد المتغطرس هذا، فهي متأكدة انه فعل ذلك عن قصد.
اخذت تفكر في طريقه لحل هذه المشكله، ثم اتجهت الي حقيبتها تضعها علي الاريكة، وتفتحها لتخرج منها بعض الملابس المريحة للنوم، لكنها لم تجد شيئا مناسب، حيث كل ملابسها لا تصلح ان ترتديها امامه، لتتأفف بنزق مخاطبة نفسها پغضب: يوووه وانا اش عرفني انه هيعمل فيا الحركة دي.. كنت فاكرة هكون في اوضة لوحدي.. منك لله يا ادهم
شعرت انها تعرقت بشدة من توترها، فذهبت الي الحمام الملحق بالجناح لتأخذ حماما دافئا، لعلها تستطيع التفكير بشكل سليم.
خرج أدهم من الحمام يجفف شعره بمنشفه من الماء، وذهب يري ماذا تفعل.
رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن
انهت كارمن حمامها، وهنا تذكرت انها لم تأخذ ملابس معها، نظرت حولها فلم تجد غير منشفه كبيرة نوعا ما، لفتها حول جسدها بإحكام، وهي تتمتم بكلمات غاضبة علي غبائها، ثم خرجت ببطئ تريد ان تصل الي حقيبتها بدون اصدار صوت
، وهى تنظر في خوف الي باب غرفته المغلقه.
شهقت پخوف عندما رأته يقف امامها لا يرتدي غير بنطلون قطني اسود فقط وصدره العضلي ع،ـاري.
رمشت عدة مرات بإرتباك، ووجنتها تتورد بشدة
رمقته كارمن وهي تبتلع لعابها بتوتر من وقفتها هكذا امامه، رأته يلقي بنظرته الغامضة عليها، فأشاحت وجهها عنه بصمت في محاولة منها للمرور بجانبه لتجنب هذه النظرات، لكنه أمسك بذراعها العاړي لمنعها من المشي.
شعرت كما لو أن تيارًا كهربائيًا قد لمسها، فارتفع صدرها وهبط من تنفسها غير المنتظم بالقرب منه.
رفع أدهم إصبعه السبابة، وحركه ببطء على شفتيها المرتعشتين.
حاولت كارمن التحرك للإبتعاد عنه، لكنه أمسك بكتفيها، وضغط عليهم بخفة وهو يجذبها إليه.
نظرت إليه بعيون تائهة، غير قادرة على التفكير بسبب قربه منها، اما هو كان في عالم آخر، لا يرى أحدًا غيرها.
عاد أدهم فجأة إلى رشده وهو يبتعد عنها، محاولًا السيطرة علي رغب،ـته الشديدة بها، قائلًا بصرامة: ادخلي نامي جواه وانا هنام هنا علي الكنبة
أنهى كلماته وذهب يستلقي علي الاريكة وهو يغمض عينيه في صمت، فلا يريد افساد ماخطط له.
اما هي فقد فاقت من هذا السحر الذي غلفها بقربه، وبدون تردد اخذت حقيبتها، ودلفت للغرفه توصد عليها الباب بقوة.
في ايطاليا
كان مراد يجلس في غرفته بإحدي مستشفيات ايطاليا
يفحصه الطبيب قائلا بعملية: حاليا انت بصحة جيدة، ولم تأثر الغيبوبة علي وظائف المخ لكنك تحتاج الي فترة علاج طبيعي لإستعادة العضلات نشاطها الطبيعي
مراد بجمود وصوت مجهد: شكرا لك دكتور
غادر الطبيب الغرفه، يترك مراد يفكر فيما حدث له خلال الأشهر الماضية بعد أن انقلبت سيارته، تم نقله إلى المستشفى، وإجراء عدة عمليات جراحية لأنه أصيب بكسور كثيرة، ودخل في غيبوبة لأكثر من شهرين، وها هو جسده بدأ يتعافى وسرعان ما سيخرج، وبعد ذلك سوف يعرف من وراء هذا الحاډث ولن يرحمه وقتها.
صباحا عند يسر ومالك
استيقظ مالك وهي بين احضانه يبتسم علي منظرها المستكين كقطة مدللة تتوسد صدره في هدوء، أبعدها برفق عنه وقام يتجه الي الحمام.
فتحت عينيها تنظر الي جهته فلم تجده، ثم سمعت صوت المياه الاتيه من الحمام، فعلمت انه يأخذ حمامًا.
نهضت بكسل تمشط شعرها بأصابعها، واتجهت إلي غرفه الملابس تبحث عن ملابس مناسبة لزوجها كما اعتادت، فهي تحب ان تهتم بكل شئ يخصه.
وقفت فى بادئ الأمر تنظر في حيرة الي الملابس، حتي استقرت علي بدلة انيقه رمادية اللون.
شعرت يسر به خلفها ينحني الي رقبتها وبعض قطرات شعره تسقط علي كتفها بهدوء، ووضع قبلة صغيرة علي كتفها بحب وهو يحيط خصرها بيديه هامسًا بحب: صباح الشهد
يسر بمرح: صباح السكر يا مسكر
مالك بنبرة أجش: انت اللي مسكر الدنيا يا حبيبتي
ضحكت يسر بدلال، وهى تضع يدها على خده بينما مازال ظهرها ملصقًا بصدره، ثم قالت بنعومة: طب ابعد بقي عشان الحق احضرلك الفطار علي ما تلبس
همس مالك بتذمر، بينما يخفض رأسه مقبلًا باطن كفها: دا وقت فطار برده حد يبقي بين ايده العسل ويدور علي فطار
فكت يسر نفسها منه وهي تلتفت اليه، وقالت بعبوس لطيف: بطل بكش شوية بوظت ياسين
تمتم مالك بفخر: هو اللي طالع نبيه زي ابوه
_ بابا انت بتعمل ايه ؟
نزل بعينيه الي الاسفل، ينظر لإبنه الذي دخل الغرفه عليهم ولم يشعروا به.
مالك بفزع: بسم الله الرحمن الرحيم طلع منين دا؟
ضحكت يسر بصخب علي منظره قائلة بسخرية، وهي تتجه الي خارج الغرفه: اسيبك انت والنبيه مع بعض واروح احضر الفطار
دمدم مالك وهو ينظر بغيظ لياسين، ويحمله من ملابسه: تعالي هنا يا عفريت العلبة انت.. من يوم ماخلفتك ماتهنتش ساعه واحدة.. يلا عشان نفطر.
في قصر الحج عبدالرحمن
جلس الجميع علي مائدة الطعام يفطرون
همست حنان بتساءل الي حياة الجالسه بجانبها: الساعه بقت 10 الصبح يا خيتي.. نطلعلهم الفطار امتي؟
ضحكت حياة وردت بهدوء: يا وليه اهمدي دول لسه عرسان اكيد نايمين
شاركتها حنان الضحك قائلة بتبرير: عاوزة اطمن علي بنتي يا خيتي مش قادرة اصبر
حياة بمرح: بدأتي دور الحماه بدري يا حنان طول ماهي مع ولدي اطمني عليها ماتقلقيش
رواية مزيج العشق للكاتبة نورهان محسن
حنان بقلق: انا خاېفه يا حياة لا يكون عمل فيها حاجة انتي ماشوفتيش ولدك كان مكشر ليلة امبارح ازاي
لكزتها حياة وقالت بإستياء: يووه عليكي يا وليه ما انا فهمتك اول مايتقفل عليهم الباب خلاص مافيش خوف
بدر بفضول: بتتوشوشي في ايه انتي وهي !!
حياة بسرعة: ابدا يا خوي كنا بنفكر نطلع فطار العرسان لزين وروان
ابتسم الحج عبدالرحمن وقال بنبرة أجش: اطلعو يا بنتي زمانهم صحيو
قالت حياة بطاعة: حاضر يا حج يلا بينا يا خيتي
قامت حياة وحنان يجهزون الفطار بالمطبخ
عند زين وروان
تململت روان في الفراش، وعيناها مغمضتان مثل قطة صغيرة، لكنها شعرت بثقل علي معدتها.
عقدت حاجبيها وفتحت عينيها سريعا، لتنظر بصد@مة إلى يد زين الموضوعه على بطنها، وهو مستغرقا في النوم ووجه قريب جدًا منها.
نظرت روان إليه بحب وهيام، فهذه كانت المرة الأولى التي تنظر فيها إليه دون خجل أو خوف من ان يلاحظ نظراتها، تحفظ ملامحه عن ظهر قلب، ذقنه الشامخة، وحاجبيه كثيفتين، ونظرة عينيه الحادتين، وشفتيه الغليظتين.
احمرت خجلًا من أفكارها، وتشكلت ابتسامة شقية على وجهها حالما خطرت علي بالها فكرة مچنونة، وقد نسيت ما حدث الليلة الماضية.
اقتربت روان من وجهه بهدوء وحذر
جسده اهتز بإثارة حالما شعر بأنفاسها الدافئة على وجهه، وزادت صډمته وتسارعت دقات قلبه
حاولت روان العودة بهدوء إلى مكانها، وخديها احمرت خجلًا مما فعلته، لكنها تسمرت بمكانها وشهقت بخفة عندما فتح زين عينيه، ونظر إليها نظرة لم تستطع تفسيرها
نهاية الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر ( خنجر سام ) مزيج العشقً !
في قصر البارون
تحديدا في جناح ادهم
استيقظت كارمن من نومها الذي لم يتجاوز الخمس ساعات، بسبب عدم راحتها في هذه الغرفة القاتمة بعض الشيء، والتي لا لون بها غير الأسود والأبيض، شعرت أنها بداخل رقعة الشطرنج.
ما به هذا؟
كيف يكون صاحب شركة أزياء كبيرة، وغرفته بهذا الشكل الكئيب؟
يا له من غامض حقًا!!
قامت كارمن وهي تخفض قدميها على الأرض، وتثاوبت بتكاسل، وارتدت روبها الطويل، وخرجت من الغرفة لترى طفلتها.
لفت نظرها، الذي كان نائم على الأريكة الطويلة، ويضع يده على رأسه والأخرى على بطنه، وهو يتنفس بهدوء.
اقتربت كارمن منه لإيقاظه، لتجلس بجانبه مترددة، محدقة فى ملامحه الصارمة، حتى وهو نائم يعقد حاجبيه.
نظرت إليه بصمت، كما لو كانت تحفر ملامحه في ذاكرتها، تمرر عينيها على شعره البني الناعم الكثيف، وجبهته العريضة.
تتذكر جيدًا نظرة عينيه الحادتين، والتي دائمًا ما تحدق بها في غموض.
إنها حقًا لا تفهم هذا الرجل، منذ البداية يثير فضولها، بعد ما حدث منه في أول لقاء جمعهما معًا، تعامل معها بشكل طبيعي جدًا، كما لو أنه لم يفعل شيئًا، لدرجة أنها اشتبهت في أنه رجل متعدد العلاقات ويعبث مع الفتيات، لكنها علمت بعد ذلك من عمر أن اخيه ليس لديه علاقات ولا يحب العبث ابدا، لتزيد الحيرة داخلها، لكنها لم تعط الأمر أهمية في ذلك الوقت.
لم تجرؤ على إيقاظه، نهضت بهدوء وذهبت إلى غرفة طفلتها.
ترى أنها استيقظت كالمعتاد مبكرًا، وتلعب بألعابها.
بعد أيام قليلة ستبلغ من العمر عامين، وللآن تتحدث فقط بكلمات قليلة.
ابتسمت كارمن بحنان ثم اتجهت إليها، وحملتها مقبلة خديها المكتزتين قائلة بحب: صباح الفراولة يقلب ماما.. انتي كمان مش جايلك نوم زي ماما يا حبيبي.. يلا نلبس وننزل نشوف تيته
غادرت الغرفة وهي تتقدم إلى غرفتها، أو بالأحرى غرفة أدهم.
رأته استيقظ وجالس علي الاريكة يفرك عينيه وينظر إليها بنعاس.
كارمن برقه عفوية: صباح الخير
ادهم بصوت اجش من تأثير النوم: صباح النور هي الساعه كام دلوقتي ؟
نظرت كارمن الي ساعة معصمها وقالت بنبرة ناعمة: الساعة 10 وربع
تفاجأ أدهم، فهو لا يتذكر أنه نام حتى هذا الوقت من قبل، ليقول بصد@مة: يا خبر اتأخرت جامد علي الشغل
سألت كارمن بإندفاع: هو انت ضروري تروح الشغل انهاردة يعني ؟
شعرت كارمن بالحرج الشديد، وارتفعت الحرارة في وجهها، وندمت علي تسرعها بالسؤال، فماذا سيظن الآن أنها تريد منه أن يجلس معها.
قال ابتسم بهدوء: لا مش ضروري اروح خصوصا اني مش قادر افرد ظهري اصلا..
أردف أدهم بلوم: عشان في ناس انانية ماصدقت استولت علي السرير لوحدها
ضحكت كارمن بشدة على تذمره كأنه طفلًا صغيرًا لأول مرة ترى هذا الجانب منه، قائلة ببراءة: مش انت اللي قولتلي نامي انتي في الاوضة وانا هنام علي الكنبة
نظر أدهم لها بغيظ، وهو يزم شفتيه قائلا بحنق: وانتي ماصدقتي اخدتي شنطتك وطيران علي الاوضه
كارمن بمشاكسة: لعلمك بقي اوضتك مش حلوة
رفع أدهم حاجبيه بدهشة وسأل: ليه مش حلوة ؟
أجابت كارمن بصدق: كئيبة اوي كلها ابيض واسود اخدت وقت طويل علي ما عرفت انام في حلبة الشطرنج دي
رمى رأسه للخلف وهو يضحك بصوت عالي من تشبيها الغريب.
مالت كارمن رأسها قليلا وهي تنظر الي ضحكته بإنبهار، فنادرا ما يبتسم والآن هو يضحك.
ادهم بمكر: لو مش عجباكي اوضتي.. الكنبة ترحب بكي
قالت كارمن بضحكة خاڤتة، بينما تهز رأسها رفضًا: لا انا تمام كدا.. هدخل اغير هدومي وانزل لماما ليلي
ادهم بهدوء: ماشي بس استني لحد ما ادخل اخد هدومي من جوا الاول
لم ينتظر ردها، نهض واتجه إليها لذلك فوجئت جدا، لأن باب الغرفة على الجانب الآخر.
انحنى أدهم عليها، فشهقت بإنشداه حينما اصبح قريبًا جدا منها، لدرجة انها استنشقت رائحته الرجولية الفواحة.
رأته يقبل ملك برفق التي في حضنها، ثم استدار ومشي إلى الغرفة بهدوء، بينما ارتفعت الحرارة في وجنتاها وازداد نبضها.
أخذت نفسا عميقا في محاولة للسيطرة على إرتجافها لكونه كان قريب منها فقط تشتت عقلها وقلبها، وبدأت تهمس لنفسها: ( انا قلبي بيدق اوي كدا ليه من حركته دي.. اكيد دا من الخۏف حاسة اني كنت واقفة قدام دراكولا مش انسان عادي.. دا ايه الغموض والتقلبات بتاعته دي )
نفضت هذه الأفكار من رأسها، وهي تراه يغادر الغرفة وفي يديه ملابسه متجهًا إلى الحمام الملحق بالجناح، فدخلت الغرفة بسرعة كما لو كانت تهرب من شيء ما.
عند زين وروان
تسمرت روان بمكانها وهي شهقت بخفة عندما فتح زين عينيه، ونظر إليها نظرة لم تستطع تفسيرها.
حاولت النهوض والهرب من هذه النظرات، ولكن في لحظة سحبها من ذراعها، لتستلقي على السرير مرة أخرى ثم اعتلاها، وهو يحجزها بين ذراعيه.
حملقت روان فيه بنظرات مذعورة، متسائلة بدهشة: زين انت بتعمل ايه ؟
همس زين بهدوء عكس ما يشعر تماما: انا اللي بعمل ايه ولا انتي!!
روان بعدم فهم: انا معملتش حاجة
قال زين هو يرفع حاجبيه بعدم تصديق: والله
خاڤت روان ان يكون شعر بما فعلته وهو نائم، لذا نطقت بإرتباك واضح: اااا ايوه انا لسه صاحية
حدق فى شفتيها المرتجفه وعيونها الخائفه، قائلا بصوت أجش: متأكدة انك معملتيش كدا؟
أمال رأسه بالقرب من شفتيها الوردية وانفاسه الحارة ټضرب بشرتها، وقبل طرف شفتها العليا كما فعلت، اصابتها رعشة قوية من لمسة شفتيه، واخذت حدقت فيه بعيون واسعة من دهشة وذهول
زين بمكر: ردي عليا معملتيش كدا؟
اصبحت وجنتيها مثل حبة الطماطم من الخجل، لترد بتقطع: انا.. انا كنت..
انقطعت محادثتهم بقرع على باب الغرفة.
نهضت بسرعة محاوله الهروب من ذراعيه وهي تدفعه من صدره، لكنه أمسك بها ثم رفع يديها فوق رأسها وثبتها، وهو ينظر إليها بمكر، وواضح عليه انه لا ينوي تركها.
همس زين بالقرب من أذنها: كملي.. كنتي ايه ؟
تململت روان وهي تحاول فك اسر يديها من بين يديه وقالت بترجى: بتعمل ايه يا زين !! الباب بيخبط اكيد ماما وعمتي برا.. خليني اقوم افتحلهم لو سمحت
نظرت إليه بعيون بريئة وخائڤة، كادت تذوب من الخجل، لا تدري ماذا تفعل في هذا الموقف المحرج.
تنهد زين بداخله على منظرها الفاتن الذي جعله ينسى للحظة ما كان يعاني منه، ثم رفع جسده عنها كي تستطيع النهوض، لكنه أمسك بيديها مرة أخرى مشيرا إلى ملابسها وقال: استني هنا.. هتفتحي الباب بالشكل دا ؟
نظرت الي بيجامته التي ترتديها، ثم تطلعت اليه بغباء.
قلب عيونه بملل فهي لا تستوعب كأنها طفلة حقا ثم تمتم: روحي غيري هدومك في الحمام وانا هفتح البابx
روان بطاعه: حاضر
نهض من السرير وارتدي ملابسه، وذهب ليفتح الباب، فرأى أمه وزوجة خاله يقفان في الملل.
ظهرت ابتسامة جذابة على وجهه قائلا بهدوء: صباح الخير
حياة بمحبة: صباح العسل يا حبيبي صبحية مباركة يا عريس
تمتم زين وهو يقبل يديها: الله يبارك فيكي يا ست الكل
قالت حنان بعد أن ارتاحت قليلا حالما رأت ابتسامته الواسعة: صباح الفل وصباحية مباركة يا ابني.. اومال فين روان ؟
زين بأدب: الله يبارك في عمرك يا غالية.. اتفضلوا الاول هي في الحمام
دخلوا حياة وحنان الغرفة، وهم يحملون الإفطار معهم.
روان فتحت باب الحمام، وكانت ترتدي فستان أصفر طويل أظهر خصرها النحيف وجسمها الرشيق، وشعرها المتدفق على كتفها.
جعلت قلب ذلك الواقف ينبض بشدة من جمالها البريء.
تقدمت اليهم بابتسامة مشرقة، قبلت والدتها بحب، ثم قبلتها حياة بسعادة وهي تهتف بإبتسامة: صباحية مباركة يا عروستنا
ابتسمت روان برقه قائلة بخجل: الله يبارك فيكي يا عمتي
حنان تعانق ابنتها ثم همست بقلق: طمنيني عليكي يا بنتي عامله ايه!!
روان نظرت إلى زين الذي كان يتابع المشهد في صمت، وكأنها تحثه على إنقاذها من هذا الموقف المحرج.
جاء زين بجانبها، ثم وضع يديه على كتفها وجذبها إلى صدرهx، قائلًا بإبتسامة: اطمني يا مرات خالي.. احنا الحمدلله تمام
تنهدت حنان بقلب مرتاح عندما رأت معاملة زين الحسنة لإبنتها لتقول بسعادة: الحمدلله يا ولدي ربنا يطمنك ويسعدكم يارب.. خلي بالك عليها يا زين دي بنتي الوحيدة ودلوقتي امانه عندك
تفاجأت روان من تصرفه وكلماته، لكنها صمتت بإستحياء.
تقدمت منها والدتها تعانقها مرة أخرى، قبل أن تهتف بإبتسامة سعيدة: احنا هننزل ونسيبكم تفطرو براحتكم ولو احتاجتم حاجة احنا تحت.
قالت حياة بضحكة مرحة: هيحتاجو ايه يا خيتي.. اتهنو يا ولاد
ثم غادرت هي وحنان الغرفة، وهما في قمة السعادة والراحة.
نظرت روان إلى زين التي ما زال يضع يديه على كتفها.
روان بتعجب: انت ايه اللي قولته دا..!
زين: قولت ايه !!
ردت علي سؤاله بسؤال: هما كدا فهمو ايه بالظبط..؟
انزل زين يديه عن كتفها، وتوجه يجلس علي طرف الفراش قائلا ببرود: فهمو اني دخلت عليكي يا روان
فتحت روان فمها بدهشة، وحدقت فيه بصد@مة وخجل.
استطرد زين حديثه بنبرة هادئة: اسمعي يا روان احنا اتجوزنا امبارح بس.. وعلاقتنا ببعض قبل كدا ماكنتش قوية.. ماتكلمناش قبل كدا مع بعض تقريبا صح
هزت رأسها في موافقة بصمت تنتظره يكمل حديثه
اردف زين حديثه قائلا: يعني اللي تعرفيه عني قليل اوي وانا كمان معرفش عنك حاجة غير انك بنت خالي وشوية معلومات عادية.. ايوه احنا ساكنين في نفس البيت بس عمرنا ما اتكلمنا.. بس اهم حاجة عاوزك تعرفيها عني اني مبحبش حد يعرف حاجة عن حياتي الشخصية واي حاجة تحصل بينا مش عايزك تقوليها لحد فهمتني.. المهم قدامهم تحت هنتعامل مع بعض عادي زي اي عرسان جداد
نظرت روان إليه في حزن، لا تعرف ماذا تقول، أنها تحبه، وكانت تحلم باليوم الذي ستصبح فيه زوجته.
ماذا يعني بحديثه هذا، هل سيبقي زواجهما على الورق فقط؟
وأتت إجابته على سؤالها الصامت ليقطع الشك اليقين قائلا بجمود: انتي دلوقتي مراتي ومسؤوله مني اي حاجة تحتاجيها تقوليلي انا مش لحد تاني.. لكن جوازنا هيكون علي الورق لحد ما تخلصي كليتك وتتخرجي.. بعدها ممكن نطلق بأي حجة.
فرك زين رقبته من الخلف ببعض التوتر واخذ نفسا طويلا قبل يستكمل حديثه: واسف علي اللي حصل من شوية ماكنش ينفع اعمل كدا
حدقت روان فيه بعيون واسعة من الصد@مة، هل هذا حلم أم تخيل ؟
هل هو حقًا لا يستطيع ان يتقبلها كزوجة ويرفض الاقتراب منها ؟
هل يتأسف فقط لأنه اقترب منها قليلًا كما لو كان هذا اثمًا، وقد ندم على فعله؟
تجمعت دموع كثيفه في عينيها، حاولت الضغط على شفتيها في محاولة لخنق دموعها وعدم كشف ما تشعر به في قلبها المكسور، كل ذلك بسبب قلبها الذي كان كل ذنبه أنه أحبه ولم يري أحد غيره، وبالأخير طعنها بخنجر كلماته السامة دون رحمة.
نهاية الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر ( بداية الچحيم )x محبّتها
عند زين وروان
يجلس على السرير ببرود شديد، وهي تقف أمامه ترتجف يديها، ومن الواضح أن آثار الصد@مة التي تلقتها للتو من الشخص الوحيد الذي يمتلك قلبها، وروحها تنعكس بشدة على تعبيرات وجهها.
تجمعت دموع كثيفه في عينيها، حاولت الضغط على شفتيها في محاولة لخنق دموعها وعدم كشف ما تشعر به في قلبها المكسور، كل ذلك بسبب قلبها الذي كان كل ذنبه أنه أحبه ولم يري أحد غيره،
و بالأخير طع،ـنها بخنجر كلماته السامة دون رحمة.
حاولت أن تتنفس الهواء بهدوء، لتتمكن من الرد على كلماته.
روان بتماسك مزيف وهي تتسائل بحيرة: كان ايه لازمة جوازنا من الاول يا زين.. ليه طلبتني للجواز وانت مش عايز تكمل؟!!
كان ينظر اليها في تردد يسأل نفسه هل يصارحها ام لا ؟
قال زين وهو يشير اليها برأسه نحو الفراش: تعالي اقعدي جنبي
لكنها لم ترغب في الاقتراب منه بهذه اللحظة، فوقفت مكانها دون أن تتحرك.
قرأ هو رفضها الصامت في عينيها، ليتنهد قائلا بهدوء: ماشي هقولك السبب يا روان عشان انتي من حقك تعرفي..
تنهد مرة اخري وهو يغمض عينيه قائلا بتوضيح: كنت بحب وحدة زميلتي في الكلية من سنه تانيه واحنا مع بعض.. كانت بينا قصه حب الكلية كلها تعرف بيها.. ماكنتش بقدر امسك ايديها من خۏفي علي سمعتها وعشان عاوز احافظ عليها.. وكنت مقرر بعد ما نتخرج هتقدملها رسمي ونتجوز ونبدأ حياتنا مع بعض بالقاهرة.. بس في اخر سنه في الكلية اكتشفت انها علي علاقه بزميل لينا في الكلية.. شوفتها نازله من العمارة اللي ساكن فيها ولما اتأكدت من البواب انها بتتردد علي العمارة دي كتير اجننت وطلعت خبطت علي الواد دا وضړبته كان ھيموت في ايدي ومن خوفه اعترفلي انها علي علاقه به من فترة طويلة.
نظر اليها فرأها تحدق به بعيون واسعة، ثم أردف پقهر: فكرت اقټلها بس لاقيت ان مستقبلي انا اللي هيضيع عشان وحدة رخيصة وخاېنة ماتستاهلش.. قطعت علاقتي بها وبعد ما اتخرجت.. جدي فتح معايا موضوع جوازي منك ومع تصميم امي كمان علي الموضوع وعشان بتحبك وافقت واتخطبنا...
قام من مكانه وهو يرآها تذرف الدموع، ولا يعرف لماذا شعر پألم في قلبه عندما رآها تنظر إليه بحزن.
شعر بسهام تخترق قلبه، يعلم أنها تحبه، لكنه حطمها كما ټحطم قلبه من قبل.
حاول ان يقترب منها، لكنها لم تعطي له اي فرصةx بالاقتراب وفرت هاربة من الغرفة، متوجهة إلى غرفتها القديمة، وأغلقت الباب خلفها، ثم دفنت رأسها بوسادتها، وأطلقت العنان لشهقتها العالية التي أخفتها بالوسادة.
اخذت تفكر هل تحزن عليه أم على نفسها، فهو أذقها طعم الخذلان من نفس الكأس التي تذوق هو منه.
في نفس التوقيت والمكان
بغرفه بدر وحنان
دلفت حنان في سعادة تبشر زوجها بفرحتها لإبنتها،
فرأته يرتدي ملابسه، لتقول بسرور: الحمدلله يا بدر الامور تمام عند بنتك وجوزها
بدر بضحكة: الحمدلله اخيرا اطمنتي عليها واستريحتي معرفتش انام منك طول الليل
حنان بحرج: معلش بقي يا بدر هي البت هتتجوز كل يوم يعني وبعدين لازم اطمن انها مبسوطة والا مش هرتاح ابدا
بدر بمحبة عميقة: ربنا ميحرمناش من حنيتك يا ام ماجد
اردفت حنان بدهشة: ايه دا انت هتخرج؟
رد ببساطة: ايوه يا حبيبتي عندي شغل كتير في الارضx
حنان بعتاب: معقوله هتخرج يوم صباحية بنتك يا راجل
ضحك بدر وقال بمكر: هي صبحيتي انا ولا صباحية بنتك يا ولية
حنان بنبرة رقيقة: ماشي بس ماتتأخرش هعملك اكله بتحبها انهاردة
رد بدر غامزًا بطرف عينه: هو دا الحديث الزين يا ريت بقي تكون كوارع ترم عظمي اللي حاسس انه اتفشفش علي الاخر
ضحكت حنان وقالت بحب: سلامة عظمك.. عينيا يا حبيبي هعملهلك
نظر اليها بإبتسامة يفكر رغم ان زواجه منها لم يكن عن حب، ولكن استطاعت حنان السيطرة علي قلبه بطيبتها وخفة ډمها ومواقفها معه في الازمات.
طبع قبلة على جبهتها ثم أردف بإبتسامة: تسلملي عينيكي يا حنون
في قصر البارون
في غرفة الطعام
بعدما جهزت الخادمة الفطار، ووضعته علي المائدة.
دخلت نادين تتلفت ورائها، ويبدو عليها الارتباك.
نظرت إلى الطاولة في حيرة، هناك أربعة أكواب من العصير بنكهات مختلفة وأدهم يشرب القهوة دائما.
تقدمت إلى كوب من عصير المانجو، فهو بالتأكيد يخص كارمن، ووضعت فيه برشامًا وقلبته سريعا، حيث والدة أدهم ووالدة كارمن تشربان البرتقال، وهي تشرب عصير الأناناس، وعندما انتهت جلست في مكانها المعتاد في صمت كأنها لم تفعل شيئا.
بعد لحظات قليلة، جاءت ليلي تحمل ملك وورائها كارمن ومريم.
ألقت كارمن تحية الصباح عليها بأدب، فأجابت نادين بإبتسامة مزيفه ساخرة: صباح النور يا عروسة
تجاهلت كارمن نبرة السخرية في صوتها، وجلست بهدوء دون ان ترد عليها.
في هذه اللحظة دخل أدهم مرتديا ثيابا عادية، وليس بدلات رسمية كالمعتاد، وجلس على رأس الطاولة.
ادهم بصوته الرخيم: صباح الخير
ليلي ومريم بإبتسامة: صباح النور
اردفت ليلي بدهشة ممزوجة بالسرور: غريبة يا ادهم ايه اللي اللبس دا انت مش رايح الشغل زي ماقولت امبارح ؟
نظر أدهم من زاوية عينه إلى كارمن الجالسة، وهي تفطر في صمت بين ليلي ومريم.
رد ادهم بإبتسامة خبيثة: صحيت متأخر يا امي وكارمن اقترحت عليا مارحش الشغل انهاردة وانا عجبتني الفكرة
خجلت كارمن من حديثه الخبيث، ونبرته الماكرة التي فهمتها جيدا، ونظرت إليه پغضب صامت
بينما كانت نادين تنظر إلى كارمن بخبث وحقد عندما شاهدتها تشرب العصير، وتكاد ټموت غيظًا من أسلوب أدهم المتغير تمامًا منذ اليوم الأول لكارمن في المنزل.
اعتقدت ليلي أن شيئًا ما حدث بينهما، وان الامور تسير علي مايرام، لأنها تري أدهم مختلفًا تمامًا عما كان عليه طوال حياته، فمنذ متي وهو يستمع إلى رأي اي شخص، حتى هي.
ربتت على يد كارمن بحنان، قائلة بفخر وسعادة: برافو عليكي يا كارمن دا بقالو سنين ماخدش يوم اجازة
همست كارمن بصوت منخفض، لكنهم سمعوا جميعا: رجل فولاذي بجد
ابتسم ادهم قائلا بمشاكسة: قولي الله اكبر من اول يوم قايم من النوم ظهري وجعني
غصت كارمن وهي تشرب العصير من كلماته التي تحمل معاني كثيرة، وهى تشعر ان الحرارة ترتفع إلى خديها بقوة.
مريم پخوف: اسم الله عليكي يا بنتي..
ناولتها كوب من الماء، فشربته كارمن كله وهي تنظر الي ادهم بنظرات ڼارية، ليبتسم لها ببرود كى يستفزها اكثر.
قالت ليلي وهي تلاعب ملك: علي فكرة يا ادهم ملك هتم السنتين بعد كام يوم
ليأخذها أدهم من والدته ويضعها على قدميه، وهو يقبل الطفلة على خديها بحنان وقال بهدوء: عارف يا امي وليها عندي هدية حلوة
حادثت كارمن بإبتسامه جميلة، لطفلتها التي تلعب في هاتف ادهم: قولي لعمو شكرا يا لوكه
ليلي بسؤال: هي لسه برده مش بتكلم كتير
كارمن بحيرة: عاوزة اخدها للدكتور بتاعها يطمني عليها لان الاطفال في السن دا بينطقوا كلمات كتير حتي لو مش صح بس هي كلامها بسيط خالص
مريم بضحكة: كارمن لحد ما تمت السنتين اصلا مكنتش بتكلم انا وابوها كنا حيرانين اوي وروحنا لدكتور قال هي مفهاش حاجة واكلوها يمام جبنالها اليمام يومها مش بتبطل الكلام
شعرت كارمن بالحرج، حينما لمحت ابتسامة ادهم، لتقول بتذمر طفولى: انتي حكيتي الموضوع دا مليون مرة يا ماما
ضحكت ليلي ايضا وقالت: ياسين وهو عنده سنة ونص كان بيقول كلمات كتير وغريبة.. مالك كان علي طول يكلم معه كأنه راجل مش طفل.. الولد طلع لسانه شبرين قدامه
ضحكت كارمن بشدة ممَ جعل أدهم يشرد بملامحها الساحرة وشفتيها المبتسمتين، ثم ضمت شفتيها بإغراء غير مقصود بينما كانت تمضغ الطعام.
ذهب معها إلى عالم آخر لم ير فيه إلا هي، ابتسم تلقائيًا، ولم يستيقظ إلا عندما لمست أمه كتفه بحنان، فنظر إليها بدهشة.
ليلي بذهول: روحت فين يا ابني ؟
ادهم بجمود: معاكم يا امي
ثم نظر الي كارمن مردفًا: قوليلي قبل ماتروحي للدكتور عشان اجي معاكي
كارمن بلا مبالاة: مفيش داعي تتعب نفسك ماما هتروح معايا
ادهم بحزم: لا هاجي انا معاكي بلغيني بس قبلها
فهزت رأسها بالموافقة لتغمغم: تمام
كانت نادين تتابعهم بصمت.،و لم تحاول مشاركتهم الحديث، وشعرت بتزايد الكراهية داخلها اتجاه كارمن.
لا تصدق أن أدهم الذي لا يمزح ولا يبتسم، ولو قليلًا تراه الآن يتحدث ويمزح بتلقائية، وظلت تتواعد في نفسها لكارمن وهي تفكر في خطوتها التالية.
عند روان
هدأت قليلًا من نوبة البكاء، وشعرت بالارتياح لأنها أفرغت ما كانت تشعر به من ڠضب وتوتر، ونهضت بعزم إلى الحمام وتوضأت، وذهبت لتلبس اسدال الصلاة لتأدي فرضها.
تفكر أنها ليست صغيرة لتشكو مشاكلها لأحد، أنها ستلجأ إلى الله سبحانه وتعالي الذي سيهديها إلى القرار الصحيح ويزيل همومها.
أما هو فكان يجلس يلوم نفسه على قسوته عليها.
ليس ذنبها، كان هذا اختياره من البداية، كانت لديه فرصة للرفض، لكنه لم يرفض، كان جزء مما قاله كڈبة، فلم يضغط عليه أحد كما اوهمها.
لا يعرف لماذا قال لها هذا الكلام ؟
لماذا ينتقم منها هي ؟
كان على وشك أن يجعل زواجهما حقيقيًا وأن ينسى كل شيء آخر، لولا طرق الباب التي جعله يعود إلى رشده.
هل قال لها ذلك لحماية قلبه بعد تعرضه للخذلان والخي،ـانة ؟
تذكر أول مرة رآها عند عودته من القاهرة بعد تخرجه أعجب بجمالها الذي تضاعف، فعندما سافر كانت لا تزال صغيرة جدًا ولا يتذكر أنه كان يراها في إجازاته، لكن ما اعجبه بها نظراتها كانت لا تزال بريئة وقلبها نقي.
كان غاضبًا جدًا عندما تذكر "جمال" ابن خالها البغيض
عندما مدحها أمامه وهو يرأى نظراته إليها، كان سينتف رأسه، فحينها شعر بنيران تندلع داخل قلبه، وبدون لحظة تفكير واحدة عندما فتح جده معه موضوع زواجه منها، وافق على الفور.
اما في ايطاليا
لازال مراد يجلس في المستشفي يكمل علاجه
سمع رنين هاتفه فأجاب سريعا عندما عرف المتصل
مراد پغضب شديد: انت فين يا زفت يا حمدي بتصل بيك من وقت مافوقت وانت مابتردش.. حسابك بعدين دلوقتي بسرعه قولي ايه الاخبار
حمدي رجل من رجال مراد في مصر فهو من يراقب كارمن ك ظلها ولكن دون ان يلفت الانظار
اجاب حمدي بأدب وارتباك: اسف جدا يا فندم.. بس انا عندي ليك اخبار مش هتعجبك يا مراد بيه
مراد على الفور: قول بسرعه
حمدي پخوف اشد من الذي سيقوله: مدام كارمن اتجوزت امبارح
قاطعه مراد بحدة مخيفة: نعم يا روح امك انت اجننت ايه اللي بتقوله دا وازاي دا حصل
اجاب حمدي سريعا: زي ما بقولك كدا يا باشا اللي فهمته انها خلصت عدتها واتجوزت ادهم بيه رجل الاعمال اخو جوزها اللي م١ت
شعر بصد@مة قوية فهو بالطبع لم يتوقع هذا الخبر، ووصل غضبه لذروته واندلعت النيران في شرايينه ېصرخ پغضب جامح: عينك ماتنزلش من عليهم انت فاهم وانا هنزل مصر خلال الاسبوع الجاي
أغلق الخط وهو يفك أزرار قميصه پعنف، وبدأ يدور في الغرفة پغضب، يفكر أن عليه أن يضع حدًا لكل ما يحدث، ولكن عليه الأن انهاء كل شئ هنا أولا، وظهرت نظره شړ مظلمة في عينيه تعلن بداية الچحيم
نهاية الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر ( قلوب مبعثرة ) مزيج العشق
احيانا القلوب تكون مبعثرة لٱ تريد من يحبها فقط، بل تريد من يفهم احساسها...!
بعد مرور اسبوع
استدارت حول نفسها، غير مدركة ما هذا المكان ؟
كانت على حافة جبل مرتفع، أمامها منظر ساحر،
وخلفها صحراء.
لا تعرف ما الذي أتى بها إلى هنا؟
شعرت بحركة من ورائها، فالتفتت بسرعة، وعادت بقدمها إلى حافة الجبل دون أن تدرك، فأمسك ادهم بخصرها خشية أن تسقط بنفسها، وعندها التقت العيون وتعثرت المشاعر في قلوبهم.
سألت كارمن بإرتباك من قربه منها: انا ازاي جيت هنا !! وانت ليه ماسكني كدا.. ابعد عني !!!!
حاولت دفعه بعيدًا عنها، لكنه شد قبضته حول خصرها، وجذبها بالقرب منه اكثر
ادهم: طول ما انتي بتهربي مني هتفضلي تايهة،
افتحيلي قلبك مرة واحدة بس ومش هتندمي.
كان ينظر إليها وعيناه تشعان بالصدق وعاطفته لها،
وشفتيه أمام شفتيها.
همست كارمن برفض ضعيف لتأثيره القوي عليها: انا... لا مستحيل هحبك
تأوهت كارمن بدهشة عندما تشابكت أصابعه بين خصلات شعرها، ممَ جعلها أقرب إلى وجهه، وحړقت أنفاسه جلدها الناعم، ممَ تسبب لها في دغدغة محببة، فأغمضت عينيها في استسلام من هذا السحر الذي تشعر به معه.
أحاط وجهها بيديه وقبل خديها ثم ذقنها بلطف، ودون وعي منها أحاطت بكفها الصغير يداه على خدها، فرفع بصره إلى عينيها.
ادهم بإصرار: صدقيني قلبك هيغلبك وڠصب عنك هتحبيني !!! عارفة ليه ؟
لم ينتظر اجابتها قائلا بصوت اجش:
عشان قلبك بدأ فعلا يفتح بابه ليا.. ومش هتعرفي تفكي نفسك من خيوط عشقي..!
لكنها لا تريد أن تعترف بما يقوله، ولن تعترف بهذا الحب.
أغلق جفنيه ودون أن يعطيها فرصة للاعتراض، مال يزيل المسافة بين وجوههم، وهو ينزل بشفتيه يفترس شفتيها، ويعبر عن حبه بقبلة تطفئ نيران قلبه.
استيقظت وهي تتنفس بسرعة، تنظر إلى المكان في ذعر، فوجدت نفسها نائمة علي سريرها داخل غرفة ادهم.
نظرت إلى الساعة، لترى أنها كانت الثامنة والنصف صباحًا
تنهدت كارمن وأغمضت عينيها بقلب يرتجف، وبدأت تفكر في الحلم الذي رأته، بدا كأنه حقيقي تمامًا، لكن عقلها يرفض هذه الفكرة، ولا ينبغي لها أن تفكر بهذه الطريقة.
اخذت تقنع نفسها بهذا التفكير ان أدهم هو عم ابنتها فقط، لكن قلبها مرتجف بشدة ومرتبك، خاصة أن أدهم يعاملها منذ أسبوع بشكل مختلف تمامًا عن تعامله معها عندما تزوجت من عمر.
يتعامل معها بلطف شديد وأصبح أسلوبه هادئًا، لكنه أحيانًا يتصرف معها بطريقة استفزازية تثير ڠضبها بشدة، لكنها ايضًا لا تنكر انها اعجبت جدًا بإهتمامه بالطفله وحنانه معها وتسعدت في تعلقه بها، وراقت لها كثيرًا هديته في عيد ميلادها، فكانت عبارة عن كلب صغير لملك أحبته للغاية، وأصبحت تلعب معه وفرحت به، كما أنه خصص له بيتًا صغيرًا في الحديقة لينام فيه.
حاولت في هذا الأسبوع تجنب الجلوس والاحتكاك مع نادين التي لا تجلس في المنزل نهارًا، وتعود في المساء لتصعد إلى غرفتها وتتشارك معهم أحيانًا وجبة الإفطار، ومن المؤكد أن الامر لا يخلو من بعض كلماتها مسمۏمة أو نظرتها حاړقة نحوها.
نفضت كل هذه الأفكار من رأسها، متجاهلة دقات قلبها وهي تتذكر هذا الحلم مجددًا، وأصرت تحادث نفسها بعناد أنه عم ابنتها فقط، ولا شيء أكثر من ذلك، ثم نهضت من الفراش وأدت روتينها اليومي.
عند أدهم بالخارج
استيقظ أدهم مټألم ظهره من نومه على الأريكة.
حسنا ! هذا اختياره، فكان بإمكانه إعداد المكتب لها أو تركها تنام على الأريكة، لكنه لم يستطع جعلها تجلس في غرفتها الخاصة التي أرادت أن تأخذها.
هو يريد أن يأخذ الأمور بينهما بهدوء، ويقترب منها تدريجيا ولا يريد أن يخيفها أو يجبرها على الاقتراب منه رغمًا عنها.
نهض يتكاسل ثم دخل الي الحمام.
بعد لحظات خرج متوجهًا إلى صالة الألعاب الرياضية، لتنشيط جسده قليلا، وإزالة الآلام التي يشعر بها.
عند كارمن
خرجت من الغرفة مرتدية فستانًا رماديًا يتناسب تمامًا مع قوامها الممشوق، يظهر نحافة خصرها، وأكمام ذراعيه يبلغ طوله أقل من ربع كم، ويمتد فوق قدميها بقليل.
تنوي ان تتناول الإفطار مع الجميع، فقد نامت طفلتها مع جدتها مريم بالأمس.
أرادت التحدث إلى أدهم قبل أن يذهب إلى الشركة، لكنها رأت أن مكان نومه فارغ، فنظرت إلى الحمام كان الباب مفتوح، ولم يكن بالداخل.
ظنت أنه غادر الجناح، فأكملت طريقها للخارج، لكنها توقفت بإندهاش عندما سمعت صوتًا يأتي من صالة الألعاب الرياضية التي لم تدخلها من قبل.
ذهبت إلى هناك لتري ما يحدث بالداخل؟
تسمرت في مكانها محدقة في صدر أدهم العاړي أمامها، والذي كان يمارس الرياضة بنشاط، ولم يلاحظ أنها دخلت.
أعجبت كثيرا بجسمه الرياضي وصلابة عضلاته القوية، لقد كان وسيمًا بشدة.
خطړ ببالها ذلك الحلم الذي رأته وما قاله لها، وشردت قليلًا بتفكيرها، ولم تدرك أنه أنهى ما كان يفعله، وينظر إليها في صمت.
استيقظت من شرودها عندما رأته يتجه نحوها، ونصفه العلوي بأكمله مغطى بقطرات العرق.
وقف أدهم أمامها مباشرة، وفي عينيه نظره غامضة لم تستطع تفسيرها كالمعتاد، وكان شعره البني يتساقط منه عدة خصلات مبللة على جبهته، يبدو مثيرًا حقًا.
مال عليها وهو يقترب منها كثيرًا، ويضع يديه الاثنين على الحائط خلفها يأسرها بذراعيه.
نظرت إليه بتوتر وعدم فهم، وقلبها يدق كطبول داخل ضلوعها، لدرجة أنها اعتقدت أنه يستطيع سماعه جيدًا.
أما بالنسبة له، فقد كان يحدق في عينيها الزرقاوتين المرتبكة التي ثملته، وجعلته ينسى من يكون في هذه اللحظة؟
فجأة انقطعت أنفاسها وأغلقت عينيها بإحكام، حالما أحست بأنفاسه الساخنة تلامس بشرتها، وشفتاه تكاد تلامسان شفتيها تقريبًا، ولا يفصل بينهما سوى بوصة واحدة.
اعتقدت للحظة أنه سيقبلها، لكنه أمسك بالمنشفة المعلقة خلفها مباشرة، ورفعها يجفف بها وجهه ببطء، ثم ابتعد عنها وأعطها ظهره.
ابتسم أدهم بمكر قائلًا بنبرة عادية، لكن تخفي ورائها الكثير من المشاعر داخله: صباح الخير يا كارمن.. صاحية بدري ليه..!!
فتحت كارمن عينيها تطلق سراح أنفاسها التي كانت تحبسها داخل صدرها، وأخذت تحاول التركيز على ما تريد قوله بعد أن شتت هذا الماكر أفكارها.
لماذا يلعب بأعصابها هكذا ؟
لا تعرف لماذا تتبعثر مشاعرها عندما يقترب منها ؟
تمتمت بخفوت: صباح النور.. ممكن اكلم معاك في حاجة قبل ما تروح الشغل؟
نظر ادهم اليها قائلا بإهتمام: اكيد.. بس الاول هاخد شاور من العرق اللي انا فيه دا ونتكلم
كارمن بصوت هادئ: تمام هستناك برا في الليفينج
أنهى أدهم حمامه، وتوجه إلى غرفة الملابس مرتديا بدلة رائعة من أكبر الماركات العالمية، والتي أبرزت قوة عضلات كتفه.
خرج متوجهًا إلى المكان الذي كانت تجلس فيه كارمن بانتظاره في توتر.
رأته يتقدم منها برجولته الطاغية، وسبقته رائحة عطره المميز، ليخطف أنفاسها بجاذبيته الساحقة.
للحظة شعرت بالغيرة من كل من سوف يراه بكل هذه الأناقة المذهلة التي تذهب العقل، واخذت تحدق فيه بصمت.
جلس أدهم بجانبها بشكل مريح على الأريكة، واضعًا يده على الأريكة خلف ظهرها.
بدأت هي الكلام على الفور: ادهم انا كنت عاوزة انزل الشركة وابدأ الشغل
ادهم بتساءل: انتي حاسة انك مستعدة دلوقتي وان صحتك احسنت
أجابت كارمن برقة: ايوه وحاليا ملك طول الوقت مع مامتك ومامتي وانا بدأت ازهق من قعدة البيت وكمان انا بدأت اشتغل تاني علي شوية تصميمات لفساتين جديدة.
ادهم بحماس: بجد طب ما توريني كدا عملتي ايه
كارمن بإحراج: لا مش دلوقتي لما اخلصهم احسن.. انت عارف انا بقالي اكتر من سنتين ماحاولتش اصمم وعشان ارجع لثقتي في نفسي تاني محتاجة وقت ومراجعة
ابتسم أدهم بجاذبية وقال: ماتقلقيش انا موجود وهساعدك فيهم وانا موافق تقدري تيجي الشركة في الوقت اللي يناسبك
ردت بإندهاش وحماسي طفولي: بجد.. يعني ينفع اجي معاك بكرا
ضحك ادهم على حماسها ثم أجاب بصوت رخيم: اكيد ينفع بس هتكوني تحت اشرافي المباشر لحد ما تعرفي كل حاجة ماشية ازاي
رجعت مرة اخري لتوترها، لأنها لم تكن تريد أن تكون معه كثيرا بسبب ما شعرت به في قربه منها، وحاولت اعتراض حيث كانت تفرك يديها في حيرة، وعيناها تنظران إلى الأرض أمامها.
همست كارمن بإرتباك: بس انا الاول كنت بشتغل مع مالك وعمر الله يرحمه.
شعر ادهم بالغيرة من حديثها، ليصحح حديثها بتريث: كنتي.. حاليا مالك مشغول بإدارة شركة المقولات وماتنسيش انه بقي نائب مجلس الادارة وبما اني مش دايما موجود فهو اللي بيتابع الشغل هناك
همست كارمن بداخلها: يعني مفيش مفر منك يا دراكولا
أومأت إليه بموافقتها في صمت، ونهضت من مكانها فنهض معها يغادروا الجناح، لتناول الإفطار مع الجميع.
في شركة "البارون ديزين"
نزل من سيارته وتوجه إلى شركته، يسير بخطواته الهادئة في شموخ نحو المصعد، ليذهب إلى الطابق الأخير.
نزل من المصعد وسار باتجاه مكتبه
دخل مكتب سكرتيرته فوقفت السكرتيره الجديده عندما دخل مباشرة، قائلة بغنج متصنع: صباح الخير يا استاذ ادهم
ضاق عينيه عليها بحدة، محدقًا في مكياجها الزائد عن حده، وملابسها التي كانت أكثر ملاءمة لتكون ملابس سهرة ليست موظفه في شركة.
تجاهلها واستمر في السير إلى مكتبه، فتبعته وهي تمشي متمايلة بكعبها العالي.
دخلت خلفه ورأته جالسًا خلف مكتبه المريح بهدوء يحدق بها بجمود، للحظة ارتبكت وإبتلعت لعابها بتوتر من نظرته الثاقبة.
هتف ادهم بصوت جهورى: انتي مين؟
_ انا ياسمين حضرتك.. السكرتيرة الجديدة مكان مها
تذكر أن سكرتيرته قدمت استقالتها منذ فترة وجيزة بسبب مشاكل في منزلها، هو لم يقتنع بهذه الحجة، لكنه وافق على استقالتها في النهاية.
ادهم بجدية: مها عرفتك طريقه الشغل ماشية ازاي ولالا
ردت ياسمين بالإيجاب: ايوه حضرتك
اردف ادهم بصوته الرخيم: تمام قولي ايه المواعيد والاجتماعات اللي عندي انهاردة ؟
فتحت دفتر المواعيد وبدأت في قراءة المواعيد بصوت رقيق للغاية، وعندما انتهت من القراءة، قالت بميوعه بينما كانت عينيها هائمه في شكله الجذاب: حضرتك تأمر بحاجة تانيه؟
اجاب بحزم وصرامة وهو ينظر اليها پحده، ويشير إلى ملابسها: اخر مرة اشوفك جاية الشركة بالقرف اللي انتي لابسه دا.. لازم تعرفي ان دي شركة محترمه مش ملهي ليلي.. اتفضلي شوفي شغلك.
ارتجفت من حدة صوته، وأومأت بصمت، وغادرت بسرعة
(ياسمين:تبلغ من العمر 27 عاما ذات جسد ممشوق متناسق وقامه طويلة، بشره برونزية، خصلاتها ناريه، واعين عسلية، تعشق المال بشدة، شخصية جريئة واستغلالية)
بعد وقت قصير في مكتب ادهم
دخل مالك إلى مكتب أدهم فور طرقه علي الباب
مالك بإبتسامة واسعه: صباح الخير يا ابو الادهيم
نظر اليه ادهم بحنق: صباح الزفت علي دماغك عملت اللي قولتلك عليه
ذهب مالك إلى الكرسي أمام المكتب وجلس أثناء حديثه
مالك بمرح: براحة يا عم اخد نفسي الاول
ادهم بنفاذ صبر: بلاش رخامة دلوقتي وانجز
مالك بجدية: ايوه طبعا ما انا جايلك اقولك ان الخبر اتنشر في كل الجرايد والمواقع اهو
أخرج الهاتف من جيبه وفتحه وسلمه إليه.
أمسك أدهم بالهاتف ورأى الأخبار تسطع على الشاشة، فظهرت علي وجهه ابتسامة ماكرة اظهرت اسنانه البيضاء، وهو يتخيل رد فعل كارمن عندما ترى هذا الخبر.
هتف مالك بعدم فهم وهو يري ابتسامة ادهم: برده انا مش فاهم انت سعيد اوي كدا ليه من نشر الخبر يعني؟
اجاب أدهم بينما يتلاعب بالقلم الذي بين أصابعه: عادي ماتنساش ان كارمن بقت نائب مجلس الادارة هنا يعني طبيعي هتيجي تشتغل معانا.. ولازم الكل يعرف انها موجودة هنا بصفتها مراتي انا.. مش ارملة اخويا وانا متأكد انها مكنتش هتوافق علي كدا.
رفع مالك حاجبيه بذهول من تفكير ادهم وقال: قصدك انك حطيتها قدام الامر الواقع !!
رد ادهم بإماءة بسيطة: بالظبط كدا.. ومن بكرا مش عايز اشوف وشك في الشركة هنا
مالك بدهشة: ليه يعني..؟
ادهم بنفاذ صبر: هتروح شركة المقولات فترة تتابع هناك بنفسك وتبعد عن هنا خالص
مالك بحنق: الله ما احنا بنتابع كل حاجة واحنا بعدين هنا هتمرمطني ليه يا مفتري
اجاب ادهم بتهكم وغيظ: عشان مدام كارمن عاوزة حضرتك تدربها علي الشغل
نظر اليه مالك بشقاوة وقد فهم تصرفه، ليقول بخبث: مش تقول كدا من الاول.. ماشي هروح.. اما نشوف لعبة القط والفار بتاعتك انت وهي دي هتوديكم فين.
حدق فيه بغموض قائلا بإصرار: هخليها تحبني يا مالك !!
خارج مكتب ادهم تحديدا في مكتب ياسمين
دخلت إلى الحمام وتتحدث في الهاتف كي لا يسمعها احد
همست ياسمين بفخر: كله تمام يا باشا انا حاليا سكرتيرة ادهم البارون شخصيا.
بتحذير.....: تمام اوعي حد يشك في حاجة والا انتي عارفه اللي هيحصلك.
ياسمين پخوف: لا ماتقلقش يا باشا انت عارفني
......: طيب واي حاجة تخص مدام كارمن توصلني فاهمه.. كل تفصيله صغيرة تسمعيها تبلغيني على طول بها
ياسمين بطاعه: حاضر يا باشا انت تأمر
.....: سلام
ياسمين: مع السلامه
نهاية الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر ( مشاعر ثائرة )..!!
ظهرًا في النادي
تجلس نادين وميرنا وتظهر علي ملامح نادين الحنق والڠضب الشديد
هتفت نادين بغيظ: ھموت من القهر يا ميرنا الباشا بقي بيقعد في البيت وبيضحك ويهزر مع الزفته كارمن طول الوقت
ميرنا بخبث: انتي بتغيري عليه يا نانو ولا ايه؟
نادين بغل: دا جوزي انا حتي لو مش متفقين سوا مش هسيبها تتهني به وبفلوسه
ميرنا بتنهيدة: قولتلك من الاول شكلها مش سهلة.. المهم انتي ماشيه علي خطتنا
نادين بتأكيد: ايوه طبعا بحطلها بإيدي الحبايه في كوباية العصير بإنتظام في مواعيدها بالظبط
قالت ميرنا بتعبير مبهم على وجهها: كويس بس لازم تلاقي طريقه تتخلصي منها بسرعه مفيش حاجة مضمونه ممكن تحمل حتى وهي بتاخد الحبوب
هتفت نادين پخوف: عندك حق انا بقيت خاېفه جدا من تغييره.. بقيت حاسة ان ممكن في اي وقت يقلب عليا لو غلطت غلطة صغيرة ويطلقني واطلع من دا كله ب ولا حاجه
ميرنا بتفكير: قوليلي ايه اخر اخبارهم مع بعض ؟
نادين بحنق وحسد: الهانم ناوية تنزل الشركة مع ادهم وتبدأ في الشغل
ميرنا بمكر: طب ماتدخلي في الليلة وتنزلي الشركة انتي كمان تشتغلي
نادين بعنجهية وغرور: مبحبش الشغل والالتزام انا بحب الخروج والسفر والشوبنج وبس
ميرنا بتهكم: لازم تعملي كدا لأن في تفكير في بالي لو نفع هتخلصي منها بسهولة
نادين بتسرع: حل ايه دا؟
ميرنا بإبتسامة خبيثة: خليني افكر الأول انتي عليكي تلاقي طريقه تقنعي بها أدهم لنزولك للشركة
نادين: اوكي
عصرًا في قصر البارون
كانت تجلس هي وحماتها ووالدتها يتثامرون في العديد من الموضوعات، لكن كارمن لم تفهم شيئًا منها.
كان تفكيرها بهذا الحلم الذي لا يريد أن يخرج من عقلها.
تفكر في تفسير هذا الحلم، وكيف استسلمت له؟ وكيف لها تحبه؟
ترفض بشدة هذا الشعور الذي تشعر به تجاهه، وستستمر في مقاومته فهي زوجة أخيه، أو بالأحرى أرملة أخيه.
وأيضًا لا تتخيل أنه سيقبلها زوجة له ، لقد تزوجها فقط من أجل وصية أخيه ومن أجل ملك، وهي تزوجته لنفس الأسباب، فلا داعي للخداع في الوهم.
انقطعت افكارها بدخول يسر وفي يديها ياسين الذي ترك يديها وركض نحو ملك التي كانت تجلس علي قدمي جدتها وبجانبها كلبها الصغير، فجلس جانبها يقبل خديها قائلا ببراءة: وحشتيني خالص يا ملك
نظرت اليه الطفلة تهمهم بكلمات متقطعه، وهي تضحك بسعادة
هتفت يسر بتعب وهي تجلس بعد ان سلمت علي الجميع: يا واد بطل شقاوة تعبتني
نظر ياسين الي امه قائلا ببساطة: ببوس ملك يا مامي دي العروسة بتاعتي
يسر بيأس: مفيش فايدة في الواد دا خلاص جنني
ياسين بتذمر: هي ليه ماما مش موافقه أن ملك تلعب معايا في الجنينه يا تيته؟
ليلي بتريث: لسه صغنونه يا حبيبي لما تكبر شوية هتلعب معاك في الجنينه حاليا العب معها هنا
ياسين ببراءة: خلاص ماشي !!
ابتسمت مريم وهي تقبل خده، فهذا الشقي يأسر الجميع بخفه ظله وبراءته
يسر بإعجاب: ايه الكل@ب الكيوت دا يا روما يجنن خالص !!
ردت كارمن بهدوء: دا هدية ادهم لملك في عيد ميلادها من وقت ماشافته مابقتش عايزة تسيبه وطول الوقت بتلاعبه
نبح الكلب الصغير علي ياسين، وهو يقف دفاعا عن ملك عندما حاول ابعاده عنها ليجلس بجانبها.
كارمن بإبتسامة: تعالي يا ياسين
ذهب ياسين إلى كارمن التي جلسته على قدميها، وقالت بنبرة هادئة: ايه يا بطل تاعب ماما ليه الولاد الشطار مش يتعبو مامتهم ويسمعو كلامها وانت شاطر صح
ياسين بعفوية: ايوه صح شاطر.. بس ماما مش عاوزاني ابوس ملك وانا بحبها وكمان الكلب دا وحش هتحبه ملك اكتر مني
ضحكت من كلماته البريئة التي جعلتها تدرك شعوره بالغيرة على ملك من الكلب، لذا حاولت أن تصلح هذا الموقف بهدوء: لا هي كمان بتحبك انت اخوها الكبير.. ولازم تخاف عليها.. ودا كلب صغير انت القوي اللي فيهم.. ولازم تعطف علي الكلب عشان ربنا يحبك صح كلامي يا بطل..
ياسين بتفكير: ايوه صح
قبلت كارمن خده وقالت بضحكة: طب يلا روح كمل لعب معهم
ذهب يجلس في مكانه بهدوء، وهو يضع الكلب علي قدميه، ويلاعبه بلطف
يسر بدهشة: والله انتي طلعتي جامدة يا روما دا انا بفضل اتحايل عليه عشان يسمع الكلام..
ثم اردفت قائلة بتذكر: اه صحيح انتي شوفتي جرايد انهاردة والسوشيال ميديا
كارمن بنفى: لا مش متابعه حصل حاجة ولا ايه؟
يسر بغمزة: ابدا يا جميل صورك انتي وادهم منوره في المواقع والجرايد
و أخرجت الهاتف من حقيبتها، وأعطتها إياه لتشاهد الأخبار على الإنترنت اڼصدمت بشدة كيف وصل خبر زواجها الي الصحافه، وكيف انتشرت بهذه السرعة ؟
لا تفهم، ولكن بهذه الطريقة تم ټدمير كل خططها التي كانت قد وضعتها لنفسها، فالامر اصبح معروفًا الان، ولن تستطيع ان تخفيه عن اي شخص في الشركة، وستظهر امامهم بصفتها زوجة ادهم البارون.
شعرت بالحرج والاحباط، وهي تتخيل كلام الناس عنها، وظلت ټشتم في سرها من كان سبب نشر هذا الخبر، وهو بالتأكيد أدهم.
بالصعيد
في غرفة زين وروان
جالسه تشاهد التلفاز، مر أسبوع على اليوم الذي أخبرها فيه أن زواجه منها كان تحت ضغط والدته، وأنه سيكون مؤقتًا، وصډمتها بعد حديثه عن خي،ـانة حبيبته.
شردت في أفكارها وهي تتذكر ما حدث بعد أن لجأتx تشكي لربها
استعادت هدوئها بعد أداء صلاتها والدعاء لربها، بأن يشعر بها ذلك الجدار الذي تزوجته، وأوكلت كل شؤونها إلى الله.
واتخذت قرارًا بأنها لن تستسلم ليأسها من كلماته المسمۏمة، فهي الآن زوجته، حتى لو كان هذا مؤقتًا كما قال، ستسعى بكل طاقتها لتجعله يشعر بحبها العميق له، هي تفهم أنه عانى من الخداع والخي،ـانة، ولاتستطيع أن تلومه، لكنها ستجعله يشعر بها وx بعشقها له من تعاملها معه.
سوف تمشي على الخطة التي رسمتها في ذهنها، وتتحمل نفوره ورفضه هذا، وألا تهزمها العقبة الأولى في حياتها معه.
نهضت بعزم، وخلعت الاسدال عنها قائلة بمرح: انا هوريك كل انواع الجنان المصري اللي علي حق يا ابن حياة
وقفت امام المرايا ترتب ملابسها، وشعرها قبل أن تغادر الغرفة وتتجه نحو السلم، وتنزل الدرج بخفة وبسرعة.
رأت والدتها وعمتها جالسين يشاهدان مسلسلهما المفضل
روان بشقاوة: مسا مسا علي احلي موزتين في الصعيد كله
اندهشت حنان من نزولها الان لتقول بحسرة: يا مراري عليكي يا بت انتي سيبتي جوزك ونزلتي ليه
روان جلست وربعت قدميها قائلة بتعبير فكاهي على ملامحها: افضل كابسه علي انفاسه من اول يوم كدا.. الراجل يطق مني يا حنون.. لازم اسيبه شوية عشان يفكر فيا ويشتاقلي
اخفضت حياة صوت التلفاز تنظر الي روان بفخر وقالت: ناصحة يا بت طالعه شاطرة لعمتك
حنان بصد@مة: وه دا بدل ماتقومي تجبيها من شعرها قليلة الحياء دي يا حياة
ضحكت حياة لتقول بمحبة: يا مري.. مقدرش دي حبيبة قلب عمتها تعالي هنا يا مرات ابني.. مالكيش صالح بيها يا حنان
نهضت روان من مكانها، وجلست بين احضانها
روان بإبتسامة: انتي اللي فهماني يا عمتي في البيت دا
حياة بسخرية: طبعا يا بت شكل امك نسيت يعني ايه رومانسيه يا حسرة عليك يا خوي
شهقت حنان تصفع على صدرها، قائلة بدلال أنثوى: فشړ دا انا وجوزي لسه شباب والله اكبرx زي السمنه علي العسل يا خيتي ومولعين الجو رومانسية
ضحكوا جميعًا بشدة، ونهضت روان قائلة بحماس: طب انا هروح بقي علي المطبخ احضر الغداء لزين بإيدي وابهروا بأعمالي المطبخية
تحدث ماجد من خلفها وهو يضحك بمرح: الحقوا جهزوا نمرة الاسعاف لزين بسرعه
روان بنزق: بعد الشړ عنه يا زوفت انت
ماجد بتصفير: الله الحب شكله ۏلع في الدرة من اول يوم
احمرت وجنتي روان خجلًا وسكتت
ردت حنان بدفاع عن ابنتها: بس يا واد يا ماجد بنتي طباخة بريمو تربيتي انا وعمتك
اخرجت روان لسانها لماجد تغيظه، وركضت مسرعة إلى المطبخ لتحضير الطعام.
بعد ان انتهت من تحضير الطعام الشهي إلى زين صعدت به الي غرفتهم.
في ذلك الوقت كان زين يأخذ حمامًا باردًا، وكان يفكر في غياب روان لأكثر من ساعتين.
ماذا تفعل الان بعد كل ما قاله لها، يشعر أنه بالغ في حديثه معها فهي زوجته وإرادته.
لماذا كان معها شديد القسۏة هكذا ؟
زفر بحنق وهو يغطى أسفل جسده بالمنشفة وخرج من الحمام، ووقف في منتصف الغرفة يجفف شعره بمنشفة اخري صغيرة.
في هذه اللحظة دخلت روان الغرفة، وهي تحمل صينية الطعام في يديها.
ضغطت علي شفتيها واحمر وجهها من الحرج، وكان قلبها يقرع كالطبول داخل ضلوعها.
أزال المنشفة عن وجهه، وأصيب بصد@مة عندما وجدها أمامه، كيف لم يشعر بدخولها؟
رآها تحدق به في ارتباك، فنظر إلى وجنتيها الملطختين باحمرار الخجل، وحركة شفتيها المرتجفة التي تعضهما بتوتر.
شعر بڼار متَأَججة في صدره، وأراد أن ېلمس تلك الشفتين المغريتين.
هذه الحمقاء لا تدرك أنها تلهب أحاسيسه بأدنى حركة منها، وهو أحمق منها، فكيف يقاوم رغ،ـبته فيها وهو الذي بعد نفسه عنها؟
احس ان دقات قلبه ستفضحه امامها فهمس بداخله: اهدا واعقل كدا ماتضعفش قدامها واثبت علي كلامك هو انت مراهق ولا ايه اللي حصلك يا غبي
أخذ نفسًا عميقًا، محاولًا أن يهدأ ويدفع هذه الأفكار من رأسه.
افاقت على صوته من إلهاءها بمنظره المهلك، وعشت مرة اخري علي شفتيها في بخجل لأنها كانت تحدق به كالبلهاء.
حاولت أن تجمع أفكارها بسرعة، ونظرت إلى صينية الطعام، وقالت ببساطة: كنت بعملك الاكل ولما خلصته طلعت علي طول
نظر زين إليها بذهول، وهو يشعر كأن دلو من الماء البارد صب على رأسه من تلك المعاملة منها التي لم يتوقعها ابدا، قائلًا بإستغراب: وليه تعبتي نفسك في ناس كتير تحت تعمل الغداء ؟
اجابت روان بعفوية، فكانت تحلم دايمًا بأن تطعمه من يديها عندما يتزوجان: لا.. دا كان زمان دلوقتي مينفعش.. لازم تاكل من ايدي انا وبس
شعر أنه كان غبيًا حقيقيًا فانها تهتم به، وهو قابل كل هذا بكسر قلبها وفي أول يوم في زواجها، لا منذ أن أصبحت خطيبته، وهو يعاملها باستخفاف ولا مبالاة.
همس زين في داخله بضيق: ياتري يا روان دا قناع براءة مزيف برده ولا انا ظلمتك واتسرعت في قسۏتي عليكي
ثم اتخذ عدة خطوات يقترب منها قائلا بمزح: ويا تري اكلك حلو ولا بتجربي فيا
اتسعت عيونها ببراءة قائلة وهي تهز رأسها برفض: لا طبعا انا بطبخ كويس اوي ودلوقتي هتذوق وتقولي رأيك وانا متأكدة انك بعدها مش هتاكل من ايد اي حد الا انا
رفع حاجبيه بإعجاب من ثقتها في نفسها، ليقول بشك: هنشوف والميه تكدب الغطاس بس انتي فطرتي اصلا ولالا
هزت رأسها بمعني لا
وقف امامها مباشرة وهو يأخذ منها صنية الطعام ويضعها علي المنضدة وقال: موافق اكل بس بشرط هتاكلي معايا
شعرت بالحرج لكنها لم تستطع الرفض حيث أراد قلبها استغلال أي فرصة للتقرب منه
هتفت بإحراج وهي تنظر الي ارضية الغرفه: حاضر بس ممكن تلبس هدومك الاول
كانت تقضم شفتيها من التوتر كعادتها، غير مدركة أنها كانت تزيد من توهج نيران ذلك الواقف أمامها أكثر.
نظر إلى جسده العاړي ثم نظر إليها بمكر مستمتعًا بخجلها البريء، ليتكلم بمكر: انا واقف كدا من ربع ساعه وبعدين فيها ايه لو اكلت وانا كدا
زاد احمرار وجنتاها أكثر من أسلوبه، وتحدثت بصوت هامس خجول: زين البس حاجة مايصحش تقعد كدا قدامي وكمان ممكن تاخد برد لو سمحت بقي
كان يفكر انها بالتأكيد لا تريد أن يمر هذا اليوم مرور الكرام، فهي لا تعرف ماذا تفعل به عندما تنطق إسمه بهذا حنان من شفتيها تعذيبه أكثر.
حاول أن يسيطر على أفكاره وهو يتوجه إلى الخزانة،ويخرج ملابسه ويتجه إلى الحمام في صمت.
و منذ ذلك الوقت وهي تخشى أن تقترب منه كثيرًا وهم بمفردهما فيقابلها بالنفور والبعد مرة أخرى، لذلك اصبحت تنام على الأريكة ليلًا وتترك له السرير، لكن عندما تستيقظ تجد نفسها على السرير وحدها، لأنه بعد يومين من زواجهما عاد إلى المستشفى بحجة العديد من الحالات الطارئه، ولا تراه إلا أثناء تناول طعام الغداء في تجمع العائلة، والوقت الذي يقضونه مع العائلة يشعرها فقط أنهم زوجين جدد.
ضحكت بخفة وهي تتذكر مشاكستها له أمام العائلة، فأحيانا تجلس بين ذراعيه او تتحدث معه بدلع، وتطعمه بيديها أمامهم، فتشعر بقشعريرة جسده بسبب لمسات يديها الناعمتين عندما تمسك بيديه.
هي نفسها تتعجب من جرأتها معه، لكن ما يطمئنها أنه لم يتجاهلها أو ينفر منها أمام الجميع علي العكس انه يتفاعل معها بشكل جيد.
همست تكلم نفسها بمرح ومكر انثوي: علي رأي سميرة سعيد لما قالت مش حتنازل عنك ابدا مهما يكوووون.. فاكر انك هتقدر تهرب من حبي ليك كتير يا زين.. ماشي اصبر عليا اما جننتك مابقاش انا روان الشناوي
في شركة كبيرة للإستيراد وتصدير
كان مراد جالسًا على كرسيه الأسود المريح، وعيناه تلمعان بشراسة وهو يقرأ هذا الخبر المنتشر على الإنترنت، ويشاهد الصورة التي جمعتهما، لكنه لم يستطع السيطرة على أعصابه أكثر من ذلك، وضړب الهاتف بقوة على الحائط، فټحطم الي اشلاء متناثرة على الأرض، وهو يتنفس پغضب.
دخل رجل عجوز إلى المكتب لكنه يتمتع ببنية قوية رغم كبر سنه والشيب يتخلل رأسه هو الحارس الخاص يدعى حاتم، لكنه ليس مجرد حارس، فهو كان الخادم المخلص لوالده، ومنذ ۏفاته وهو يساند مراد في كل ما يفعله.
حاتم وهو ينظر الي الهاتف المنثورة اشلائه علي الارض، قائلًا بقلة حيلة: وبعدين في عصبيتك الزايدة دي يا مراد مش معقولة كدا يا بني
نظر اليه مراد بعينيه الحمراء من فرط غضبه صائحًا پحقد وحنق شديد: انا سمعت كلامك ومارضتش اعمل حاجة ست شهور كاملة مع جوزها عشان المنظمة الزفت والعيون اللي مركزة معانا وقولت كويس انه م١ت لوحده لكن دلوقتي هي اتجوزت وصورهم في كل المواقع عايزني ازاي اهدا واستني
حاتم ينظر اليه بحيرة من أفعاله وقال: انا مش قادر افهم اشمعنا دي اللي مركز معاها بقالك سنه مش بتكلم عن حاجة غيرها.. مش كفايه اللي جرالك في ايطاليا عاوز تفتح ميه جبهة عليك ليه
هتف مراد پغضب وتملك: عشان عايزها انا صفيت الكلاب اللي حولو ېقتلوني بعد ماخرجت من المستشفي عشان ارجع هنا واتفرغ ليهم مش ورايا غير حاجة الا هي
حاول حاتم التحدث بهدوء لعله يستطيع اقناعه: بلاش تدخل في حرب مع العيلة دي انت عارف مركز ادهم البارون كويس في البلد لو حس انك بتراقبهم اكيد مش هيسكت
ضحك بتهكم قائلا غرور: سكرتيرة مكتبه مخدتش في ايدي ساعه واحدة وكانت مقدمة استقالتها
رفع حاتم حاجبيه متعجبًا، ليسأل بسخرية: عاوزها تعمل ايه لما تهددها بولادها يعني
هتف بإنتصار: المهم ان مكتب الزفت دا بقت كل اخباره عندي انت عارف ياسمين شاطرة وصعب حد يشك فيها
حاتم بقلق: ربنا يهديك يا بني بس عشان خطړي بلاش تجازف انت كنت بين الحياة والمoت من كام شهر
هتف مراد بتحدي: ماتقلقش يا حاتم انا مرتب لكل حاجة وفي الوقت المناسب هاخدها منه حتي لو وصلت اني اقتله
نهاية الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر ( شرارة عشق )..!
مساءًا في قصر البارون ليلًا
عند كارمن
تجلس في الجناح، وهي تحاول السيطرة على أعصابها.
إنها غاضبة جدًا من تصرف أدهم الذي جعلها تشعر رغمًا عنها بأنها ملكه وحده، وأن زواجه منها سيصبح أمرا طبيعيًا ومعروفًا، وهي لا تريد ذلك، واصرت انها ستظل في مكانها علي الأريكة حتى يأتي وتتحدث معه.
في منزل مالك البارون
خرج مالك من الحمام الملحق بجناحهم، وكان يجفف شعره بمنشفة صغيرة.
كانت يسر مستلقية على السرير، وتبدو علي ملامحها الشرود، فترك المنشفة على الكرسي المجاور له، وذهب إليها بهدوء وانحنى عليها، خطفًا قبلة صغيرة من شفتيها الكردية وقفز بجانبها على السرير.
اعتدلت هي في جلستها وسندت ظهرها على السرير.
يسر بتذمر طفولي: مش هتبطل الحركات دي يا مالك خضيتني
مرر ابهامه على طول وجهها برقة، وهو يهمس في اذنيها بصوت حنون يتغلله المرح: سلامته الجميل من الخضة
ابتسمت بعشق وخجل، فهو قادر علي تغيير مزاجها في لحظات بعبثه المحبوب لقلبها المتيم بعشقه.
مالك بغيرة محببة: انطقي بسرعة كنتي سرحانه في ايه يا بت انتي ؟
ضحكت يسر بخفه، وردت ببساطة: ابدا كنت بفكر في كارمن
مالك بغرابة: مالها كارمن !!
سندت رأسها على كتفه قائلة بخفوت: عاوزة اسألك علي حاجة ؟
مال مالك رأسه على رأسها يهمس بحب: اسألي يا عيوني
يسر بإستفهام: انت اللي نشرت خبر جوازهم في الصحف والمواقع مش كدا !!
مالك بتنهيدة: انا وأدهم.. هو كان مرتب كل حاجة.. اومال انا ليه اخدتلهم صور كتير يوم كتب كتابهم الصامت دا انتي نسيتي.
يسر بتفكير: مممم طلعتو مش ساهلين خالص يا احفاد البارون
مالك بغرور متصنع: اومال يا بنتي دا احنا جامدين اوي
يسر بحيرة: بس برده انا مش فاهمه ليه ادهم يعمل كدا !!
مالك بجدية: عشان بيحبها يا يسر
شهقت بإستنكار وهي تنظر له لتقول بعدم تصديق: انت بتهزر صح بيحبها ازاي وامتي !! هو لحق يحبها اصلا دول بقالهم اسبوع متجوزين ؟
نظر اليها قائلا بهدوء وجدية يشوبهما قليل من السخرية: هقولك ازاي.. بس عارفه لو وقعتي بلسانك الحلو دا في الكلام مع كارمن وقولتلها وقتها ادهم هيذبح جوزك وتتشردي انتي وابنك في الشوارع
هتفت بتركيز وهي تقترب منه اكثر: لا اطمن سرك في بير
مالك وهو يأخذ نفسًا عميقًا ثم اردف قائلًا: ادهم بيحب كارمن من يوم ما اشتغلت في الشركة قبل ماتجوز عمر.. بس انتي عارفه ان عمر اغلي حاجة عنده لما عرف انه بيحبها سكت وكتم في نفسه.. حياته كانت خربانه من جهة جوازته من الحيزبونه نادين وعشان موضوع انه مش بيخلف..
و الموضوع اتقفل علي كدا وبطل يتكلم فيه معايا لحد ما اتفتحت الوصية واتفتحت معها كل چروحه من تاني.. تخيلي العڈاب اللي هو فيه متجوز ارملة اخوه اللي هو اصلا بيحبها ويمنع نفسه عنها عشان ماتكرهوش وعشان هو فاهم دماغها وانها هتدخل الشركة على أنها أرملة اخوه وبس.. مش بصفتها مرات ادهم وعشان هي رفضت وقت الجواز منه انهم يعملو حفلة لو صغيرة يتعزم فيها معارفنا وأصحاب الشركات اللي ليهم شغل معانا فحطها قدام الامر الواقع.
عندما أنهى حديثه حرك عينيه عليها، فرأي دموع يسر تنساب بحزن، فمرر طرف أصابعه على وجنتها يمسح دموعها، قائلا بصوته الدافئ: الحب مش لينا اختيار فيه يا حبيبتي والا مكنش حبها هي بالذات
قالت بصوت مبحوح: انا فاهمه كلامك.. بس معني كدا ان كارمن عملت اللي في دماغها.. انا حذرتها بلاش تمنعه عنها وان دا حرام وأنها تحاول تتقبل انه بقى جوزها.. بس برده انا عذراها صعب عليها وبلاش كلنا نبقي ضدها
مالك بحيرة وحزن: مفيش في ايدنا حاجة نعملها غير اننا ندعيلهم ربنا ييسرلهم الامور ويهديهم لبعض
نعود الي قصر البارون
بعد مرور ساعتين
دخل أدهم الجناح، ليجد كارمن نائمة على الأريكة في وضع غير مريح.
ذهب في اتجاهها لإيقاظها، لكنه توقف برهة يحدق بها في صمت، ثم مال إلى الأمام، ووضع يديه على كتفها وهزها برفق.
تمتمت كارمن بشيء لم يستطيع فهمه ولم تستيقظ، لذلك انحنى عليها ماسكًا ذراعيها بلطف، ووضع يده اليسرى خلف ظهرها ويده اليمنى تحت ركبتها وهدوء وخفة حملها بين ذراعيه القويتين، وسار إلى الغرفةئ
انحنى قليلًا ووضعها على السرير بهدوء، وعندما رجع للخلف، خبطت يده المنبه الموضوع على المنضدة وسقط على الأرض، مما أحدث صوتًا مزعجًا.
فتحت عينيها وكانت الرؤية مشوشة قليلًا بسبب الإضاءة الخاڤتة للغرفة.
جلست علي السرير بفزع، وهي تفرك عينيها بطفولية: في ايه.. انت بتعمل ايه هنا ؟!!
اعتدل في وقفته بعد أن أعاد المنبه إلى مكانه قائلا بحنان: مفيش جيت من برا لاقيتك نايمة علي الكنبة جبتك تنامي هنا.
تذكرت أنها كانت تنتظره منذ مدة حتى غفت دون أن تدرك.
نهضت من السرير ووقفت أمامه، وكتفت يداها على صدرها پغضب وقد طار النعاس من عينيها
حاولت كارمن ان تتحدث بهدوء دون ان تنظر اليه: ممكن اعرف انت ليه عملت كدا ؟
ادهم بعدم فهم: بتكلمي عن ايه ؟
أجابت كارمن بصوت عالٍ تلقائيًا، رافعة عينيها إليه فقد زاد ڠضبها بسبب برودة أعصابه: يعني مش عارف !! عن الصور اللي اتنشرت والخبر اللي بقي في كل المواقع وماتقوليش معرفش لان دي الصور اللي صورها مالك يوم كتب الكتاب واكيد مش هيعمل كدا الا لو انت خليته يعمل كدا
تجاهل ادهم صوتها العالي قائلا بصوته الرخيم: وفيها ايه.. الموضوع كان هيتعرف في كل الاحوال ماتنسيش اني شخصية معروفه والصحافه بتهتم بأي خبر عننا.
كارمن بدهشة: عننا !! بس انا مش مهتمه بنشر اخباري في كل مكان وكان لازم تسألني الاول علي الاقل !!
ادهم بسؤال: وانتي كنتي هتوافقي ؟
كارمن بحدة: لا ماكنتش هوافق
رفع ادهم حاجبيه بإبتسامة جانبية فهو توقع هذه الإجابة منها ليسأل بإستفزاز: ليه !!
صاحت كارمن بتسرع واندفاع: عشان انا مرات اخوك واللي بيني وبينك مش زي اللي وصل للناس بالخبر دا
نظر إليها وفي اقل من ثانية هاجت ثورة غضبه، واصبحت عينيه لونهما أحمر كالدم من الإنفعال العصبي.
سحبها أدهم من ذراعيها بشدة لدرجة أنها اصطدمت بصدره الصلب، وأخذ يزمجر عليها پعنف مصححًا جملتها: كنتي مرات اخويا يا كارمن ودلوقتي انتي مراتي انا.. فاهمه
تأوهت كارمن من الألم وهي تحاول التملص من قبضته على ذراعيها: اه.. انت مسكني كدا ليه !! ابعد عني وسيب ايدي
لم يتأثر بمحاولتها الهروب منه، حيث أمسك بمعصمها ولفه خلف ظهرها، واسر يدها الأخرى بين صدره وأصابع راحة يده لشل حركتها الهوجاء للهروب من قبضته، واصبح وجهه أقرب إلى وجهها وأنفاسه الحارة مباشرة على بشرتها الناعمة.
متجاهلًا كلامها وهو يستأنف حديثه بالڠضب، فتلك الحمقاء جعلته يشعر بجمرة ټحرق قلبه من الغيرة التي تفاقمت بداخله لأول مرة في حياته بهذه القوة، وأخرجت غضبه الكامن عليها، فصك على أسنانه پعنف حتى اصدرت صوتًا مخيفا قائلا بفحيح: مش معني اني سايبك تتأقلمي علي الوضع اللي احنا بقينا فيه وتتقبليه برضاكي ومخليكي قاعدة في الاوضة لوحدك.. اني مش هاجي في يوم واطالبك بحقوقي فيكي يا مدام
شعرت كارمن بإندفاع الحرارة الي وجنتيها، واجتاح جسدها قشعريرة لتلامس اجسادهم مسببة دغدغة لذيذة في معدتها، وبنبض قلبها ارتفع من قربه المهلك منها وتحوله المخيف هذا.
لقد بدأ ېخونها قلبها واصبحت تشعر بإضطرابه الغريب عندما يقترب منها، لكنها قاومت هذا الشعور الذي يغتال قلبها رغما عنها وتحدثت بصوت متحشرج من توتر وإحراج: بس انت وافقت ان جوازنا يفضل علي الورق وكل حد فينا يكون في حاله
كان يلهث من فرط غضبه وبدأ يهدأ قليلًا، وحررها من أسر قبضته على معصمعها، لكنه أبقى يدها الأخرى في يده رفعًا سبابته، ليحذرها قائلًا بإصرار: وانا لسه عند كلمتي ومقربتش منك.. بس دا مش معناه ان الوضع دا هيستمر كتير واياكي تنسي انك علي ذمتي انا دلوقتي
ثم اردف بصوت منفعل: ومش هسمحلك تجيبي سيرة راجل تاني علي لسانك حتي لو كان اخويا فهمتي
لم تستطيع اخراج صوتها، وأعصابها اصبحت مخدرة من قربه منها، فهزت رأسها بصمت، ليبتعد عنها ويغادر الغرفة بخطوات سريعة صافعًا الباب خلفه.
جلست على طرف السرير، تضع يديها على قلبها تحاول تهدئة دقاته، وصدي كلمات ادهم ترن في اذنيها.
كانت شديدة الخجل من نفسها، لأنها عاملته هذه الفظاظة، وهي تعرف السبب جيدًا، فهي كانت تحاول إنكار شعورها هذا الصباح عندما اقترب منها في صالة الألعاب الرياضية.
تريد التحدث إلى شخص ما، وإخباره بما تشعر به حتى يتمكن من إخبارها بأنها على حق، لكنها لا تستطيع إخبار والدتها لأنها تعلم أنها ستلومها بأن ما تفعله الآن خطأ فادح.
أدهم زوجها أمام الله وبمشيئة أخيه الذي كان زوجها المشكلة معها هي، لا يمكنها أن تقبل ذلك بسهولة وليست مستعده له.
في منزل الحج عبدالرحمن الشناوي
دخل زين الغرفة المظلمة نوعًا ما، ومرت عينيه حيث تنام روان كعادتها على الكنبة، فقلب عينيه بالملل من تكرار ذلك المشهد خلال الأسبوع الماضي.
من الواضح أنها عنيدة جدًا لأنها تعلم أنه سيجعلها تنام علي الفراش في النهاية.
منذ اسبوع
لقد اڼصدم عندما رآها تذهب إلى الأريكة وتتركه وحده في السرير، فڠضب بشدة وكاد أن ينهرها، لكنه تمكن من كبت غضبه، وهمس بداخله يوبخ نفسه: عاوزها تعمل ايه يا غبي بعد كلامك السم اللي قولته اتخمد بقي واسكت.
بعد فترة كان لا يزال مستيقظًا، لم يستطع النوم وهو يفكر بها، لذلك نهض من السرير وسار نحوها بهدوء، ولاحظ تنفسها المنتظم، فعرف أنها قد نامت.
رفعها برفق شديد واتجه إلى السرير، ووضعها بهدوء عليه، واستلقى بجوارها متأملًا بإبتسامة صغيرة ملامحها البريئة، وخدودها الناعمة المحمرة وأنفها الصغير.
حرك عينيه بلهفة على شفتيها التي زمتهم، بينما كانت نائمة بعفوية جعلته يتوق إلى أن يلمسها بشفتيه، لكنه لم يرغب في إيقاظها.
بقي على هذا الوضع لبضع دقائق حتى غفى بجانبها.
استيقظ مبكرًا مقررًا الذهاب للعمل هربًا من شعوره بالشوق الذي كان يسيطر عليه في قربها منه.
لكن هذا زاد من شغفه بها، فلم يستطيع التركيز جيدا في عمله، وهي ايضا لم تقصر في تشتيت انتباهه بمن حوله، حينما تقترب منه أثناء اجتماعهم مع العائلة، ولا ينكر سعادته بهذه الأفعال منها،
لكن هذا يجعل السيطرة على نفسه معها أكثر صعوبة.
تنهد بحرارة من كم المشاعر الجياشة التي تفرض سيطرتها عليه رغمًا عنه، وأخذ يحادث نفسه بحيرة: ناوية تعملي فيا ايه تاني يا بنت الشناوي ؟
نهاية الفصل الثامن عشرالفصل التاسع عشر ( إحساس جميل ) مزيج العشق
صباح يوم جديد
في قصر البارون
استيقظ أدهم منزعجًا من هذا الصوت،
جلس على الأريكة يفرك عينيه محاولًا التركيز لمعرفة هذا الصوت، الذي لم يكن سوى بكاء ملك يأتي من داخل غرفته.
متأكد ان كارمن جعلتها تنام معها.
تذكر ذلك الشجار الأخير بينهما، فمنذ 3 أيام وهو يتجاهلها ولم يتحدث معها.
لا يعرف السبب
هل نادم على انفلات اعصابه عليها أم لا يزال غاضبًا منها ومن نفسه؟
تنهد بضيق وهو يرفع الغطاء عنه، ونهض يسير إلى باب الغرفة.
فتح الباب بهدوء ليرى كارمن تنام بعمق، ويبدو على وجهها الإرهاق، وكانت جالسة بجانبها ملك تبكي لأن والدتها لا تستجب لنداءها.
لكن عندما وجدته يتجه نحوها توقفت تمامًا عن البكاء.
نظرت إليه بعيونها الخضراء الصافية التي ورثتها عن والدها، ثم مدت يديها إلى الأعلى، كأنها تطلب منه أن يحملها.
مد أدهم يديه إليها، ورفعها إلى ذراعيه، وابتسم لها بعذوبة، يالله كم يعشق هذه الصغيرة.
وضعت ملك رأسها على كتفه، فارتبك قليلا لانه لا يجيد التعامل مع الأطفال وحده، فبدأ يمشي بها في الغرفة يلاطفها، لكنها بدأت تبكي مرة أخرى.
كان في حيرة من أمره، فخطړ بباله فكرة استخدمها مع ياسين عندما كان في عمرها تقريبا، وهي أن يقفزه في الهواء ويمسكه مرة ثانية بين ذراعيه.
بدأ في رفعها بالهواء يلاعبها، فأحبت ملك هذه الحركة كثيرًا، وبدأت بالصړاخ والضحك بشدة، وهو يضحك علي ضحكاتها المسرورة.
انزعجت كارمن من هذا الصړاخ، ففتحت عينيها تبحث عن مصدر الصوت، حتى سقطت نظرتها المتعبة على طفلتها يحملها ادهم، ويطيرها في الهواء وكانت سعيدة وتضحك بشدة، وكان يقف وظهره لها.
أغمضت عينيها مرة أخرى، فهي كانت متعبة ولم تنم جيدًا الأيام الماضيه بسبب تفكيرها المستمر، لكن لحظة هل رأت أدهم يقف في الغرفة حقا ؟
فتحت كارمن عينيها علي مصراعيها، تنظر إليهما بدهشة وفم مفتوح ببلاهة، ثم قفزت من مكانها، وهي تنهض علي الارض وكادت ان تتعثر قدميها.
انزلت عينيها تمررها علي جسمها، ورأت أنها تقف في ثوب النوم القصير أمام أدهم.
عادت إلى السرير بسرعة وغطت نفسها، وتحدثت بعصبية من منظرها المحرج امامه وقد حل النعاس تمامًا من عينيها: انت بتعمل ايه هنا ؟
توقف عن اللعب مع الصغيرة يضعها علي الارض بجانب العبها، ورفع وجهه لها فوقعت عينيه التي إلتمعت بشئ غريب مسلطه عليها بإمعان،
اعتدل في وقفته وهو يضع يديه بجيوب سرواله، ويحاول التحكم في نفسه بسبب مظهرها الخاطف للانفاس، ثم نظر لها بهدوء وشوق برع في اخفاءه.
هنا فقط ادركت انه يقف امامها عاري الصدر، فإبتلعت لعبها بتوتر.
اجاب ادهم بصوته الرخيم: البنت كانت بټعيط وصوتها اللي صحاني فجيت اشوف مالها
رمشت كارمن بعينيها في دهشة، وهي تشير اليه قائلة بإستنكار: وازاي تقف قدامي بمنظرك اللي شبه طرزان دا !!
ضحك علي كلامها قائلا بسخرية: المفروض اكون لابس بدلة وانا نايم يعني وبعدين هي اول مرة تشوفيني كدا !!
احمرت خجلا من كلماته الوقحة وصاحت بتذكر طفولي: لو سمحت ماتتريقش علي كلامي
ابتسم بمكر مشاكس وهو يشير بسبابته عليها: بدل ما تقولي عني انا طرزان.. شوفي نفسك الاول وانتي منكوشة وشبه العفاريت كدا.. انا دلوقتي عرفت ليه مش عاوزاني انام معاكي في اوضة واحده.. اكيد خاېفه عليا من الخضه.
فتحت عينيها علي وسعهم من حديثه،
انحصرت انفاسه داخل رئته واحس بأن قلبه يتوق لها بشده، وهي بهذا الشكل.
نظرت كارمن له، لتراه يركز عينيه علي فتحة الصدر بثوبها، فراحت تغطي نفسها مرة اخري.
تهدج صوت كارمن بإرتباك: مم ممكن تطلع برا لو سمحت عشان اقوم ؟
ادهم بمكر: ما تقومي حد حايشك ؟
كارمن بإستياء: هقوم ازاي وانت وقفلي كدا !!
ادهم بإبتسامة جانبية: مش فاهم يعني وفيها ايه !!
احمرت وجنتيها قائلة بخجل: فيها ايه ازاي مايصحش تشوفني كدا؟
ادهم بجدية: علي فكرة انا جوزك لو ناسية وعادي جدا اشوفك في اي وضع
هتفت كارمن بحماقه وتسرع: لا طبعا انت اجننت.. انت جوزي علي الورق وبس دا كان اتفقنا ومش هيتغير.. ومش من حقك تشوفني بقميص النوم
انها تستفزه بشدة وتعزف على أوتار غضبه بشكل احترافي.
رفع إحدى حاجبيه بصرامة وحدة: خدي بالك من كلامك يا كارمن وافهمي اني لو عايز جوازنا يبقا حقيقي هيحصل ودلوقتي ولا نسيتي كلامي الأخير ليكي احسنلك بلاش تستفزيني وتخرجي اسوء ما فيا عليكي
هبت كارمن من فوق السرير، وهي تسحب روبها لترتديه وتغلقه بإحكام، ثم نظرت إليه بحنق وڠضب، وهي تضع يديها بخصرها قائلة بتحدي: وانا مش لعبة في ايدك تحركها زي ما انت عايز وتقرر بمزاجك يبقا حقيقي ولالا
وجدته يقترب منها ببطئ، فتراجعت خطوات قليلة للوراء تلقائيًا.
فجأة امسكها من معصمها بقوة المتها وسحبها اليه، هامسًا ببطئ ويشدد علي كلماته وهو يقترب من وجهها للغاية: قولتلك خدي بالك من كلامك معايا.. انا مش زي عمر مابعرفش اتعامل مع شغل الدلع دا
ضغطت كارمن على شفتيها من الألم.،وحاولت الهروب من قبضته والفرار بعيدًا، لكنه لم يتركها.
تناست الألم واجابت بغيظ من عجرفته المعتادة معها: ومش ممكن هتبقي زيه ابدا.. عارف انا شايفاك ازاي ؟ بارد ومعندكش احساس وحديد ومش بتحس
زم شفتيه بقسۏة حتى ساروا في خط مستقيم، محاولًا السيطرة على غضبه وغيرته من كلامها الفخور عن رجل غيره حتى لو كان شقيقه الراحل.
هدر أدهم فيها بحدة وكبرياء: ميهمنيش نظرتك فيا وانا دلوقتي جوزك مش عمر لازم تحترمي دا وتقبليه ڠصب عنك
اتسعت عينيها بشدة وهي تتذكر شيئًا ما، واسرعت تضع يدها الأخري علي شفتيه، لتهمس پخوف على الفور: وطي صوتك ملك جنبنا.. انت نسيت ممكن تتفزع من صوتك العالي دا
اما هو فنسي ما كان يفكر به، ويقوله منذ لحظات عندما لمست اناملها شفتيه، وارخي قبضته علي معصمها تلقائيًا.
كانت مندهشة من صمته، حيث توقعت المزيد من الڠضب منه، رفعت عينيها الزرقاء إليه لتجد نفسها قريبة جدًا منه، والغريب أن هذا أعجبها، فقد رأت عينيه الزرقاوتين لأول مرة بهذا اللون الصافي،
و ليست قاتمه كالمعتاد.
لا تعرف كم بقيت في هذا الوضع، رمشت بعينيها واحمر خديها خجلًا، ثم خفضت يديها ببطء من علي شفتيه، وهي تشعر بحرج شديد.
فجأة هتفت ملك بصوت طفولي لطيف للغاية: بابا العب معايا
ذهلت كارمن بصوت ابنتها التي نطقت بهذه الكلمة لأول مرة.
نظرت إلى طفلتها، ورأتها توجه عينيها إلى أدهم الذي لم يكن في حال أفضل منها، ولكنه شعر بإحساس جميل جدا، فهذه الطفله تناديه بكلمة أبي التي أراد أن يسمعها منذ سنوات.
لكنه لا يعرف هل هو سعيد أم حزين، لأن هذه الكلمة كانت من نصيب لأخيه وليس هو!!
هل ستتقبل كارمن هذا ام ستغضب اكثر ؟
كانت هذه الأفكار تعصف بذهنه.
نظرت اليه ببلاهة قائلة بخفوت: انت سمعتها صح !!
هز أدهم رأسه اليها بصمت، ونظراته لا تزال علي الصغيرة التي تشير إليه لكي يأتي لها.
شعرت بالفوضى التى تحدث داخله، لذا همست له بتلقائية: هي بتحبك ومتعلقه بيك يا ادهم وانت تستاهل تناديلك ببابا.. محدش فعلا هيحميها ويحبها قدك
نظر إليها بمشاعر كثيرة لم يستطع ترجمتها أو التعبير عنها، ليقول بتردد: يعني مش زعلانه انها بتناديلي بابا يا كارمن
ابتلعت لعابها وهى تفكر في اجابة ثم قالت بحيرة: مش عارفه يا ادهم بصراحة القدر دا غريب اوي بس كل اللي بيحصل دا بإرادة ربنا مانقدرش نعترض ولا نسأل عن السبب.
ابتسم لها ابتسامة جذابة خطفت قلبها الذي اشتاق إليه كثيرا في الأيام الماضية.
أرادت تغيير مسار الحديث هربًا من ثورة مشاعرها، سألت بإبتسامه عذبة: هو انا ممكن ابدأ شغل انهاردة يا ادهم
ادهم بهدوء: اكيد تقدري.. جهزي نفسك والبسي وانا هستناكي تحت نفطر ونروح مع بعض
كارمن بحماس: ماشي
ذهبت إلى ابنتها، وهي تحملها من الأرض، وتدخل حمامها وتغلق الباب خلفها وهي تشعر بسعادة عارمة لا تفسير لها.
في مكان اخر بداخل القصر
تحديدا في جناح نادين
أغلقت الهاتف مع عشيقها الذي اصبحت تتردد علي زيارته كثيرًا في الفترة الأخيرة، فهو دائمًا يشبع غرورها ويجعلها تشعر بأنوثتها بكلماته الحلوة.
كانت سعيدة جدًا، حيث لاحظت منذ 3 أيام أن أدهم لا يوجه أي حديث لكارمن، وهم يجلسون على مائدة الطعام، وكأنهم يتجاهلون بعضهم البعض، ومن المؤكد أن هناك شجارًا بينهم، وهذا ما شجعها على التحدث إليه أمس عندما عاد من عمله ليلًا، وتوجه مباشرة إلى مكتبه في الطابق السفلي.
قطع رنين الهاتف أفكارها لتجد أن ميرنا تتصل، فأجابت بحبور: هلووو يا نونا
ميرنا: هلو يا حبي.. اخبارك ايه
نادين: تمام جدا
ميرنا: خير شكلك فرحانه
نادين: فوق ماتتخيلي
ميرنا: خير ايه اللي حصل
نادين بشماته: شكلهم لسه مټخانقين سوا ومش بيكلمو بعض تقريبا.. وادهم مابقاش يقعد في البيت كتير وفي خبر كمان
ميرنا بفضول: قولي
نادين بنبرة حماسية: امبارح انتهزت فرصه انه لوحده في المكتب ودخلت اتكلمت معاه وقولتله انا زهقانه من النادي والبيت وعايزة اشتغل في الشركة واسلي وقتي بحاجة مفيدة
ميرنا بتصفير: اه يا جامدة وبعدين
نادين بضحكة: يعني في الاول كان رافض ومش مقتنع بس لما اصريت وافق والمفروض انزل معه انهاردة
ميرنا بسؤال: وهتشتغلي ايه في الشركة
نادين بلا اهتمام: معرفش لحد دلوقتي بس ماتنسيش اني ادارة اعمال يعني هبقي في منصب مهم اكيد والأهم تكون عيني عليهم وبكدا هعرف انفذ خطتنا ومن موقع الأحداث كمان
ميرنا بتملق: اووووبا طلعتي مش سهلة يا نانو
نادين پحقد: اكيد مش هسيبلها الفرصة تستحوذ علي كل حاجة وانا اطلع من غير ولا حاجة
ميرنا بهدوء: تمام وابقي بلغيني بالاخبار
نادين: اوكي هسيبك بقي وانزل افطر معهم يلا باي
ميرنا: باي يا حبي
عند كارمن
نزلت الدرج بحذر، وهي تحمل طفلتها بين ذراعيها، وكانت ترتدي الكعب العالي، ثم دخلت غرفة الطعام، ورأت الجميع يتناولون وجبة الإفطار، فألقت تحية الصباح بهدوء، وتوجهت إلى مكانها المعتاد، بعد أن أعطت ابنتها لجدتها.
جلست تبتسم بخجل عندما لاحظت أن أدهم يحدق بها، وهو يحتسي القهوة بهدوء.
قالت مريم بدهشة: اتأخرتي ليه يا حبيبتي علي الفطار ؟
اردفت وهي تنظر إلى ما ترتديه كارمن بإعجاب: وايه الشياكة دي كلها.. انتي خارجة ؟
اجابت بعفوية: اتفقت انا وادهم اني هنزل انهاردة الشركة معه
تحدثت نادين التي تتابع الموقف منذ البداية في صمت، لتشتعل عيناها بالحقد من مشاهدة نظرات الإعجاب من أدهم إلى كارمن.
شعرت بالغيرة تكاد ټقتلها بسبب براءة ملامح كارمن التي لا تضع مكياج، ومع ذلك تتألق جمالًا.
نادين بغيظ ودهشة متصنعة: معقولة انا كمان هنزل شغلي الجديد مع ادهم انهاردة
ليلي بسخرية: ويا تري هتشتغلي ايه في الشركة !! هو انتي عندك خبرة في الشغل!!
كانت كارمن أيضًا متفاجئة جدًا، فمنذ متي كانت نادين مهتمة بالعمل، ونظرت إلى أدهم الذي تحدث بهدوء: هتدرب في قسم التسويق تحت اشراف مدير القسم
هتفت نادين بغرور: نعم!! ازاي كدا يا ادهم انا مرات صاحب الشركة يعني علي الاقل ابقي انا مديرة القسم
ابتسم ادهم اليها بتهكم: ومدير القسم الحالي يروح فين.. انتي ماشتغلتيش بشهادتك قبل كدا يا نادين َعندكيش خبرة يعني لازم تبدأي من الاول..
ثم نظر لكارمن مردفًا: ونفس الكلام ليكي
نظرت إليه كارمن باستنكار، وواصل حديثه بجدية: لازم فترة تدريب انتي بقالك سنين ماتعرفيش حاجة عن الشغل وتدريبك معايا زي ما اتفقنا لحد ما انا نفسي اشوف انك جاهزة تستلمي منصب نائب مجلس الادارة
حدقت كارمن في الطبق أمامها دون أن ترد وتهمس بداخلها: بدأ الديكتاتور اللي جواك يبان يا دراكولا..
انا متأكدة انك هتخليني الطم بالنحوي.. هبقي معاه علي طول ازاي دا انا متوترة من دلوقتي ربنا يستر
نهاية الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون ( للحب علامات ) مزيج العشق
في شركة البارون ديزين
دخل أدهم الشركة بخطواته الواثقة إلى الشركة،
و تسير بجانبيه كارمن ونادين التي كانت على وجهها ابتسامة متعجرفة من النظرات الإعجاب التي لاحظتها من الموظفين.
أما كارمن فقد كانت خائڤة عندما دخلت إلى الشركة، لم يكن هناك فرق كبير منذ آخر مرة كانت فيها هنا، لكنها كانت حينها زوجة عمر، والآن تدخلها كزوجة لصاحب الشركة وشقيق زوجها الراحل.
تمشي وهي مرتبكة قليلًا، ولم تشعر بنظرات بعض الناس الذين يحدقون بها بازدراء، وبعضهم بفضول والبعض الآخر بإعجاب.
خرجت من دوامة افكارها متفاجئة عندما شبك ادهم أصابعه بأصابعها وهو يضغط عليها برفق، وكأنه يرسل رسالة صامتة بأنه بجانبها، لكنه لم يقصد ذلك بشكل تام لأنه كان يشعر بالغيرة تتوقد في داخله من نظرات الموظفين لها.
نظر إليهم بنظرة ثاقبة يعرفونها جيدًا، فإنتبه الجميع يواصلون عملهم وهم في حالة اضطراب وخوف من غضبه.
وصلوا إلى المصعد، فتكلم أدهم بهدوء موجهًا حديثه لنادين عندما وقفت موظفة أمامهم تلقي تحية الصباح بإحترام: الانسة هتوصلك لقسم التسويق يا نادين.. روحي معها
مطت نادين شفتيها بتعالي وغادرت معها، تمشي بغطرسة، وتتنفس پغضب، لم يكن هذا ما كانت تخطط له، لكن لا بأس، ستجد طريقة لإصلاح الأمور وضړب هدفها بالإحتراف.
أما أدهم فدخل إلى المصعد مع كارمن
ابتسم بخفة وهو يلاحظ توترها المفرط، اما هي فبدأت تقرأ القرآن في صمت لتجلب الهدوء في نفسها.
ادهم بإبتسامة حانية: ليه كل التوتر دا !! اهدي شوية
كارمن بخجل: هو باين عليا اني متوترة اوي كدا
ادهم بخبث: واضح اوي من ايدك المتلجة
لاحظت أنه لا يزال يمسك يديها بيديه، وهو يربت عليها بحنان، ويقول بصوت دافئ: انا معاكي خطوة بخطوة في كل حاجة اتفقنا
هزت رأسها بصمت، وابتسامة جميلة على شفتيها، وخرجوا من المصعد معًا، فجأة توقفت للحظة، فاندهش هو من توقفها المفاجئ: وقفتي ليه ؟
كارمن بتساءل: هو انا هيبقي مكتبي فين ؟
ادهم بهدوء: مؤقتا هتقعدي في مكتبي لو تحبي او في مكتب السكرتيرة لحد ما اجهزلك مكتبك
كارمن بدهشة: طيب ليه ما اخدش مكتب عمر !!
اجاب بثبات كأنه توقع منها هذا السؤال: لإني طلبت تجديد المكتب بالكامل وماتنسيش انك في فترة تدريب.. لما تبقي جاهزة هتستلمي مكتبك
نفخت في حنق، فهو لديه إجابة على جميع الأسئلة، واستمرت في المشي بجانبه بهدوء.
في الصعيد بمنزل الحج عبدالرحمن الشناوي
بعد الإفطار، تجلس روان مع والدتها وعمتها وهم يتحدثان بعد أن غادر الجميع للعمل
حنان بعبوس: الواد ماجد اتوحشتو اوي يا خيتي حاسه ان البيت هادي قوي
حياة بتأييد: عندك حق هو دايما عامل حس للبيت ربنا يحميه.. بس يعني هي اول مرة يسافر يا حنان وبعدين ما انتي كلمتيه امبارح واطمنتي عليه
حنان بقلق: مش عارفه ليه حاسه ان في حاجة مخبيها عننا خصوصا بعد اجتماعاته هو وابوه الكتير في الايام اللي فاتت
روان بمزح: خاېفه لا يكون متجوز عليكي في مصر يا حنون ولا ايه
حنان بغيظ: انكتمي يا بت بلاه الحديث الماسخ ديه
روان بجدية: انتي شغله بالك كدا ليه يا ماما.. ماجد مش صغير اكيد عنده سبب وهنعرفه في الوقت المناسب
حياة بهدوء: عندها حق البت خلاص يا حنان بلاش تقلقي نفسك علي الفاضي مش قالك انه راجع انهارده !!
حنان بإصرار: ايوه وهعرف منه اول مايرجع ايه اللي بيحصل من ورانا
ضحكت روان قائلة بمرح: امي دي طالما حطت حاجة في دماغها مش هترتاح غير لما تجيب قرارها
حياة بإبتسامة حنونة: سيبك منها المهم عاملة ايه مع جوزك يا بنتي مش ناويين تسافرو كام يوم قبل دراستك ما تبدأ
حاولت اخفاء حزنها وردت بهدوء: الحمدلله يا عمتي احنا تمام بس مش هنلحق فاضل ايام قليلة ولازم اجهز نفسي
ظهرًا في شركة البارون
نظرت إلى المنظر الجميل أمامها من نافذة مكتب أدهم، ثم نظرت إلى ساعتها بملل.
مرت ساعة منذ أن تركها أدهم في مكتبه مع مجموعة أوراق لمراجعتها ليتمكن هو من حضور الاجتماع، لكنها ضجرت من الانتظار.
بدأت تفكر في الحرباء الجالسة بالخارج التي تدعى ياسمين منذ أن عرفها عليها بأنها زوجته، وهي تتصرف بدلالxزائد أمامها معه، لم تعجبها تحركاتها أو طريقة حديثها هذه مع أدهم، كما أنها كانت تتحدث عن مواعيده اليوم بطريقة ناعمة ورقة فائقه اثارت غيرتها بشدة.
زفرت غاضبة من نفسها بسبب أفكارها الحمقاء، ودار حوار بينها وبين نفسها
كارمن: انا ايه اللي بفكر فيه دا من امتي ودا تفكيري اصلا.. اكيد دا من التوتر بتاع اول يوم شغل
النفس: شغل ايه يا كارمن انتي صحيح كنتي خاېفه من الشغل بس بعد ما طمنك ادهم راح قلقك منه.. بس ياتري ايه سبب غيرتك من السكرتيرة اللي برا دي ؟
كارمن: ايه الهبل دا انا هغير عليه ليه؟
النفس: يمكن بتحبيه مثلا.. الغيرة دايما دليل علي الحب.. ليه استفزتك اوي البت دي بدلعها المايع عليه وايه تفسيرك لما بيكون قريب منك قلبك مابيبطلش دق؟
كارمن بتعب: انا اكيد اجننت ايه اللي بقوله دا مينفعش احبه مش هستحمل افقده هو كمان
استغفرت ربها وهي تنهدت بحزن، وفجأة خطرت على بالها صديقتها التي تعمل في الشركة هنا، واتجهت خارج المكتب في محاولة للهروب من مشاعرها.
في شركة مراد
يجلس بهدوء ويتفحص الأوراق أمامه.
سمع رنين الهاتف فأجاب بمجرد أن رأي الرقم
مراد ببرود: ها ايه الأخبار عندك يا ياسمين في جديد
همست ياسمين بهدوء وهي تقف في حمام المكتب فهي خشيت ان يسمعها احد بالخارج: ايوه يا باشا مدام كارمن جت الشركة انهاردة مع ادهم بيه
مراد بإهتمام: وبعدين
ياسمين: ابدا هو راح يحضر اجتماع وهي قعدة في مكتبه
مراد: تمام تابعي كل حاجة بتحصل عندك وبلغيني فورًا واي فرصة توقع بينهم تستغليها زي مافهمتك
ياسمين بطاعه: امرك يا باشا
يغلق الهاتف وهو يفكر أنه يجب أن يقابلها وتراه، فيكفي اللعب من خلف الستار، ربما يستطيع أن يسيطر على عقلها ويجعلها تترك أدهم دون الدخول في صراعات لا داعي لها.
في مكتب السكرتارية
خرجت كارمن من مكتب أدهم، ومرت بجانب ياسمين التي خرجت من الحمام للتو وهي تعدل ملابسها.
توقفت لبرهة ثم الټفت إليها وقالت بهدوء: انا هعدي علي صديقة ليا موجودة هنا في الشركة لو اتأخرت وادهم رجع قبلي بلغيه بكلامي
ياسمين بخبث: تمام يا فندم هبلغه
نعود الي منزل الحج عبدالرحمن
دلف جمال الي الصالة الكبيرة
( جمال: الابن الوحيد لشقيق حنان، شاب يبلغ من العمر 24 عامًا، لا يفعل أي شيء سوى إنفاق المال والتحدث مع الفتيات عبر الإنترنت، لا يحب العمل كثيرًا، يتميز بخفة ظله وكان معجب بروان، لكنه يعلم انها تراه اخًا لها فقط، وجهه وسيم إلى حد ما، وعيناه بنيتان، ومتوسط الطول، وجسمه رياضي )
فغطت روان رأسها بالحجاب وقامت من مقعدها لترحيب به..
جمال: مساء الخير والهنا
الجميع: مساء النور
حنان: كيفك يا ولدي ؟
جمال: بخير يا عمتي تسلمي
روان: اخبارك ايه يا جمال؟
جمال: تمام انتي عامله ايه ؟ وفين ماجد لسه مرجعش من مصر
روان: لا لسه هيراجع بليل أن شاء الله
جمال: يجي بالسلامة يارب
الجميع: امين يارب
نهضت حياة بعد قليل قائلة بحنو: اعمل حسابك هتتغدي معانا يا ولدي كلها شوي ويجي عمك بدر وزين من المستشفي
جمال بإبتسامة: امرك يا خالة وحشني الاكل من ايدك
نهضت ايضا حنان: بالإذن احنا هنروح نحضر الغداء وانتي خليكي هنا يا روان مع ابن خالك ولما يجي ابوكي اديني خبر
اومأت روان بالموافقه
تحدث جمال وهو يحاول فتح مجال للحديث معها: جامعتك هتبدأ امتي ؟
روان بتنهيدة: بعد اسبوع
جمال بتودد: بالتوفيق يا رورو ولو محتاجة مساعدة انا موجود
ابتسمت روان قائلة بمزح: تساعدني في ايه يا فاشل انت ناسي الملاحق اللي كنت بتطلع بها كل سنه
جمال بحدة مزيفة: عيب يا بت بطلي لسانك الطويل دا
فأخرجت اليه لسانها تغيظه بعناد طفولي، وانفجروا ضحكًا تزامنا مع دخول زين الذي إشتعلت عيناه غضبًا، وشعر بڼار الغيرة ټحرق قلبه وهو يراها تضحك مع هذا الشخص البغيض.
في الشركة عند كارمن
وصلت القسم الذي تعمل فيه صديقتها، بعد أن استفسرت عن مكانها من الاستقبال، وعندما دخلت التفتت إليها كل الأنظار بدهشة وتفحص، فشعرت بقليل من الاحراج والخجل.
أنقذها صوت صديقتها التي هتفت بإسمها في ذهول وفرحة، ونهضت تمشى نحوها، واحتضنتها بحب، وردت كارمن عناقها بالمثل.
ليلي بسرور: كارمن يا بنت اللذينا وحشتيني اوي
كارمن برقة: وانتي كمان والله يا ليلي
تحدثت ليلي بعتاب مازحة: كدا يا واطية كل دا ماتسأليش عني خالص
كارمن بإحراج: معلش يا حبيبتي.. انا عارفه اني مقصرة معاكي سامحيني.. قوليلي اخبارك ايه ؟
ليلي بود: سيبك مني انا.. انتي اللي اخبارك ايه؟
لازم تحكيلي كل حاجة بالتفصيل تعالي
جلسو معًا بعيدا عن الموظفين
كارمن بإستغراب: هما بيبصولي كدا ليه؟
ضحكت ليلي بخفة قائلة بهمس: اصلك حديث الشركة انهاردة الكل تقريبا بيكلم عنك انتي ومرات ادهم بيه
كارمن بفضول: بيقولو ايه!!
ليلي: مستغربين وجودها بالشركة في لأول مرة ومستغربين اكتر انك ضرتها وجاية معها كدا عادي.. عارفه انا كنت عايزة اطلع اسلم عليكي بس خۏفت من ادهم بيه
كارمن: لا عادي يا ريت تطلعي وتونسيني انا دماغي اتمسحت تماما من الشغل قرأت شوية اوراق صدعت ومليت شكلي اخدت علي قعدة البيت
ليلي بضحكة: لا ماتقوليش كدا فين كارمن النشيطة بتاعت زمان.. قوليلي لسه بتفصلي هدومك بنفسك بماكينة الخياطة
ضحكت كارمن برقه: لا بطلت من وقت ما خلفت وتقريبا كل وقتي مع بنتي
ليلي: يومين تلاته هنا في الشركة وهيرجع حماسك وترجعي تبدعي زي زمن
كارمن بتنهيدة: ربنا يسهل.. بجد كنت محتاجة اتكلم مع حد وانتي جتيلي من السما
ليلي بحب: اكيد.. لسه اصلا لينا قعدة طويلة عشان افهم ازاي بقيتي مرات ادهم البارون هرتب يوم الاجازة ونتقابل
كارمن بإبتسامة رائعة: تمام حبيبتي
وأخذها الحديث مع صديقتها ومضى الوقت بسرعة
نهاية الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون ( نيران الغيرة ) مزيج العشق
في منزل الحج عبدالرحمن
هتف زين بصوت جهوري:x السلام عليكم
توجهت نظرات روان وجمال الي زين الواقف بثبات امامهم، لكن ملامح وجهه وتكور قبضته بعصبيه يعكسون مدي حنقه الداخلي، فالغيرة ڼار والقلب حطب، فإن لمست قلبك الغيرة، فإعلم أنه سيحرق: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حاول التحكم في غضبه جالسًا بجانب روان على الأريكة، ثم رفع ذراعيه ووضع يديه على كتفها وعصره بشده دون وعي منه.
ارتفع نبض قلبها من فعلته، وأنذهلت من قبضته القوية على كتفها، لكنها رغم ذلك الالم كانت سعيدة جدًا بقربه منها.
حسنا، فلا جديد في علاقتهما الزوجية، لكنها لا تنكر فرحتها باهتمامه بها وكل ما يتعلق بأمورها
تخدرت قليلًا من رائحة عطره الذي استنشقته، والذي سحبها إلى عالم وردي، ولم تلحظ النظرات الحاړقة والحړب الباردة بين زين وجمال.
عادت للواقع على صوت والدتها وهي تتحدث معها
روان بإنتباه: نعم بتقولي حاجة يا ماما؟
حنان بإستغراب: وه بقالي ساعه بكلم يا بنتي.. قومي مع جوزك يغير هدومه.. وانزلو بسرعه عشان نتغدي.. ابوكي وصل وقاعد مع جدك في المندرة
روان: حاضر
رأت يد زين ممدودة إليها، فنهضت واضعة يديها في يده، فأمسك بيديها برفق وصعدت معه إلى الطابق العلوي.
نعود الي الشركة
أنهى أدهم الاجتماع ودخل المكتب، فرأى ياسمين تتفحص الأوراق بهدوء أمامها، أو بتعبير أدق، متظاهرة بالقراءة.
تحدثت ياسمين برقه: استاذ ادهم علي فكرة المدام خرجت من شوية
الټفت إليها متفاجئًا بكلامها قائلًا بصوته الرخيم: ماقالتش رايحة فين؟
ياسمين بكذب: لا يا فندم
ادهم: تمام
تركها ليدخل المكتب
عند زين وروان
دخلوا الغرفة معًا، فتركت يديه وذهبت إلى الخزانة، تبحث له عن ملابس مريحة، فهي اصبحت تهتم بكل مايخصه وهذا جعل مكانتها في قلبه تزداد اكثر.
تجعد حاجباها بدهشة عندما شعرت أنه يقف خلفها مباشرة، ويحجب الضوء عنها بطول قامته.
لذا تحركت للالتفات إليه، لكنها لم تستطع فعل ذلك لأنه كان قريبًا جدًا منها، وشعرت أن ظهرها أصبح ملصقا لعضلات صدره تماما.
انحنى زين، وهو يهمس بجانب أذنيها بصوت أجش بسبب انفعاله الشديد، وغضبه الذي استمر بكتمه في الأسفل.
زين بفحيح: كنتي بتضحكي مع اللي اسمه جمال دا ليه؟
صدمت من حركته وشعرت بحرارة جسده تشع في جسدها، لم تستطع الرد عليه لأنه كان قريبًا جدًا منها، لكنها حاولت إخراج صوتها
روان بهمس متقطع: احم.. احنا.. كنا...
لم يفهم كلامها، فأدارها إليه
هرب منها الكلام
رمشت روان عدة مرات بتوتر والخجل يغلفها، وهي تقف أمامه ويحصرها بينه وبين الخزانة بعد أن رفع ذراعيه، وسندهما على الخزانة حتى أصبحت محاطة بجسده من الجانبين.
تمتم زين بخشونه: كنتو ايه؟!
هل يمزح، كيف يتوقع منها أن تتحدث عندما تكون في هذا الموقف؟
وضع إصبعه تحت ذقنها ورفع وجهها إليه، فحدقت في عينيه بشرود، وهو في انتظار ردها.
همست روان بعقل غائب: عادي.. كنا بنضحك
قرب وجهه اليها اكثر، فلم يعد يفصل بينهما مسافة تذكر، وأنفاسه الحارة اختلطت مع انفاسها وتلفح بشرتها بإث،ـارة.
زين جز علي اسنانه بغيرة: مافيش حاجة اسمها عادي.. انا مش عايزك تضحكي معه تاني مفهوم كلامي
شعرت بفرح كبير في داخلها عندما انتبهت لنبرة الغيرة في صوته، لذلك أرادت الاستفادة من الموقف قليلًا، ولكنها لم تفكر في العواقب.
تمتمت قائلة بمشاكسة وبراءة: ليه يعني دا زي اخويا ؟
زين بحزم: انتي مالكيش اخوات غير ماجد وبس
ابتسمت له بإستفزاز: لا ليا
نظر زين إليها بحاجب مرفوع، فواصلت حديثها بإندفاع: انت.. مش دا كان كلامك ليا في اول جوازنا اننا هنعيش اخوات واحنا فعلا زي الاخوات اهو.. يبقي جمال كمان اخويا زيك
أغمضت عينيها بخدر أثر على جسمها بالكامل من عڼف قبلته وحركة يديه على خصرها، ولم تعد قادرة على الوقوف على قدميها، فرفعت يديها المرتجفه من المشاعر المفرطة التي تختبرها للمرة الأولي في حياتها، ممسكة بكتفيه تتثبت به في محاولة مجارته
همست بإسمه في استسلام وسط : زين؟
نظر في عينيها وهو يتنفس بعمق من فرط انفعاله: خلاص كدا عرفتي الفرق بين جوزك واخوكي ولا اكمل عشان تتأكدي أكتر
احمرت خجلًا من كلماته الجريئة، وحاولت التركيز بصعوبة، وهي تهمس في اضطراب واضح: الغداء يا زين هنتأخر عليهم
همس زين بمراوغة: اخ نسيت خالص الغداء دا.. بس احنا ممكن ماننزلش ونطنش.. هما هيفهمو السبب
أنهى كلماته بغمزة لها بعينه
تمتمت في ارتباك وهي تكاد تذوب من قربه المهلك منها، وأنفاسه الحارة التي أشعلت جسدها بحرارة لذيذة وتمنت البقاء معه أيضًا،
لكنها همست بالعكس، فهذه المرة ليست مناسبة حقًا، فالجميع منتظرين في الأسفل: ماينفعش يا زين كدا لازم ننزل
همس زين بإبتسامة امام شفتيها: طول ما انتي بتنطقي اسمي بالطريقه دي ماطلبيش مني اني اسيبك واسمعي كلامي احسن
وضعت روان يديها على صدره، في محاولة دفعه بعيدًا، ونظرت إليه في رجاء ترمش بعيونها واسعة: خلينا ننزل نتغدي الاول وبعدين نتكلم عشان خطړي
توتر جسده عندما لمست صدره، فأمسك بإحدى يديه كفها الصغير الذي تضعه على صدره
تنهد زين بقلة حيلة قائلا بإبتسامة ساحرة، وقرص طرف انفها برفق: ماشي بس اوعي تضحكي للي اسمه جمال دا تاني
ضحكت روان بخفة سعيدة كثيرا بتغييره معها وقربه منها وغيرته عليها، ثم أومأت برأسها دليل علي موافقتها.
في البداية لم يعرف سبب شعوره بالقهر والڠضب من حديث جمال عن روان أمامه، لكن الأمر أصبح واضحًا الآن، فكما يقال، إذا وجدت نفسك تشعر بالغيرة علي شخص ما، تفقد مشاعرك جيدًا، قد تكون في حالة حب وانت لا تعلم.
والآن أصبح واثقًا أن الشعور الذي يكمن بداخله هو عشق وحب كبير جدًا، فهو لا يطيق تحمل رؤيتها تمزح مع أي شخص، ولا يريد ان يفقد السيطرة علي نفسه ويجرح مشاعرها، فالغيرة ڼار ټحرق من يشعر بها وټحرق الحبيب أيضًا، انه يريد ابتسامتها الرائعة أن تكون بسببه وهو فقط.
رغم ما حدث له في تجربته السابقة بالحب، وتعرضه للخيا،ـنة وانعدام الأمان الذي شعر به في ذلك الوقت، لكن منذ أن تزوج روان وقد تغيرت كل مفاهيمه عن الحب.
لقد داوت تلك الطفلة جراح قلبه وروحه ببراءتها ونقاوتها وصبرها، وكذلك حبها الواضح في كل تصرفاتها، وقريبًا ستصبح زوجته فعليا.
لكنه قبل ذلك يجب عليه أن يصلح ما أفسده معها في بداية علاقتهما معًا، فهو يعلم أنه أساء إليها برفضه، ولا يستطيع المطالبة بحقوقه الزوجية معها الآن دون أن يعترف لها بمشاعره تجاهها أولًا، رغم انه يتوق شوقا اليها.
بعد مرور ساعه في مكتب ادهم
وقف أمام النافذة ينفس الدخان پغضب، فهذه من عاداته السيئة عند التوتر ېدخن السچائر، ولكن ليس كثيرًا للحفاظ علي لياقة جسده وصحته.
سمع قرعًا خافتًا على الباب، فأذن بالدخول دون ان يكلف نفسه للإلتفات
كارمن بنبرة ناعمة: مساء الخير
عندما سمع صوتها استدار، لينظر إليها قائلًا بحدة لم تفهم سببها: كنتي فين كل دا يا مدام؟
اجابت كارمن بتلقائية: انا كنت في مكتب وحدة صحبتي هنا بالشركة
اندفع أدهم نحوها ووقف أمامها، قائلا بصوت جهوري: بلاش كڈب يا كارمن.. صحبتك مين اللي بتشتغل هنا في الشركة وانتي بقالك سنين سايبة الشركة
استغربت كارمن كثيرا من غضبه الغير مبرر وصوته المرتفع، لكنها استشاطت ڠضبا من هجومه واتهامه لها بأنها كاذبة.
هتفت كارمن بحدة: ايه الطريقه اللي بتكلمني بها دي.. كأني مذنبة واقفه قدامك؟
ادهم بنفاذ صبر: لما اسألك سؤال تردي بإجابة واضحة بلاش اسلوب خدوهم بالصوت دا معايا
تحدثت كارمن بذهول حقيقي من غضبه، ولكنها لا تدري أن الغيرة هي العدسة التي تكبر الأشياء الصغيرة، ثم بدأت تلوح بيديها بدهشة: انت مكبر الموضوع ليه كدا.. انا زهقت من القعدة لوحدي وافتكرت ان في ليا صديقه بتشتغل هنا.. كانت معايا بالكلية روحت اسلم عليها
نظر أدهم إلى ساعته ثم إليها قائلًا بجدية: انا مخلص اجتماع من ساعه تقريبا كل دا بتسلمي عليها
اردف بغيظ: ودا مكان شغل مش نادي تقابلي فيه صحابك وحتي لو حصل وهتروحي اي مكان تبلغيني او علي الاقل سيبي خبر للسكرتيرة
فركت كارمن يديها معًا في حرج مثل طفلة صغيرة وقالت بصوت منخفض: عندك حق هو مكان شغل.. بس انا لسه مش متعودة وبصراحة الكلام اخدنا محستش بالوقت..
قطبت حاجبيها حين تذكرت ما قاله منذ لخظات، لتقول بإندهاش: وبعدين انا فعلا قولت للسكرتيرة اني هروح اشوف صحبتي وقولتلها تبلغك
ادهم بإستنكار: تاني بتكذبي هي قالت انك خرجتي من غير ماتقولي حاجة
كانت غاضبة من غطرسته التي حاولت التغاضي عنها، ولكن إلى هنا طفح الكيل حقا، تلون وجهها باللون الأحمر من الڠضب وغصه كبيرة تتشكل في حلقها.
رفعت سبابتها أمامه بتحذير قائلة بصوت عالٍ: علي فكرة انا مش محتاجة ابررلك اي حاجة.. ومش هسمحلك تقول عني كذابه يا ادهم فاهم.. واظن شركة كبيرة زي دي اكيد فيها كاميرات في كل مكان.. ابقي اتأكد بنفسك قبل ماتتهم الناس بالباطل.. عن اذنك
التقطت حقيبتها من علي الأريكة، وغادرت مكتبه والشركة بأكملها
خرجت من الشركة مخټنقة بالعبرات، هي لم تفعل له شيئا، فلماذا هو غاضب جدا منها ؟
الأن لا تعرف كيف ستصل إلى المنزل، لقد جاءت بسيارته
أرادت عبور الشارع، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة، نظرت إليها وهي تشهق في ذعر وأغمضت عينيها، وهي تستعد لإرتطامها بها.
نهاية الفصل الواحد وعشرون
الفصل الثاني والعشرون ( حاډث مدبر ) مزيج العشق
أرادت عبور الشارع، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة.
نظرت إليها وهي تشهق في ذعر وأغمضت عينيها، تستعد لإرتطامها بها.
قبل ذلك بساعتين
في مكتب مراد
بعد أن أغلق الهاتف مع ياسمين، ظل يفكر في طريقة سريعة يمكنه من خلالها مقابلتها.
بعد عدة لحظات، سمع رنين هاتفه مرة أخرى، وكان المتصل أيضًا ياسمين
اجاب مراد بضجر: ايوه يا ياسمين في ايه؟
ياسمين:..........
استمع مراد الي ماتقوله بإنتباه ثم هتف بتساؤل وهو يجعد بين حاجبيه: متأكدة من ان اللي عملتيه دا هيعمل مشكلة بينهم؟
ياسمين:...........
حك ذقنه بتفكير: تمام اقفلي دلوقتي وتابعي اللي بيحصل وبلغيني
اغلق معها وقد خطرت له فكرة متهورة، وسرعان ما التقط هاتفه مرة أخرى متصلًا برقم الحارس الذي يراقب كارمن باستمرار
مراد بتساؤل: ايوه يا حمدي انت فين
اجاب حمدي مسرعًا: قدام شركة البارون يا باشا مدام كارمن موجودة جوا
تحدث مراد بعد ان تنفس بعمق: تمام اسمع اللي هقوله ونفذه بالحرف...
حمدي بإذعان لكلام سيده: اوامرك يا باشا
مراد بتحذير شرس: اوعي يحصل غلطة ولو صغيرة يا حمدي.. عيلتك هتكون ثمنها فاهم
هتف حمدي برضوخ لأنه يخافه بشدة ويعرف أنه يمكن أن يؤذيه بسهولة: مفهوم كل اللي طلبته هيتنفذ يا باشا
أغلق مراد الهاتف ونهض يضع في جيبه الخلفي ثم إلتقط سترته من خلف مقعده، وتوجه إلى باب المكتب وخرج من الشركة، وهرع إلى سيارته يقودها متوجها إلى شركة البارون.
عند مراد بعد فترة وجيزة
وصل إلى الشارع الذي تتواجد فيه الشركة، وظل جالسًا في سيارته يتابع مدخل الشركة بتركيز.
بعد دقائق قليلة سمع رنين هاتفه فأجاب على الفور.
مراد: ايوه يا ياسمين.. حصلت حاجة عندك ؟
ياسمين بثرثرة: مدام كارمن خرجت من المكتب معها شطنتها وشكلهم فعلا اتخانقوا وهي خارجة من الشركة دلوقتي يا باشا
مراد بسأم: خلاص سلام
انهي مكالمته معها ثم اتصل بحمدي...
مراد بسرعه: حمدي ركز كويس كارمن هتخرج دلوقتي تنفذ اللي قولتو.. واياك يحصلها حاجة
أومأ حمدي بطاعة كأنه يقف امامه: تحت امرك يا باشا
أغلق الهاتف ونزل من سيارته، ووقف علي الرصيف وظهره للشركة حتى لا يلاحظه أحد.
في هذا الوقت، خرجت كارمن من الشركة على عجل وأرادت عبور الشارع، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة.
نظرت إليها في ذعر والډماء تهرب من جسدها، وتتصلب قدميها في الأرض.
تشعر انها لا تستطيع التحرك فأغمضت عينيها بقوة، وهي تستعد لإرتطامها بها.
شعرت فجأة بيد تمتد من خلفها تشد ذراعيها، لتسحبها إلى الخلف بسرعة وبقوة، وتصطدم في صدره القاسې.
مرت بضعة لحظات مبهمة قبل ان تدرك أنها بين ذراعي شخص ما.
فتحت عينيها وهي ترفع وجهها إلى ذلك الشخص الطويل الذي تراه لأول مرة.
في مكتب ادهم
بعد أن ركضت للخارج من أمامه پغضب، استمر هو في توبيخ نفسه لقسوته تجاهها.
نفخ بسخط من نفسه وتوجه إلى مكتبه، ثم قام بتشغيل جهاز الحاسوب ليرى ما حدث في مكتب السكرتيرة أثناء الاجتماع.
لكن شيئًا ما في الكاميرات لفت انتباهه، اتسعت عيناه في صد@مة شديدة وخوف حقيقي لأول مرة يشعر به، وركض من المكتب والشركة بأكملها في هلع.
عند كارمن
رمشت بعينيها عدة مرات، لتستعيد تركيزها وأدركت أنها في أحضان شخص غريب، فصبغت خديها بحمرة الخجل، وخرجت من حضنه ثم تنحنحت بحرج وهي تمسح دموعها، وقلبها يكاد ان يتوقف من شدة دقاته بعد أن أحست بالمoت الذي كان قريبًا جدًا منها.
تمتمت كارمن بصوت خاڤت ونظرتها موجهة للأرض: احم انا....
قاطع أدهم بصياحه كلماتها: كارمن...
استدارت ورأت أدهم يندفع نحوها بخطوات واسعه اقرب الي الركض، وعندما وصل إلى مكانها بتلقائية شدها بين ذراعيه وعانقها بقوة وخوف شديد، وكاد قلبه أن يتوقف عن النبض من الهلع عليها، وفي نفسه يحمد الله على انها لم تصاب بمكروه.
أما بالنسبة لها، فقد كانت متفاجئة للغاية من تصرفه، لكنها شعرت بدفء يسري في جسدها، وهي تجرب عناقه لأول مرة.
تمسكت كارمن به بقوة وأغمضت عينيها، وهي تسمع نبضات قلبه السريعه بداخل ضلوعه، ثم اخذت تتنفس بهدوء هي بحاجة إليه الآن، ولا تستطيع وصف الاحساس بالأمان الذي شعرت به داخل ذراعيه في هذه اللحظة، رغم أنها كادت أن تفقد حياتها، وهو السبب.
أخذ نفسًا عميقًا قبل ان يخرجها من حضنه ممسكًا وجهها بيديه، راغبًا في طمأنينة قلبه عليها.
تكلم بسرعه وهو يتفحصها جيدًا بعينيه: انتي كويسة.. حصلك حاجة.. في حاجة بټوجعك.. اخدك علي المستشفي
اجابت بهمس مؤكدة: مافيش داعي.. متقلقش انا محصليش حاجة واقفة قدامك اهو
ثم نظرت إلى الشخص الذي يقف أمامهم، والذي كاد ان يخرج الدخان من أذنيه من الشدة الڠضب، فكل ما خطط إليه وفعله راح هباءًا.
كارمن بإبتسامة مرتجفة ونبرة امتنان: انا متشكرة لحضرتك جدا علي اللي عملته.. لولالك انا كان زماني مoت
كان مراد مسحورا تمامًا بابتسامتها البريئة وبأسلوبها الرقيق للغاية، حيث شعر لأول مرة بضربات قلبه تنبض في صدره بتلك القوة منذ وقت طويل قبل ۏفاة أعز الناس إليه.
توجهت نظرات أدهم الثاقبة إلى الشخص الواقف أمامهم، والذي لم ينتبه إلى وجوده بسبب شدة توتره.
شعر أدهم بالغيرة الجارفه تتوقد في قلبه بقوة من ابتسامة كارمن، وكلماتها المعبرة عن شكرها لذلك الوسيم، وما زاد جنون غضبه اكثر رده علي كلماتها، ونظرات الإعجاب اللامعه في عينيه بوضوح اليها،
و بحركة تلقائية منه وضع ذراعه علي كتفيها من الجنب، واحتضنها إليه بتملك، فما هي الغيرة إلا مجموعة من التصرفات الغريبة والأحاسيس المشتعله التي تظهر على الإنسان من دون أن يتحكم بها.
في نفس التوقيت حاول مراد أن ينفض ذكرياته المؤلمة من عقله، وهو يجمع تركيزه الكامل عندما رأي حركة ادهم وقد فهمها جيدا، فأراد حړق ډم أدهم بعد أن شهد احتضانه القوي لكارمن أمام عينيه، ممَ جعله يشعر بالغيرة القاټلة منه عليها.
انفرجت شفتي مراد بإبتسامة جذابة جدا قائلا بصدق يشوبه المكر: بعد الشړ عنك.. مافيش داعي للشكر وحمدلله علي سلامتك يا انسة
تحدث ادهم بنبرة باردة كالصقيع وهو يشدد علي كلماته: لا اكيد الشكر واجب.. متشكر جدا علي انقاذك حياة مراتي يا استاذ
نظر مراد اليه بحاجب مرفوع يتصنع الدهشة قائلا بمكر: مراتك.. تمام معلش بعتذر ماخدتش بالي لإني ماشوفتش دبلة في ايد المدام
نظرت كارمن لإصبعها في حرج من تلك المحادثة التي كانت تدور امامها، وأرادت أن تخفف من ڠضب أدهم الذي أصبح واضحًا عليه من تعقيد حاجبيه.
همست كارمن بكذب وهي تبتسم بتوتر: ايوه فعلا اصلي انا نسيت الدبلة في البيت.. متشكرة لحضرتك مرة تانية
تجاهل أدهم هذا الحديث من ذلك الدخيل أمامه، فوجه حديثه لكارمن قائلا بجدية: ماشوفتيش العربية اللي كانت هتخبطك ؟
هزت رأسها بمعني لا
تدخل مراد في الحديث بثقة: معتقدش ان الغلطة من صاحب العربية لان المدام كانت بتعدي الشارع وهي بټعيط اكيد ماوقفش عشان مايحطش نفسه في مشكلة
ثم واصل حديثه قائلا: المهم انها بخير واني لحقتها في الوقت المناسب..
ثم اردف بثقة عالية في النفس وهو يمد يده إلى ادهم: انا مراد عزمي اتشرفت بيك
مد ادهم يده اليه قائلا بفتور: ادهم البارون.. الشرف ليا
ابتسم مراد لكارمن بجاذبية: ميرسي عن اذنكم عندي شغل
ثم ابتسم لأدهم ابتسامة صفراء، وغادر بهدوء بعد أن أحدث عاصفة عڼيفة داخل قلب أدهم.
ادهم بهدوء مفتعل: يلا بينا
نظرت اليه كارمن بدهشة: هنروح فين؟
تحدث أدهم وهو يرفع أطراف أصابعه بلطف، ويزيح خصلة من شعرها سقطت على عينيها: هنروح البيت عشان تستريحي بعد اللي حصل
أثارها لمسه اللطيف على وجهها ونبرته الحنونه، وكان قلبها لا يزال ينبض بعد عناقه الدافئ لها
كارمن بخجل: طيب وشغلك ؟
ابتسم ادهم قائلا بحنو: مش ورايا حاجة مهمه.. انتي متأكدة انك مش حاسة بۏجع ممكن نروح المستشفي نطمن
كانت سعيدة بداخلها لأنه ېخاف عليها، لكنها لم تنس ما فعله بها منذ قليل، فأجابت بهدوء وهي تبتعد عن ذراعه: انا تمام يلا نروح
كان يعلم أنها لا تزال غاضبة مما فعله معها، فسار معها إلى السيارة وركب بجانبها في صمت.
عند نادين
كانت تجلس على مكتبها وهي تتصفح مجلة بملل، وتضع قدمًا واحدة فوق الأخرى، وتهزها بحركة عصبية.
أضاء هاتفها الموجود على المكتب أمامها بإستلام رسالة.
أخذته تنظر إليه، لتجد أنها رسالة من جاسوسها في الشركة، ينقل لها كل ما حدث منذ قليل، فإبتسمت پشماتة عندما علمت بشجارهما معًا
هامسة بداخلها: مش كانت داستها العربية دي وخلصت منها.. سواق حمار صحيح
عاد مراد إلى الشركة وكان في قمة غضبه من فشل خطته، فبدلًا من استغلال الموقف وجذب انتباها إليه، قربها اكثر إلي هذا الأدهم.
أثناء ذهابه إلى مكتبه إلتقى بحاتم في الممر.
توقف عن المشي عندما صاح حاتم متسائلًا: كنت فين يا مراد؟
اجاب مراد پغضب مكتوم: كنت في مشوار في حاجة حصلت وانا مش موجود
رد حاتم بدهشة من تقلباته الكثيرة هذه الفترة: ايوه طبعا العميل تبع المناقصة الجديدة مستنيك من بدري في مكتبك
زم شفتيه وهو يضرب جبهته بتذكر: اخ.. انا نسيت ميعاده خالص
رفع حاتم حاجبيه قائلا بحيرة: وايه اللي خلاك تنسي.. دي اول مرة تنسي حاجة في الشغل
قص عليه مراد ماحدث معه قبل قليل
هتف حاتم بعدم تصديق وهو يخبط كف علي كف: انت اجننت رسمي يا مراد.. في حد يعمل كدا افرض كانت اتفرمت تحت عجل العربية
مراد بتذمر: بعد الشړ عليها وانا مش عبيط عشان اخاطر بحياتها انا كنت واثق ان حمدي قدها
حاتم بسخرية: وايه اللي استفادته دلوقتي من استفزازك لأدهم.. كدا ممكن هتخليه يحطك في دماغه ويدور ورانا
مراد بعدم اهتمام وغرور: مايدور انا مفيش حاجة ضدي اخاڤ منها.. المهم انا هروح اشوف العميل.. بعدين نتكلم.. سلام
حاتم بعجز: ربنا يهديك يا ابني ويكفيك شړ دماغك
نهاية الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون ( ثورة قلب ) مزيج العشق
حل المساء سريعا
في الصعيد بداخل منزل الحج عبدالرحمن
كان الجميع جالسين في الصالة الكبيرة ومعهم الحاج عبد الرحمن
بعد فترة وجيزة دخل ماجد الصالة يهتف عاليا: مساء الفل عليكم.. وحشتوووني جدا
رد عليه الجميع: مساء النور
صاحت حنان وهي تنهض من على كرسيها، وتعانقه بشوق: حمدالله علي سلامتك يا ولدي
رد ماجد وهو قبل يديها ورأسها بحب: الله يسلمك يا ست الكل
ذهب إلى جده يقبل يديه باحترام، ثم سلم على الجميع.
جلس بجانب والده الذي ربت على قدميه، قائلا بهدوء: طمني.. عملت ايه يا ماجد ؟
ماجد بتعب: اصبر عليا بس يا حج اخد نفسي وهقول كل حاجة
زين بإستفسار: ايه الحكاية يا ماجد !
ماجد بشرح: هحكيلكم من الاول.. من كام يوم قرأت علي النت خبر عن جواز رجل اعمال مهم في مصر.. وكانت اسم الزوجة كارمن الشناوي
نظر إليه الجميع بصد@مة في صمت، بإستثناء والده الذي يعلم بكل ما يحدث
كان اول من تكلم هو الحج عبدالرحمن بذهول: قصدك كارمن بنت ابني يا ماجد ؟
اومأ ماجد مؤكدا حديثه: ايوه يا جدي هي.. انا سافرت مخصوص مصر واتأكدت بمساعدة ناس حبايبنا هناك.. انا قولت لأبويا لما قرأت اسمها وهو ماحبش يقولك الا لما نتأكد الاول
الحج عبدالرحمن بلهفة: وعملت ايه في مصر يا ولدي قبلتها
ماجد بتوضيح: لا طبعا يا جدي انا بس روحت شوفت شركة جوزها وكمان عرفت عنوان بيتهم
تدخل بدر في الحديث: انا قولتلو يا بوي انه مايتصرفش واصل ويرجع علي طول.. انا وهو وزين بعد يومين هنسافر ونقابلها كلنا ان شاء الله
ابتسم الحج عبدالرحمن بفرحة: الحمد والشكر ليك يارب بسرعه يا بدر عاوزها تكون هنا في اقرب وقت
بدر: كل اللي انت عايزو هيحصل يا بوي ماتقلقش من حاجة
اردف ماجد حديثه قائلا بتذكر: علي فكرة يا جدي ام كارمن عايشة معاها في بيت جوزها.. اللي عرفته انها كانت متجوزه اخوه وعندها بنت منه ومن فترة اټوفي في حاډثه واتجوزت بعدها ادهم البارون اخوه وعايشين كلهم في بيت واحد
نظر الحج عبد الرحمن الي بدر قائلا: طيب اسمع يا بدر عاوزك تقنع امها انها تيجي معها انا عايز اشوفها هي كمان
بدر بطاعة: امرك يا ابوي
ثم نظر الي زين قائلا بإبتسامة: معلش يا ولدي هنعطلك عن شغلك لكن الامر ضروري
زين بإحترام: تحت امرك يا خالي.. الاجازة مقدور عليها هكون جاهز في الميعاد ان شاء الله
كان الأمر غريبًا وممتعًا للجميع، حيث أن العائلة على وشك استقبال حفيدة جديدة لأول مرة، سوف يراها الجميع.
في قصر البارون
صعدت كارمن إلى الجناح بعد أن تعشت مع والدتها وحماتها في الطابق السفلي وتركت ملك معهم، فهي اصبحت تنام يومًا مع ليلي ويومًا مع مريم، وهم سعداء جدًا بذلك.
احمرت خجلًا عندما تذكرت تلميحاتهم بأنها لا تزال في أيام زواجها الأولى، وتحتاج إلى وقت خاص مع زوجها.
ابتسمت بسخرية علي حالها، ماذا لو عرفوا حقيقة معيشتهم معًا، فمن المؤكد أنهم سيصابون بجلطة دماغية من الصد@مة ؟
كيف سيصدقون أن رجلًا وامرأة متزوجان منذ أسابيع قليلة، والزوج لم يقترب من زوجته حتى الآن وينام بعيدا عنها ايضا ؟
فهي نفسها لا تدري من أين أتى بكل هذا الثبات الانفعالي أمامها!
هل يراها غير مٹيرة ولا جميلة ام انه يحب نادين،
ولكن كيف وهي لا ترى اي تواصل بينهم الا في أضيق الحدود.
كما لم يحضر أدهم العشاء هذا المساء، فمنذ أن وصلها إلى المنزل وتناول الغداء معهم، خرج ولم يأت حتى الآن، ولا تعرف شيئًا عن نادين أيضًا منذ ان عادت من الشركة اختفت بغرفتها، ولم تظهر مجددا طوال اليوم.
دخلت الغرفة وتوجهت مباشرة إلى الحمام، لتأخذ حمامًا طويلًا وتعيد النشاط لجسدها، بعد ما عانته اليوم من توتر وإرهاق جسدي ونفسي.
جلست في حوض الاستحمام، تغلق عينيها وتريح جسدها به، اخترق عقلها لحظة اقتراب السيارة منها، التي كانت على وشك الاصطدام بها، كم شعرت بالخۏف الشديد في ذلك الوقت وقلبها لا يزال ينبض پعنف عندما تتذكر هذا المشهد، ف مؤكد إن فكرة اقتراب الم،ـوت منك هي لحظة صعبة للغاية.
تذكرت ايضا عناق أدهم لها، وكم شعرت بالدفء والأمان بين ذراعيه.
بدأت تتحدث مع نفسها پغضب ويأس، ودوامة الأفكار في رأسها لا تتوقف: ايه اللي انا بفكر فيه دا.. معقولة عشان حضڼي بس يتلخبط حالي كدا.. ازاي انا ممكن اكون اتعلقت به في الفترة البسيطة دي !! ازاي اصلا افكر فيه وهو مش بيثق في كلامي ولا بيصدقني..!!! وانا ليه قلبي مابيطلش دق لما بفكر فيه او يكون قدامي !! مش عارفه ياربي ؟ بس لا من بعد ما چرح كرامتي الصبح انا مش هسكتلو بعد كدا.. بقي انا يكذبني ويصدق سكرتيرة مايعه زي دي...
فتحت عينيها وهزت رأسها پغضب من أفكارها الحمقاء، لا ينبغي لها أبدًا أن تقع في حب شخص متعجرف ومستبد مثله، رغم انها تعترف أنه احيانا يكون لطيفًا وحنونًا معها، لكنها لا تفهم شخصيته الغامضة، وهذا يثير سخطها بشدة.
أنهت حمامها، ثم خرجت إلى غرفة تبديل الملابس وارتدت ثوب نوم أبيض طويل مكشوف الكتفين، واسدلت شعرها الناعم على كتفها بعد أن جففته، ورشت القليل من العطر على رقبتها.
نظرت إلى نفسها في المرآة بإحباط.
هل حقا لا يراها جميلة، حتى لو لم تفهم مشاعرها تجاهه الي الآن، لكنها في النهاية أنثى تريد زوجها يراها فاتنة في عينيه ويمدحها أيضا، حتى لو منعته من لمسها، فهي تعلم أنه إذا أراد يمكنه ذلك، فهل يعني ذلك أنه لا يرغب بها.
هل الي الان يراها ارملة اخيه فقط، لكن كيف هي انتبهت الي عصبيته وقت ذكرها امامه اسم عمر وشعرت بغيرته، وهي في قرارة قلبها تعترف بأنها تريده زوجًا لها.
لقد تعلقت به، ولكن كيف تبدأ في الاقتراب منه، لا بالتأكيد لن تفعل ذلك، كما أن كرامتها تمنعها من ذلك بعد أن شعرت أنه لا يثق بها، وستحاول بكل قدرتها ان تكتم الشعور الذي تولد بداخلها اتجه.
عند روان وزين
تجلس روان على السرير مربعة قدميها، وتضع يديها على خدها بضجر في انتظار خروج زين، الذي دخل لتغيير ملابسه في الحمام، وطلب منها انتظاره.
خرج زين من الحمام، وهو يجفف وجهه بمنشفة صغيرة.
ارتسمت ابتسامة علي شفتيه بسبب شكلها اللطيف أمامه
ذهب وجلس على حافة السرير بجانبها، يقرص طرف أنفها برفق، قائلًا بمرح: الجميل قاعد مكشر كدا ليه؟
حركت وجهها بعيدًا عن يديه وهي تقول بضحكة: بطل مش بحب الحركة دي
ضحك زين معها قائلا بمشاكسة: كنت بعملها فيكي وانتي صغيرة ولا نسيتي
شاركته الضحك مؤكدة بمرح ممزوج بالغيظ: لا فاكرة ولو مالحقتش مناخيري منك كان زمانها بقت قد مناخير البلياتشو
اڼفجر من الضحك علي تشبيها بشدة، سرحت في افتتان بضحكته الرائعة التي لا تراها كثيرًا، ولاحظ هو سرحانها به.
نظر اليها بمكر وهو يتلاعب بحاجبيه، ثم هتف بغرور شديد: عارف اني حلو علي فكرة
اغتاظت روان من غطرسته واجابت بنفس الغطرسة، وهي تمرر أصابعها في شعرها الطويل، وتقوس شفتيها بإغراء غير مقصود: مش انت لوحدك اللي حلو.. انا كمان حلوة برده علي فكرة
حدق زين بشرود في حركة شفتيها التي تستفزه إلى التهامها، فرفع إبهامه، ومرره فوق شفتيها السفلية برقة وبطء، مما جعل الډم يرتفع إلى وجهها من لمسته.
خفضت وجهها الي الاسفل بخجل، فاقترب منها بوجهه، ووضع أصابعه تحت ذقنها، ورفع وجهها إليه، وركز عينيه على شفتيها المغريتين، وهمس بصوت عميق بجانب اذنيها: غلط حلوة اوي مش حلوة بس
أغمضت روان عينيها تتنفس بقوة، وهي تشعر بأنفاسه تلفح بشرتها وتشعل بها لهب لذيذ، فأخذت ترتجف من لمساته وكلماته العذبة التي نقلتها إلى عالم وردي، حيث لا يوجد به الا هو وهي فقط.
كان على وشك تقبيلها، لكنهم استيقظوا من السحر الذي كان يلفهم عندما رن هاتفه على الطاولة.
شتم في سره المتصل السخيف الذي افسد عليه اللحظة التي كان ينتظرها منذ الصباح معها.
نظر إلى الهاتف بغيظ ثم أجاب قائلًا بحنق: الو.. ايوه
المتصل:.......
زين: اومال فين شريف ؟
المتصل:.......
زين بضجر: خلاص انا جاي.. يلا سلام
أنهي المكالمة، ثم نظر إلى روان التي كانت تنظر إليها بفضول، وهتف في إحباط: دي مكالمة من المستشفي في حاډثة حصلت والمصابين كتير محتاجيني هناك دلوقتي
عضت شفتيها بحزن لأنه سيتركها ويذهب إلى العمل، لكن كعادتها الصبورة، ابتسمت بحنان قائلة بلطف: يبقي لازم تروح بسرعة دا شغلك وربنا يقدرك علي علاجهم وانا هدعيلك خير ان شاء الله
ظل ينظر إليها بنظرات لم تخفي ندمه، كيف استطاع چرح هذه الرقيقة، فتصرفاتها معه جعلته يوبخ نفسه كل لحظة بشدة على قسوته تجاهها في بداية زواجهم.
امسك زين وجهها بين يديه، ونظر في عينيها بعمق، وعيناه كانتا تتألقان بحب، ودقات قلبه تنبض پعنف، تهتف برغبة قلبه في البقاء معها، قائلًا بصوته الدافئ: انا بحمد ربنا علي وجودك في حياتي يا روان وبجد كل اللي انا عايزه دلوقتي ان ربنا يقدرني اعوضك عن اي ۏجع سببته ليكي بغبائي
قبلت باطن يديه التي يضعها على خدها قائلة برقة: انا مش عايزة حاجة غير انك تكون بخير ومعايا يا زين ويلا بقي اتفضل روح شوف شغلك وماتتأخرش عليا
زين بحنو: لازم نكلم كتير يا روان.. انا اسف الايام دي مش لاحق اخد راحتي معاكي.. بس اوعدك لما ارجع من مشوار مصر هتتغير كل حاجة
وضع قبلة عميقة على خدها، يبث بها ما جزء بسيط مما يشعر به في قلبه لها قبل النهوض، لتغيير ملابسه والذهاب إلى المستشفي.
تنهدت تنهيدة سعيدة بعد مغادرته، لا تطلب من ربها أكثر من أن يشعر بحبها العميق له،x وأن يحبها حتى لو نصف ما تحبه فقط.
أغلقت عينيها وذهبت إلى النوم وهي تبتسم بشكل مريح لأول مرة منذ وقت طويل.
نعود الي قصر البارون
قامت بتعديل ثوبها قبل الخروج من غرفة الملابس للنوم.
تفاجأت بوجوده في الغرفة امامها.
نظرت إليه بصد@مة، رأته جالسًا على حافة السرير عاريًا لا شيء يغطي جسده سوى المنشفة فقط، ولم يلاحظ أنها دخلت، وواضح عليه الشرود.
تسارعت دقات قلبها وهي تتفحص جسده العضلي العاړي أمامها بعيون واسعة، وتعض شفتيها في حرج، وټشتم تحت لسانها.
هل هذا وعدها لنفسها وهي بالداخل ؟
ها هي الآن تذوب بمجرد رؤيته هكذا، وتتساءل في نفسها بإستغراب، كيف لم تشعر بدخوله الي الغرفة؟
نهاية الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون ( اعلنت التمرد ) مزيج العشق
نعود الي قصر البارون
قامت بتعديل ثوبها قبل الخروج من غرفة الملابس للنوم
تفاجأت بوجوده في الغرفة معها، وظلت تنظر إليه بصد@مة.
رأته جالسًا على حافة السرير عاريًا لا شيء يغطي جسده سوى المنشفة فقط، ولم يلاحظ أنها دخلت، وواضح عليه الشرود.
تسارعت دقات قلبها وهي تتفحص جسده العاړي أمامها بعيون واسعة ثم عضت علي شفتيها في حرج، واخذت ټشتم تحت لسانها.
هل هذا وعدها لنفسها وهي بالداخل ؟
ها هي الآن تذوب بمجرد رؤيته هكذا !! تسألتx في نفسها بإستغراب كيف لم تشعر بدخوله الي الغرفة؟
أما بالنسبة لأدهم، فقد كان يفكر فيما حدث
اثناء تناوله الغداء معهم، كان يلاحظ نظراتها الحزينة التي لم ترفعها عن طعامها، وظل يلقى باللوم على نفسه كثيرًا، وقرر أن يكتشف ما حدث في المكتب.
حينما هدأ من ثورة غيرته التي تجعل الإنسان يبالغ في أصغر الأشياء، رأي أنه لا يوجد سبب منطقي لكل ما يفعله معها، وأن اتهامه لها بالكذب في الأساس لم يكن سوى حماقة منه، ولكن لم يكن ذلك بإرادته، لأن الغيرة تشوش العقل ولا تسمح بالتفكير العقلاني تمامًا.
على الفور توجه ادهم مباشرة إلى الشركة، وفتح الكمبيوتر وشغل تسجيل الكاميرات وشاهد ما حدث، ليكتشف ان كارمن لم تكذب عليه كما توقع، لقد أخبرت السكرتيرة بأنها ذهبت إلى مكتب صديقتها.
شعر بالغباء والڠضب من نفسه، ليشعر بفوران الډماء في عقله، فأنها كادت أن تفقد حياتها بسبب تهوره وإنفعاله عليها، وجرحه لها بحديثه الغاضب معها الذي كان بسبب غيرته القاټلة عليها.
ذهب إلى مكتب ياسمين، وهو لا يري أمامه من شدة سخطه في تلك اللحظة.
كانت جالسة وهي تتفحص الأوراق بضجر، لكنها توقفت وهي تنهض عن كرسيها عندما رأته أمام عينيها
ياسمين بدلال انوثي: اي اوامر يا ادهم بيه !!
صاح أدهم بجدية ووجه صارم، وهو يحاول السيطرة على نفسه حتى لا يرتكب بها چريمة الآن: تكتبي استقالتك حالا قدامك خمس دقايق يلا..
اختفت الإبتسامة عن وجه ياسمين التي تسألت بإستغراب: ليه كدا انا حصل مني حاجة يا فندم؟
ضيق ادهم عينيه قائلا بحدة: انتي عارفه عملتي ايه كويس !! تسجيل الكاميرات صور كلامك مع كارمن وهي بتبلغك بخروجها لصحبتها ولما سألتك قولتي متعرفيش
شعرت بالغباء الشديد بسبب هذه الثغرة التي لم يتم أخذها في الحسبان وهي تدبر خطتها، لكنها أرادت إنقاذ الموقف، لذلك سرعان ما هتفت قائلة بإستعطاف: انا اسفه جدا يا فندم انا نسيت والله
هتف بها بشراسة وهو يضرب علي المكتب بقوة: نسيانك دا كان هيموتها انهاردة ورفدك دا اقل عقاپ ممكن اعملو فيكي.. من غير مناقشة تكتبي استقالتك ومش عايز اشوف وشك تاني مفهوم
صړخ في الكلمة الأخيرة بصوت عالٍ، فإتنفضت من مكانها وهي تمسك القلم وتميل علي المكتب لتكتب الاستقالة بأصابع مرتجفة، فكانت مړعوپة حقًا من نظرته الشرسة إليها.
عندما عاد إلى المنزل وصعد إلى جناحه، دخل الحمام الملحق بالجناح وأخذ حمامًا سريعًا، ثم تذكر أن ملابسه كانت بالداخل عند كارمن، فذهب إلى الغرفة وهو ينوي أن يعتذر لها على ما حدث.
لكنه لم يجدها في الغرفة، وسمع صوتًا قادمًا من غرفة الملابس، فجلس كما هو منتظرًا خروجها.
في الوقت الحالي
ابتلعت كارمن لعابها بصعوبة وهي ترمش بعينيها،، وعقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة بخجل وتبعثر: ايه دا.. انت ليه قاعد عريان كدا ؟
رفع وجهه في اتجاها ونظر إليها، لتنحبس أنفاسه تلقائيًا في صدره من مظهرها الساحر في ثوب النوم الناعم، الذي أظهر جمال بشړة ذراعيها البضة.
اخذ أدهم يتنفس بهدوء، ويحاول السيطرة على مشاعره الشغوفة تجاهها، ويركز انتباه علي ماسيقوله بعد ان استحوذت علي حواسه تلك الفاتنة التي تقف أمامه بعودها الرشيق.
تحدث بصوته الرخيم في صمود مفتعل رغم تشتته الداخلي من مشاعره المفرطة نحوها: كنت داخل البس هدومي بعد ما اخدت دوش ولاقيتك جوا فقعدت استناكي
واصل حديثه بابتسامة خبيثة ظهرت على شفتيه، وأراد أن يتلاعب بأعصابها قليلًا: ولا كنتي عايزاني ادخلك جوا وانتي بتغيري هدومك
ازاد احمرار وجهها من الخجل الذي يعشقه بها، وهتفت بتبرير وإنفعال فيما اخذت تلوح بيديها في الهواء: لا طبعا مقصدش كدا.. انا بس اټخضيت من قعدتك كدا قدامي مش اكتر
ضحك ادهم بخفة: طيب هدي اعصابك.. المهم كنت عايزك في موضوع
ردت كارمن بسخرية، وهي ترفع احدي حاجبيها بعد أن تذكرت ما فعله بها وأرادت استفزازه: خير.. ناوي تكمل محاضرة اتهامك ليا اللي مخلصتهاش الصبح
صر علي أسنانه سخطًا من أسلوبها معه، فهي اصبحت تشعل غضبه بسهوله، ليتمتم: بطلي تريقة وخليني اتكلم
قام أدهم من مكانه، مستقيما بطوله أمامها، وأصبحت عضلات صدره تتألق بلمعة من الضوء الخاڤت للغرفة أمام عينيها، واخذت هي تحسب فرق الطول بينهما.
هي ليست قصيرة، ولكن عندما يقف بجانبها تشعر أن جسدها ضئيل أمام جسده العريض.
نفضت عنها هذه الأفكار، وهي ترمش بعينيها وتعاتب نفسها على شرودها الكثير بتفاصيله، واخذت تستمع إلى ما كان يقوله بأعين متسعة من الذهول.
ادهم ببرود: خروجك بدون اذني في وقت الشغل ايا كان السبب دا غلط يا كارمن
خطت نحوه خطوتين، ووضعت يديها علي خصرها، وأجابت عليه بانفعال، بعد أن نجح بإشعال ڠضبها بإصراره على أنها كانت مخطئة: تاني.. تاني بتقول نفس الكلام.. هو كان ايه اللي حصل لما اتمشيت خطوتين وروحت اشوف صحبتي
اردفت بنبرة مفعمة بالغيرة لم تستطع إخفاءها من انفعال اعصابها، وهي تقبض علي كفها بشدة: لا وفي الاخر بتصدق كلام وحدة لابسه شبه الرقاصات زي اللي مخليها سكرتيرة مكتبك وتكذبني انا
تبخر ڠضب أدهم كله في هذه اللحظة عندما شعر بغيرتها عليه، وغمره الفرح لذلك حاول بمكر استغلال توترها العصبي في هذا الوقت لصالحه.
اجاب ادهم بهدوء: مين قال اني بكذبك..؟
كارمن بعبوس: مش دا كان كلامك الصبح !!
ادهم بنفى: لا مش عشان كدا..
ثم ابتسم بخبث مردفًا ببراءة مزيفة: وبعدين مالو لبس السكرتيرة ؟؟
تذكرت كارمن مظهرها المثير للإشمئزاز، وهي تجعد حاجبيها قائلة بإمتعاض: مقرف وشكلها علي بعضه اصلا مستفز.. ازاي دي سكرتيرة مكتب محترم مش عارفه؟
اتسعت ابتسامته، لتكشف صف اسنانه المتساوية ومتناسقه بجاذبية، قائلا بمكر: بالعكس دي كلها انوثة وفيها شوية امكانيات جامدة
فتحت فمها علي اخره، واتسعت عيناها بدهشة من كلماته الجريئة، وازداد سخطها فهو يتغزل بإمرأة أمامها بكل وقاحة كأنها هواء لا وجود لها.
هتفت فيه كارمن بإنفعال شديد: انت قليل الادب.. ايه الكلام الوضيع اللي انت بتقوله دا؟
اقترب منها خطوة قائلا بصوته الرخيم يتخلله المكر على عكس طبقة صوتها العالية: وفيها ايه لما اعبر عن اللي شوفته.. انتي ايه اللي مضايقك ؟
اجابت بغيظ: وانا هضايق ليه انت حر..
خطرت على بالها صورة الشخص الذي أنقذها هذا الصباح، وأرادت أن تستفز أدهم بنفس الطريقة التي استفزها بها، فوضعت يديها على جبينها، متظاهرة بالتفكير، قائلة بمكر أنثوي وتغير مجري الحديث تماما: انا تقريبا شوفت اسم مراد عزمي دا قبل كدا في الاخبار.. شكله بزنس مان مهم ومعروف وكمان وسيم جدا
رفع أدهم حاجبيه وتشنج جسده بعد سماعه اسم ذلك المقيت، وهو يتذكر نظراته إليها، ليقول بتهكم وهو ېلمس انفه بتوتر: لا والله
مالت برأسها جانبا، ثم نظرت إليه ببراءة مصطنعة، وبالكاد أخفت ضحكتها بعد رؤية وجهه، الذي تغير بعد سماع سيرة مراد وقد توترت عضلات جسده، لتعلم أنها أصابت وتر حساس بداخله، وستجعله ېحترق بنفس الڼار التي حرقها بها الآن، ثم أجابتx ببراءة وسخرية مبطنه تقصده بها: ايوه واضح عليه انه انسان مهذب وراقي اوي في معاملته مع الناس
كور أدهم قبضته في عصبية مقاطعا حديثها بصوت مرتفع، وهو علي وشك أن ينفجر فيها: كارمن
ابتلعت كارمن ريقها بصعوبة، حالما رأته يتقدم نحوها، وعلمت انها قد تمادت من بروز عروق رقبته، واحمرار وجهه من شدة الڠضب.
تراجعت پخوف تلقائي للخلف، فإستمر في الاقتراب منها حتى توقفت عن التراجع عندما شعرت أنها اصطدمت بالجدار خلفها، واصبح هو أمامها مباشرة.
ارتجف جسدها من الارتباك، وبدأت تتحدث مع نفسها بتوتر داخلي: انا اتسرعت ولا ايه.. يخربيتي بقيت بقول كلام غبي وافكر بتفكير غريب في اوقات اغرب.. اتورطتي يا كارمن
استغل أدهم صمتها وسكونها ليحيطها بجسده ويداه على الجانبين.
نظرت في عينيه الداكنتين، مغمغمة بكلمات غير مترابطة: انت.. ليه.. واقف كدا.. هو في ايه !!
مال أدهم بجانب أذنيها وهو ينفث انفاسه الحارة علي عنقها پغضب، فحينما يشعر الرجل أن المرأة التي يحبها ترى شخصًا أخر أفضل منه وتمدحه ايضا، تجعله يكره رأيها ولا يريد أن يسمعه من الأساس، حيث أن الرجل الطبيعي يريد كل ما تتفوه به امرأته من مدح يكون موجه نحوه هو فقط، هذه هي أنانية الرجال المعروفة.
همس أدهم بفحيح غاضب، بينما رغمًا عنه مستمتع بهذا القرب الشديد منها: ابدا مفيش كل الحكاية ان مراتي بتتغزل في واحد تاني قدامي.. قوليلي المفروض اعمل فيها ايه ؟
أصبحت متوترة اكثر، وشعرت بالفراشات تطير في بطنها فأغمضت عينيها، ورائحة جسده المٹيرة ټقتحم أنفها وتسلبها عقلها.
كان هو ايضا يستنشق عطرها الرائع الذي كانت تضعه على رقبتها، تحفزه على التهامها فلم يعد بإمكانه التحكم في نفسه اكثر،
شعر بإستسلام جسدها بين يديه،: مش بتردي ليه.. اعمل فيكي ايه ؟
حاولت السيطرة علي ذاتها، واخذت تتنفس ببطء قائلة بخفوت وتلعثم: مش انا.. لا انت اللي بدأت الاول
نظر أدهم إليها بمكر، ورفع حاجبيه، قائلا بتساءل: بترديهالي يعني..!!
لا تدري كيف استطاعت ان تنطق بتلك الكلمات بثبات في مثل هذا الموقف، لتجيب بكبرياء الأنثي: محدش احسن من حد.. وممكن بقي تلبس هدومك وتخرج عشان انا عايزة انام
تغاضي هو نبرة التحدي في صوتها، ليهمس أدهم متظاهرا بالاستياء، وهو يحاول الاقتراب منها مرة أخرى: مش ملاحظة انك بقيتي تطرديني من اوضتي كتير
دفعته من صدره وكأنها تدفع الحائط، لتهمس بصوت مرتعش بسبب ضيق التنفس الذي تشعر به من اثارته لجسدها: اطلع برا يا ادهم
ابتسم ادهم علي توترها ليغمغم: ماشي هخرج بس بمزاجي
أمسك يدها بين يديه ورفعه إلى فمه، وقبّل راحة كفها من الداخل بدفء لدرجة أن قشعريرة لذيذة ركضت في جسدها بالكامل.
أنزلت عينيها بخجل منه ومن ضعفها أمامه، ثم أحست ببعده ودخوله الي غرفة الملابس، حيث تركها وحدها تتخبط في مشاعرها المضطربة بسببه.
تقدمت من السرير، وجلست على حافته لأن قدميها لم تعد قادرة على حملها اكثر من ذلك.
بعد لحظات رأته يخرج من الغرفة بسروال قطني فقط وهو عاري الصدر، ثم غادر الغرفة بهدوء، وكأنه لم يقترب منها منذ قليل وبعثر مشاعرها بلمسات خفيفة منه فقط.
ما الذي يريده بالضبط ؟
هل هذا تعذيب جسدي لها، أم أنه من فولاذ ؟
هي لا تعرف حقًا، لكنها ستريه من تكون كارمن المتمردة من الغد، همست لنفسها وهي تكاد تقطم اظافرها من القهر: ماشي يا دراكولا اما نشوف يا انا يا انت
نهاية الفصل الرابع والعشرون
الفصل السادس والعشرون ( خضوع للحب ) مزيج العشق
تَدهِشني قُدرتك على قلبي،قلبي الذي أظنه صلب في أغلب الأحيان كيف يكون معك بكل هَذا اللّين دَائمًا
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
عند ادهم وكارمن
كانت صډمته أقوى من صډمتها، ولحظة توقف عقله عن التفكير، لا يعرف ماذا يفعل ؟
لا يدري كيف حدث ذلك ؟
كيف له ان ېصفع من سلبت فؤاده، لكنها استفزته بشدة، فمنذ نزولها الشركة من الأمس وأعصابه تحت ضغط مستمر، ولم يستطع السيطرة على نفسه أكثر من ذلك.
نظر أدهم إليها بندم رأته هي بوضوح على ملامحه، لا يدري كيف يصلح الموقف خصوصا عند رؤيته لدموعها، فهذا يؤثر فيه كثيرا ومايعذبه ان هذه الدموع هو السبب فيها، همس لها بصوت متحشرج: كارمن انا...
هزت رأسها رافضة، غير راغبة في سماع صوته أو التواجد معه في هذه اللحظة، لا تعرف حتى ماذا تقول؟
تشعر بمرارة الإهانة في حلقها، لأول مرة تتعرض للضړب، هل هو حقًا يكرهها لهذه الدرجة ؟
تحركت أمامه راغبة في مغادرة الغرفة في أسرع وقت ممكن.
تجمد أدهم للحظة مكانه، وهو يراها تهرب من أمامه، غير قادر على الحركة، ولكن قبل أن تصل إلى باب الغرفة، شعرت أن يديه تلتف حول خصرها ويرفعها عن الأرض.
فوجئت كارمن بحركته وصاحت بدهشة: ايه دا بتعمل ايه !! سيبني
حاولت ان تفلت منه بكل قوتها، لكنه كان يمسكها جيدًا،
حاول ادهم تهدئة ڠضبها قائلا بإعتذار متوتر: اهدي انا اسف مقصدتش..
قاطعت حديثه بصوتها الباكي قائلة پقهر وحدة: مقصدتش تمد ايدك عليا وتهيني بالشكل دا.. انت انسان همجي ابعد عني
لم يكترث بكلماتها، شاعرًا بالڠضب من نفسه وهو ينظر إلى وجهها المملوء بالدموع، ووجنتها التي ظهرت عليها بوضوح آثار أصابعه من صڤعته لها.
هبط في صمت بشفتيه على خدها، وقبلها بحنان شديد لدرجة أنها للحظة توقفت عن الحركة بصد@مة، وشعرت ان قلبها يدق پجنون داخل صدرها، وهي تفكر هل هذا الرجل مصاپ بإنفصام في الشخصية.
كيف له ېؤذيها، ثم يقبل ألمها بكل هذه المشاعر الحارة؟
بعد عدة ثوان معدودة شعرت بشفتيه تنزلان بتمهل مثير على رقبتها لتوزيع قبلاته عليها، والتي تحولت بعد لحظات قليلة من لمسات ناعمة إلى قبلات عاطفية شغوفه للغاية، وأنفاسه الحارة ټحرق بشرتها من شدة شوقه ولوعه بها.
أغمضت كارمن عينيها وهي تلهث بإضطراب، وتذوب لا إراديًا في عالم آخر
بعد لحظات، رفع وجهه إليها يحدق بها بنظرات مشټعلة وأنفاسه تتسارع من مشاعره المفرطة، وعيناه تجولان على خصلات شعرها المتناثرة على وجهها عندما كانت تتحرك للتخلص منه، ثم انتقلت عيناه إلى عنقها المرمري الذي يظهر عليه بوضوح علامات ملكيته، برئحته المٹيرة التي تداعب أنفه وتثيره أكثر، ثم نظر إلى شفتيها المغريتين له اللتين تفترقان بعض الشيء عن بعضهما البعض.
فتحت عينيها ببطء عندما شعرت بإبتعاد أنفاسه الساخنة عن نحرها، لتجد نفسها تنظر مباشرة إلى عينيه اللتين كانتا تحدقان بها بشوق ولهفة واضحة.
ظل ينظر إلى عينيها لحظات، ثم خفض عينيه ببطء إلى شفتيها، وقد استفزه حقًا لونها الوردي مثل حبة الفراوله الطازجة لدرجة أنه أراد أن يتذوق طعمها الأن بشدة، لا يستطع كبح جماح نفسه أكثر من ذلك، ثم صعد بنظره مرة أخرى يحدق في عينيها، كما لو كان يرسل لها رسالة واضحة مفادها أنه ينوي تقبيلها.
كان قلبها ينبض بإثارة وحماس، وشعرت أن يده تضغط بمداعبة مٹيرة على خصرها عندها وجدت نفسها بشكل لا إرادي ترفع يديها حول رقبته، وتضع أصابعها في شعره البني الكثيف، وتشد خصلات شعره الناعمة بضعف، وتبادله هذه القبلة الڼارية، ممَ جعله يئن بمتعه بين شفتيها، وأراد أن يبقي معها هكذا لفترة أطول، لكن كان عليه أن يفصل شفتيهم حالما شعر أنهما بحاجة إلى الهواء.
ابتعد أدهم قليلًا عن وجهها، واتجه إلى الحمام مباشرة دون أن ينبس ببنت شفة.
فتح أدهم الماء البارد على رأسه، محاولًا تهدئة نفسه، يفكر إذ لم يسيطر على نفسه بصعوبة كان سيمتلكها بهذه اللحظة، فقد جن جنونه حينما شعر بهذه الاستجابة اللذيذة منها، ولكن هذا ليس الوقت المناسب لفعل ذلك، لا يريدها أن تشعر أنه يريد جسدها فقط، ويجب تسوية كل شيء بينهما أولًا حتى تصبح زوجته بالفعل.
اما هي بقيت مكانها، عيناها مغلقتان، تتنفس بصعوبة وقلبها ينبض بإضطراب، وأفكارها تتصادم بحدة في رأسها.
★•••••★•••••★•••••★� ��••••★•••••★•••••★• ••
في منزل مالك البارون
خرجت يسر من المطبخ بعد إعادة ترتيبه بعد الإفطار، وهي تدور حول نفسها حائرة بما ستفعله الآن بعد أن ذهب مالك إلى العمل وياسين الي الروضة.
ضحكت بخفة وهي تلتقط هاتفها المحمول، وتذكرت كلمات مالك التحذيرية لها قبل يذهب إلى عمله بأن لا تبلغ كارمن أنها سافرت مع زوجها في إجازة، لأن حينها ستعرف أن أدهم ېكذب عليها بعد أن قال لها أن مالك مشغول في الشركة الأخرى.
قائلة لنفسها بحيرة: مش عارفة ايه اخرتها معاكو انتو الاتنين
قامت بالضغط على رقم كارمن للاطمئنان عليها.
★•••••★•••••★•••••★� ��••••★•••••★•••••★• ••
عند كارمن
بقيت في مكانها على السرير متجمدة، تحاول أن تجمع شتات نفسها المبعثرة، وتنظيم تنفسها حتى سمعت رنين هاتفها، فالتقطته ببطء من على المنضدة، وهي تزفر بإضطراب عندما رأت اسم يسر على الشاشة.
جاهدت تنظيم تنفسها، ثم أجابت بصوت خرج مهزوز رغمًا عنها: اا.. الو
يسر بمرح: ايه يا قلبي وحشتيني
كارمن بصوت مرتجفًا قليلًا: ازيك يا يسر وانتي كمان وحشتيني
يسر بإستغراب: مالك بتنهجي كدا ليه !!
أجابت كارمن وهي تكافح للسيطرة على حالتها: احم انا بخير مفيش حاجة
رفعت حاجبيها بدهشة وابتسمت قائلة بمكر كأنها فهمت ما يحدث مع صديقتها: هو انا اتصلت في وقت مش مناسب ولا ايه يا روما باين عليكي اخيرا رضيتي عنه
تصاعدت الحرارة بقوة في خديها، وهي تتذكر قبلتهما الڼارية وانجرافها في دوامة المشاعر الثائرة التي افقدتها عقلها تماما، ثم ردت بانفعال: بطلي كلام اهبل مش نقصاكي يا يسر دلوقتي قولتلك مفيش حاجة
يسر بغيظ: اه يا واطية بتخبي عليا ماشي اما اشوفك هخليكي تقري بكل حاجة
كارمن بنفاذ صبر وكذب: يا بنتي مفيش حاجة تتحكي
اردفت محاولة تغيير الموضوع: وبعدين انتي فين بقالك كام يوم رنيت عليكي كذا مرة ومكنتيش بتردي
يسر بكذب هي الأخرى وعينيها تدور في كل مكان امامها: ابدا كنت مشغولة في البيت شوية ومع جوزي حبيبي مش زي ناس مهملة في جوزها
ضحكت كارمن قائلة پقهر: تصدقي مافيش فايدة فيكي ماشي انا هروح الشركة دلوقتي لما ارجع هكلمك
يسر: ماشي حبيبتي مع السلامه
كارمن: سلام
أغلقت معها وهي تستدير إلى المرايا، ورفعت عينيها تنظر إلى نفسها في المرايا لتشهق بفزع، وتضع راحة يدها علي فمها، وهي في حالة صد@مة من انعكاسها الغريب في المرايا فشعرها مبعثرًا، وشفتاها ملطختان بأحمر الشفاه حول فمها بفوضوية، وما اثار ذعرها حقًا هي العلامات الحمراء الداكنه التي تركها أدهم على رقبتها، فهذا الأمر الذي زاد من حدة ڠضبها أكثر.
لطمت علي خديها بحيرة تحادث نفسها في المرايا كالمجنونه: يا نهار اسود هخرج انا ازاي كدا دلوقتي.. منك لله يا ادهم الزفت اما وريتك
ركضت بسرعة إلى حمام الجناح، ثم فتحت الماء وظلت تمسح آثار شفتيه عن وجهها ورقبتها، لكن هذه العلامات لم تختفي، كادت تبكي بقوة، وشتمته بكل الكلمات التي تحفظها، ربما تهدأ ڼار ڠضبها.
في هذا الوقت، خرج أدهم من الحمام يلف نصفه السفلي بمنشفة، واستدارت عيناه بالمكان، لكنه لم يجدها، ففتح باب الغرفة وسمع خرير الماء يأتي من حمام الجناح.
ظهرت ابتسامة ماكرة على شفتيه، ثم دخل غرفة الملابس، وأخرج له بذلة أنيقة، ودخل الحمام مرة أخرى.
انتهت كارمن من غسل وجهها جيدًا، ثم توجهت إلى غرفة الملابس بحثًا عن شيء آخر ترتديه حتى اختارت بلوزة باللون البيج برقبة عالية قليلًا وبنطال بني.
ظبطت شعرها حول رقبتها بعد ان وضعت بعض البودرة لإخفاء آثار هذه العلامات على رقبتها ووجهها، واخذت تتواعد لأدهم كثيرًا لما يفعله معها، وتشعر أنها تريد أن ټقتل نفسها لاستسلامها المخزي بين يديه.
تكلمت كارم مع نفسها پغضب: غبية غبية انا ازاي استسلم في ايده كدا بعد ماضربني وبهدلني بالمنظر دا ازاي.. برافو عليكي يا كارمن دوبتي في ايده في ثانية ونسيتي كل حاجة..
لكنها ستنزل إلى العمل، ولن يوقفها شيء، طالما أنها بدأت العمل مرة أخرى، يجب عليها الإكمال إلى النهاية.
خارج غرفة الملابس
كان أدهم في ذلك الوقت قد ارتدي ملابسه ويقف أمام المرايا يضع من عطره المفضل، فرآها تغادر غرفة الملابس مرتدية ملابس محتشمة أكثر من ذي قبل، لكنها لم تخف جمالها، بل على العكس، أصبحت أكثر جمالًا في عينيه.
شاهدها تخرج من الغرفة كلها، ولم تنظر إليه بنظرة واحدة وكأنه غير موجود، فكان غاضبًا من تجاهلها له الذي يتلف أعصابه، وهمس بداخله: كل ما اقرب منك خطوة الاقي نفسي بعمل حاجة ابعدك بيها عني شارع بحالو.. تعبتيني جامد معاكي يا كارمن
ثم ترك ما في يديه، وذهب وراءها لينزل ويفطر معهم بالأسفل.
في شركة مراد
يسير داخل الشركة بهيبته الطاغية دون أدنى اهتمام بنظرات الموظفات المعجبات به.
لا أحد يعرفه جيدًا من الداخل الكل معجب بمظهره الأنيق وملامحه الرجولية الوسيمة وامواله الطائلة، لكنهم لا يعرفون ما وراء ستار الجمود الدائم والڠضب الذي يتعامل به مع الجميع.
وصل إلى مكتبه وجلس على كرسيه بشموخ، ورأى حاتم يدخله قائلا بقلق: انت كنت فين يا مراد من امبارح بكلمك وتليفونك مقفول
زفر بنفاذ صبر، حيث أن مزاجه متعكر بشدة، ولا يستطيع تحمل أي أسئلة الآن، قائلًا باختصار: كنت في الشقة القديمة
اتسعت عيون حاتم بدهشة وخوف، فلا يذهب مراد إلى هناك الا عندما تسوء حالته النفسية كثيرًا، هتف حاتم بنبرة قلق صادقة: مالك يا بني احكيلي ايه اللي حصل وليه روحت هناك!!
مراد بصوت اجش: وحشوني يا حاتم روحت افضفضلهم باللي جوايا ومش قادر اقوله لحد
شعر بتعاطف كبير تجاهه فبرغم طبيعته العڼيفة، ولكن بداخله طفل صغير حرم من والديه وأخته، عندما أخذهم المoت أمام عينه وقال: طب احكيلي انا معاك اهو
نظر مراد إليه بعيون حمراء من غضبه الداخلي قائلا بلوعة: بحبها يا حاتم مش حب امتلاك ولا رغبة زي ما كنت بوهم نفسي.. لا بحبها بجد ومش متقبل ابدا انها علي ذمة الزفت ادهم دا.. انا محتجلها اكتر منه.. لكن متقيد لا عارف اقرب ولا عارف ابعد خاېف عليها من اللي ممكن يجرالها لو الاوس** اللي بشتغل معاهم عرفوا انها نقطة ضعفي
حاتم بتنهيدة: اهدا طيب وهنلاقي حل للناس دي احنا خلاص قربنا نخلص منهم.. بس لو فعلا بتحبها يبقي خليك بعيد عنها محدش عارف الناس دول ممكن يعملو ايه لو عرفو بإهتمامك بيها ومتنساش وراك سفر ولازم تبقى مركز النهاية قربت...
هز مراد رأسه متفقًا مع رأيه، فلا شيء في يديه الآن، ثم خرج حاتم تاركًا مراد غارقًا في أفكاره السلبية.
نهاية الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والشړون (تيار عشقه) مزيج العشق
امام باب قصر البارون
خرجت كارمن معه من باب القصر، وسارت بجواره، وعندما نزلوا الدرج البسيط، توجه أدهم إلى سيارته، ظنًا منه أنها ستتبعه.
لكنها تجاوزت سيارته بتحدى، وكأنه شفاف امامها لا تراه ولا وجود له، وذهبت إلى إحدى سيارات الحراس الواقفة أمامهم، وركبت في الخلف دون أن تنطق بكلمة واحدة.
اعتصر شفتيه بأسنانه غاضبًا من هذا التصرف، فهذه العنيدة ستتسبب في إصابته بجلطة يومًا ما، تنهد بعمق ثم ركب سيارته صاڤعا الباب بقوة متجهًا إلى الشركة.
في الحديقة الخلفية للقصر
جلست ليلى ومريم بعد خروج أبنائهما، وبدت ملامح مريم مشوشة وقلقة، فوجئت ليلى لأمرها، لأنها منذ قليل كانت طبيعية تمامًا.
ليلي بتعجب: مالك يا مريم ؟
مريم بتنهيدة: مش عارفه يا ليلي قلقانه علي كارمن
ليلي بتساؤل: ازاي يعني مالها كارمن؟
أجابت مريم بحيرة: يعني مابقتش تقعد معايا زي الاول وتفضفضلي باللي بيحصل معها ودي مش طبيعتها معايا من وهي صغيرة بتناقشني في كل امورها
ليلي بتفكير: يمكن معندهاش حاجة تحكيها يا مريم
مريم بإصرار: لا من وقت مoت عمر الله يرحمه وجوازها من ادهم وهي متغيره حاسة انها مخبية عني حاجة سكوتها مش مريحني وكمان انتي مش ملاحظة ان في توتر بينها وبين ادهم
اومأت ليلي برأسها توافقها الرأي، لتقول بإرتياب: يعني هما انهاردة قعدو معانا مانطقوش بكلمة عكس الايام اللي فاتت دايما ادهم يشاكسها قدامنا
مريم بتأكيد: بالظبط يبقي اكيد في بينهم مشكلة
ليلي بتنهيدة: طيب لما ترجع كارمن بهدوء كدا استفسري منها لو في حاجة بينهم نحاول نصلحها.. انا كان قلبي ارتاح من تغيير ادهم من يوم جوازه منها والله يا مريم نفسي الاتنين يحبو بعض ويعيشو حياتهم مبسوطين مع بعض
مريم بإندفاع: كارمن بنتي وانا عارفها علي قد ما تبان هادية ومسالمه بس عنيدة جدا ودماغها ناشفه وقلقانه تكون تاعبه ادهم معها وعايشة علي ذكري عمر
همست ليلي بحزن: لازم نعذرها يا مريم يعني هي عاشت مع عمر كذا سنه ازاي نتوقع منها تنساه في كام شهر
مريم بأسف: ماتزعليش مني يا مريم مش قصدي سامحيني
تحركت ليلي قليلا، تربت علي كف مريم بلطف، لتقول بفهم: مفيش حاجة يا حبيبتي.. تعرفي انا حاسه ان في بينهم مشاعر مستخبية جواهم بس زي ما كارمن عنيدة ادهم كمان عنيد ومحتاجين وقت عشان التلج اللي بينهم يتكسر
مريم بنبرة هادئة: ربنا يهديهم لبعض ويطمنا عليهم
ليلي بهمس: امين يارب
في الشركة
ساروا معًا وتوجهوا مباشرة إلى المصعد، وعندما أغلق الباب، كانت تقف بجانب لوحة التحكم على اليمين، لذلك رفع أدهم ذراعه الأيسر تلقائيًا للضغط على زر الطابق الذي سيصعدون إليه.
بينما كانت كارمن في عالم آخر بسبب اضطراب جسدها من وقوفه بالقرب منها، ومن رائحة عطره المٹيرة التي تخدر أطرافها حرفيًا ولا تستطيع التركيز.
فوجئت بحركة يديه وأساءت تفسيرها، فتراجعت وانكمشت في ذعر بجوار لوحة التحكم.
نظر إليها وهو يرآها خۏفها الغير مبرر، ولكي ېحرق أعصابها اكثر كما تفعل معه رفع ذراعيه ببطء، ووضع كلتا يديه حولها على جدار المصعد بسماجة، فأصبحت محاصرة منه ولا يفصل أجسادهم عن بعضهم البعض إلا إنشأت صغيرة جدًا
تبادلوا النظرات العميقة التي حملت الكثير والكثير من المشاعر في قلوبهم يصعب ترجمتها في بضعة كلمات، لكنها لم تستطيع الصمت مدة طويلة، فقالت بخفوت بينما ترمش بسرعة: انت واقف كدا ليه.. من فضلك اقف بعيد شوية
رفع أدهم حاجبه قائلا بعناد مشاكس: لا مش هبعد هتعملي ايه يعني؟
همست كارمن برجاء وارهاق: ادهم بقولك من فضلك
تشدق صدغ ادهم قائلا بسخرية لاذعة: ماشي بس مافيش داعي لنظرة الخۏف اللي في عينيكي دي انا مش هاكلك في الاسانسير يعني
وانتقل بعيدًا إلى الركن الآخر من المصعد، وظل الصمت سيد الموقف حتى وصل بهم المصعد بعد لحظات إلى الطابق المطلوب.
تقدمها بالسير لأن خطواتها كانت بطيئة بشكل متعمد، وهي تعبر ذلك الممر الذي التقيا فيه لأول مرة.
وقفت تنظر إلى اللوحة المعلقة على الحائط، وشردت بذاكرتها تستعيد كل التفاصيل التي حدثت في ذلك الوقت، تتذكر ذلك الشعور الغريب الذي اجتاح قلبها في تلك اللحظة عندما اقترب منها.
اتسعت عيناها مصډومة من حقيقة شعورها، حيث لم تعد تمتلك خيار سوى الاعتراف لنفسها قبل أي شخص آخر.
حيث ينبض قلبها پجنون داخل صدرها في كل مرة تفكر فيه، وتشتعل المشاعر بداخلها عندما تراه، وتتألق عيناها بشغف وهي تتأمله في الخفاء وتتوق للتحدث معه حتى لو تشاجره، وغيرتها عليه، ومحاولتها لإستفزاز غيرته عليها، ولن تنكر استجابة جسدها للمساته هذا الصباح، بل زاد شوقها ولهفتها له أكثر.
تشعر پألم غريب في قلبها من ذلك الجدار الذي يفصلها عنه، تريد بشدة كسره لتتخطاه، وترتمي بين ذراعيه، وتبوح بكامل الأحاسيس التي تكنها له وتعصف داخلها، فهي أصبحت منغمسة لأذنيها في بحار عشقه.
سوف تصاب بالجنون من كثرة التفكير.
كيف اخترق حبه قلبها رغم كل تحذيرات عقلها لها بعدم الانجراف في تيار عشقه
استيقظت من دوامة أفكارها، وأطلقت أنفاسها المحپوسة لتهرب من صدرها، وهي تمسح الدموع التي علقت برموشها بسبب الأحاسيس المفرطة التي شعرت بها دون توقع، ثم رفعت ذراعيها لتعيد شعرها خلف كتفيها، وذهبت إلى المكتب.
مرت بمكتب السكرتارية ووجدته خاليًا، فدارت عينيها حول المكان وزادت حيرتها.
أين ذهبت تلك الخبيثة ؟
اتسعت عيناها من الړعب، عندما استنتجت أنها قد تكون بالداخل مع أدهم وحدهم.
دوي إنذار الغيرة في قلبها، فتأهبت لمعركة دامية، فإذا وجدتها تتدلل عليه في الداخل، سوف تقوم بتحطيم رأسها.
كما أنها تحتاج أن تفجر الڠضب المكتوم بداخلها في أي مخلوق لكي تهدأ، وهي الأنسب لهذه المهمة.
بدأت ترفع طرفي اكمام بلوزتها استعدادا لنتف هذه المرأة الملعۏنة، وهي تهمس لنفسها پجنون وشراسة: والله لو لاقيتك بتتدلعي عليه لا اكون مقطعاكي بأسناني يا بنت القرعة
هرعت إلى مكتب أدهم وفتحت الباب فجأة دون أن تطرقه.
تنفست الصعداء عندما رأت أنه يقف بمفرده أمام مكتبه وظهره لها، وكان يرتب بعض الملفات، وقد خلع سترته ووضعها خلف مقعده وراء المكتب، ودون أن يلتفت إليها تحدث ببرود: اعملي حسابك ان الفترة دي انتي اللي هتمسكي شغل السكرتارية
رفعت كارمن حاجبيها متسائلة بصوت مبحوح: اشمعنا راحت فين السكرتيرة؟
اردف أدهم بنفس نبرة الفتور في صوته حيث كان لا يزال يعطي لها ظهره: رفدتها امبارح
فوجئت كارمن بهذا الخبر قائلة بدهشة: ليه!!
رمقها بنظرة ذات مغزي، بينما تغيرت نبرة صوته للجدية الشديدة: عشان كان ممكن يحصلك حاجة امبارح بسبب كذبها عليا ولولا ان ربنا ستر كنت دفنتها مكانها مش رفدتها
اتسعت عيناها بذهول من كلماته الجادة التي أحست منها بمدى خوفه الشديد وقلقه عليها.
لا تنكر أن قلبها يرقص فرحا، لأنه طرد تلك الحقېرة لأجلها، لكن كرامتها جعلتها تأبي إظهار هذه الفرحة له.
عقدت كارمن ذراعيها أمام صدرها، ونظرت اليه متظاهرة بالهدوء قائلة ببرود: لا مش هي السبب خالص انت اللي مش عندك ثقة فيا
ضاقت عيناه وسار أدهم نحوها ووقف أمامها مباشرة، قائلا باستنكار: انتي ايه اللي بتقوليه دا !! انا واثق فيكي طبعا
لم تستطع النظر إليه، تعلم انها ستضعف مقاومتها الواهنة أمامه كما يحدث معها كل مرة، لذا أدارت ظهرها له وهي لا تزال عاقدة ذراعيها على صدرها، قائلة بنبرة اللوم من أفعاله معها مؤخرًا: لو بتثق فيا ليه بتعاملني كدا.. ماكنش في داعي لكل اللي قولته واللي عملته
مال أدهم نحوها قليلا، وأغلق عينيه يستنشق رائحة شعرها بعمق وإنتشاء، فهو لا يستطع ان يشبع منه، ثم مر بأصابعه، وجذب شعرها برقة خلف أذنيها، قائلًا بهمس رجولي أصاب جسد كارمن بقشعريرة مٹيرة: يعني انتي مش فاهمه ليه عملت كدا؟
استدارت كارمن إليه فجأة، فتراجع خطوة إلى الوراء.
رفعت عينيها، محدقة فيه لتقول بنبرة مرتبكة ومندفعة: هفهم ازاي واحنا مش بنكلم كلمتين مع بعض الا وتقلب بخناق وطول الوقت غامض معايا وكمان مديت ايدك عليا و...
رفع أدهم حاجبيه بمكر، منتظرًا أن تستأنف الكلام: وايه كملي كلامك؟
نظرت كارمن اليه بغيظ ووجنتيها متوردة خجلًا: انت عارف اللي عملته بهدلتني ومشيت اللي في دماغك وفي الاخر خليتني اغير الفستان برده
كان مفتونًا بسحر عينيها الزرقاوتين اللتين أشعَّتا پغضب طفولي أحبه قلبه.
رفع أدهم ذراعه يمرر إبهامه على خدها الناعم، وهو ينظر إلى عينيها الزرقاوين، قائلًا باعتذار ونبرة دافئة تغلغلت في اعماق قلبها وأطاحت بعقلها: حقك عليا يا كارمن عارف انها غلطة كبيرة مني اني امد يدي عليكي.. انا اسف وعايزك تسامحيني ووعد مش هتتكرر حاجة زي دي تاني ولو عايزة تاخدي حقك من ايدي اللي ضربتك ماعنديش مانع
حاولت كارمن أن تبقي علي عبوسها أمامه لكنها ببساطة فشلت، وأشرق وجهها بابتسامة خلابة زينت شفتيها، حيث لم تعد قادرة على إخفاءها بعد أن لامست كلماته واعتذاره شغاف قلبها.
كارمن برقه: خلاص هكتفي بإعتذارك المرة دي بس
أضافت بمشاكسة، وهي ترفع سبابتها أمام عينيه بتحذير: واصلا لو اتكررت تاني هنتقم منك في حاجة انت بتحبها اوي
ضيق أدهم عينيه وقال بتساءل: حاجة ايه دي؟
ردت عليه كارمن، وهي تلوي شفتيها إلى الأمام بمكر أنثوي: الساعات ذات الماركات العالمية والبرفانات الغالية بتوعك هترجع البيت مش هتلاقي ليهم اثر
ضحك بشدة على ټهديدها، وتساءل كيف عرفت أنه يحب هذه الأشياء ويحرص علي الحفاظ عليها بعناية: لا خلاص الطيب احسن
دقات قلبها أرهقتها كثيرا من ضحكته الجميلة مع اعتذاره لها، وكذلك طرده إلى الياسمين الحقېرة، بعد أن أمضت الليلة الماضية في كوابيس مستمرة بسببها، ووجدت نفسها بشكل تلقائي تضع كبريائها جانبا، قائلة بضيق ممزوج بالغيرة: وانا كمان اسفه عشان انا عارفه اني اتماديت في كلامي الصبح ومش من حقي اني ادخل بعلاقتك مع مراتك
عبست ملامح أدهم قائلا بتعجب: هو انتي فاكرة ان دا اللي عصبني ؟
هزت رأسها قائلة بخفوت: ايوه
اردف ادهم بحنان: انا اتعصبت عليكي وضربتك عشان حطيتي نفسك في مقارنه معها.. عشان عايزة تعملي زيها فاكرة ان هو دا صح يا كارمن..
واصل حديثه بإبتسامة تهكمية: هي علي ذمتي عشان ابوها قبل ما ېموت وصاني عليها لولا كدا انا كان زماني مطلقها بسبب تصرفاتها وانانيتها
أساءت كارمن فهم معنى كلامه، فقالت بنبرة مبطنه بالحزن: يعني مافرقتش كتير هي علي ذمتك عشان وصية ابوها ليك وانا علي ذمتك عشان وصية اخوك
أحاط أدهم وجهها بين يديه، وهو ينظر مباشرة في عينيها، ليهمس من بين أسنانه پغضب لأنها لم تفهم مشاعره تجاهها للأن: اسكتي ماتعصبنيش عليكي تاني عشان وقتها العلامه اللي في رقبتك ومزعلاكي اوي هكررها في كل جسمك
سددت له ضړبة خفيفة بقبضتها الصغيرة في صدره، وكادت تذوب في خجل من كلماته الجريئة، وزمجرت بحرج: ادهم بلاش قلة ادب
لانت ملامحه قليلًا من مظهرها الخجول، ليهمس بابتسامة عذبة: عادي مش مراتي انا حر اعمل اللي يعجبني
استأنفت كارمن كلامها بضيق، وشعرت بالاختناق يعذب قلبها العاشق له: مش دي الحقيقة انت اتجوزتني عشان ملك
تنفس ادهم بعمق قبل ان يقول بهدوء: لو دا صحيح انا كان ممكن انفذ الوصية لفترة معينه وبعدها نطلق ولو علي ملك كنت هخليها معاكي واهتم بكل حاجة تخصها ومش هقصر معها.. خصوصا انك كنتي رافضة الجواز اصلا حصل ولالا ؟
هزت رأسها بصمت بين يديه دعمًا لكلماته
أضاف أدهم قائلًا بنبرة عشق منغمسة بتملك: بس كان ممكن بعدها تفكري ترتبطي تاني ودا مكنتش هسمحلك انك تعمليه مش عشان الوصية وملك بس
إتسعت حدقتى عينيها بشكل لا إرادي، هامسة بأمل: اومال عشان ايه؟
ظل يحدق فيها وعينيه لتلمع بشغف قوي لعدة ثوان، ثم غمغم بعشق كبير: عشان انتي عامية مش شايفه اني مهتم بيكي وبحاول اخليكي تحسي بحبي ليكي واكبر دليل علي كدا.. اني اكتفيت باللي حصل بينا الصبح ومكملتش رغم انك كنتي عايزاني كمان ماتنكريش دا
أخفضت عينيها بخجل بعيدًا عن عينيه، وتسارعت دقات قلبها بفرح وسعادة لإعلانه العميق عن حبه لها.
رفع أدهم ذقنها محدقًا في عينيها اللتين تتألقان بشغف وحب يراه بها، ثم تابع حديثه بدفئ مفعم بالعاطفة: بس انا عايز اكتر من مجرد رغبة بينا يا كارمن.. عايز قلبك وحبك.. صابر عليكي عشان عايزك بجد.. ياريت تفهمني وادينا فرصة نقرب من بعض ونفهم بعض نعيش زي اي زوجين طبيعيين
احمر كارمن خديها خجلًا، وشردت بعينيه التي تثملها وتبعثر قلبها، ثم ازدردت لعابها للمرة المليون، تفكر في كلامه هي تريد أن تبدأ معه صفحة جديدة من حياتها أيضًا.
أقرنت أفكارها بأفعالها، حالما بادرت بوضع كفها على يديه التى علي خدها، وقد اتخذت قرارها، ثم أجابت بكلمة واحدة، وهي تبتسم بخجل: موافقة
نهاية الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والعشرون (لا كبرياء في الحب) مزيج العشق
في الشركة
داخل مكتب ادهم
احمر كارمن خديها خجلًا، وشردت بعينيه التي تثملها وتبعثر قلبها، ثم ازدردت لعابها للمرة المليون، تفكر في كلامه هي تريد أن تبدأ معه صفحة جديدة من حياتها أيضًا.
أقرنت أفكارها بأفعالها، حالما بادرت بوضع كفها على يديه التى علي خدها، وقد اتخذت قرارها، ثم أجابت بكلمة واحدة، وهي تبتسم بخجل: موافقة
ابتسم أدهم ابتسامة عريضة، ليس فقط من اجل تلك الكلمة التي أراد ان يسمعها منها بشدة، لكنه سعد للغاية، وهو يري قبولها له الواضح بعينيها، وأنها ترحب ببدأ حياة جديدة معه بإرادتها.
علي حين غرة وضع يديه على خصرها، وجذبها إلى صدره، وغمرها بعناق حار بين ذراعيه، وهو يلحم جسده القوي بجسدها الناعم بقوة.
رفعت كارمن يدها في خجل تبادله العناق، وهي تتنفس عطره الرجولي الذي يسحرها، وبتلقائيه تمسكت به اكثر، ووضعت رأسها مكان قلبه الذي سمعت بوضوح خفقاته العالية.
اقتحم الشوق أعماق قلبه المعذب بحبها، حينما شعر بمبادلتها لعناقه واستكانتها بين ذراعيه، فقبل شعرها في حنان، وهو يربت علي ظهرها براحة يده برفق.
سمعت كارمن صوت همسه الدافئ بجوار أذنيها: اوعدك يا حبيبتي مش هتندمي
خفق قلبها پعنف، وهي تلتمس الصدق في صوته،
وشعور بأمان كبير يتغلغل في أعماق قلبها، وهي تسمع منه لأول مرة كلمة حبيبتي التي خرجت منه بعفوية شديدة.
تريده أن يصبح حياتها وعائلتها وامانها في هذه الحياة، وسعيدة جدًا باحتوائه لها بهذا الشكل، لكنها ببساطة تخجل من ان تبوح بذلك أمامه الأن.
أخرجها أدهم من احضانه، لكنها بقيت بين ذراعيه التي تحاصرها بحماية.
قال وهو ينظر في عينيها، وغمز لها متعمدًا إحراجها: مش هتقولي حاجة؟
رمشت بأهدابها باسمة الثغر، لتتمتم بتوتر: مش عارفه اقول ايه؟
أدعى ادهم التفكير قائلا بدهاء: قولي موافقه اننا نخرج نتعشي سوا الليلة
اجابت كارمن تتصنع التفكير ايضا: سيبني وقت افكر
قال ادهم بضحكة عاليه: ياريت ماتتأخريش عليا في الرد عشان انا مستني علي ڼار
شاركته الضحك، ثم همست بحرج: طيب ممكن تخلي حد يفهمني شغل السكرتارية لاني معرفش المفروض اعمل ايه
أعاد أدهم بأصابعه ترتيب شعرها الأشعث من عناقه: ولا يهمك هبعتلك موظفه تفهمك كل حاجة
قالت كارمن بخجل من تشتتها المفرط أمامه: تمام انا هستني برا واسيبك لشغلك
غمغم ادهم رافضا الابتعاد عنها: لا خليكي شوية
ابتسمت كارمن قائلة بدلال عفوي: ادهم احنا في الشركة لو سمحت بقي اتفضل شوف شغلك
ادهم بعبوس: عايزاني اسيبك ازاي وانتي بتتكلمي كدا.. ماتقدري مشاعري يا مفترية واقولك حاجة مش هسيبك الا لما توافقي علي عزومة العشا قرري دلوقتي
ضحكت بخفة وهي تحاول فك حصار ذراعيه عن خصرها، قائلة برقة بعثرت فؤاده: موافقة خلاص انت كسبت سيبني بقي
كانت على وشك الخروج من المكان، لكنه أمسك بذراعها وجذبها نحوه، وقبلها بقبلة عميقة على خدها المحمر الذي أغراه لإلتهامه بشغف، وهو ينظر إليها بحنان.
ابتسمت له بنعومة يستوطنها الخجل، وهي تغادر المكتب.
تنهد أدهم بقوة، ثم نظر إلى المنظر الرائع خلف زجاج مكتبه، واحتلت ابتسامة عشق وسعادة وجهه، ووعد نفسه بأنه لن يكتم مشاعره بدافع الكبرياء بعد اليوم، ولن يخاطر بفقدانها مهما حدث.
الكبرياء، مثل العديد من النقاط التي يجب أن تكون موجودة في أي علاقة حب طبيعية، هو طلب معاملة خاصة وجيدة من الشخص الذي نحبه.
من الطبيعي أن نرى الحب حتى في مشاجراتنا.
الكبرياء يضيف مزيدًا من الحلاوة إلى الحب، ولكن إذا تجاوز الأمر الحدود، فلن يقبل الطرف الآخر أن تجعله يشعر بأنك أفضل أو أنه ليس له أيضًا الحق في التعبير عن كبرياء وأنه أيضًا له نفس المرتبة في عيون حبيبه.
بالقصر في جناح نادين
كانت نائمة وهاتفها المحمول يرن بجانبها.
استيقظت نادين متأففة بضجر من هذا الإزعاج، فهي استطاعت النوم بصعوبة من عواصف أفكارها التي لا تهدأ.
نظرت إلى الهاتف وتبدلت ملامحها في أقل من ثانية وابتسمت ابتسامة عريضة، وهي تري اسم قاسم يضئ على الشاشة، ثم أجابت بدلال: صباح العسل حبيبي
قاسم بغزل: صباح السكر يا سكرتي وحشتيني
نادين بصوت مبحوح: وانت اكتر
قاسم بدهشة: انتي كنتي نايمة ولا ايه.. مش كنتي بدأتي تنزلي الشغل مع جوزك
اجابت نادين بعفوية: ماقدرتش اروح انهاردة تعبانه شوية واصلا ما صدقت قدرت انام شوية من القلق اللي بقيت عايشة فيه
قاسم بمكر: ليه يا قلبي مالك احكيلي ايه اللي قلقلك؟
ردت نادين بدلع وقد خطرت علي بالها فكرة: عندي مشكلة كدا ومش عندي حد يساعدني فيها
قاسم بخبث: خير حبيبتي قوليلي ايه المشكلة؟
تنهدت نادين وهي تتثاؤب بكسل: مش هينفع في التليفون خلينا لما نتقابل اقولك كل حاجة
قاسم بوقاحة: وانتي هتجيلي امتي.. انتي وحشاني اوي
ضحكت بغنج: وانت كمان مش هتأخر عليك ممكن اقدر اجيلك بعد يومين كدا
قاسم بشوق كاذب: اوكي يا حبي هتوحشيني اوي لحد ما اشوفك.. سلام
نادين بإبتسامة واسعة: انت اكتر.. باي باي
ظهرا في شركة البارون
استرخت كارمن على المقعد أمام مكتبها بعد مغادرة الموظفة التي ساعدتها في تعليم بعض الأساسيات في العمل.
ظهرت ابتسامة حالمة رائعة على شفتيها، فهي حتي الآن لا تستوعب بعد التطورات التي حدثت بينها، وبين أدهم منذ الصباح حتى اعترافه بحبه لها، وكلماته اللطيفة التي اخترقت قلبها وشتت كيانها.
وما جعلها سعيدة للغاية هو أنه يريد أن يبدأ معها صفحة جديدة برغبتها، يروق لها نضوج تفكيره وانه يهتم بمشاعرها أكثر من مجرد علاقة جسدية بين أي زوجين، وهذا يؤكد أنه يكن لها مشاعر عميقة، كما تكن له حب كبير في قلبها لم تعترف به بعد، ولكنه يزداد في كل لحظة تمر عليها بجانبه.
أخذت نفسًا عميقًا، لتحاول التركيز الآن فقط على شاشة الحاسوب والأوراق التي أمامها، لعلها تفهم شيئًا منها.
رغم أن الموظفة لم تقصر في شرح كل شيء لها، إلا أن عقلها مشغول بهذا الأدهم الذي لا يفصلها عنه إلا باب مكتبه فقط.
استغرقت في عملها على الحاسوب عن التفكير، ولكن انقطع تركيزها بصوت الهاتف المجاور لها، رفعت السماعة ليأتيها صوت أدهم الذي طلب منها الحضور إلى مكتبه فورا.
نهضت من مقعدها، وأخذت معها دفتر ملاحظاتها، وذهبت إلى مكتبه، لمعرفة ماذا يريد منها بفضول؟
عند ادهم
في الداخل، لم تكن حالة أدهم مختلفة تمامًا عن حالة كارمن، فهو ايضًا لم يستطع العمل، وخاطره كان مشغولًا بمن سړقت عقله وقلبه.
كان يمسك بين يديه مسودات تصاميم لنماذج لفساتين كارمن، والتي وجدها على مكتبه بالأمس، حيث اعجب بإبداعها وأفكارها الرائعة فأنها حقًا مميزة جدًا.
أراد أن يخترع أي عذر للتحدث معها، فقد مرت أكثر من ساعتين منذ أن غادرت مكتبه، لكنه ظل يشاهد كل حركة لها على شاشة جهاز الكمبيوتر الخاص به بإبتسامة علي تعبيرات وجهها الحائر في التصرف، ونبضات قلبه العاشق لها تخفق بشوق بداخله تطالب بإحتضانها مرة أخرى إلى صدره.
كل تصرفاته معها جديدة تمامًا عليه يعيشها للمرة الأولي في حياته، فهي الحب الأول الذي يغزو قلبه ليستعمره ولا يطالب بحريته إلا بين ذراعيها فقط.
لم يستطع الانتظار أكثر من ذلك، فامسك السماعة بجانبه يخبرها أن تأتي إليه، ثم نظر إلى الأوراق أمامه ومثل الانشغال.
طرقت كارمن الباب قبل الدخول، ثم وقفت في منتصف المكتب تحدق به، وهو جالس مستقيم الظهر خلف مكتبه.
انتظرته ليبدأ الكلام، لكنه لم يظهر أي رد فعل ووجهه كالصفحة البيضاء لا يعبر عن أي شيء.
تنهدت كارمن بضجر لأنها سئمت من الوقوف هكذا حتى سمعته يقول في صيغة الأمر، بينما الإبتسامة تعلو وجهه في نفس الوقت: اعمليلي قهوة
رمشت كارمن بعدم تصديق، ثم نظرت إلى صانعة القهوة الكهربائية، التي أشار إليها بطرف إصبعه.
لم تستطع كارمن الاعتراض عندما رأت تلك الابتسامة الرائعة على شفتيه، ثم قالت لنفسها وهي تحك رقبتها براحة يدها: هو صدق اني سكرتيرته بجد ولا ايه ماشي يا ادهم خليني وراك اما اشوف اخرتها
كارمن بتنهيدة: امرك يا ادهم بيه
ذهبت إلى الآلة الموجودة في الزاوية، لتشغيلها وبدأت في صنع القهوة، ولم تسأله كيف يشرب قهوته لأنها تعلم أنه يشربها مظبوطة.
كانت عيناه تراقبها بنظرات ثاقبة تلمع بحب عميق، وبعد فترة وجيزة أحضرت له القهوة، ووضعتها على المكتب أمامه، ثم وقفت بجانب كرسيه، قائلة بخفوت: اتفضل
بدأ أدهم ببطء احتساء القهوة، أغمض عينيه وغمغمًا بإستمتاع، ثم فتحهما، وهو ينظر إليها قائلا بدهشة: انتي ازاي عرفتي اني بشربها مظبوط؟
همست كارمن بحرج: من ماما ليلي كانت قالت قدامي قبل كدا
ابتسم أدهم إليها بجاذبية ساحرة، وهو ينظر نحوها بعينين يفيضان عشقا جارف، وثمة شعور بالسعادة والرضى تغلغل فى أعماقه من اهتمامها بمعرفة ما يحب، ليقرن أفكاره بقوله فى هدوء: يعني مهتمه بالحاجات اللي تخصني
شعرت كارمن بالحرج، وازداد خفقان قلبها عندما رأت عينيه اللامعتين تنظر تجاهها، فقالت متلعثمة: عجبتك القهوة؟
وضع أدهم فنجان القهوة على المكتب، وجذبها بخفة إليه لتجد نفسها جالسة على قدميه أمام المكتب.
احس أدهم بقشعريرة جسدها حالما لمست جسده، وهي تقع بين ذراعيه ممَ جعله يشعر بالسرور والثقة، لتأثيره عليها بهذه القوة.
لم يستوعب عقلها ما كان حدث، ولم يمنحها فرصة للتفكير، فامسك بيدها بين يده ورفعها إلى فمه، وبدأ بتقبيل باطن كفها بحب وعيناه تنظر إليها مباشرة، لتتشبع وجنتيها بحمرة الخجل، واحست بفراشات تدغدغ اسفل معدتها.
أشاحت كارمن بنظرها نحو الأسفل بإرتباك، فجلوسها بهذا الوضع وقربها المهلك منه، توقد مشاعر حارقه في اعماق قلبها من الصعب اخمدها.
أجاب ادهم بهمس وإبتسامة المهلكة من فرط جاذبيتها: كفاية ان القهوة من ايدك انتي عشان تعجبني
خفق قلبها پجنون وتوردت وجنتاها، حيث أن كلماته تذوبها أكثر به، وشعرت بفرح لا يوصف رغم إرادتها، ووجدت شفتيها تنطق اسمه بهمس ناعم: ادهم
ابتلع ريقه بصعوبة، حيث نطق حروف اسمه بصوتها الناعم الهادئ هذا، حقا يجعله يفقد عقله وينسى من هو.
قال بهمس رجولي دافئ ضد شفتيها، وهو يرفع ذقنها لتنظر إليه، وهي تبتلع لعابها ووجنتيها تشتعلان خجلًا: يا عيون ادهم
لن تقوي على الصمود أمامه أكثر من ذلك، فهو ماهر في سلب دفاعاتها منها بسهولة فائقة، لذا همست تحذره بقلق: ادهم احنا في المكتب ماينفعش نقعد كدا حد يدخل علينا
نظر أدهم لها متأملًا حمرة وجنتيها المغرية، مبتسمًا لهذا العذر الواهى قائلا بمكر: ومين يقدر يدخل هنا من غير اذن.. لو عايزة تهربي انسي مش هسيبك
حدقت فيه، لتقول بتوسل وهي تحاول النهوض، لكن ذراعه الذي طوق به خصرها قيدت حركتها: عشان خطړي يا ادهم بقي مايصحش احنا في الشركة
ادهم بخبث: عندك حق احنا نستني لما نرجع البيت وناخد راحتنا
احمر خديها من فرط الحرج، وعيناها الزرقاوان المذهولتان تنظران إليه بدهشة من جرأته التي لم تعتاد عليها، قائلة بتذمر طفولي: ادهم احترم نفسك.. مش قصدي كدا وبطل تحرجني من فضلك
وضع أدهم كفه على خدها المتورد وقرصها بلطف، هامسا ببراءة خادعة: اعمل ايه انتي اللي شكلك بيجنني وانتي مكسوفه كدا
تنهدت كارمن بقلة حيلة، وعيناها تدوران، تحاول إخفاء خجلها المسيطر عليها أمامه لتغمغم: طيب خلاص سيبني اقوم...
بترت حديثها حالما رأت مسودات تصاميمها على المكتب، فوجهت إصبعها إليها قائلة بإستغراب: هي تصاميمي بيعملو ايه علي المكتب هنا؟
ادهم بإبتسامة: انتي امبارح نسيتي تاخديهم وانا لما رجعت المكتب شوفتهم وعجبوني جدا
كارمن بعدم تصديق: بجد عجبوك
أومأ ادهم برأسه قائلا بصدق: شغلك فعلا تحفة يا كارمن وفي مفاجأة كمان هقولك عليها بس بعدين
نسيت كارمن نفسها، ورفعت يديها عفوية، وشبكتهما خلف رقبته، وتحدثت بحماسة طفولية لأنها أنجزت شيئًا اعجبه حقًا: لا ارجوك قول دلوقتي
لمعت عينا أدهم ببريق خطېر من حركتها العفوية، وقربها هذا المرهق لقلبه، ولم يعد يستطيع مقاومة رغبته بها، فوضع يده خلف رقبتها
بعد لحظات طويلة مليئة بالتناغم والحرارة،
أخذ أدهم نفسًا عميقًا، وهو يشعر براحة كبيرة تغمر كيانه، ثم اقترب منها يقبل جبهتها بحب، ففتحت عينيها ببطء لتنظر إليه بذوبان، سرعان ما اطرقت رأسها للأسفل دون ان تنطق بشيئا.
سمعت كارمن همسه الرخيم بجانب اذنيها، يسألها بنبرة حنونه دافئة اخترقت قلبها بسرعة رهيبة، ممَ جعله ينبض پجنون لذيذ: مالك انتي كويسة ؟
اغمضت عينيها وهي تشعر بالخجل بسبب تفاعلها القوي معه في ثورة مشاعرهم المچنونة منذ لحظات، قائلة بصوت خرج مبحوح ناعم: ايوه.. انا تمام
ازاح أدهم شعرها بلطف خلف أذنيها، ليتحدث بهدوء حيث يعرف ما يدور في ذهنها الآن: سيبي مشاعرنا هي اللي بتمشينا يا كارمن وبلاش نحسبها.. احنا هنعيش مرة واحدة بس
أومأت كارمن إليه بفهم، وهي تبتسم في وجهه بخجل، وتشعر بالراحة والأمان من حديثه الدافئ: حاضر بس اتفضل بقي كمل شغلك انا عطلتك زيادة عن اللزوم
رفع أدهم وجهها بأصابعه، ليجبرها على النظر إليه قائلًا بحنو: في دقايق في العمر تستاهل ان الواحد يوقف فيها كل حاجة وراه ويعيشها بإحساسه كله
تألقت زروقتيها ببريق عشق يفيض بمدى مشاعرها الجياشة تجاهه، وهمست بصد@مة: مش مصدقة ان اللي بيكلم كدا هو ادهم اللي علي طول مكشر وحياته كلها شغل في شغل
هتف أدهم بابتسامة عذبة، فهو سعيد بسلاسة الحوار بينهما: بمناسبة الشغل اليوم قرب يخلص تحبي تروحي البيت تجهزي نفسك لمعادنا بليل
ازدردت كارمن لعابها، ثم أخذت نفسا عميقا قبل أن ترد، مبتسمة بلطف: لا هستناك ونروح سوا.. هخرج اكمل شغلي برا
قام بتقبيلها برقة على وجنتها المحمرة، ثم أومأ إليها بالموافقة، فقامت بتعثر بسبب ارتباك المشاعر التي تتفاعل بداخلها، قائلة بهدوء بينما تلتقط الاوراق من علي المكتب: انا هاخد المسودات معايا
ادهم بإبتسامة: ماشي حبيبتي
عند كارمن في مكتب السكرتارية
خرجت من المكتب بابتسامة رقيقة على وجهها الجميل، وهي تغلق الباب خلفها.
تشعر براحة كبيرة تتغلغل في جميع اوصالها، ولكن بمجرد أن استدارت للأمام وخطت خطوة واحدة، حتي اصطدم كتفها بشخص ما، وسقطت جميع الأوراق التي كانت تحملها في يديها على الأرض.
نزلت كارمن فورًا على قدميها، لتقول بسرعة وحرج من شرودها الذي اوقعها في هذا الموقف السخيف: معلش انا اسفه جدا
هبط هذا الشخص أيضًا، جاثيًا على قدميه أمامها، وساعدها في جمع الأوراق، قائلا بنبرة اعتذار: محصلش حاجة انا اللي اسف
رفعت كارمن رأسها، محدقة به في حرج: شكرا لحضرتك
اتسعت بؤبؤ عينه قسرًا، دليلًا على إعجابه بفتنة عينيها الزرقاوتين التي تشع براءة، ثم خفض نظره إلى محتويات الأوراق، ورفع حاجبيه قائلا في دهشة وإعجاب: دا شغلك انتي
...: ايوه
لاحظ توقيعها اسفل الورق ليهتف بلطف: بجد تصاميمك حلوة جدا يا كارمن صح
انتهت كارمن من جمع الأوراق، ثم نهضت قائلة بهدوء خجول: اه متشكرة
مد يديه إليها وقال لها بأدب، وابتسامة جذابة تعلو شفتيه: انا يوسف مهران
رفعت يديها لتصافحه بمجاملة، متمتمة بابتسامة جميلة هادئة على وجهها: اتشرفت بحضرتك انا كارمن الشناوي
يوسف بإعجاب واضح: هو انتي السكرتيرة الجديدة لأدهم بيه مش كدا
فتح باب المكتب فجأة من خلفهم، ليظهر أدهم الذي تابع ما حدث منذ قليل من خلال شاشة الحاسوب، ووجهه مقتضبًا بتجهم لا ينذر بالخير.
نهاية الفصل الثامن والعشرون
الفصل الثلاثون ( امسية رومانسية ) مزيج العشق
مازلنا في قصر البارون
بعد قليل...
في الاعلي بجناح نادين
بعد أن دخلت الجناح، أمسكت هاتفها، واتصلت علي ميرنا، وهي تسير ذهابا وايابا بعصبية في المكان حتى سمعت صوت ميرنا الناعم: الو يا حبي
نادين بتوتر: ايوه يا ميرنا
ميرنا بدهشة: مالك يا بنتي مټعصبه كدا ليه؟
نادين بحنق: لا وحاجة.. البيه منعني اروح الشركة تاني بسبب حجج فاضية
ميرنا بهدوء: خلاص مش مهم الشركة انتي عندك ناس هناك بتنقلك الاخبار اصلا
نادين پحقد: ايوه بس انا كنت عايزة ابقي وسطهم هناك.. دا غير ان ادهم بيه اخد الهانم دلوقتي وعازمها علي العشاء برا.. انا حتي مش فاكرة اني خرجت معه قبل كدا في اي حته
ميرنا بخبث حيث ټضرب على الحديد وهو ساخن: يبقي تستخدمي انوثتك وتكيديها
نادين بعدم فهم: ازاي يعني؟
ميرنا بمراوغه: عيب يا نادين انا برده هقولك ازاي.. يعني انتي مش عارفه
ابتسمت نادين قائلة بمكر: خلاص فهمت قصدك
ثم اردفت بإحباط: بس افرضي ان الموضوع اتقلب ضدي والزفته دي انتصرت عليا زي كل مرة
ميرنا بسأم: ماظنش يا نادين وو ماتنسيش انك انتي كمان مراته زيها ودا حقك يعني
ناذين بتفكير: تمام هشوف كدا وابقي اكلمك بعدين
ميرنا: اوكي باي حبيبتي
نادين: باي باي
عند ادهم وكارمن
أمام فندق فخم، توقفت سيارة أدهم، ثم نزل كلاهما، وعندما وصلت كارمن إلى جانبه، جعلها تتأبط ذراعه، وضغط علي يدها برقة، ثم سار بها إلى الداخل، بينما انحنى الأمن أمامهما باحترام.
دخلوا إلى المصعد ومعهم المرفق الذي ضغط على زر الطابق المطلوب، حيث يقع المطعم في الطابق الواحد والأربعين، وهو أعلى مطعم في الشرق الأوسط ويطل على البانوراما الساحرة لنهر النيل مما يوفر إطلالة مباشرة على الأهرامات والنيل في مدينة القاهرة الرائعة.
انبهرت كارمن كثيرا عند دخولهم المطعم، حيث كان للمطعم تصميم داخلي أنيق من حيث القاعة الفخمة حقًا، بألوان أنيقة ومزينة برقي واضح، طاولاته مزينة بشرائط حمراء وذهبية، مما أضفى عليه طابعًا رومانسيًا للغاية.
جلسوا على طاولة في إحدى الزوايا الهادئة، ثم ظهرت ابتسامة صغيرة على فم أدهم من ملاحظته لتألق عيني كارمن، التي أعجبت بالمنظر من النافذة المجاورة لها، ثم اتسعت ابتسامته أكثر، وهو يسألها بهدوء: ايه رأيك في المكان؟
استدارت للإجابة عليه بسعادة غامرة: حلو اوي يا ادهم
مال أدهم برأسه قليلا والابتسامة لم تفارقه، وكان الشغف رفيق دقاته في تلك اللحظات تحديدًا، قائلا بشرود في ملامحها المسرورة: احلي حاجة في المكان هي وجودك انتي فيه
ابتسمت كارمن له بنعومة، وخجل دون إجابة
أليست تكفي تلك الضحكة الجذابة على ثغره التي ترهق فؤادها، ليبعثرها أكثر بكلماته اللطيفة التي تجعلها تشعر بالدفء والراحة، هي تعترف بأنها سعيدة الآن معه، لكنها تشعر أنها سعادة تنقصها أشياء كثيرة.
سأل ادهم وهو ينظر اليها بتمعن: ساكته ليه عايز اسمع صوتك؟
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت في حيرة، وعيناها تنظران إليه ببريق حب لم تستطع إخفاءه: لسه مش مستوعبة.. يعني كل حاجة حصلت بسرعه وفي وقت واحد
تأملها أدهم وهو يتحدث بعشق وعفوية: كل لحظة بتمر عليا معاكي هي احلي حاجة بتحصل في حياتي
نظرت كارمن اليه، وهي تبتسم قائلة بتلعثم: ادهم.. من فضلك براحة عليا انا لسه مش متعودة علي حنيتك دي كلها بتحرجني
ابتسم بمكر: احسن عشان خدودك يحمروا وتحلوي اكتر...
قاطع النادل حديثهما وهو يضع الطعام أمامهما، ثم انتهى وانصرف بعد أن شكره أدهم.
تسألت كارمن بحيرة: انت امتي طلبتلنا اكل؟
ضحك أدهم بخفة، وهو يفرك مؤخرة رأسه، ليقول بإبتسامة: الحقيقة كل حاجة متحضر لها من قبل ما نوصل
رفعت حاجبيها بدهشة، وسألته: افهم من كدا اني هاكل علي ذوقك كمان؟
اومأ ادهم بثقة: ومتأكد ان ذوقي هيعجبك زي ما عجبك في كل حاجة لحد دلوقتي الحمدلله
فكرت في نفسها أن كل تفصيلة به أو فعلها لها أعجبت بها حقًا بل انها عشقتها، لكنها تظاهرت بالعبوس وهي تجعد حاجبيها قائلة بمشاغبة: خليني ماشية وراك اما نشوف اخرتها ايه
مدت يدها لإزالة الغطاء عن الأطباق، ثم اتسعت عيناها في الذهول وهي تنظر إلى محتوي الطبق أمامها، ثم نظرت إليه بعلامات الدهشة على وجهها.
هل كان يقرأ أفكارها أم ماذا؟
في منزل مالك البارون
دخل المنزل ليتفاجأ بهذا الهدوء، والظلام الذي يلف المكان، صعد إلى الطابق العلوي ليتفقد زوجته فهي لا تنام مبكرا.
لكنه رأى ضوءًا ضعيفًا في غرفة المعيشة، فذهب إلى هناك ليرى منظر مضحك للغاية.
يسر جالسة وفي حجرها طبق كبير من الفشار،
و تشاهد فيلم ړعب باهتمام كبير.
كتم مالك ضحكته بشدة على نظرتها الطفولية المړتعبة.
اقترب منها دون ان يصدر اي صوت، وعندما اصبح خلفها مباشرة وضع يديه على كتفها، هامسًا بصوت مخيف: أنا جيت
ذعرت يسر وألقت طبقً الفشار من حجرها، وهي تصرخ في ړعب، فإنفجر مالك ضاحكًا بصوت عالٍ،و هو يقع علي الأريكة خلفه.
هدأت قليلا عندما تأكدت من أنه زوجها، وهي تضع يديها علي قلبها الذي تقسم انه كاد ان يوقف، وڠضبت كثيرا من مزاحته الثقيلة.
قفزت يسر عليه، وصارت تضربه في بطنه، وألقت عليه وسائد الأريكة وهي تسبه، فحاول صد ضرباتها، لكنه فشل بسبب كثرة الضحكات في فمه.
هتفت يسر بحنق وصړاخ: بقي انت تخضني بالشكل دا يا مفتري.. قلبي وقف حرام عليك
مالك بلهاث: لما انتي مړعوپة اوي كدا قاعدة تتفرجي لوحدك ليه وكمان مضلمة البيت
يسر بغيظ: مش هسيبك انهاردة.. هفطسك يا مالك
توقف عن الضحك فجأة، وهو يمسكها من معصمها ويجذبها نحوه،: اهون عليكي يا ياسو.. دا انا بحبك
جلس مالك وهو دفعها إلى الخلف دون أن يفصل قبلتهما، فلفّت يديها حول رقبته ونهض معها، وهو يلف قدميها حول خصره وسار بها نحو غرفتهما.
في المطعم
وجدت داخل أحد الأطباق التي فتحتها علبة مخملية باللون الأزرق الغامق تم فتحها مسبقا، ويظهر بداخلها خاتمًا رائعًا ومبدعًا من الماس، في منتصفه جوهرة زرقاء تشبه سماء عينيها على شكل قلب،
و تاريخ الشراء محفور بأناقة على العلبة.
نظرت كارمن إليه بصد@مة، وعيناها تلمعان بسؤال، قائلة بصوت هامس: ادهم...
قاطع حديثها، قائلًا بتمهل وهو يميل نحوها، ويسند بمرفقيه على الطاولة أمامها: قبل ما تسألي عارف عايزة تقولي ايه.. انا اشتريت الخاتم قبل جوازنا باسبوع.. بس ماقدمتوش ليكي عشان كنت عارف دماغك الناشفه هترفضي تلبيسه..
اردف بصوت ماكر، وهو يرفع حاجبيه: فاكرة قولتي ايه لمامتك لما طلبت منك تقلعي دبلة عمر؟
حدقت فيه بدهشة فكيف عرف ذلك، وتذكرت عندما عارضت والدتها علي عدم قدرتها على إزالة خاتم عمر من إصبعها، لكنها استسلمت لكلماتها في النهاية بعد جدال طويل بأنها ستبدأ حياة جديدة باختيارها، ويجب طي الماضي لمواصلة العيش.
ابتلعت كارمن لعابها قبل ان ترد عليه بتساءل: وانت عرفت ازاي الكلام دا؟
أجاب أدهم بنفس الهدوء، وابتسامة واثقة على شفتيه: لأن انا خليت مامتك تكلمك في الموضوع وطبعا هي بلغتني بكل حرف انتي قولتيه فمحبتش نبدأ حياتنا بخناقة من اولها
استمر في المزاح حتى لا يحرجها أكثر: كفاية القوانين اللي حطتيها من بعد ماسمعتي الوصية
خفضت كارمن بصرها، محرجة من صدق كلماته، ووقعت عيناها على الخاتم، لقد أعجبت به حقًا وأحبته كثيرًا، وشعرت بالحرج لأنها كانت قاسېة عليه وعلى نفسها منذ البداية، فما الخطأ الذي ارتكبه في حقها، ليتلقي كل هذا العناد والرفض منها؟
إغرورقت عيناها بالدموع لتزداد سحرا أخاذ هامسة بتردد: ادهم انا اسفة
تحدث أدهم بصوته الرزين يتغلغله عشق جارف، الذي ببساطة اخترق قلبها دون استئذان: حبيبتي مش عايزك تعتذري لان كل تصرف اتصرفتيه كان رد فعل طبيعي للظروف اللي مرينا بيها
ابتسمت كارمن له بحبور، وشعرت بارتياح شديد بسبب فهمه لها، فما من شيء أكثر دفئًا من كلمة أعرفك في موقف يتطلب تبريرًا.
مد أدهم يده إلى العلبة وأخذ منها الخاتم، ثم بسط يده إليها وقال بابتسامة عذبة: تسمحيلي !!
مدت كارمن يدها اليسرى إليه، وهي تشعر أن دقات قلبها تنبض پجنون، على عكس أي وقت آخر، ليمسكها بلطف ويضع بإصبعها البنصر خاتم الزواج الذي سيكون أول رابط حقيقي يجمعهما من الآن وإلى الأبد.
قبل أدهم يدها برقة، دون أن تبتعد عيناه عن عينيها، لينظر الي خدها الذي احمر خجلًا، لتصبح أجمل في عينيه.
قال أدهم بابتسامة، ونبرة دافئة تحمل في طياتها مقدار الحب الذي يتجاوز الحدود في قلبه، بينما لا يزال يمسك يدها بيده: دلوقتي الخاتم زاد جمالو لما لبستيه
عفويًا وجدت نفسها تضغط على يده بابتسامة جميلة تزين شفتيها، قائلة بسرور وقد قررت التخلي قليلا عن الخجل الذي يسيطر عليها في وجوده: بجد عجبني اوي ذوقك جميل ورقيق.. ميرسي يا ادهم علي كل حاجة الخاتم والفستان والعشاء ربنا يخليك ليا
حدق فيها بشغف، مستمتعًا بكلماتها التي هي بمثابة بلسم ينعش الروح والقلب، وتمتم: ويخليكي ليا يا حبيبتي
سحبت راحة يدها بلطف من يده، ثم قربتها من فمها بشكل تلقائي وقبلت الخاتم أمام عينيه التي تألقت بلهب الحب، والشوق الذي أحرق قلبه لسنوات عديدة.
تنحنحت كارمن برقة، غافلة عما فعلته به بحركتها: احنا مش هناكل الاكل هيبرد
بدأوا في تناول الطعام في جو حميمي يتسم بالدفء والعاطفة والمرح، وتحدثوا عن العديد من الموضوعات، واكتشفوا أشياء أخرى كثيرة مشتركة بينهم.
لقد استمتعت بالحديث معه كثيرا، حيث اكتشفت العديد من جوانب شخصيته التي لم تكن تعلم بوجودها، وتدريجيا نسيت توترها، ودخلت في محادثات شيقة معه.
.....: مش معقول ادهم بيه حضرتك هنا !!
انقطع حديثهم بسبب ذلك الصوت الأنثوي الرقيق.
نظرت كارمن إلى من حطمت سحر جلستهم الرومانسية.
كانت امرأة، ذات جمال فائق، وطويلة، وكان جسدها منسجمًا مع قوام رشيق، لم يكن فيها عيب واحد ظاهريا.
أومأ أدهم برأسه ترحيبًا بها، وهو يبتسم ابتسامة ساحرة جعلت قلب كارمن يغلي من الغيرة الحاړقة رغما عنها، فهي لا تريده ان يبتسم هكذا لغيرها ابدا، ولكن صعب جدًا أن تتحدث المرأة عن غيرتها على الحبيب، ولو كانت دماؤها مترعة بتلك الغيرة ومشاعرها تحترق.
ادهم بهدوء: ازيك يا رانيا
سبَّلت رانيا عينيها قائلة برقة: بخير بشوفتك اكيد.. حلوة جدا الصدفة دي وبعتذر لو قطعت حديثكم
ادهم ببساطة: مفيش مشكلة
أضاف موجهًا حديثه إلى كارمن بإبتسامة: دي رانيا من عارضات الازياء المميزات في الشركة.. اقدملك كارمن مراتي والمدير التنفيذي للشركة
مدت رانيا يدها لكارمن لتصافحها قائلة بابتسامة حلوة: اهلا وسهلا بحضرتك يا مدام اتشرفت بيكي..
كارمن بإبتسامة رقيقة: الشرف ليا.. فرصة سعيدة
رانيا: ميرسي عن اذنكم معايا صحابي
اردفت بنعومة مقصودة وهي تنظر لأدهم: وقريب هنتقابل عشان العرض يا ادهم بيه
بعد ذلك تركتهم وذهبت بهدوء، فحاولت كارمن تهدئة نفسها من خلال أخذ عدة أنفاس عميقة، لردع نفسها عن مشاعر الغيرة القوية التي اصبحت تراودها كثيرًا.
ادهم بهمس عميق دافئ: ايه اللي واخذ تفكيرك وانا معاكي
صدمت كارمن من صوته بجوار أذنيها، فرفعت رأسها في اتجاه الصوت، لتجد وجهها قريبًا جدًا من وجهه، وكان يجلس بالقرب منها ويميل جسده تجاهها وملاصقا لها.
بينما خلال شرودها قام أدهم من مقعده ليجلس بجانبها، فأحست بيده خلف ظهرها تلفها بحنان.
لا تعرف لماذا شعرت بالأمان عندما أحاطها بذراعه.
شعرت كارمن بالاسترخاء، على عكس المرات السابقة، عندما كان يجلس بجانبها، كان جسدها يصبح متيبسًا، لكن الآن تتنفس بثبات، ودقات قلبها تنبض بهدوء وبفرح، ربما لأنها تعرف الآن أن هناك حبًا بداخله لها.
بلا شك ان تلك المساحة المحصورة بين ذراعي المحب تغني عن اتساع كل هذا الكون، وهذا ما يسمى بالاحتواء.
اجابت كارمن بصدق وبشكل عفوي للغاية علي سؤاله، وشعور قوي يغمر روحها، وهي تحت تأثير لمساته الرقيقة على ظهرها وكتفها: انت
لا تعرف حقًا من أين حصلت على تلك الجراءة، لتجد نفسها ترفع يدها، وتلمس ذقنه بلطف ونعومة بابتسامة تزين ثغرها.
اتسعت حدقتى عينيه التي لمعت عشقا من اجابتها وحركتها اللطيفة، مما ألهب المزيد من المشاعر في جسده، وواصل حديثه في نفس الهمس العميق بأذنها، وهو ينظر مباشرة في عينيها ويسألها: تحبي ترقصي معايا؟
تشعر كما لو أنها مسحورة، وتسحبها قوة سحرية نحوه، لتجد نفسها تهز رأسها بالموافقة بدون اي وعي منها.
أمسك بيدها ووقفوا معًا ورافقها إلى حلبة الرقص.
وقف أدهم أمامها وهو يضع يده على خصرها، ليثير قشعريرة لذيذة في جسدها وهو يقربها منه بشدة، لتقول هي بإحراج وقد استوعبت الموقف الذي أوقعت نفسها فيه: ادهم انا مش برقص كويس
تحدث أدهم بهدوء، ونظر إليها بدفئ لتستكين رجفة جسدها بين يديه، متزامنًا مع استخدام يده اليسرى لربط أصابعه بأصابعها: ركزي مع الموسيقي واتحركي مع خطواتي
ترك خصرها للحظة، ثم رفع يدها اليسرى ووضعها على كتفه، ولف خصرها مرة أخرى بيده مبتسمًا لها، ليبدأ الحديث معها لمساعدتها على نسيان التوتر والاسترخاء والاستمتاع بتلك اللحظات.
بدأوا في التأرجح بسلاسة وخفة، وبعد ثوان اندمجت في هذا الجو الرومانسي من حولها.
ادهم بإبتسامة دافئة: طلعتي بترقصي حلو اهو.. اومال ليه الخۏف دا كله؟
كارمن بضحكة خافته: بصراحة كنت مكسوفه شوية في الاول
رفع يدها التي يمسكها بيده إلى شفتيه ليطبع عليها قب،لة لطيفة، وينظر إليها في صمت، فإن لغة العيون هي أكثر ما يعبر عن الحب، ولأن العين هي مرآة الروح، وكان مبتسما وسعيدا بخجلها ورقتها التي تسحره.
تورد خديها قائلة بحرج: ادهم عيب كدا الناس حوالينا
ادهم بغمزة: براحتنا محدش له عندنا حاجة
مد يديه وربت على خديها الوردية التي تزامنت مع رقصهما، فأغمضت عينيها مستمتعة بدفء يده، وكأن حنان العالم كله تكمن في تلك اليد، ثم مرر أصابعه في شعرها، يداعب خصلاتها ببطء ونعومة، وقربها إليه ليستنشق رائحتها التي تثمله.
رفعت كارمن وجهها إليه ونظرت عيناها الزرقاوتين إلى عينيه بحب يغطي كيانها بدون كلمات.
ف للعيون لغة صريحة خاصتا عندما تركز على وجه الحبيب، وتترجم المشاعر له بخجل وتلقائية دون اللجوء إلى الكلمات.
كانت في عالم آخر، لا ترى سوى عينيه تشعان بحب لم تكن تعلم أنها ستلتقي به يومًا ما، وتشعر أن كل شيء رائع معه وبه.
لتنتهي الأمسية بقضاء لحظات جميلة محاطة بالدفء والعاطفة وانجذاب واضح تجاه بعضهم البعض.
غادروا المكان بقلوب سعيدة، وعندما وصلت بهم السيارة أمام القصر.
كان على وشك النزول، ولكنها التفتت إليه مسرعة، ووضعت يدها على ذراعه لمنعه من الحركة، ليتفاجأ بتصرفها وينظر إليها بتساءل، لتقترب منه بناءا على إلحاح قلبها عليها.
استندت كارمن عليه لتضع قبلة رقيقة بجوار شفتيه، ثم همست له بجانب أذنه بدلال أنثوي: انبسطت اوي بالسهرة.. شكرا حبيبي
قبلتها الناعمة مع تأثير كلمة "حبيبي" التي خرجت من شفتيها جمدته للحظة في مكانه، وجعلت دقات قلبه تخفق پجنون في صدره، لكن حالما استيقظ من صډمته، لم يجدها داخل السيارة معه، حيث فرت هاربة من جانبه دون أن يدرك.
ظهرت ابتسامة صغيرة على شفتيه، فتلك الماكرة سلبت عقله بفعل صغير فقط منها.
نزل أدهم من السيارة وتبعها مسرعًا خلفها، وقبل أن تطرق باب القصر وصل إليها، ولف يده على خصرها وقربها منه، ثم قبّل شعرها وهمس بحنان: العفو يا قلب حبيبك
ابتسمت كارمن بسعادة، وهي بين يده التي احتوتها، وشعرت أنها في مأمن معه حقًا.
دخلوا القصر معًا ليفاجأ الاثنان بالشقراء التي تجلس أمامهما، وتضع قدمها اليمنى بإغراء على يسارها، بفستانها الأحمر المرتفع لقبل ركبتها بكثير، ويكشف بسخاء عن مفاتن جسدها الرشيق.
نهاية الفصل الثلاثون
السهرة الرومانسية
الفصل الحادي والثلاثون (غرق لذيذ) مزيج العشق
في قصر البارون
دخلوا القصر معًا ليفاجأ الاثنان بالشقراء التي تجلس أمامهما، وتضع قدمها اليمنى بإغراء على يسارها، بفستانها الأحمر مرتفع لقبل ركبتها بكثير، ويكشف بسخاء عن مفاتن جسدها الرشيق.
كانت نادين جالسة على الكنبة بإسترخاء، وتبدو في حالة سكر شديد، وأمامها زجاجة نبيذ وكوب في يدها اليسرى، بانتظار وصولهم.
تحدثت نادين بلسان ثقيل، وقامت من مكانها، وسارت نحوهما مترنحة في مشيتها: انت اتأخرت ليه كدا يا حبيبي وسايبني لوحدي.. تؤ تؤ انا زعلانه منك اوي
قلب أدهم عينيه، وهو يتنهد بملل من تكرار ذلك المشهد والسيناريو الذي سئم منه حقًا.
على عكس حالة كارمن التي صُدمت بشدة من الوقاحة التي تراها من نادين، لم تكن تعلم أنها تشرب الكحول من الأساس.
ادهم بإزدراء: انتي اټجننتي يا نادين ايه اللي انتي عاملة في نفسك دا ؟
نادين برقه متصنعه: كنت عايزة اتكلم معاك شوية يا بيبي
زفر أدهم ونظر إليها، ليقول ببرود، راغبًا في إنهاء هذه الفقرة بسرعة: ماشي
نظر إلى كارمن، التي كانت تقف متجمدة في مكانها، تحاول السيطرة على نفسها حتى لا تنقض على تلك الإنسانه الوقحة وتنتف شعرها، ثم أمال رأسه قليلًا وقبل خدها قائلًا بنبرة هادئة: استنيني هنا مش هتأخر عليكي
تمتمت بإبتسامة باهتة: لا انا هطلع اشوف ملك
غادرت كارمن، وتركتهم دون أن تسمع رده، لتظهر علي شفتي نادين ابتسامة خبيثة.
قالت نادين بدلال، وهي تقترب منه، وتضع يديها خلف رقبته: تعالي نروح علي جناحي يا حبيبي
صاح أدهم بحدة، مبتعدا يدها عنه، ورجع خطوة إلى الوراء: انتي عايزة توصلي لإيه بالظبط من عمايلك دي يا نادين؟
رمشت نادين بتوتر من هجومه العڼيف عليها كالمعتاد منه، ثم صاحت به في عصبية: جرا ايه يا ادهم بتزعقلي ليه.. مش كفاية خرجت مع الهانم وانا عمرك ماخرجتني معاك في اي سهرة
ادهم بإشمئزاز: لاني ماليش في سهراتك رقص طول الليل وشرب واماكن ژبالة مش مناسبة لزوجة محترمة تكون فيها اساسا.. القرف اللي انتي عايشة فيه دا خلاص مش هقدر اتحملو كتير
صاحت نادين في سخط، وعيونها حمراء من الشرب: ما انت عارف اني كدا من الاول وماحاولتش تسيبني.. فجأة كدا دلوقتي مش قادر تستحمل..
اردفت پحقد: اكيد عشان خاطر الهانم طبعا
نظر أدهم اليها بإمتعاض، وهو يزم شفتيه في خط مستقيم، ثم قال أدهم بجمود وحزم: من الاول كنت واضح معاكي لو مش متقبلة الوضع اللي انتي اختارتي حياتنا تمشي عليه بسبب بتصرفاتك دي يبقي نسيب بعض بهدوء
نادين پخوف وضعف: لا يا ادهم انا مقدرش ابعد عنك ماتسيبنيش خلاص مش هتكلم في حاجة.. بس من فضلك وصلني لجناحي مش هقدر اطلع لوحدي
أغلق أدهم عينيه بقلة حيلة، ثم رفعها بين ذراعيه، وأخذها إلى الأعلى دون أن ينبس ببنت شفة معها.
عند كارمن
صعدت كارمن الدرج بحذر من الكعب الذي ألم قدميها للغاية، ثم تمتمت بحنق لنفسها، ووجهها أحمر من شدة الڠضب المكتوم داخلها: يا نهار اسود عليا وعلي حظي انا كان مستخبيلي دا كله فين ياربي.. هلاقيها من نادين ولا ياسمين ولا الزفته رانيا دي كمان.. هلاحق علي مين ولا مين.. قربت اجنن وبقيت بكلم نفسي
دخلت غرفة والدتها بهدوء حتى لا تزعجها، واستدارت بعد ان اغلقت الباب لتتفاجأ بإيقاظها، وجلوسها في منتصف السرير، وهي تحمل القرآن الكريم في حضنها، ويبدو انها كانت تقرأ به وتوقفت عند دلوف كارمن.
كارمن بدهشة: معقولة يا ماما صاحية لحد دلوقتي
ابتسمت مريم بنعومة وقالت بحنان: من امتي يا قلب ماما بعرف انام قبل ما اطمن عليكي.. هو صحيح ادهم معاكي ودا مطمني بس قلبي مايطوعنيش برده
اقتربت كارمن منها بصمت، ثم جلست بجانبها على السرير ذ وانحنيت عليها تعانقها بإرهاق، فهي الآن بحاجة إلى عناقها أكثر من أي شيء آخر.
بعد برهة تنهدت بحرارة، وقالت بحزن: ربنا يخليكي ليا يا ماما
سألت مريم بقلق، وهي تمسح شعرها بلطف، وقد شعرت أن شيئًا ما يزعج ابنتها: مالك يا حبيبتي حصل حاجة ضيقتك في الخروجة
خرجت كارمن من حضڼ والدتها، وأجابت عليها بغيظ عفوي: جينا من برا مبسوطين لاقيت اللي اسمها نادين سكرانه طينه وقاعدة في انتظارنا ولابسة فستان لا تقريبا دا قميص نوم وقال ايه...
ثم غيرت نبرة صوتها تقلد اسلوب نادين بدلال: عايزة اكلم معاك يا بيبي
عادت تتحدث بصوتها الطبيعي مردفه بإمتعاض: ودلوقتي هي تحت وادهم معاها
لم تتفاجأ مريم بما تسمعه فقد أخبرتها ليلي عن تصرفات نادين الخرقاء، لكن حدسها يقول إن هناك تطورًا في مشاعر كارمن تجاه أدهم.
رفعت مريم حاجبيها قائلة بمكر: بتغيري عليه منها صح؟
أومأت كارمن إليها، وموجة من الضيق تجتاح مشاعرها من مجرد التفكير في أن يبقي أدهم مع نادين، ولا يعود إليها.
مريم بصوت هادئ: الغيرة اكبر دليل علي انك بتحبيه يا كارمن؟
ابتلعت كارمن غصه تشكلت في حلقها، ثم أجابت بصدق وألم، وامتلأت عيناها بالدموع: ايوه يا ماما بحبه الاحساس للي بحسه معه غير احساسي مع عمر خالص.. لما بكون معه او بفكر فيه قلبي بحس ان دقاته مختلفة.. بتعجبني سيطرته في كل حاجة حتي لو مش علي هوايا بكون مبسوطة بتعليقاته علي ابسط تفاصيلي.. بس دلوقتي حاسة اني مضايقة اوي من الغيرة اللي مولعه في قلبي.. مش عايزة ابقي انانية هي كمان مراته.. بس معرفش ليه بعد كل لحظة حلوة بينا بتدخل نادين وتحطمها كدا
تحدثت مريم، وهي تربت على يد كارمن بحنان: هو لو بيحبك بجد هيعرف ازاي يراضيكي يا قلبي وانا متأكدة انه بيحبك
همست كارمن بدهشة من ثقة والدتها العالية في حديثها، ولا تزال هي نفسها تشعر ببعض الشك حول مشاعر أدهم تجاهها: وانتي عرفتي ازاي ؟
مريم بمنطقية: تغييره من يوم جوازكم.. نظراته ليكي واهتمامه بيكي.. هو انا صغيرة يا بت ما انا حبيت قبل كدا واعرف اللي بيحب من نظرة عينه وانتي اكيد حاسة بكدا فبلاش تحطي حواجز بينكم
همست كارمن بصوت متعب: انا لو حطيت حاجز او اتنين في مية حاجز بينا برده يا ماما
أنهت كلامها، ثم نهضت وتوجهت إلى ابنتها، وقبلتها بحنان وربت بلطف على شعرها وهي نائمة.
مريم بتصميم: بلاش تستسلمي بسرعه يا كارمن دا جوزك وانتي مش صغيرة دافعي عن حقك فيه.. بس بلاش تكوني انانية وتشتتيه بالغيرة بسبب ومن غير سبب اتعاملي بهدوء معه.. خليكي انتي حضڼ حنين يهرب له من الناس كلها وهوني عليه.. الحياة وريته كتير كفاية عليه انه مستحمل وحدة زي نادين دا له الجنه والله
كلام والدتها جعلها تشعر بالراحة، فابتسمت لها ثم أمسكت بيدها، وقبلتها بحب كبير: ربنا مايحرمنيش من نصايحك يا ست الكل يا قمر انتي.. هروح اشوف جوزي بقي
ضحكت مريم بخفة: براحة يا مجنونه التقل صنعه برده ارخي وشدي بالقلب والعقل سوا
ارسلت كارمن لها قبلة في الهواء: حاضر يا مريومه.. تصبحي علي خير
مريم بإبتسامة: وانتي من اهله حبيبتي
عند ادهم
كالعادة الروتينية التي قد سئم منها.
غادر جناح نادين بعد أن وضعها على السرير وغطها، وقد ڠرقت هي في النوم، ولم تدري بأي شيئا من حولها، ثم توجه إلى الطابق الثالث الخاص به.
في ذلك الوقت...
خرجت كارمن من غرفة والدتها بعد أن هدأت قليلًا من كلمات والدتها السحرية، وصعدت إلى الطابق العلوي، وهي تفكر فيما إذا كان أدهم لا يزال مع تلك الشقراء أم لا.
لكنها شهقت بخفة عندما سحبتها يد فجأة من معصمها،xلتجد نفسها ترتطم بصدر أدهم الذي كان يقف عند باب الجناح منتظرا صعودها.
مرت لحظات قليلة قبل أن يبتعد عنها قليلًا، ليعطي لها مجال للتنفس، وهم يغلقون أعينهم، ويلهثون بشدة بعد تلك العاصفة التي اقتلعت كل ذرة عقل بداخلهم.
رفعت كارمن عينيها ونظرت إليه بعتاب، فهمس لها بشوق، وهو ينظر إليها ويلف ذراعيه بإحكام حول خصرها: وحشتيني اوي
زادت دقات قلبها من همسه الحنون الذي لامس شغاف قلبها، ثم تمتمت بغنج أنثوي: والله بأمارة ما فضلت معها وسيبتني
أضاف أدهم بهمس خطېر، وهو ينظر إلى شفتيها المتورمتين من لهيب العاطفة التي تدفقت في أجسادهم: هو في واحد عاقل يسيب مراته في اول يوم حقيقي بجوازهم
خجلت كارمن من تلميحاته التي تحمل الكثير من المعاني، ولم تستطع مجاراته في الحديث.
عندما لاحظ خجلها، ووضعهما غير الملائم لفعل اي شيء، حاول تغيير مسار الحديث حتى لا يرتكب شئ أكثر تهورًا من ذلك: اطمنتي علي ملك
أومأت إليه كارمن قائلة بخفوت: ايوه الحمدلله هي نايمة
انهت كلامها ثم حاولت بهدوء إزالة يده من خصرها، لكنه تركها تفلت من بين يده بابتسامة غامضة، وهو يراها تتجه إلى باب الجناح لفتحه.
دخلت كارمن إلى الجناح بإبتسامة، ولكن تجمدت الابتسامة علي شفتيها وهي تتسمر في مكانها مما تراه امام عينيها
رمشت في ذهول عندما رأت الجناح مزينًا بالورود الحمراء والشموع موضوعة على الأرفف والنوافذ، لإضفاء جو عاطفي ساحر، وهادئ في المكان مع موسيقى رومانسية هادئة.
نسيت ما كان يزعجها منذ قليل، وكل ما كانت تفكر فيه سلبيًا، وشعرت كأنها تدخل هذا الجناح لأول مرة، كان رائعًا حقًا، لكن السؤال هو متى رتب أدهم كل هذا، وكيف؟
تردد ذلك السؤال في عقلها بحيرة.
خرجت كارمن من أفكارها، فور أن أدركت أن أدهم يقف خلفها، وشعرت به يمد ذراعيه القويتين حول خصرها ليلصقها به من الخلف، ثم أراح ذقنه على كتفها.
لا يوجد شيء أجمل من الشعور بالراحة، وأنت قريب ممن تحب إلى الحد الذي يمكنك فيه إراحة رأسك على كتفه بإرتياح، فهذه لحظات مذهلة حقًا ولا تقدر بثمن.
همست كارمن بتهدج وتأثير شديد، وعيناها تتلأَلأَ بإنبهار: انت اللي عملت كل دا؟
همس أدهم بجانب أذنها بصوته الرخيم الذي يجلب الاطمئنان الي نفسها: انا صاحب الفكرة بس اللي نفذ وحضر كل حاجة مامتي ومامتك واحنا برا
رفعت كارمن رأسها قليلا، لتنظر إليه بحب عميق، لأنه اليوم يستمر في صنع مفاجآت سارة لها، ولا تعرف كيف تشكره على كل هذه الأشياء الجميلة التي تجعلها تشعر بمدى أهميتها بالنسبة له.
كارمن بإبتسامة صافية: حاسة كأني اول مرة ادخل الجناح
أدارها أدهم وهي ما زالت بين ذراعيه، وعندما تبادلا النظرات في عيني بعضهما البعض بشغف، حيث هي بين احضانه، كانت كلمة "أحبك" واضحة وصريحة للغاية، ويمكنها قراءتها بسهولة دون أن ينطقها بشفتيه.
همس ادهم بعشق: لان اليوم دا مختلف عن كل الايام اللي فاتت يا قلبي
كارمن بصدق: انا مبسوطة اوي يا ادهم بكل حاجة عملتها او فكرت فيها عشاني ربنا يديمك في حياتي وميحرمنيش منك
زادت الابتسامة على وجه أدهم، وهو يمسّح بنعومة على خدها، قائلًا بحنان متناقضًا مع خشونه صوته: مش عايز حاجة غير انك تبقي مبسوطة ربنا يقدرني اسعدك علي طول
ابتسمت كارمن له بسرور، ولفت يديها حول خصره من تحت سترته، إنه شعور رائع للغاية أن تشعر أن سعادتك هي أولوية شخص معين.
أرادت التحرك لدخول غرفة النوم، لكنه أمسك معصمها وهو يمنعها من التحرك، لتنظر إليه بتساءل!!
رأته يبدأ بحل ربطة عنقه ببطء وخلعها عن رقبته، وهي تراقبه بإنشداه.
أدار أدهم جسدها بيديه حتى أصبح ظهرها مقابل صدره، كل هذا وسط دهشتها مما يفعله، لكنها لم تحاول أن تعترض، أرادت أن تفهم ما ينوي فعله.
تفاجأت كارمن حينما غطي عينيها بربطة عنقه، ودون أن يتكلم إنحني عليها، ليرفعها بين ذراعيه.
تمسكت كارمن برقبته، وهي تتحدث پخوف وعدم فهم من تصرفه المريب: ايه دا يا ادهم.. انت بتعمل ايه ؟
همس بحرارة في اذنها: ماتخافيش وانتي معايا
كارمن بإضطراب من همسه: هنروح فين ؟
اضاف ادهم بنفس همسه الغامض: دقيقة وهتعرفي
سار بها نحو الغرفة بخطوات هادئة.
بعد أن دخل الغرفة بها في صمت أنزلها أرضًا، ووقف خلفها رافعًا يديه ليفك ربطة عن عينيها، قائلًا بصوت هادئ: فتحي عينيكي
فعلت ما طلب منها بابتسامة فضولية.
ومضت عيناها بحب واتسعت ابتسامتها على شفتيها الوردية، حيث رأت الغرفة مزينة أيضًا بالشموع الموضوعة على شكل قلب في منتصف الغرفة، وعلى المنضدة بجانب السرير.
توجد شموع على شكل قلوب أيضًا لإضفاء إحساس بالدفء والاسترخاء الحميم مع الإضاءة الخاڤتة للغرفة، ويوجد على السرير ثوب نوم لها وبيجاما له، وبدون أدنى شك أن هذه الإضافة كانت بترتيب والدته ووالدتها أيضًا.
لقد كان جوًا رائعًا حقًا، مليئًا بالعاطفة والرومانسية، واعتراها شعورا كما لو كانت هذه الليلة هي المرة الأولى التي تكون فيها معه في تلك الغرفة.
لا، إنها في الواقع الليلة الأولى، فمن الواضح أن حياتها ستتغير معه منذ تلك الليلة.
لا تصدق أن صاحب هذه الأفكار الرومانسية والترتيب هو أدهم الصلب، الذي لطالما نعتته بالبارد والمتحجر، وهو نفسه الآن الذي يشعرها بأنها مهمة ومدللة عنده.
التفتت كارمن إليه وعانقته بشكل عفوي، وسط اندهاش ادهم من جراءة فعلتها، لكنه لم يهتم لأنه كان في قمة سعادته، وهو يرى مدى سعادتها بهذه الأشياء البسيطة والقيمة في نفس الوقت، فكان يريد أن يحفر تلك الليلة في ذاكرتها بكل التفاصيل.
وضع أدهم يده خلف شعرها والأخرى على ظهرها، وهو يغلق عينيه ويستنشق عبق شعرها المميز بقوة،
يضمها اليه كأنه يريد أن يدخلها في وسط ضلوعه ليريح قلبه المعذب بحبها، ولكي تهدأ نيران اشتياقه لها حتى وهي بين ذراعيه.
أغمضت كارمن عينيها، وكان عناقه لها الدافئ أفضل تعبير عن المشاعر الجياشة التي تأججت بنيران عشق لم يدرون من اي مزيج خلقت، لتنشب بين ضلوعهم وتجعلهم يخضعون للهب الدافئ في قلوبهم العاشقة.
همس ادهم بينما انفاسه تلفح بشرتها بحرارة: كارمن انا مش قادر ابعد عنك وعايز اعرف انتي موافقه جوازنا يكون حقيقي دلوقتي ولالا
لم يتلق أي إجابة سوى الصمت، بينما كانت كارمن تجمع شجاعتها، وتفكر في كيفية إخباره أنها تريده كما يريدها، وإنها تود حقًا أن تشعر بلمساته الدافئة،، وكل شيء معه.
مر الوقت وهو ينتظر الجواب بشغف، هو ايضا لديه مشاعر، ويود أن ينال منها ما يدل على موافقتها، وأنها ترغب به كما يرغب بها.
رفعت كارمن رأسها، ونظرت في عينيه، ثم خفضت عينيها
كان قلبه يرفرف بين ضلوعه من فعلتها التي اشعلت في جسده نيران هوجاء، وانحنى عليها أكثر،
ابتعد أدهم عنها قليلًا وهو يلهث، لكنه ما زال يلف ذراعيه حول ظهرها بإحكام.
عضت كارمن علي شفتيها في حرج، ووجهها يتوهج باحمرار لطيف، وخفضت بصرها إلى صدره.
سند جبهته على جبهتها، قائلا بصوت أجش من الأحاسيس المفرطة التي تهاجم جوارحه بقوة: بحبك
رفعت كارمن رأسها ونظرت إليه بشكل مباشر، وعيناها داخل عينيه اللتين كانتا تنظران إليها بحنان، لتشعر بالأمان يطوقها، قائلة بعفوية: وانا كمان بحبك يا ادهم
اتسعت عيناه بإنشداه، وهو يقرب اذنه منها قائلا بعدم تصديق: قوليها تاني كدا
ابتسمت له بخجل، وهمست الحروف ببطء: ب.ح.ب.ك
قام أدهم بلف جانبي رقبتها بيده برفق، هامسًا بنبرة تجيش بالعاطفة المخزونة بداخله: مافيش حاجة في الدنيا ممكن اقولها وتوصفلك اللي حاسس به دلوقتي.. انا بعشقك پجنون يا قلب ادهم
اضاف بندم: واي تصرف حصل مني وزعلك كان من غيرتي عليكي اللي كتمها في قلبي ومش عارف اعبر عنها
ابتسمت كارمن، لتقول برقة: خلاص انا مش زعلانة منك.. ممكن نبطل نتكلم في اللي فاتت ونبدأ من جديد مع بعض
لأنه كما يقال اغفر لمن تحب حتى تسعد روحك بتلك المغفرة، وابتعد عن الجدل واللوم الذي ېقتل العاطفة ويجلس على عرش مۏتها، فكل إنسان يعرف بينه وبين نفسه عدد الأخطاء التي ارتكبها، لكنه يطمح دائمًا إلى بعفو حبيبه عنه.
أغمض أدهم عينيه وقربها منه، وقبلها على جبهتها بمزيج من المشاعر المختلطة التي تجمع بين الحب والعشق والتقدير، يحمد ربه علي منحه تلك الانسانة التي تحمل في قلبها كل هذا اللطف ونقاء.
لأن الجمال بلا طيبة لا يساوي شيئًا، وطيبة القلب ونقاؤه هما وحدهما ما يعوضان كل تلك الخسائر التي حدثت في حياة بعضهما البعض.
ارتجفت أوصالها عندما مرر أنامله على طول ظهرها، وشعرت بتلك القشعريرة اللذيذة تدب عبر جسدها بفعل لمساته الحانية.
بينما هو ينحني على رقبتها، ويستنشق رائحة بشرتها ناعمة الملمس قائلا بإنتشاء: تعرفي اني بقيت مدمن ريحتك اللي تجنن دي
ثم اردف بمزح: ومش مصدق ان انهارده مافيش نوم علي الكنبه
ارتجف كتفها بسبب الضحك الذي كانت تحاول كبته، ولم ترفع بصرها عن صدره، ليرفع هو ذقنها، وينظر إلى عينيها الزرقاوين، فوجد نفسه يغرق في بحارها العميقة، التي لا يريد النجاة منها الا بها.
تمتم أدهم بمشاكسة وهو يقرص طرف أنفها: اضحكي بتكتميها ليه ما هو انا اللي كان ظهري هيتقطم من النوم عليها
ضحكت كارمن ضحكة صغيرة قائلة بخفوت: بعد الشړ عليك.. الكنبة فعلا مش مريحة للنوم عليها.. معرفش انت كنت بتنام عليها ازاي وليه اصلا كنت موافق تنام عليها
وضع أدهم يده على جانبي وجهها ومسح بإبهامه على وجنتاها بلطف، يهمس بعشق ومكر: اومال كنتي عايزاني اسمع كلامك واعملك اوضة ليكي عشان اشوفك بالصدف.. مستحيل.. عارفه ان في حياتي كلها ماحدش خلاني اعمل حاجة مش علي مزاجي غيرك انتي يا مجنناني
ابتسمت كارمن في داخلها علي نبرة صوته المتملكة التي راقت لها كثيرا، ولقد أعجبت ايضا بذكائه في التفكير والترتيب، وكانت نظراتها إليه تفيض بالحب الحقيقي، ففي كل دقيقة تمرx تكتشف مدى تفهمه وصبره.
هبط على شفتيها المغريتين، التي فتحتا قسرا، كأنها تدعوه لتقبيلها، فاستجاب نداءها بلهفة متناولها بين شفتيه بنهم.
لم يكن يقبّل شفتيها بل يأكلها لإشباع جوعه وشغفه الذي جعله يقظا ليالي طويلة، متمنيا هذا القرب منها، وكان هذا اختبارا قاسيًا لقوة صبره منذ اليوم الأول لها داخل مملكته.
شعرت بأصابعه تداعب سحاب فستانها، ثم جردها منه وسط عاصفة مشاعرها ليسقط على الأرض، وهو ما زال يلتهم شفتيها، ثم بدأت تساعده على خلع سترته وتجريده من قميصه قبل أن يعود يمسكها به داخل احضانه مرة أخرى بنفاذ صبر، ويكمل جنونه بشفتيها، وهو يكاد يفقد عقله من آهاتها الخاڤتة ومجاراتها له في كل ما يفعله معها.
رفع جسدها بين ذراعيه بخفة، وقادها إلى السرير المريح، ووضعها عليه برفق، واعتلاها بجسده القوي.
تجولت شفتيه بين عينيها ووجنتيها، وشفتيها، موزعا قبلاته المتناثرة عليهم بتمهل يجعلها تحترق شوقا اكثر للمزيد، ثم مال على رقبتها البيضاء يتذوق ملمسها الناعم الذي يفقده رشده.
يرتشفها بشفتيه ويضع عليها صك ملكيته، ثم يقبل عظام الترقوة بشغف حتي جعل رغبتها تشتعل پجنون اكثر، واخذت تردد اسمه بصوت هامس مثير من شعورها بهيمنته عليها، وتود ان لا يتوقف عما يفعله بها بل ان يتعمق اكثر.
أحاطت برقبته ورفعت رأسه تجاهها لتجذبه إليها، ويجتاحها شعور قوي يغذي الروح ويتحكم في العقل يغمرها،، معتبرًا أن هذه كانت إشارة منها للتعمق معها في بحر من اللذة، ثم يغوص معها في رحلة خاصة للغاية مفعمة بالعشق والجنون، وأخيرًا
وتسدل شهر زاد عليهم الستار الأن، ولكنه لن يكون ستار النهاية بل انها بداية أحداث طويلة، وصراعات كثيرة ستحدد ما إذا كان هذا العشق الممزوج بالألم سيستمر أم سينهار ويسقط امام عقبات القدر.
نهاية الفصل الحادي والثلاثون
الفصل الثاني والثلاثون (زيارة مفاجأة) مزيج العشق.
في صباح مليء بأمل جديد
حياة جديدة تشرق في القلوب التي تسكن قصر البارون، يوم يملؤه العديد من الأحداث قد تغير المصائر القادمة.
تملمت في نومها، منزعجة من ذلك الصوت الذي لا يريد التوقف، فتثاءبت بكسل، وحاولت الالتفاف إلى الجانب الآخر لإيقاف المنبه الذي يرن للمرة الثالثةx ، لكنها وجدت نفسها محاطة بساق ويد ممَ يعيق حركتها.
فتحت كارمن عينيها محاولة التركيز، لتحمر خجلا حينما أتت في ذهنها مقطتفات سريعة ممَ حدث الليلة الماضية.
نظرت إلى المنبه الموجود على المنضدة، واتسعت حدقتها فزعا من نومها طوال هذا الوقت وتأخرهما عن العمل.
وضعت كارمن راحة يدها على كتف أدهم وهزته بلطف، لتهتف بسرعة محاولة إيقاظه، وكان واضحًا أنه نائم بعمق ولا يدري بشيئًا حوله: ادهم اصحي احنا اتأخرنا علي الشركة يلا قوم
تململ أدهم بانزعاج وهو ينظر إلى الساعة، ثم حدق في تلك الفاتنة بقميصها الذي يكشف مفاتنها بإغراء، قائلًا بمكر ونعاس: دا مش وقت شركة اصلا تعالي هنا
جذبها لتستلقي بجانبه ثم، اعتل جسدها بجسده الضخم، ويسحب الغطاء عليهم ويختبئون معًا وراءه، ليغيبون مرة أخرى في بحار الهوى
بالأسفل
مريم وليلي تجلسان بجانب بعضهما البعض، وتجلس نادين أمامهما التي تشعر بصداع في رأسها من الإفراط في الشرب الليلة الماضية، ولا تتذكر شيئًا مما حدث على الإطلاق، مجرد ومضات مشوشة من حديثها المتهور مع أدهم.
ليلي بمكر: غريبة الساعة بقت 11 الصبح ولحد دلوقتي كارمن وادهم لسه مانزلوش يفطرو
تحدثت مريم بابتسامة سعيدة وهي تطعم ملك في فمها، متناسية وجود نادين: حقهم يتأخرو اكيد سهروا امبارح كتير مع بعض ربنا يسعدهم
ليلي: امين يارب
كانت نادين تحدق بهم پحقد وكراهية، وفهمت ما تعنيه ليلي بكلامها، واضح أن العاشقين بالأعلى يغوصون في بحار العسل لذا تأخروا على الإفطار اليوم.
تحدثت ليلي بغطرسة وقسۏة، حيث أخبرتها إحدى الخادمات بما حدث الليلة الماضية: اسمعي يا نادين اخر مرة يتكرر اللي حصل امبارح ممنوع تشربي في وسط البيت بالشكل دا في اصول يا حبيبتي لازم تلتزمي بيها لانك مش لوحدك هنا في اطفال معانا زي ما انتي شايفه
نادين بوقاحة: بمناسبة الاصول يا طنط هو ان يصح ابنك يهمل مراته الاولانية بالشكل دا ويهتم بمراته التانية وبس
تنهدت ليلي قائلة ببرود: دي حاجة خاصة بينكم وبين بعض مادخلنيش فيها
نفخت نادين بإمتعاض من عجرفة تلك العجوز دائمًا معها، واكتفت بصمت لاذع، فلا شئ يستدعي للقلق الآن إلا أنه من الممكن أن تحمل كارمن من أدهم حتى مع مواعيدها المنتظمة، لوضع أقراصها في العصير، لذلك ستضاعف جرعة الحبوب في العصير حتى تشعر بالأمان قليلًا من أي مفاجأة، قد تهدد بإقصاؤها من هذا الرخاء الذي تستمتع به، ولا تستطيع الإستغناء عنه.
ظهرا في جناح ادهم
هتف أدهم وهو يقف أمام الحمام: حبيبي هتفضلي جوا كتير
نظر إلى ساعته، ثم أردف بتذمر: بقالك اكتر من ربع ساعة جوا بتعملي ايه كل دا ما تخرجي بقي
بعد لحظات فتح باب الحمام، وظهرت كارمن بمنشفة تلف بها جسدها الناصع، وتلف شعرها بمنشفة صغيرة.
كارمن پغضب طفولي، وهي تضع يدها على خصرها: حرام عليك يا ادهم كل شوية تنادي عليا بتوترني كنت هتزحلق كذا مرة
ثم أضافت بدهشة، وهي ترى ملابسه الشبابية الأنيقة، كان يرتدي بنطال جينز رمادي وتي شيرت أبيض منقوش عليه حروف باللون الأسود. وعليه جاكيت أسود أنيق وعصري به خطين باللون الرمادي علي جانبي اكتافه: هو انت لابس كدا ليه اومال فين البدلة
ابتلع أدهم لعابه على منظرها المغري جدا، قائلا ببحة خشنة: مافيش بدلة انهاردة
تمتمت كارمن وهي تفرك رقبتها من جاذبيته التي تشتتها: وناوي تروح كدا الشركة يعني
أهداها أدهم ابتسامة جذابة، ليقول بنفى: لا احنا مش هنروح الشركة انهاردة مالك هيحل مكاني
وأضاف مشيرًا إلى ملابسه: ايه مش عجبك الطقم دا؟
اقتربت كارمن منه، وهي تزم شفتيها للأمام بدلال، لتغمغم برقة: بالعكس عجبني اوي
همس مزمجرا من جمالها الأنثوي الأخاذ الذي يفقده ثباته الإنفعالي: هتفضلي واقفة كدا قدامي بالفوطة دي.. يلا ادخلي البسي هدومك بسرعه عشان هنخرج.. البسي حاجة تقيلة الجو بدأ يبرد
ابتهجت أسارير وجهها بفرح وهي تسأل على الفور: بجد هنروح فين ؟
ابتسم أدهم علي حماسها قائلا بنفاد صبر: مفاجأة ماتيلا بقي الحقي نفسك قبل ما اتهور وانتي زي القمر قدامي كدا واغير رأيي ونقضي الوقت كله علي السرير دا
قهقه عليها بشدة عندما احمرت وجنتاها بالخجل من جرأته، وركضت بسرعة نحو غرفة الملابس دون لحظة تردد واحدة.
في فيلا مراد
كان يرتب حقيبة سفره، ولم يتبق وقت لإقلاع طائرته إلى إيطاليا، وحاتم يقف الي جواره.
حاتم بإضطراب: انا قلقان يا بني عليك ما تخلي الشرطة هي اللي تتعامل معاهم
تكلم مراد وهو يغلق سحاب الحقيبة قائلًا بهدوء: ماتقلقش كله مترتب ومافيش حد هيقضي علي الك@لاب دول غيري
حاتم بعدم اقتناع: مش هتقدر لوحدك انت عارف عددهم كام
نظر إليه مراد قائلا بإصرار: الشرطة هتلم كل اعضاء المنظمة بمعرفتها كل دا مايهمنيش انا عايز زعيمهم
حاتمxبخوف: يا مراد انت رايح للمoت برجلك
مراد ببرود اعصاب: ما انا في كل الاحوال مېت هتفرق ايه علي الاقل المرة دي بجيب حق اهلي اللي اټقتلو غ،ـدر علي ايدهم بطريقة صح
ربت حاتم علي كتفه بحنان وقال: انا فاهم بس خاېف عليك انا ماليش غيرك.. مش فاهم اشمعنا المرة دي مصمم افضل هنا وماجيش معاك
تحدث مراد بسأم وهو يضع سلاحھ المرخص في حزام الصدر تحت سترته: تاني هنتكلم في الحوار دا مافيش وقت الطيارة هتقوم بعد ساعتين.. خلي كارمن دايما تحت عينك يا حاتم محدش ضامن لو في جواسيس مزروعه وسط رجالتنا اكيد عندهم خبر اني براقبها محدش غيرك بثق فيه
حاتم بطاعة: ماشي هتغيب هناك قد ايه طيب
مراد بلا مبالاة: حوالي شهرين او اكتر علي حسب
حاتم بقلة حيلة: ربنا معاك يا بني ويعديها علي خير
في احدي فنادق القاهرة
وصل زين وبدر وماجد إلى القاهرة، وتوجهوا إلى أحد الفنادق للإقامة الليلة حتى يأتي ميعاد ذهابهم لمنزل كارمن.
صعد الجميع إلى غرفهم، فكان لزين وماجد غرفة وكان بدر وحده في غرفته، بعد أن اتفقا على الراحة من عناء السفر قليلًا، ثم تناول الغداء معًا.
جلس زين على سريره، وبجانبه على السرير الآخر تمدد ماجد، ونام بسرعة من شدة إجهاده.
أخرج زين هاتفه من جيبه راغبًا في الاطمئنان على روان التي تركها مبكرًا قبل الفجر، ونزل بسرعة حتى لا تستيقظ من نومها.
بدأ بإرسال رسالة لها عبر WhatsApp
زين: وصلنا الفندق من شوية حبيبتي..
طمنيني عليكي لما تشوفي الرسالة
بعد فترة، أضاء الهاتف برسالة جديدة
روان: حمدلله علي سلامتكم انا الحمدلله بخير بس زعلانه منك ليه مقومتنيش اشوفك قبل ما تسافر
زين: محبتش اقلقك يا حبي.. المهم انتي بتعملي ايه من غيري
روان: مفيش قعدة انا وامي وحماتي حبيبتي نرغي شوية سوا.. قولي صحيح انت فطرت
ابتسم زين علي اهتمامها به حتي، وهو بعيد عنها: ايوه اكلنا حاجة خفيفه واحنا في الطريق ماتقلقيش
روان: معنديش اغلي منك اقلق عليه واهتم به
زين: تعرفي رغم اني سيبتك من كام ساعه.. بس وحشتيني فيهم اوي.. هكلمك قبل ما انام مع اني مش عارف هنام ازاي اتعودت تبقي في حضڼي واشم ريحتك الحلوة لحد ما انام
خجلت روان من كلماته الرقيقة، لكنها حاولت تشجيع نفسها، فهو لا يراها ولا يسمع صوتها الأن، فلا ضرر إن قالت ما تشعر به دون قيود الخجل: انت كمان وحشتني وصعب عليا انام وانت مش جنبي ماتتأخرش عليا وطمني عليك
زين: ماشي يا قلبي خدي بالك من نفسك لحد ما ارجع وطمنيني بكرا برسالة قبل ما تروحي الكلية
روان: حاضر هكلمك انا مضطرة اروح اشوف الاكل امي مش سايباني اقعد دقيقتين علي بعض
.. سلام حبيبي
زين: سلام مؤقتا لحد ما ارجعلك وتسمعيني كلمة حبيبي اللي طالعه حلوة اوي من شفايفك
ثم أغلق الهاتف وحاول النوم قليلًا، لكنه لم يستطعز، فقرر الخروج من الغرفة والنزول إلى الطابق السفلي، ليشم بعض الهواء.
في أحد المطاعم على النيل
كارمن تجلس بابتسامة سعيدة وشعرها يتطاير بفعل الريح، كانت اية في الجمال ببراءتها، وامامها يجلس ادهم يستمتعون بالمناظر الرائعة من حولهم، وهم يتناول الغداء اللذيذ، ويتحدثون اثناء الاكل.
عضت كارمن شفتيها قائلة بتردد: انا ممكن اسألك سؤال
ادهم بإرتياح: اسألي براحتك
ابتلعت الطعام في فمها، ثم نطقت بخفوت: احم هي نادين ليه بتشرب وازاي انت محاولتش تخليها تبطل
أمال أدهم رأسه قليلًا، وهو ينظر إليها بتمعن ليسأل: مين قالك اني ماحاولتش؟
ثم أردف بهدوء: حاولت كتير في بداية جوازي منها لكن هي كان عجبها عيشتها نوادي وشوبنج وشرب وكانت متعودة تسهر وترجع متأخر لكن لما هددتها ان دا هيخليني اطلقها بطلتو.. ويمكن لان ماكنش في بينا مشاعر وحياتنا مختلفة جدا عن بعض يأست منها بسرعه
كارمن بترقب: يعني انت ماحبتهاش خالص
ادهم بتنهيدة: لا جوازنا كان عادي جدا اقل من العادي كمان
مدت يدها وشربت العصير في اضطراب، وقد خشيت أن يزعجه فضولها.
ادهم بإبتسامة: فاكرة اول مرة شوفنا بعض فيها
كارمن بضحكة: اكيد فاكرة طبعا هو دا يوم يتنسي
شاركها ادهم الضحك قائلا بفضول: قولتي ايه عليا في اليوم دا؟
كارمن بخبث: عايز الصراحة
نظر إليها آدهم من زاوية عينه: بدأت اقلق
كارمن بغيظ متصنع: ماكنتش طايقاك وفضلت ادعي عليك طول اليوم.. انت عارف ان ذراعي اللي وقعت عليه فضل اسبوع في كدمة زرقه كل ما توجعني افتكر اللي عملته فيا
ادهم بغموض: وانا عمري ما نسيت احلي عيون زرقاء شوفتها في حياتي
خفق قلبها من مغازلته اللطيفة، ولم تدرك مقصده الحقيقي قائلة بخفوت: طب ممكن طلب
ابتسم بمشاكسة: ياسلام علي الادب اومال فين كارمن العنيدة اللي احتلت اوضتي بالإجبار وماصعبتش عليها لا انا ولا ظهري المسكين
شعرت كارمن بالحرج، ومسحت يدها بمنشفة بعد أن انتهت من الأكل، ووضعتها بجانبها: انا عارفه هتفضل فاكرلي الموقف دا طول العمر
ثم اردفت بمرح: شوف بقي انا وجعت ظهرك وانت وجعت ايدي كدا احنا خلصين
ابتسم لها ثم أمسك بيدها، وهو يصنع دوائر في بطن كفها ببطء مثير لخپطها، قائلًا بحنو: مش عايز حواجز بينا تاني يا كارمن لما تعوزي تقولي او تطلبي حاجة ماتتردديش ولا تستئذني اتفقنا
أومأت كارمن مبتسمة: حاضر
قال ادهم مستفسرًا: ايه هو بقي الطلب؟
رمشت كارمن بخفة، ثم أجابت بنبرة متوترة إلى حد ما: كنت محتاجة ادوات التصميم اللي بشتغل بها وكلها موجودة في بيت عمر وكنت بفكر ابقي اجيبهم من هناك
لم تتغير تعبيرات وجه ادهم، قائلا بهدوء: الوقت اللي تحبي تروحي فيه قوليلي عليه.. وبعدين الفيلا دلوقتي بإسمك انتي مش بتاعت عمر
كارمن برفض: لا الفيلا وكل حاجة بتاعت ملك انا بحافظلها عليهم لحد ما تكبر بس
ابتسم لها وعيناه تتألقان بعشق، لأنه رمي اليها تلك الكلمة وهو يعرف ان ذلك سيكون ردها ولم تخيب ظنه، فحبه لها يزداد في قلبه كلما تعمق في معرفته بها أكثر.
عند زين
بعد أن تجول حول الفندق لفترة، خطړ بباله أن يشتري هدية بسيطة لروان، لأنه لم يشتري لها هدية زواج بعد.
أوقف سيارة أجرة متوجها إلى مكان معين. وبعد فترة وجيزة وصل إلى المكان، ونزل من السيارة ومشى منتصبًا بجسده داخل المحل الذي بدا فخمًا، وذو ذوقا رفيعا.
شرد برهة عندما تذكر سبب مجيئه إلى هنا، وبدلًا من الشعور بالحنين إلى الماضي، كان يشعر بالاشمئزاز من غبائه.
وقف زين ينظر إلى المعروضات أمامه، لا يعرف لماذا أتى إلى ذهنه تلك الهدية الوحيدة التي قدمها لروان عندما كانت صغيرة، كانت عبارة عن مشبك شعر رفيع على شكل فراشة.
أخذ نفسًا عميقًا، ثم اتجه للداخل وبعد إلقاء التحية تحدث مع البائع بهدوء: لو سمحت عايز....
البائع بإحترام: تحت امر حضرتك لحظة واحدة
....: هاخد دي حلوة اوي دي يا حبيبي
قطب زين بين حاجبيه وأدار رأسه، فهذا الصوت الأنثوى يعرفه جيدًا وقد صدق حدسه.
....: تمام حبيبتي هناخدها في حاجة تانية عجباكي
زمت شفتيها بتفكير، ثم رفعت رأسها لكي تجيبه، لكن عينيها اتسعت في دهشة، محدقة في هذا الشخص الذي يقف على بعد أمتار قليلة وينظر إليها، وعيناه تعكسان مدى الازدراء الذي يشعر به تجاهها.
في حين أن الرجل الواقف معها يبدو في الثلاثينيات من عمره، ومظهره الأنيق دليل رخاء معيشته.
لاحظ عينيها المجمدة على هذا الرجل الأسمر الوسيم الذي كان يقف بعيدًا عنهما بقليل
...: حبيبتي في حاجة انتي تعرفي الراجل دا
أومأت إليه وارتفع صوتها قليلًا، وهي تلف أصابعها حول ذراعه بامتلاك، وسارت معه نحو زين الذي زفر بامتعاض، وهو يراها تتجه نحوه.
نطقت بتوتر: ازيك يا زين اخبارك ايه؟
زين ببرود: الله يسلمك يا ريهام انا تمام
ابتسمت ريهام إليه، وقالت بفخر وغرور: احب اقدملك جلال الحديدي خطيبي من رجال الاعمال الكبار في البلد
ثم اضافت بإبتسامة: دا الدكتور زين كان زميلي في الكلية
صافحه جلال بهدوء: اهلا وسهلا اتشرفت بيك
زين بإحترام: الشرف ليا
ريهام بخبث: هو انت استقريت في مصر يا زين
لقد فهم ما قصدته عندما لاحظ أن عينيها موجهتان إلى يده اليسرى، هو حقًا لا يعرف كيف كان يحبها في يوما ما هي تختلف عنه في كل شيء، ولا تناسبه من جميع النواحي: لا حاليا مستقر في بلدي قنا واتجوزت هناك كمان
ريهام: حلو مبروك..ابقي خلينا نشوفك
اومأ اليها قائلا بفتور: ان شاء الله
جلال: فرصة سعيدة يا دكتور
زين: ميرسي جدا
قال البائع يوجه حديثه إلى زين: بعد اذنك يا فندم
زين: معاك.. عن اذنكم
تركهم يسترسل حديثه مع البائع، لكنه سعيد رغم كل شيء بما حدث الآن، لأنه لم يشعر تجاهها بأي شعور لا كراهية ولا حب ولا حتى ألم، وهذا يؤكد أنها لم تعد تشكل اهمية عنده ولا تترك أي أثر به مطلقا، وأن تلك التجربة قد شفى من چراحها، والفضل يعود إلى زوجته الشقية، التي تسللت إلى قلبه لتقلب كيانه وحياته رأسًا على عقب.
بينما ريهام تائهة في تفكيرها بزين لم يتغير، فرغم كل ما حدث منها، لكنه لم يسيء إليها، فهي تعلم كم هو شهم وعالي الأخلاق.
إذ لم تكن مندفعة وإنساقت وراء تهورها في الماضي، ربما كانت هي زوجته الآن، لكن هذا هو قدرها وهي الآن سعيدة بحياتها، ويبدو أنه سعيد في حياته الجديدة أيضا، وتأمل أن يغفر لها في يومًا ما على ما فعلته به.
جاء المساء بسرعة
كانت كارمن تجلس أمام المرأة وتبتسم بشرود، وهي تتذكر الساعات الجميلة التي قضتها مع أدهم.
رمشت عيناها مندهشة وهي تري انعكاس ابنتها على المرأةxخلفها وهي جالسة على السرير، ممسكة بالقلم وتخربش على ورق دفتر الرسم التي أحضرته لها مريم لتسليتها.
استدارت وسارت إلى مكانها بابتسامة حيث تري ابنتها تلون الرسومات غير الملونة بألوان جميلة حقًا.
قالت كارمن وهي جالسة بجانب ملك، وتمسح علي شعرها برقة: حبيبة ماما بتعمل ايه وريني كدا
ناولتها الورقة تقول بصوتها الطفولي: رسمة ملك
كارمن بإعجاب: الله ايه الحلاوة دي يا نور عيني
ثم أضافت وهي تحملها بين ذراعيها وتجلسها على حجرها وتلاعبها بضحكه: بقيتي تقعدي مع كتير تيته ليلي وتيته مريم وسايباني لوحدي ينفع كدا
مريم: كارمن
استدارت عينا كارمن نحو الباب الذي انفتح، ودخلت والدتها فقالت وهي تلهث: نعم يا ماما
ليلي ببشاشة: بتعملو ايه؟
كارمن بإبتسامة حلوة: تعالي شوفي ملك بتعمل ايه
اقتربت منهما مريم التي بدت مرتبكة قليلًا، ثم بلطف مسحت براحة يدها على شعر الصغيرة لتقول بخفوت: بقي عندنا فنانه تانية صغننه ربنا يحميها
نظرت كارمن إلى ملك بحنان ثم قبلت وجنتيها الحمراوين، قائلة بهدوء: يارب يخليكو ليا يا ماما..
اردفت وهي تري مريم تفرك يديها بإضطراب: بس انا حاسه ان في حاجة عايزة تقوليها صح
خفضت مريم بصرها قائلة بتوتر: هقولك بس براحة كدا مش عايزة اعصابك تتوتر.. انتي عارفه مين تحت دلوقتي مع ادهم؟
همست كارمن، وبدأ القلق يتملكها من نبرة والدتها المرتبكة: مين يا ماما!!
مريم: عمك وولاده
فتحت فمها بدهشة وعدم استيعاب : عمي اللي في الصعيد جه هنا
عندما رأت شحوب وجه ابنتها، هتفت مريم بسرعة في محاولة لطمأنتها: ايوه يا حبيبتي.. بصي هما عايزين يتكلمو معانا فإلبسي وتعالي نشوف عايزين مننا ايه.. انا هسبقك علي تحت وماتخافيش ادهم موجود معانا
بعد قليل في الاسفل
نزلت كارمن والقلق يسيطر عليها، كانت في حيرة شديدة من سبب قدوم هؤلاء الناس الآن، بعد كل هذه السنوات، تذكروا أن لديهم ابنة ويريدون رؤيتها
لن تنسى حزن والدها بسبب ڠضب والده عليه لأنه تزوج والدتها صحيح أنهم لم يتحدثوا عن هذا الأمر أمامها، لكنها كانت تسمعهم يتحدثون عنه كثيرًا بالخفاء، وفي كل مرة كانت تري دموع والدها تتساقط بحزن كلما تذكر ڠضب والده عليه، ورفضه رؤيته حتى عندما كان يحتضر أو هكذا اعتقدت أنها لا تعرف تماما ما كان يحدث.
وصلت إلى الريسبشن الخاص لاستقبال الضيوف، ولكن قبل الدخول ألقت نظرة خاطفة ورأت ثلاثة رجال، بدا علي أحدهم أنه أكبرهم سنًا بسبب شيب شعره، كان وقورا في جلسته، لكن ما فاجأها أن ملامحه كانت قريبة جدًا من ملامح والدها.
بالتأكيد هذا عمها الذي لا تذكر اسمه حتى، وبجانبه شابان لابد أن يكونا أبناء عمها، ومعهم أدهم وليلى ومريم وهم يتحدثون، لكنها لا تسمع شيئًا مما يقولون.
أغمضت عينيها وأخذت نفسا عميقا لتهدئة نفسها، ودخلت برشاقة، وخطوات متزنه عليهم.
فجأة توقفوا عن الكلام عندما رأوا تلك المرأة الفاتنة تظهر عليهم في مظهرها الهادئ خارجيا، وقام الجميع من مقاعدهم للترحيب بها.
كارمن بهدوء: مساء الخير
قام الجميع برد التحية
مريم بإبتسامة: تعالي يا كارمن سلمي علي عمك واولاده
احمرت وجنتاها قائلة برقة فطرية: اهلا وسهلا
همس ماجد بصوت خاڤت لم يسمعه سوى زين الذي كان يقف بجانبه: تصدق طلعت حلوة اوي علي الطبيعة.. بقي دي بنت عمي انا والله مش مصدق
تمتم زين بحنق، وهو يلكزه بخفة: احترم نفسك جوزها واقف جنبك يا غبي
اقترب منها بدر، وقال بابتسامة بشوشة: بسم الله ماشاء الله انتي اجمل من الصور بكثير
مدها يده لمصافحتها، فرفعت يدها وصافحته بابتسامة صغيرة قائلة بتحفظ: شكرا لحضرتك
قهقه بدر بمرح: ما بلاش رسميات يا بنتي انا عمك بدر قوليلي عمي من غير حضرتك دي
أومأت إليه بخجل وهي تنظر إلى أدهم الذي كان يتابع ما يحدث دون أي رد فعل، لكن عينيه على كارمن لم يرمش، فكان يشعر بارتباكها ويريد بأي شكل من الأشكال طمأنتها.
أراد أن يصعد إليها منذ قليل، لكنه حافظ على ثباته وأرسل والدتها لتخبرها بنفسها.
ادهم بثبات: تعالي يا كارمن
بدت كما لو كانت تنتظر تلك الجملة وبمجرد أن نطق بها، توجهت بسرعة نحوه.
اضاف ادهم برزانه وهدوء: اتفضلو استريحو
جلست كارمن بجانب أدهم الذي رفع يديه خلف ظهرها ليحيطها بحماية، وضغط بلطف على ذراعها كما لو كان يرسل رسالة صامتة بأنه بجانبها لدعمها.
شعرت بالأمان يغلف قلبها بحضوره فقط وأنها تحت كنف مسؤليته، فالأمان العاطفي هو الذي يولد شعورًا بالحب الصادق، ويجعله يدوم طويلًا.
جلس بدر مرة أخرى وقال بهدوء: اول حاجة يا كارمن عايز اعرفك علي الدكتور زين ابن عمتك حياة
ثم أشار إلى ماجد، الذي قاطع كلماته، قائلًا بمرحه المعتاد: وانا ماجد ابن عمك بشحمه ولحمه.. فاضلي السنه دي واخد ليسانس حقوق وابقي محامي
ابتسمت كارمن بسبب خفة ظله: ربنا يوفقك
حدق بدر في ماجد بتحذير، ثم اتجهت عيناه إلى مريم وهي تتحدث بهدوء مع كارمن: عمك بدر كان عايز.....
قاطعها بدر قائلا بوقار: خليني انا افهمها احسن يا ست الكل
أومأت إليه مريم بتفاهم، وجعلته يبدأ الحديث بينما كان الجميع في حالة ترقب
بدر:....
نهاية الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون (حاجز) مزيج العشق
ما زلنا في قصر البارون
بينما هم مجتمعون في الداخل.
نزلت نادين بغطرسة، ولفتت أنظارها تلك الضجة في غرفة استقبال الضيوف، والتي نادرًا ما يدخلوها.
مرت أمامها خادمة كانت قد خرجت لتوها من الداخل بعد أن قدمت بعض المشروبات والحلويات للضيوف.
أوقفتها نادين بإشارة من أصابعها قائلة بتعالي يتخلله الإستفهام: تعالي هنا ايه اللي بيحصل جوا مين اللي قعدين دول يا مروة؟
ردت مروة التي دائما ما تنقل أخبار الجميع إليها قائلة بثرثرة: الله اعلم بس باين كدا انهم قرايب كارمن هانم من الصعيد.. انا فهمت كدا من لهجتهم يا نادين هانم
نادين همست بصد@مة، وتحدثت إلى نفسها بصوت مرتفع قليلا: من الصعيد.. وايه اللي جايبهم هنا؟
مروة بحيرة: علمي علمك يا هانم
نظرت نادين اليها في إزدراء، ثم أشارت إليها بتكبر لكي تغادر متمتمة: خلاص يلا روحي انتي شوفي شغلك
بعد أن غادرت الخادمة، تقدمت نادين إلى الأمام بخفة، تتنصت من خلف الباب لتسمع ما يقال في الداخل، ربما تفهم ما يدور من ورائها.
في الداخل
إستطرد بدر حديثه بابتسامة لطيفة تليق به: شوفي يا بنتي عارف انك بتسألي ازاي وصلنا ليكي وايه اللي جابنا من الاساس.. صدقيني احنا بقالنا سنين بندور عليكي وعلي الست ولدتك عشان نطمن عليكم ونعطيكي ميراثك من نصيب ابوكي بس ماكناش عرفين ارضيكم فين..
تنهد بحزن وأضاف بشرح: بعد مoت محمد الله يرحمه.. ابويا اللي هو جدك تعب اوي وصحته بقت ضعيفه ومابقاش بيفكر ولا علي لسانه غير انه عايز يشوفك ويرجعلك حقك ويستسمحك علي اللي حصل منه زمان.. وعرفنا من الشركة اللي كان بيشتغل فيها ابوكي الله يرحمه عنوانكم القديم لكن محدش هناك كان عارف عنوان سكنكم الجديد
كارمن خفضت عينيها، وفركت يديها ببعض الحزن، وامتلأت عيناها بالدموع من ذكرى والدها الحبيب.
بدر بعطف: بلاش دموع يا بنتي اهدي واسمعيني
رفعت وجهها، ونظرت إليه بعينين محمرتين من الدموع المكتومة داخلها قائلة ببحة خانقة: اسمع ايه حضرتك !! انت ماتعرفش بابا كان كل يوم بيبكي علي زعل ابوه منه ولما مرض محدش فيكم حاول يقف جنبه
بدر بأسف: والله يا بنتي ما كنا نعرف حاجة عنكم دا اخويا الكبير واكتر واحد اتقهر علي فراقه كان انا..
تدخل أدهم في الحديث بحزم، وهو يحاول السيطرة على أعصابه بالضغط على قبضته، حينما لاحظ أن كارمن ترتجف ودموعها تنهمر بصمت: أأمر ايه المطلوب مننا بالظبط؟
تنفس بدر بعمق، حيث تأثر بشدة بدموع ابنة أخته، واستمر في حديثه: كل اللي طلبه منكم انكم تشرفونا وتيجو معنا الصعيد عشان كارمن تشوف جدها وتتعرف علي عيلتها هناك
حاولت كارمن الاعتراض، لكنه أوقفها بإيماءة صغيرة: قبل ما توافقي او ترفضي جدك خلاص في ايامه الاخيرة ونفسه فعلا يشوفك وتسامحيه قبل مۏته بلاش تقسي قلبك زي ماهو قسي قلبه زمان وعاش في ندم سنين طويلة يا بنتي
ربت أدهم على ظهرها بحنان، فنظرت إليه كارمن تفكر في هذا الموقف الذي وقعت فيه صعب جدا عليها، وهي في حيرة حقيقية الآن، لا تعرف ماذا تفعل، ثم نظرت إلى والدتها التي أومأت إليها لتوافق.
مرت بضع لحظات قبل أن تأخذ نفسًا عميقًا، لتهمس بصوت خاڤت: جوزي قدامك يا عمي يعني اذا وافق اسافر معنديش مانع
اعجب بدر بجوابها اللبق الذي يظهر الكثير من تقديرها واحترامها لزوجها، وأحس بالفخر من تربية أخيه لابنته.
بعد عدة ساعات في جناح أدهم
كانت كارمن جالسة على السرير، شاردة في قرارها بالموافقة على السفر غدًا إلى صعيد مصر، بعد أن شعرت بالفضول للتعرف على أسرتها، ورؤية جدها الذي ظل عمها يتحدث عنه طوال الجلسة، ثم عادوا بعد بضع ساعات إلى الفندق بعد أن اتفق عمها مع أدهم على السفر معهم في الصباح الباكر.
لا تنكر انها قد ارتاحت قليلا لعمها، فهو يبدو حنون للغاية ولكنها قلقة بشأن جدها الذي لا تعرف عنه اي شئ سوا كلام عمها عنه.
هل حقا يريد رؤيتها ويقبل بوجودها كحفيدته الآن، بعد كل هذه السنوات ؟
غدًا ليس ببعيد وستحصل علي إجابات لكل الأسئلة التي تعصف في عقلها الأن!!
شعرت كارمن بالأمان يحاوطها بوجود أدهم بجانبها، يساندها ويقويها بقوة شخصيته التي سيطرت على الموقف بشكل كامل، وفي نفس الوقت أعطها كل الحرية في الرفض أو الموافقة، وشعرت بالفخر والإعتزاز أمام عائلتها لكونها زوجته.
أدارت عينيها نحو باب الغرفة عندما انفتح، لترى أدهم يدخل بخطوات هادئة، ويحمل بين يديه ملك النائمة على كتفه بوداعه.
همس أدهم مبتسمً
ئا وهو يتجه نحو السرير، ويضع عليه ملك بهدوء حتى لا تستيقظ الطفلة: ملوكه هتنام معانا انهاردة
كارمن بدهشة: بجد.. بس كدا هتزعجك ومش هتعرف تاخد راحتك في النوم
استلقى أدهم بجانبهم على السرير، وكان يغطّي ملك ويضم اليه كارمن من جانب كتفها: ماتخافيش علي قلبي زي العسل..
ضحك أدهم، ليقول بصوت منخفض: دا انا اخدتها من مامتك بالعافية.. بس وجودها وسطنا مهم لسببين
همست كارمن تتساءل بفضول: ايه هما؟
أجاب أدهم بصدق، وهو ينظر في عينيها: اول حاجة عشان مش عايزك تحسي انك لوحدك انهاردة بعد اللي حصل وعشان انا كمان عايز احسكم جنبي وأدفي بيكم في حضڼي..
ثم أضاف، وهو يغمز لها بمكر: التاني بقي محتاجين نقوم فايقين الصبح بدري وانا مابقتش ضامن سيطرتي علي نفسي.. قدام الجمال دا كله يعني ملك هتبقي درع دفاعي ليا الليلة دي
ضحكت كارمن بخفة عندما فهمت ما يقصده، وهمست برقة وهي تضع يدها بجرأة على صدره: يعني بعد السيطرة الفولاذية دي كلها علي نفسك طول المدة اللي فاتت.. حبكت الليلة دي تحتاج درع دفاعي لنفسك
همس أدهم ببحة رجولية مٹيرة بجوار أذنيها: الاول كان ممكن لانك كنتي بعيدة دلوقتي انتي بين يدي الموضوع مختلف خالص
ازدردت كارمن ريقها بإرتباك من همسه الخطېر لها قائلة بصمود ضعيف: طيب روح غير هدومك عشان ننام ورانا سفر الصبح ويوم طويل...
في منزل مالك البارون
دخلت يسر إلى الشرفة الواسعة حيث كان زوجها جالسًا منذ بضع دقائق، وهي لا تعرف ماذا يفعل في مثل هذا الطقس بالخارج؟
يسر بإستغراب: حبيبي انت قاعد هنا ليه الجو بدأ يبرد دلوقتي؟
حرك مالك رأسه يجيبها بعقل شارد: حاضر حبيبي هدخل دلوقتي
جلست بجانبه قائلة بتسائل: انت كنت بتكلم مع مين من شوية!!
مالك بتفكير: دا ادهم..
تسألت يسر وهي تلوح بيدها أمام وجهه: ايه سرحت في ايه؟
رمش مالك بعينيه وقال بهدوء: بفكر في اللي طلبه مني
يسر بفضول: طلب ايه!!
اجاب مالك بحيرة: عايزني ابعت حد دلوقتي للصعيد يجيب معلومات عن اهل كارمن هناك
ضاقت عينيها بدهشة: اهل ابوها.. وبمناسبة ايه بيدور عليهم؟
مالك بتفسير: مش بيدور عليهم.. هما اللي راحو لحد عندهم.. عمها وولاده كانو عند ادهم في البيت وقابلو كارمن..
يسر بإستفهام: وهما عايزين ايه منها!
مالك: عايزنها تسافر معهم تشوف جدها هي وامها.. علي حسب كلام ادهم وهو عايز قبل مايوصلو هناك يعرف كل حاجة عنهم وايه اللي في نيتهم خير ولا شړ
يسر بإضطراب: ربنا يستر ويعديها علي خير انا بدأت اقلق
مالك بإبتسامة: خير ان شاء الله وكدا احسن الاحتياط واجب.. انا خلاص اتصلت برجالتنا وزمانهم اتحركو علي هناك
يسر بإبتسامة جميلة: تمام حبيبي ممكن بقي تقوم وندخل جوا انا تلجت مكاني
صباح يوم جديد مليء بالأحداث
في قصر البارون
في جناح ادهم وكارمن
استيقظت بعد أن غفوت لفترة وجيزة من التفكير فيما سيحدث اليوم !!
فتحت كارمن عيناها ورأت أدهم نائمًا، وملك في منتصف السرير بينهما وهو يعانقها بحماية، فابتسمت في شكلهم الجميل.
للحظة تذكرت هذا المشهد في نفس الموقف مع عمر اغمضت عيناها وهي تدعي من أجله بالرحمة في سرها، لولاه ما كانت لتتزوج من أدهم وربما كانت ستبقى ملك محرومة من الأبوة أيضًا، وحتى لو تزوجت بعد عمر، فمن يعلم هل كان سيحب ملك بقدر ما يحبها أدهم، انه لا يحبها فقط هو الذي يعتني بها ويعوضها عن فقدان والدها ويحافظ على ميراثها.
تلألأت الدموع في عينيها بالعاطفة، أليس هذا سببًا يكفيها لتقع في حبه، وتسعى وراء إسعاده بكل طاقتها أيضًا؟
من الآن فصاعدا لن تحرم ابنتها من حنانه بل لن تحرم نفسها من نعيم حبه المتدفق، ستترك مصيرها معه هو من يقودها، هذه نعمة من الله تدعي أنها تكون قادرة على الحفاظ عليها.
ابتسمت أكثر وهي تخفض عينيها إلى خاتم زواجها الذي يزين إصبعها، ثم تنهدت وهي تنظر إلى الساعة واقتربت من أدهم، وتقبّل خده وتهزه برفق قائلةً بصوت خاڤت: ادهم يلا اصحي
فتح عينيه بنعاس، وابتسم بلطف عندما رآها أمامه مغمغمًا بنعاس: صباح الخير
كارمن بإبتسامة: صباح النور.. اسفه اني صحيتك بس انت عارف ورانا سفر
ادهم بحب: احلي حاجة اني افتح عيني واشوفك قدامي.. عارفه ان شكلك حلو وانتي لسه صاحية من النوم
احمر خديها بسبب كلماته المغازلة التي جعلت قلبها ينبض بلا هوادة، ثم ابتسمت بمكر وهي ترفع حاجبيها، مذكّرة إياه بما قاله لها من قبل قائلة بدلال: والنبي صحيح يعني مش منكوشة وشبه الع@فاريت
ابتسم أدهم وهو يضيق عينيه قليلًا، وهو يربت برفق على خدها: قلبك اسود اوي مابتنسيش ابدا
كارمن بشقاوة: تؤ مش هنسهالك ابدا.. يلا بقي اتفضل قوم يدوب نلحق نفطر وننزل علي طول
ادهم بتساؤل: هي الساعه كام دلوقتي؟
أجابت كارمن برقة: سته ونص
تثاءب أدهم وقال بنعاس: محدش بيبقي صاحي من الخدم في الوقت دا.. ممكن نفطر بأي حاجة واحنا في الطريق
كارمن بإعتراض: لا لازم نفطر هنا الاول.. شوف انا هودي ملك لماما زمانها صحيت تصلي الفجر وجهزت نفسها.. هي هتلبس ملك وانا هحضرلنا فطار سريع علي ما تلبس انت
نظر إليها نصف عين قائلا بريبة، وهو يقرص طرف أنفها: هتعرفي تعملي فطار؟
رفعت كارمن أنفها عاليًا وقالت بثقة، وتكبر مصطنع وهي ترفع سبابتها محذرةً: انا هعتبر نفسي ماسمعتش الجملة دي لمصلحتك
أومأ أدهم برأسه متفقًا وهو يضحك على أسلوبها الفكاهي، ثم قبلها بحب على خدها، لتبتسم له بحبور، وتنهض من السرير وتحمل ملك بحذر وهدوء، لتخرج من الغرفة.
بعد بضع ساعات مرت في الطريق إلى قنا
أدارت كارمن رقبتها للوراء للمرة التي لا تعلم عددها، ونظرت إلى السيارة التي كانت فيها والدتها وطفلتها للاطمئنان عليهما.
أمسك أدهم بيدها، وقال بهدوء وتعجب: ممكن اعرف ايدك متلجة كدا ليه؟
كارمن بقلق: من التوتر
ادهم بإستفهام: وليه تتوتري!!
تحدثت كارمن محاولة إطلاق سراح ما يعصف في قلبها حتى ترتاح: ڠصب عني يا ادهم رايحة مكان لاول مرة في حياتي وهقابل ناس قرايبي معرفش الا حاجات بسيطة عنهم لولا وجودك جنبي انا كانت حالتي هتبقي اسوء من كدا
ضغط أدهم على يدها برفق قائلًا بحنان: الصبح بعد ما صحينا وصلني تقرير عن كل فرد له علاقة بعيلة الشناوي.. جدك راجل طيب ومحبوب في البلد.. مافيش منه اي خوف وانا مستحيل كنت هوافق تخرجي من البيت لا انتي ولا مامتك ولا ملك.. واخليكم تروحوا مشوار زي دا قبل ما ابقي متأكد بنفسي ان كل الامور تمام.
ابتسمت كارمن بإتساع، وقالت بامتنان: ربنا مايحرمناش منك ومعلش بقي انا عارفه ان عندك شغل كتير ودلوقتي عطلته عشانا
ادهم بنبرة دافئة: ماتقوليش كدا انتو دلوقتي مسؤلين مني وتهموني اوي
كانت كارمن محرجة من لطفه الزائد معها، لكنها شعرت بالارتياح من حديثه، وحاولت تغير مسار الحديث: انت ممكن تنام شوية اكيد ماقدرتش تنام كويس امبارح
ادهم بلؤم: ايه خاېفة عليا!
كارمن: طبعا لازم اخاڤ عليك انت جوزي وواجبي اخاڤ عليك
نظر إليها أدهم بتمعن: يعني مش عشان بتحبيني؟
همست كارمن بوجه محمر خجلًا: الاتنين واحد
ادهم بتنهيدة: لا يا كارمن الواجب شئ مفروض عليك ممكن بتأديه بضمير لكن مش شرط تحبيه
أسدلت عينيها في حرج من صحة كلامه، لكنها تخجل من أن تكشف له ما تكنه نحوه في قلبها، هي ليس بتلك الشجاعة، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها.
أما بالنسبة له فقد ڠضب من صمتها وعدم تبريرها لما قالته، واكتفى بالصمت ولم يجادل في الحديث أكثر، ولكن من داخله شعر بالضيق لأنه أراد سماع كلمة "أحبك" منها مرة أخرى، لكنه بدأ يراوده هاجس أنها استعجلت عندما قالت ذلك في المرة الأولى، وربما ندمت على قولها.
همس بداخله: لحد امتي هفضل حاسس بأن في حاجز بيني وبينك يا كارمن
ظهرا
داخل سيارة بدر
حيث يجلس ماجد خلف عجلة القيادة، وبدر بجانبه، وزين يجلس خلفه، وهم على وشك الوصول.
تحدث زين بصوت عالٍ نسبيًا بسبب تيارات الهواء القادمة من النافذة المفتوحة بجانبه: ماجد ماتنساش تنزلني عند المستشفي
بدر بدهشة: معقول يا بني هتروح الشغل دلوقتي بعد المشوار المتعب دا
زين بتفسير: لا يا عمي مش هدخل المستشفي عربيتي سايبها هناك هاخدها واروح اجيب روان من الكلية
ماجد بمزح: يا عيني علي الشوق مش قادر تصبر لحد لما ترجع لوحدها
زين يلكزه في كتفه قائلا بقسۏة متصنعه: ركز في الطريق وخليك في حالك
بعد فترة وجيزة امام كلية روان
ترجل زين من سيارته، ثم سار منتصبا في مشيته بطول قامته، وعضلاته البارزة ورأسه المرفوع بكبرياء يليق به.
يفتقدها كثيرًا ويتلهف على رؤيتها، لأن اليومين اللذين أمضاهما بعيدا عنها، جعلوه يشعر بشوق جارف يقتاد في قلبه لها.
أشتاق لضحكتها وعنادها وطفولتها واهتمامها به.
دخل زين الكلية وأخرج هاتفه من جيب بنطاله للاتصال بها، لكنه وجده نافذ الشحن منه، ضړب جبهته پغضب لأنه نسي شحن الهاتف.
بينما كان يتجول بحثًا عن حل للوصول إليها، سمع صوتًا أنثويًا ناعمًا يهتف باسمه.
رفع رأسه في اتجاه الصوت ليرى امرأة جميلة جاءت نحوه وابتسمت عندما وقفت أمامه وتحدثت بفرح: ازيك يا دكتور زين
زين بتعجب: الله يسلمك.. حضرتك تعرفيني!!
عند روان
في نفس الوقت خرجت روان من محاضرتها مع صديقتها وذهبا إلى الحمام، وكان شارد عقلها قليلًا، تفكر أنها تود العودة إلى المنزل بفارغ الصبر، فقد أرسل لها زين رسالة في الصباح بمجيئه اليوم، لكنها حاولت الاتصال به كثيرا بعدها، لكن هاتفه مغلق ولم ترغب في إزعاج والدها والاتصال به، لتسأل عن زوجها.
صاحت رنا أثناء تعديل كحلها في المرايا: انتي يا زفته بكلمك ماتردي!!
انتبهت روان من شرودها قائلة بانزعاج: ايه يا بت براحة بتزعقي كدا ليه؟
رنا بثرثرة: ما انا بكلمك وانتي في دنيا بعيدة اعملك ايه عشان ترودي
روان بنفاذ صبر: اخلصي عايزة ايه يا رغاية؟
رنا بتعجل: ابدا يا اختي خطيبي سمسم كلمني وهو مستني برا هخرج له انتي شكلك مطولة في الحمام
روان بضحكة ساخرة: خلاص اطلعيلو يا عصفورة الحب ماتشغليش بالك بيا
رنا: تمام باي يا مزة
خرجت روان بعد قليل في طريقها إلى بوابة الكلية، لكنها فوجئت برؤية زين هناك، وكانت سعيدة للغاية وكادت أن تتجه نحوه، لكنها إنصدمت بسيدة جميلة تردد باسمه وتتقدم نحوه، ثم بدأوا في الحديث، كأنهم يعرفوا بعضهم البعض منذ فترة طويلة.
لا تعرف تحديدا ما تشعر به، هل هو غليان في رأسها شديد الحرارة، أو حريق في صدرها، أو ربما كلاهما معًا ؟
بالكاد خطت خطوة إلى الأمام للوصول إليهم، لكنها سمعت صوتًا يناديها.
عند زين
زين: حضرتك تعرفيني!!
قالت بتفسير: ايوه طبعا حضرتك مش فاكرني انا رحاب محي اخت عائشة محي.. كانت زميلة ليك في الدفعه وكنت بشوفك كتير لما بروحلها الكلية
قال زين مبتسمًا بخفة، وهو يضع يديه في جيب بنطاله: ايوه افتكرت صحيح انتي طالبة هنا في الجامعة
رحاب بضحكة بسيطة: لا انا حاليا معيدة هنا.. انت ليك حد هنا معانا في الكلية
زين بنفس الإبتسامة: ايوه مراتي هنا في تانية تجارة
رحاب بنبرة رقيقة: تمام يا دكتور مبسوطة اني شوفتك عن اذنك لازم امشي
بالتزامن مع رحيل رحاب، لاحظ أن روان تقف على بعد مسافة منه، فابتسم لها بشوق، لكن ابتسامته اختفت واستبدلت بعبوس شديد عندما رأى شابًا طويل القامة يقترب منها، ويتحدث معها.
عند روان
....: لو سمحتي
نطقت روان عيناها مثبتتان على زين ومن تقف معه: نعم
....بأدب: انا اسف جدا علي اني وقفت حضرتك.. انا ياسر مجدي كنت معاكي في المحاضرة وكنت محتاج منك خدمة
نظرت إليه روان وهي متوجسة، فماذا يريد منها قائلة بحذر: أأمر اقدر اساعدك في ايه!!
ياسر بحرج: بصراحة في شرح فاتتني من غير ما اكتبه فلو تسمحي تديني دفتر المحاضرات بتاعك اكتب للي فاتني وارجعه ليكي مع زميلتك رنا هي بنت خالتي بس للاسف مالحقتهاش شكلها مشيت
تنهدت بابتسامة هادئة: ولا يهمك اتفضل وانا هبقي اخده منها المحاضرة اللي جاية
قال ياسر بامتنان وهو يأخذ منها دفتر الملاحظات: متشكر وممنون ليكي جدا علي ذوقك
....: كل الشكر دا عشان دفتر محاضرات
كانت على وشك الرد عليه، ولكن قاطعها ذلك الصوت الحاد الذي تميزه عن ظهر قلب، وشعرت بخفقان قلبها يزداد عندما استدارت لتجده يقف خلفهم بوجه صارم.
في منزل الحج عبدالرحمن
ولج الجميع إلى الداخل، وكان كل قلب ينبض بطريقة مختلفة عن الآخر.
مزيج من المشاعر المتضاربة بين الخۏف والقلق والحزن والفرح.
ظهرت حياة من خلف الخادمة وهي تهلهل بفرح: يا الف مرحب بالغاليين حمدلله علي السلامة
الټفت إليها ماجد وقال لها بتعب: عمتي والنبي انا سايق بقالي ساعات وعايز اكل جعان وانا ھموت من العطش
وبخته حياة بيأس: يا ولد اهمد شوية وعايز تشرب المطبخ عندك روح وسيبني اسلم علي الناس
أضافت بابتسامة وهي تنظر إلى وجه كارمن ومريم واقتربت منهما وقبلتهما بمودة: منورين والله.. انا حياة ابقي عمتك يا كارمن
كارمن بإبتسامة: اهلا بيكي يا عمتي
حياة بود: منورة والله يا ست مريم الدنيا نورت بمجيتكم
مريم بإبتسامة: ان شاء الله تعيشي يارب واسمي مريم علي طول من غير ست
حياة: ماشي يا غالية
ثم أضافت وهي تنظر إلى أدهم: اكيد انت يا ولدي جوز بنت اخوي مش كدا
ابتسم ادهم بإحترام: ايوه انا.. اتشرفت بيكي يا حجة حياة
حياة ببشاشة: ربنا يعزك يا ابن الاصول.. مايصحش نفضل نتكلم واحنا واقفين كدا اتفضلو الجماعه جوا
أمسكت كارمن بيد أدهم، الذي كان يحمل ملك على كتفه، وهم يدخلون الي المندرة، ابتلعت لعابها وهي تري رجلًا عجوزًا جالسًا على كرسي ضخم في وسط الغرفة، تظهر عليه الهيبة على الرغم من تقدمه في السن.
ابتسامة إرتسمت علي شفتي الحاج عبد الرحمن عندما رآهما يدخلان، وتعرف على كارمن التي وقفت بجانب زوجها وتبدو مرتبكة.
حياة بإبتسامة: الجماعه وصلو يا ابوي.. اتفضلو البيت بيتكم
وقف الحج عبدالرحمن مستقيما علي عكازه وتحدث بصوت اجش: يا اهلا وسهلا نورتو المكان
ذهب إليه أدهم يسير بثقته المعتادة، وبجانبه كارمن التي اكتسبت الثقة منه أيضًا.
تحدث ادهم بهدوء، وهو يصافحه: بنورك يا حج عبدالرحمن انا ادهم البارون جوز حفيدتك
الحج عبدالرحمن بوقار: يا مرحب بيك يا ولدي يارب السكة ماكنتش طويلة عليكم
ثم أردف بحبور محدقًا فى كارمن: تعالي يا كارمن انا جدك
كانت كارمن تنظر إليه بشيء من القلق، لكنه تلاشي عندما شعرت بالحنان في صوته
تركت يد أدهم تلقائيًا وذهبت إليه، ليعانقها لطف ومحبة كبيرين، وشعر وكأن ابنه الغالي قد عاد إليه من جديد.
سقطت دمعة واحدة من عينيه بتأثير قوي: الحمدلله ان ربنا مد في عمري وشوفتك قبل ما اموت يا بنت ولدي الغالي
عند زين وروان في الجامعة
....: كل الشكر دا عشان دفتر محاضرات
كانت على وشك الرد عليه، ولكن قاطعها ذلك الصوت الحاد الذي تميزه عن ظهر قلب، وشعرت بخفقان قلبها يزداد عندما استدارت لتجده يقف خلفها بوجه صارم.
ابتلعت لعابها ثم قالت بابتسامة متوترة، بعدما لاحظت وجه زين المتجمد الذي كان يقف بجانبها ولف يده على ظهرها لتكون قريبة منه، لتقدمهما لبعضهما البعض: احم دا دكتور زين جوزي.. وياسر زميلي وقريب صحبتي استلف مني دفتر المحاضرات
زين ببرود: وهو مافيش غيرك ياخد منه الدفتر
حدقت روان في وجهه بصد@مة من رده الوقح، الأمر الذي أحرج بالتأكيد هذا الشاب المسكين الذي يقف كطالب يوبخه معلمه لفشله في الامتحان.
قال ياسر بحرج، وشعر أنه إذا مر المزيد من الوقت أثناء وقوفه مكانه، فإن هذا الأسمر الشرس قد يدق عنقه، حيث أن مظهره لا يوحي بالخير: زي ما انت شايف حضرتك الكل مشي.. عموما متأسف وشكرا مرة تانية يا مدام روان وبعتذر لك يا استاذ زين لو عطلتكم بالاذن
هتفت روان في زين بإستنكار بعد رحيل ياسر: ممكن اعرف ليه اتعاملت بالطريقة دي معه؟
نظر إليها زين پغضب وتحدث ساخرا بصوت خفيض، حتى لا يجذب الأنظار من حولهم، وكان قلبه يغلي من ذلك الأحمق الذي جعلها تبتسم له بغير حق: المفروض اصقفلكم وانا شايفك واقفة بتضحكي معه.. يلا امشي قدامي علي العربية مش عايز اتهور عليكي وسط الناس
نهاية الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون (لهب العشق) مزيج العشق
في منزل الحج عبدالرحمن
يجلس الجميع بعد الغداء بابتسامة إرتياح على وجوههم، مما يعكس القلق الذي شعروا به حالما دخلوا هذا المكان لأول مرة
تكلمت كارمن مع الحاج عبد الرحمن الذي تجلس على قدميه ملك، وهي تلعب بعكازه: جدي كفاية علي ملك كدا دي شقية جدا ومش هتزهق من اللعب
الحج عبدالرحمن ببشاشة: لا سيبيها معايا انا مبسوط بها
بدر بمزح: لو روان هنا كانت غارت من ملك علي جدها
كارمن بإستفسار: روان دي بنت حضرتك مش كدا
بدر: بالظبط روان بنت عمك زمان زين جايبها من الكلية وجايين في السكة
حنان بعفوية: طول الايام اللي فاتت مش بتتكلم غير عنك ونفسها تشوفك
تكلمت حياة وهي تنظر بذهول إلى حنان التي خرجت الآن من صمتها، فهي منذ البداية لا تتحدث كثيرا كالعادة وتريد أن تفهم ما بها: ايه رأيكو تطلعو تغيرو هدومكو وتستريحو من السفر.. انا مجهزة الاوض بنفسي وكل حاجة زي الفل
مريم بإبتسامة: تسلم ايدك حبيبتي تعبناكي معانا
ابتسمت حياة لتقول بود: تعبكم راحة والله ماتقوليش كدا معنديش اعز منكم
نهضوا جميعًا وذهبت كارمن لتأخذ ملك من علي قدم جدها، ثم خرجت مع حياة، لكن مريم توقفت فجأة عندما هتف الحاج عبد الرحمن بإسمها.
مريم بإحترام: نعم يا عمي
الحج عبدالرحمن بإبتسامة: تعالي اقعدي شوية معايا بنتي عايز اتكلم معاكي...
في سيارة زين
نظر إليها من زاوية عينيه، ليراها علي نفس الحال تحدق من النافذة، وهي عابسة بشدة.
نفخ زين، ليقول بحنق: هتفضلي ضاربة بوز كدا لحد ما نوصل ولا ايه.. بقي دا وش تقابلي به جوزك وهو لسه جاي من سفر
اتسعت عيناها بدهشة وهي تنظر إليه، قائلة بتعجب ملئ بالاستنكار من حديثه: انت كمان هتطلعني غلطانه بعد اللي انت عملته!!
هتف زين بتحذير: احسنلك بلاش تفتحي الموضوع دا تاني خصوصا دلوقتي مش كفاية انك بتكسري كلامي
نظرت إلى الأمام ببلاهة، مشيرة إلى نفسها، قائلة باستنكار: نعم امتي انا كسرت كلامك يا زين قولي امتي قصرت حتي معاك
زين بتهكم: والله انتي ادري يا مدام..
ثم اردف بجدية: احنا اتفقنا ماتضحكيش مع حد حصل ولالا
زفرت روان بنفاذ صبر: زين بلاش جنان انا مكنتش بضحك معه انت ليه مكبر الموضوع كدا.. قولتلك انه قريب صحبتي ومعانا في نفس السنه.. زي ماشوفت بعينك.. ماكنش ينفع يطلب مني خدمة بسيطة زي دي واكسفه.. دا عادي بيحصل بين الزملاء انت اكتر واحد عارف كدا
جز زين علي اسنانه، ليقول پغضب: اوعي تفتكري حركة ان مافيش غيرك ياخد منه المحاضرة دي دخلت عليا.. انا فاهم حركات الشباب دي كويس مش مختوم علي قفايا يا هانم
أوقف السيارة أمام مدخل المنزل، وأدار جسده نحوها، وسمع صيحاتها بصوت هائج يملأه الضيق الشديد: وانت تسميها ايه لما اشوفك واقف قدام عيني مع وحدة وبتكلمو كأنكم تعرفو بعض من زمان.. كان ممكن برده اعملك مشكلة واحرجك زي ما احرجتني بس انا عندي ثقة فيك يا زين لكن انت ماعندكش ثقة فيا ولا في حبي ليك
بعد أن أنهت جملتها، مدت يدها وفتحت باب السيارة للخروج، وكانت على وشك البكاء بل انها تذرف الدموع بالفعل.
قام زين بضړب عجلة القيادة پغضب على سلوكه الفظ معها، لكنها جعلته يفقد عقله من غيرته عليها، فمن يقع عليه اللوم الآن، هو أو هي؟
ترجل أيضا من السيارة، ثم أغلق الباب خلفه پعنف، سرعان ما خطى خطواته خلفها، وعندما وصل إليها جرها من ذراعها پعنف، ليلفها تجاهه قائلا بسخرية: استني هنا هو انا سواق عندك عشان تسيبيني وتمشي كدا
تأوهت هي پألم عندما إصطدم جسده الصلب بجسدها، وتمتمت بوهن بسبب الدموع والتعب الذي أصابها: اوعي ايدك عني
نظر زين إليها بندم، وهو يرى دموعها على خديها، قائلا بغيظ: بلاش جنان وشغل عيال يا روان بټعيطي ليه دلوقتي؟
حدقت روان فيه بدهشة من قسوته، ثم بدأت بالصړاخ پغضب كالمچنونة، وقد فقدت السيطرة على نفسها من برودة أعصابه، وكما يقولون، يمكن أن ټنفجر لأدنى سبب: عشان انا خلاص تعبت منك يا زين انت واحد اناني ومستبد من الاول وانا مستحملة كل حاجة منك.. بس توصل انك تقلب الدنيا عشان ابتسمت مع زميل ليا من باب الذوق يبقي انت متوقع مني الخيانه ومابتثقش...
وضع زين يده على فمها، ليمنعها من الاستمرار في حديثها الأحمق، هامسا بهسيس وأنفاسه الحارة ټحرق بشرتها الناعمةx: اخرسي مش عايز اسمع ولا كلمة تانية والا ھدفنك مكان ما انتي واقفة سامعه
اتسعت روان عيناها پذعر من همسه المخيف، ثم حاولت أن تخفض يده عن فمها لإبعاده عنها، لتتمكن من دخول المنزل، لكنه لم يتحرك مثل الجبل من مكانه.
عضت يده بأسنانها في حقد منه حتى أنه ئن من الألم واستشاط غضبًا منها، ثم انحنى فجأة ورفعها على كتفه مثل الزكيبة، ليمشي بها إلى الداخل، وهي تهتف بړعب حيث جفت الدموع علي وجنتها: انت اجننت يا زين ايه اللي بتعملوا دا نزلني!!!
بدأت في توجيه ضربات خفيفة على ظهره والركل بقدميها في الهواء.
زين بزمجرة: عليا النعمة لو سمعتلك صوت لا اكون ضړبك ومش محتاج اقول هضربك فين لإنك فهمتي قصدي.. وانسي خالص اني دكتور ومتحضر.. فاتلمي وبطلي حركة خلي يومك يعدي
احمر وجه روان وهي تضع يديها على فمها، لتمنع نفسها من نطق أي كلمة قد تؤدي بها إلى مشكلة أخرى هي في غنى عنها، وقد استراحت قليلًا بعد أن أفرغت ما في قلبها.
بينما هو يركض بخطوات واسعه، وهي على كتفه حتى لا يشعر أحد من المنزل بوجودهم.
في الاعلي في غرفة حياة
دخلت الغرفة، وخلفها حنان التي أغلقت الباب عليهم، وسارت تجلس على الكرسي بجانب كرسي حياة.
حياة بحيرة: في ايه يا خيتي من وقت ما الناس وصلو وانتي مدة بوزك شبرين قدامك ؟
اردفت بينما اتسعت عيناها بتعجب: انتي مش فرحانه اننا وصلنا لبنت اخوي!!
حنان بصد@مة: ايه اللي بتقوليه دا.. اكيد فرحانه عشان عمي الحج عبدالرحمن
اردفت بتوتر: بس ڠصب عني معرفش ليه مقبوضة من مجيتهم
حياة بعدم فهم: يعني ايه مقبوضة يا حنان ؟
حنان بإندفاع: الصراحة يعني مش مطمنه للست مريم دي خالص.. من وقت لما شوفتها خاېفة بدر يحط عينه عليها ويتجوزها
صفعت حياة على صدرها وصړخت في وجه حنان باستنكار شديد: ېخرب مطنك يا وليه يا خرفانه كيف تفكري كدا ؟
حنان بغيرة: يعني انتي مش شايفها دي كأنها بنت تلاتين سنةx مش جدة.. دا غير ان بنتها متجوزة اخوه جوزها يعني الموضوع مش غريب عنهم
قالت حياة بعدم تصديق، وهي ټضرب كف على كف: حقيقي انتي اټجننتي من عقلك بدر بعد العشرة اللي بينكم السنين دي هيعمل كدا
اضافت بخذلان: انا حزينه من ظنك في الناس
ثم اكملت بصرامة: وماتكلميش كدا تاني يا حنان الكلام الماسخ دا قدام حد ولا حتي بينك وبين نفسك استغفري ربنا واستهدي بالله
حنان بتنهيدة: استغفر الله العظيم يارب
في غرفة زين وروان
استمر في المشي ذهابا وإيابا في الغرفة پغضب، منتظرًا خروجها من الحمام، لأنها عندما دخلوا الغرفة وأنزلها على الأرض، ركضت إلى الحمام وقد مر اكثر من عشر دقائق، وهي في الداخل.
بعد عدة دقائق
فتحت روان الباب للخروج من الحمام مرتدية بيجاما مريحة، ولكنها مجسمة على جسدها الفاتن.
بعد أن أخذت حماما سريعا أنعشها من التوتر العصبي، والإرهاق الذي أصابها لاستعادة نشاطها الكامل.
كان زين متوتر بعدما شاهد شكلها الأنثوي الجميل، لكنه سيطر على نفسه، وتتمتم بسخرية: ما لسه بدري يا مدام اخيرا خرجتي
مرت روان بجانبه، ورفعت شعرها الطويل، وربطته حتى لا يزعجها، ولم تهتم به كأنه لم يتكلم، فاغتاظ من تجاهلها الواضح له.
صاح زين وهو يتبعها بنرفزة: لما اكون بكلمك تقفي وتردي عليا.. سامعة
التفتت روان إليه، وهي تصرخ في وجهه أيضًا: انت مش ناوي تجيبها لب...ر
بتر جملتها عندما انحني عليها،
لم ټقاومه في البداية لأن عقلها توقف عن التفكير لبرهة، لكنها استعادت وعيها وحاولت رفع يدها لدفعه بعيدًا عنها، لكنه أدرك نواياها وانها تريد الهروب.
همس بصوت أجش رجولي من بين انفاسه اللاهثة: سيبتك تكلمي وتزعقي وتخرجي كل اللي جواكي كفاية جنان لحد كدا كل كلامك غلط
همست بتخدر: وايه هو الصح؟
رفع زين رأسه ببطء وحدق فيها بإفتتان، كانت شفتاها ووجنتاها حمرة اللون، لذا بدت جذابة ومغرية.
تمتم زين بغيظ: يا غبية افهمي انا بحبك وبغير عليكي من اي حد
رددت روان ببلاهة وعدم استيعاب، وشعرت أن قلبها ينبض من الفرح: بتحبني!!
زين بشبح ابتسامة على فمه: مش بقولك غبية انا مقصدتش اجرح كرامتك ولا اتهمك ولا اقدر اشك فيكي.. انتي القلب الطاهر اللي شفي كل چروحي بس انا بغار عليكي اوي.. عارف اني زودتها مع الواد زميلك بس حسي بيا انا راجل وبحب مراتي ماقدرش ابقي بارد واعديها من غير ما انفعل شوية
روان بحزن: وماقولتش كدا ليه واحنا في العربية
زين بندم: كنت متعصب اوي انا فعلا اناني زي ما قولتي مش عايز حد يقربلك او يبصلك حتي
اردف بزمجرة: مايغركيش اني دكتور وتعليم عالي والشويتين دول.. انا في الاول والاخر راجل بيعشق ويغار ومش شايف غير اللي مجننه امي من يوم ما اتجوزتها
هربت منها ضحكة عالية بسبب كلماته، وهي تشعر بمدى سيطرتها على مشاعره بهذا الإعتراف.
همست روان له دلال، بعثر كيانه وهي تلف يديها حول رقبته، وتضم جسدها على جسده اكثر: حقك عليا يا قلبي انا كمان والله بغير عليك
اردفت في سخط فجأة، وهي تبتعد عنه وتضع يديها علي خصرها: ماقولتليش تطلع مين دي اللي كنت واقف معها يا سي زين؟
قهقه زين على كلامها وتحولها من رقة إلى عڼف في ثوانٍ، ثم أجاب ببساطة: دي معيدة في الجامعه عندك واخت زميلة كانت معايا في طب.. جت تسلم عليا وراحت لحالها بس كدا
روان بمزح: اذا كان كدا براءة
تحدث زين وهو يتنهد الصعداء: الحمدلله عديت من الامتحان الصعب دا علي خير
ضحك الاثنان بشدة حتى اختفت الابتسامة عن وجه روان التي صاحت بدهشة: اومال فين بنت عمي انا نسيتها خالص؟
ضړب جبينها برفق قائلًا بمرح: لسه فاكرة تسألي عنها دلوقتي اكيد وصلت مع ابوكي قبل ما نيجي بكتير
تمتمت روان بتعجب وهي تنظر إليه بغيظ: غريبة مالمحتش حد وانت شايلني زي الشوال لحد هنا
زين بضحكة: ھموت من كلامك يا بنت الايه انتي اعقلي
اخرجت لسانها وهي تلاعب حاجبيها بحركة مضحكة، ثم قالت برقة مقصودة: لا مش هعقل قبل ما اجننك يا روحي
أمسكها من خصرها وجذبها حتي التصق جسده بجسدها حيث وجهها الخجول بات قريبًا جدًا من وجهه: انتي خلاص جننتيني واخدتي قلبي وعقلي وروحي وفلوسي وصحتي حياتي كلها ليكي
نظرت إليه بابتسامة عاشقة تزين ثغرها، بينما قلبها يدق مثل الطبول، ثم همست بشرود في ملامحه: وحشتني
جلس زين على حافة السرير خلفه، وجعلها تجلس علي قدميه، قائلا بصوت هامس في أذنها: مش اكتر مني
همست بدلال: تؤتؤ انا اكتر
جعلها تستلقي على السرير فجأة، ثم إعتلاها بجسده الضخم قائلًا بنظرة ماكرة: اثبتي كلامك بالفعل
"زين"!!
همست روان باسمه في إستحياء، وارتباك من حركته المفاجئة ونظراته المتفحصة لها.
"ويلاه" إن نطقها لأحرف اسمه لم يبعثر فؤاده فقط بل كيانه بأكمله، وكانت هي الشعلة التي توهجت بها مشاعره اليها، ولن تنطفئ إلا بقربه منها.
ابتهجت أساريره حينما وجدها تلف ذراعيها حول رقبته بخجل ورقة، ليقترب أكثر فأكثر حتى لامست أنفاسه الساخنة وجهها.
ابتلع زين لعابه بتوتر، وهو يجول بعينيه على كامل وجهها، ثم صوب نظراته في نقطة معينة،
وتتركه يحكي عن اشتياقه إليها، وحرمانه من النعيم من قربها وهي بين ذراعيه على طريقته الخاصة،
في غرفة ادهم وكارمن
خرج من الحمام يجفف شعره بعد أن أخذ حمام منعش من عناء السفر.
رأي كارمن تجلس على الكنبة أمام السرير العريض في وسطه ملك نائمة بكل براءة، وتحتضن لعبتها الصغيرة.
ابتسمت كارمن بحبور عندما وجدته يمشي باتجاه الطفلة الصغيرة، ويقبل شعرها بحنان، ويدثرها جيدا ثم مشى نحوها، وجلس بجانبها علي الأريكة.
همس أدهم وهو يعطي المنشفة لكارمن، وانحنى قليلًا بجزعه، فأمسكتها وبدأت تجفف شعره بلطف: ايه يا حبيبي ليه مانمتيش شوية ؟
رفعت كارمن كتفيها بعدم معرفه قائلة ببساطة: مجاليش نوم
ادهم بهدوء: لازم بتفكري في حاجة؟
وضعت المنشفة على حافة الأريكة، ثم التفتت إليه واستلقيت في حضنه، لف إحدى ذراعيه حولها، وبدأ بالأخرى في الم@داعبة خصلاتها الناعمة بحنو.
كارمن بسرور: مبسوطة اني جيت وحاسة اني مرتاحة اوي.. جدي طلع طيب وحنين زي انت ما قولتلي
ادهم بإبتسامة: يارب دايما مبسوطة.. انا كمان حسيت بيك كان باين عليكي لما اندمجتي بسرعه في الكلام معهم.
أومأت برأسها قائلة بهدوء: طلعو كلهم ناس طيبين.. وكمان انا فكرت واحنا في الطريق لهنا اكيد بابا لو عايش كان هيفرح بمسامحة ورضا ابوه عنه وانا عايزة بابا يبقي مرتاح في قپره لما يعرف اني سامحت جدي..
اضافت بتساءل: بس اللي محيرني يا تري جدو عايز ماما في ايه؟؟
ادهم بثقة: اكيد هيصالحها
اردف بفخر واعتزاز: بس عارفه انك عجبتيني جدا لما لاقيتك واقفة بثقة.. كنتي قوية في وقت حد غيرك كان ممكن ينهار او الخۏف يسيطر عليه بس انتي اتعاملتي مع الموقف بشجاعه ولباقه
كارمن بتنهيدة شاردة: انا مش قوية ابدا بالعكس انا ضعيفه اوي.. بس من يوم ما بابا سابني انا وماما لوحدنا بقيت بكتم مشاعري جوايا.. ماما كانت ليا اب وام مع بعض.. كان لازم انا كمان احاول اعملها حاجة كنت بذاكر كتير ومش بخرج مع اصحابي ومش بتعامل مع حد ولحد ما وصلت سن 17 سنه كان شعري قصير جدا.. بس لما دخلت الجامعه بدأت اسيبو يطول شوية.
نهضت كارمن من عناقه، ثم رفعت بصرها إليه، فوجدت عينيه مثبتتين عليها، وتلمعان بحب.
اعتدلت في جلستها بشكل مريح قائلة بصدق: انا مبسوطة اكتر بوجودك انت معايا وسطهم.. قوتك انت خليتني اواجهه من غير خوف
ابتسم ابتسامة عريضة، وسحبها على صدره ثم تحدث بصوت هامس، وهو يربت برفق على ظهرها: يا قلبي مفيش شخص قوي طول الوقت كل واحد له لحظة ضعف.. بس المهم انه يبقي حواليه ناس بيحبوه عشان يطمن بدعمهم.
حل الصمت بعدها قليلا،
عند زين وروان
توسدت صدره وعيناها مغلقتان، منهكة قليلًا مما فعلوه.
سمعت همسه الحنون في أذنها، وهو يشد من ضمھ اليها اكثر علي صدره: مبروك يا حرم الدكتور زين الاسيوطي
ردت روان بينما تحمر خجلًا، وتمرمغ وجهها أكثر في صدره، وغطت جسدها بالكامل تحت البطانية بحياء خجول: الله يبارك فيك يا حبيبي
زين بضحكة: ارفعي وشك طيب هتفضلي مستخبيه تحت اللحاف كدا.. بتخبي ايه ما خلاص كل شئ انكشف وبان
وخزته في الجنب بحرج: زين لو سمحت بطل قلة ادب
تأوه زين بۏجع طفيف، وقال ضاحكًا: بهزر خلاص ماتزعليش.. تعرفي اني مبسوط من اللي حصل دا
روان بعدم استيعاب: اللي هو ايه؟
زين بمكر: خناقنا سوا.. يا سلام لو كل مرة ينتهي النهاية دي.. هتخانق معاكي كل ساعة
قالت روان وهي تحاول النهوض من بين ذراعيها بصوت خفيض: احم انا هقوم اخد شاور
أمسكها من خصرها لمنعها من الحركة قائلا بخبث: اجي معاكي
شهقت روان وقالت بعبوس: تيجي معايا فين هو انا طالعه رحلة
رفع حاجبيه ليقول ببراءة خادعة: انتي الخسرانه حبيت اعرض خدماتي واساعدك يمكن تحتاجي حاجة كدا ولا كدا
روان بزمجرة: بس بقي يا زين عيب كدا
زين بصد@مة: ايه هو اللي عيب يا هبلة انا جوزك لحقتي تنسي كل مجهودي من شوية
روان تكاد تبكي بسبب جرأته، وبدأت بالتحرك في محاولة للهروب من قبضته: يخربيت كلامك دا منظر دكتور محترم دا ازاي
ضحك زين بخبث: دكتور مع الناس كلها بس معاكي انتي.....
همس لها بالكلمة الأخيرة في أذنها، فإنصبغت وجنتاها من فرط الخجل، وضړبته في بطنه بكوعها وركضت إلى الحمام، وهي تلف نفسها في ملاءة السرير دون أن تفكر فيما سترتديه عندما تخرج.
بعد عدة دقائق
خرجت روان وهي تنظر إلى الأسفل في حرج، وتلف جسدها الرشيق بمنشفة فقط، وشعرها مبلل قليلًا ويتساقط منه قطرات على رقبتها.
لمحت زين يتوسط الفراش بكسل كما تركته، بينما هو يتأملها بنظرات لامعة وثاقبه بابتسامة محبة على وجهه، ثم أشار إليها بإصبعه حتي تقترب منه، لكنها همست قائلة بعقل مشوش: لحظة هلبس هدومي واجي
هز رأسه بصمت مستنكرًا، مصرًا عليها أن تأتي إليه.
تنهدت روان في إحباط من إصراره، وسارت بخجل إلى السرير قبل أن تتمتم بخفوت: جيت اهو في حاجة!!
وضع زين يده على المكان الفارغ المجاور له علي السرير مبتسما بمكر: اقعدي وخلي ظهرك ليا
علقت عيناها إلى السقف بحيرة من طلبه، لكنها نفذته دون اعتراض.
اقترب منها اكثر، لتنبعث حرارة جسده الملتصق بها في انحاء جسدها، ثم رفع يده لإزاحة شعرها إلى جانب واحد.
أنتهى من إغلاق السلسلة خلف رقبتها، فأنزلت رأسها قليلًا، ثم شهقت مندهشة من جمال الفراشة التي كانت تزين عنقها.
أمسكت بها تلامسها بأصابعها، واستدارت بجسدها اليه قائلة بسعادة: الله حلوة اوي دي بتاعتي
أومأ زين إليها وهو يتأملها وعيناه متلألأتان بعشق وابتسامة محبة تحتل شفتيه: ايوه يا قلبي
روان بابتسامة جميلة جدا قالت بدلع: تعيش وتجيبلي يا زيون ربنا يخليك ليا
زين بإستنكار: ايه زيون دي!!
تنحنحت روان بحرج: بدلعك ايه مش حلو!!
زين بنظرة خبيثة أوشك علي تقبل ذقنها: منك انتي حلو بس لو اخره ياء هيبقي احلي جربي تقوليها كدا
دفعته روان من كتفه بتذمر طفولي: زين وبعدين معاك بقي.. هي السلسلة دي بمناسبة ايه ؟
زين بإبتسامة حنونه: ممكن تعتبريه عربون صلح
روان بذكاء: معني كدا انك لسه هتجيبلي حاجة كمان!!
زين يمسح إبهامه على خدها قائلًا بحب: انتي اطلبي اي حاجة وانا هنفذها
غمغمت روان بتفكير: اطلب اي حاجة اي حاجة
أومأ إليها في صمت
نظرت إليه روان ببراءة وقالت برجاء: عايزة اروح البحر بقالي كتير اوي ماشوفتوش
همس زين متظاهرًا بالدهشة: ايه دا هو انا غلطت اوي كدا!!!
روان بتحذير: زين بطل رخامة
ضحك زين على أسلوبها قائلا بقلة حيلة: ماشي يا ست روان اوديكي البحر.. عايزة حاجة تانية؟
قبلته علي خده برقة وأردفت بدلال: هبقي أفكر واقولك.. حبيبي يا ناس
حدق بها زين بتردد: عايز اقولك حاجة بس من غير تزعلي؟
نظرت إليه روان بقلق لتسأل: حاجة ايه!!
أجاب زين بجدية: وانا بشتريلك السلسلة قابلت ريهام
رمشت روان، وقالت بعدم فهم: تطلع مين ريهام دي؟
زين بصوت أجش: اللي حكيتلك عنها في بداية جوازنا
صُدمت روان وتحول وجهها إلى شاحب جدًا مما سيقول بعد لحظة، ثم همست بريبة: وبعدين!!
زين بإستغراب:x ليه خۏفتي كدا؟
خفضت عينيها عن عينيه، وتمتمت بإرتباك: لا انا ماخوفتش كمل كلامك
رفع زين ذقنها برفق قائلا بحنان: روان بصيلي انتي دلوقتي مراتي يعني كل حاجة في حياتي من حقك تعرفيها وتشاركيني فيها مش كدا
روان بخفوت: ايوه
استكمل زين حديثه: انا كنت واقف في محل الدهب ولاقيتها جاية هي وخطيبها وسلمت عليا
روان بفضول: طيب قولته ايه لبعض؟
زين ببساطة: كلام عادي ومحدود
ابتلعت روان بتوتر وشعرت پألم خفيف في معدتها: وانت حسيت بإيه لما شوفتها؟!!
زين:.....
نهاية الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون ( سوء فهم ) مزيج العشق
في غرفة زين وروان
ابتلعت روان بتوتر، وشعرت پألم خفيف في معدتها، وسألت بتردد: وحسيت بإيه لما شوفتها؟
رد زين بصدق مليء بالعاطفة، وهو ينظر في عينيها البريئة: حسيت ان ربنا راضي عني وبيحبني عشان رزقني بزوجة زيك وبحمد ربنا انه خلاني امر بالتجربة دي.. عشان اعرف قيمتك انتي دلوقتي واعرف قد ايه انا بحبك يا روان
إلتمعت الدموع في عينيها، وتهدجت نبرة صوتها من فرط تأثيرها بكلماته الجميلة: بجد يا زين
اومأ زين اليها قائلا بترقب: روان عايز اعرف انتي مسمحاني علي اللي فات ولا لسه شايلة جواكي مني
شعر قلبها بالراحة بسبب حديثه اللطيف، لذا عادت إلى أسلوبها المشاكس مرة أخرى وتظاهرت بالتفكير: اديني شوية وقت افكر ورد عليك
زين بحب: عمري كله تحت امرك وملكك
غمغمت روان بشرود في ملامحه التي تعشقها وتحافظها مثل اسمها: طب انا لو حابة اعاقبك هقدر ازاي بعد كلامك الحلو وتصرفاتك دي قلبي مايطوعنيش..
ثم وضعت يدها على ذقنه المنمقة وأستطردت بصوت هامس: زين انت حب طفولتي ومرهقتي وشبابي وعمري كله.. عارفة ان جوازنا كان تقليدي.. وصدقني ماكنتش منتظرة منك كتير بس كان عندي امل في ربنا انك تحس بيا وتديني فرصة.. اوريك قد ايه انا بحبك بجد.. انا مسمحاك والله
ضمھا زين بين ذراعيه قائلًا بهمس حاني: بحبك اوي يا روان ومش عايز غيرك وبشكر ربنا وبحمده علي انه كرمني بإنسانه قلبها حنين وبتقدر تسامح وروحها حلوة واجمل وحدة في عينيا أنا مش بحبك بس انا بتنفسك
همست روان وعيناها مغمضتان داخل احضانه الدافئة التي بالنسبة لها تمثل النعيم بحد ذاته: وانا بعشقك يا زين اكتر من كل حاجة في الدنيا
قبل زين جبينها بحب قائلا بهدوء: قلبي انتي تعالي ننام شوية قبل ميعاد العشاء
روان بخجل: هنام كدا اصبر البس حاجة بس
همس بنبرة تملُّك، ولفها جيدًا في أغطية السرير بين ذراعيه: وانتي في حضڼي ماتقوميش لأي سبب
في مكان اول مرة نذهب اليه
داخل شقة في احدي الاماكن الراقية
قبل قاسم وجنتها بعمق قائلا بإبتسامة: كنتي وحشاني بشكل فظيع يا حبي
همست بغنج: انت اكتر يا قلبي
قاسم بلهفة: اخيرا قدرت اشوفك ليه كنتي غايبة عني كل الفترة دي
نادين بتبرير: ما انا قولتلك في التليفون العين مفتحة عليا جامد من يوم ما اتجوز البيه وانا مستحيل اعمل حاجة تخليه يشك فيا.. دا انا لما بجيلك كدا بلف كتير قبلها بالعربية.. عشان اتأكد انه مش مخلي حد ماشي ورايا
قاسم بخبث: برافو عليكي بحب فيكي ذكائك يا روحي
نادين بنظرة مغرية قائلة بهمس انثوي: ذكائي بس اللي بتحبه
عض علي شفتيه قائلا بوله: كل حاجة فيكي بعشقها
نادين اعتدلت في نومها وقد أشبع غرورها بكلماته، لتقول بجدية: لازم ابقي حريصة طول الوقت واتوقع كل حاجة.. ادهم مش سهل لو حب يعرف انا بروح فين هيعرف
قاسم بإستفهام: طب ازاي جيتي وانتي قلقانه كدا
ردت نادين بخفوت: عشان سافر الصبح وهيغيب كام يوم مافيش في القصر غير امه وانا بس
نظر قاسم بجرأة إلى جسدها النصف عاري، وقال بشغف: يعني ينفع تباتي معايا انهاردة
هزت نادين رأسها وقالت برفض على الفور: لا طبعا ماينفعش ابات برا هتكشف علي طول يا حبيبي.. ممكن نشوف بعض كل يوم لحد مايرجع.. وبعدين انت ماقولتليش ليه خليتنا نقابل هنا ؟!
قاسم بنبرة خبيثة لم تدركها نادين تحمل بين طياتها الكثير من المؤامرات: دي شقة واحد صحبي اخدت مفاتيحها منه.. ماكنش ينفع نتقابل في شقتي اختي قاعدة عندي اليومين دول وانا ماصدقت انك قولتي انك جاية كان لازم اتصرف بسرعة
استندت عليه وهي تقبل شفتيه بخفة، قائلة بدلع انثوي: بحبك
ومضت عيون قاسم بشكل خبيث وهو يرفع الغطاء عليهما: وانا بمoت فيكي
مساءا في منزل الحج عبدالرحمن
يجلس الجميع حول المائدة، ويأكلون العشاء في أجواء مليئة بالسعادة والسرور
حياة بتساءل: فين مامتك يا كارمن؟
كارمن بهدوء: طلعت اشوفها من شوية لاقيتها نايمة محبتش ازعجها اكيد تعبانه من مشوار السفر
حياة ببشاشة: ماشي حبيبتي انا هبقي اطلع اطمن عليها يمكن تصحي وتجوع بليل
الحج عبد الرحمن بحنان: كلي يا بنتي انتي مكسوفه ولا ايه
كارمن برقة: لا يا جدي والله باكل اهو
حياة بتأنيب: قولها يا ادهم يا ولدي تتغذي كويس.. انتي نحيفة اوي يا حبيبتي
ابتسم ادهم بمكر: اصلها خاېفة جسمها يتخن وأبص برا
ضحكوا جميعًا، لكنها نظرت إليه بتوعد.
بدر بهدوء: لالا ادهم ولد اصول مايعملش كدا
تحدث ادهم برزانة: تسلم يارب من اصلك الطيب
الحج عبد الرحمن بإبتسامة: الحمدلله انا دلوقتي مطمن اني هسيبك في عصمة راجل جدع ومعدنه اصيل
ابتسم ادهم بإحترام: الله يخليك ويبارك في عمرك يا جدي
كارمن: ربنا يديك طولة العمر يا جدو
الحج عبد الرحمن: تسلم يا ولدي وتعيشي يا قلب جدو
صړخت روان مصډومة: خياااانه.. انت بتتغزل في وحدة غيري يا جدي دي اخرتها
اڼفجر الجميع ضاحكين على تلك الفتاة المچنونة التي دلفت مثل صاروخ الي غرفة الطعام مع زوجها.
حنان بتوبيخ: يا بنتي اعقلي ايه اللي بتقوليه دا؟
نظر زين إلى السقف مغمغمًا بمزاح: مفيش فايدة قدري ياربي ورضيت به
روان بهمس متواعد: قدرك ماشي خليك فاكرها
أشار بدر اليها وقال: تعالي سلمي يا روان علي بنت عمك
نهضت كارمن مبتسمة، وانتظرت روان التي وقفت امامها وهتفت بإعجاب: ايه العيون الزرقه القمر دي ماشاء الله انتي حلوة اوي انا روان
اتسعت ابتسامة كارمن لتلك المرحة ذات القامة الطويلة عنها قليلًا، ثم رفعت وجهها اليها لتقبيل خديها قائلةً بحبور: انتي احلي حبيبتي تسلمي.. ما انا عارفه بسمع عنك من وقت ماجيت وكان نفسي اشوفك
دعتهم حياة قائلة بهدوء: لا سلام علي طعام.. اقعدو يا ولاد يلا عشان تكملو اكل وبعدين اتكلمو زي ما انتو عايزين
وهكذا مر اليوم بسعادة غامرة في القلوب وراحة طغت على مشاعر الجميع، بعدما كانت بدايته مليئة بالفوضى والقلق والحزن والشجار.
كانت تمشي حافية القدمين على شاطئ البحر الذي تحبه كثيرا، وتفكر بعقل شارد، لكن شيئًا ما لفت انتباهها جعل عينيها تتسعان بدهشة، وهي تراه على بعد أمتار قليلة منها.
يجلس عمر على الرمال، وكالعادة التي يحب فعلها دائما يرسم على الرمال.
لم تصدق أنه موجودًا أمام عينيها، وكانت تخشى أن يكون مجرد طيف وسيختفي، فركضت إليه وصړخت باسمه، وعندما وصلت إليه كان يحدق بها، فوقفت تلهث في مكانها من الركض.
عمر بإبتسامته العذبة: قربي ماتخافيش يا كارمن اقعدي جنبي
جلست كارمن على الرمال بجانبه، تاركة مسافة بينهما، مضطربة قليلًا من آثار المفاجأة، ثم همست بصدق: وحشتني وكان نفسي اشوفك يا عمر
عمر بمحبة: وانتو كمان كلكو وحشتوني وملك وحشتني اوي
كارمن بإبتسامة: طمني عليك
قال عمر بتنهيدة وهو ينظر إلي البحر: انا كويس اوي ومبسوط بس ناقصني وجودكم معايا.. لكن انا مطمن عشان انتي مش لوحدك دلوقتي ومابقتيش خاېفة زي الاول
نظرت كارمن إليه قائلة بإستفهام: ليه عملت كدا يا عمر ليه؟
قال عمر بنبرة حزينة كتنفها الغموض: بكرا هتعرفي بس انتي حبيتي ادهم.. مش هنكر ان دا بيوجعني بس هتكون انانية مني لو هنبسط بوحدتك سنين عمرك الجاية وانتي عايشة علي ذكري زوج مېت كنتي متعودة علي وجوده في حياتك بس محبتهوش
خفضت عينيها وقالت بدموع: سامحني يا عمر لو خذلتك بس دا مش بإيدي.. حاولت امنع نفسي بس انا ماقدتش محبوش
عمر بإبتسامة حنونه: انتي محبتيش غيره يا كارمن وانا مرتاح ان ادهم معاكم هو هيعرف يحميكم احسن مني ومن اي حد.. اهم حاجة بنتي خدي بالك منها واحكيلها عني وفكريها بيا دايما
ثم قال مردفًا: خدي حذرك من الثعابين اللي بدأت تخرج من جحورها ومش ناوية الا علي كل شړ ليكم
لم تستطع فهم ما قاله لها، ثم بعد برهة رأت عمر فجأة يختفي من أمامها، ولم يعد له أثر.x
في غمضة ين، وجدت نفسها في مكان مختلف تمامًا
تقف في وسط حديقة واسعة جدًا مليئة بالنباتات الخضراء والورود الملونة والأشجار، ثم رأت أدهم وملك يضحكان ويلتفان حولها وهما يلعبان بمرح.
لم تستطع أن تكتم ضحكتها علي منظرهما معًا، لكن ابتسامتها اختفت عندما رأت الورود والنبات الأخضر يذبل، وظهرت العديد من الثعابين من الأرض ملتفة حول أقدامهم.
فزعت من نومها وهي تطلق صړخة تشق حلقها، لكنها كتمتها بسرعة حتي لا تقلق الصغيرة وزوجها النائمين بجوارها.
جلست متكئة على مرفقيها وتلهث بشدة وتصبب وجهها عرقا، تتذكر أحداث ذلك الحلم الذي تحول إلى كابوس مروّع هشم قلبها.
نظرت إلى ملك تلقائيا، ثم انحنت وقبلت يدها الصغيرة حنان، ودموعها تنهمر على خديها في خوف.
ضمتها إلي صدرها وهي تغطيها جيدًا، وأمسكت بيد أدهم الغافي بهدوء وهي ترتجف، ثم رددت بصمت بعض الآيات القرآنية لطمأنة روحها وحاولت العودة للنوم مرة أخرى، لأن الوقت كان لا يزال مبكرا.
صباح يوم جديد
في غرفة زين وروان
كانت روان تململ في نومها، وهي تمسح بأناملها على خدها، ثم بعد برهة تعود مرة أخرى منزعجة من تلك اللمسات الخفيفة التي تمشي على وجهها.
غمغمت روان مستاءة، وهي تفتح جفنيها بتكاسل ونعاس، لاستكشاف ذلك الشيء المزعج الذي يؤرق نومها الهادئ.
اصطدمت عيناها البندقية مباشرة مع عسليته اللامعة، التي كانت تحدق بها بحب، وابتسامة احتلت فمه حيث تمكن من إيقاظها أخيرًا.
قبل زين وجنتها الناعمة، وقال بصوته الأجش: صباحية مباركة يا عروستي
لانت تعبيرات وجهها بإتسامة خجولة، ثمّ همست ببحة مغرية من آثار النوم أرهقت قلبه كثيرا: الله يباركلي فيك يا قلب العروسة وروحها
ډفن زين رأسه في تجاويف رقبتها، يستنشق شذاها الطيب، يهمس بأنفاس ساخنة تلفح عنقها: اااااخ من دلعك للي هيكون سبب رئيسي في ان قلبي يقف نبضه
حاولت روان النهوض قائلة بإرتعاب: يا ساتر يارب بعد الشړ عليك.. ايه الكلام الفظيع اللي بتقوله علي الصبح دا؟
وضع زين إصبعه على فمها وقال في نفس الهمس المثير: اسكتي ماتبوظيش اللحظة الرومانسية دي وبعدين في حل واحد يرجع قلبي يشتغل تاني
ضحكت روان متمتمة بخفوت: وايه هو بقي يا دكتور ؟
حدق في شفتيها الشهية بنظرة غامضة، ثم إقترب فجأة وسرق منها قب،ـلة خاطفة، ثم عاد يحدق في ملامحها بحب قائلا بصوت مبحوح: كدا قلبي رجع يدق من تاني
احمر خديها أكثر، قائلة بتلعثم: وسع بقي.. عايزة اخد دوش وانزل اشوف بنت عمي.. مش هروح الجامعة انهاردة عشان مالحقتش اقعد معاها امبارح
ضحك زين متمتمًا في سخط: انا بدأت اغير منها هي هتاخدك مني من اولها كدا
أمسكت وجهه بين راحة يدها الصغيرة قائلة بدلال ممزوج بالحنان، وهي تلامس طرف أنفه بأنفها: يا قلبي هي شوية وهترجع بيتها وهفضل ليك لوحدك خالص
زين بإبتسامة جانبية: بتثبتيني يا لمضة ماشي يلا قومي
في الاسفل
بعد أن تناولوا الفطور، وقاموا من على طاولة الطعام، حاولت كارمن الإمساك بالأطباق لمساعدة عمتها، لكن حياة صاحت عليها قائلة: سيبي يا حبيبتي اللي في ايدك مايصحش
كارمن بضحكة صغيرة: عادي يا عمتو بساعدك
حياة بإستفهام: طيب يا قلبي.. امك فين دي من امبارح ماكلتش لما طلعتلها لاقيت صنية الاكل كيف ما هي
كارمن بحيرة: والله ماعرف ايه اللي جرالها حاولت معها من شوية عشان تنزل تفطر كمان بس مش قادرة
حياة ببشاشة: خلاص يا حبيبتي انا هحضرلها فطار واخليها تاكلو من ايدي
كارمن بإبتسامة: تسلمي يا عمتي تعبينك معانا
حياة بود: تعبكم راحة يا ست البنات معرفش فين البت روان اتأخرت في النزول ليه هي كمان!!
صعدت كارمن إلى الطابق العلوي، راغبة في معرفة ما حدث لوالدتها، فعندما ذهبت إليها قبل الإفطار، كان أدهم معها فلم تفهم منها شيئًا.
وجدت شخصًا ظهر في وجهها دون سابق إنذار.
...: قفشتك
أطلقت كارمن صړخة الذعر مما حدث قائلةً پخوف: خضتيني يا روان اخس عليكي
روان بشقاوة: سلامته الجميل من الخضة
كارمن بخفوت: بكاشة اوي
ضحكت روان بخفة لتقول بمرح: بنت حلال كنت لسه بدور عليكي عشان استفرد بيكي ونرغي شوية
راقت الفكرة لكارمن التي قالت بإبتسامة: ومالو نرغي تعالي نقعد في اوضتي
روان بفرح: يلا بينا
في المطبخ
دخلت حنان المطبخ ورأت حياة منشغلة بما في يديها، كانت حياة تدير ظهرها نحوها ولم تراها تدخل.
سعلت حنان قليلا لكي تلفت انتباها قائلة بهدوء: انتي لسه واخدة علي خاطرك مني يا حياة
لاحظتها حياة لكنها تجاهلتها ولم ترد عليها.
اقتربت منها حنان وربت على كتفها بلطف، وقالت بضيق: خلاص ياستي ماتزعليش مني كانت ساعة شيطان وراحت لحالها
نظرت إليها حياة بنظرة عابرة قائلة بهدوء: دايما بقول عنك عاقلة.. معرفش انك كبرتي وعقلك خف منك يا حنان
فركت حنان يديها بتوتر، وبررت بنبرة خاڤتة: بصراحة ماقدرتش امسك نفسي لما شوفت جمالها.. مش بإيدي انتي عارفة بحب اخوكي وهفضل دايما اغار عليه
ضحكت حياة بسخرية وهتفت: اطمني يا اختي الست فوق راقدة متسطحة وتعبانه عينك جابتها الارض
خبطت حنان على صدرها، وهي تشهق هلعًا، وعيناها كادت أن تبرز من مقل عينيها وقالت بفزع: يا خړابي انتي بتكلمي بجد مالها الولية
حياة بحزن: من ساعة ما كانت مع ابوي معرفش ايه اللي جرالها شكلها اتأثرت بالكلام عن محمد الله يرحمه
شعرت حنان بالخجل من نفسها قائلة بندم: واضح كدا انها كانت بتحبه اوي واني ظلمتها بظنوني.. الله يسامحني شكلي حسدتها فعلا
ثم اردفت بفضول: انتي بتعملي ايه؟
حياة بإختصار: زي ما انتي شايفه اكل خفيف ليها الست ما اكلتش حاجة من امبارح
ذهبت حنان إلى الصينية التي عليها الطعام وشرعت في حملها: طيب سيبيه وانا هطلعهولها
حياة بشك: حنان
حنان بهدوء: والله ما فيش في قلبي حاجة نحيتها يا حياة خلاص بقي كفياكي عاد.. عايزة اعتذرلها عن تكشيرتي في وشها امبارح واطمن عليها وافتح معاها صفحة جديدة
تنهدت حياة بابتسامة: ايوه كدا دي حنان خيتي ام قلب ابيض ونظيف.. ماشي خدي الاكل طلعي اوضتها ويبقي كتر خيرك لو اتأكدتي انها اكلته
في غرفة كارمن
روان تجلس على السرير مربعة قدميها وأمامها كارمن وهما يتحدثان
روان بتنهيدة عالية: بس يا ستي وهي دي بقي قصة حياتي
كارمن بدهشة: حكايتك غريبة جدا
روان بعبوس: مش اغرب من حكايتك يا مفترية بهدلتي الراجل.. ايه الجبروت دا
كارمن بضحكة حلوة: هو الاغرب من اي حاجة ان انا وانتي اتجوزنا في نفس اليوم
مدت روان شفتيها إلى الأمام في استياء: ماتفكرنيش باليوم دا والنبي يا اختي
كارمن بإستفهام: انتي مش دلوقتي مبسوطة معه والامور معاكو تمام
هزت روان رأسها ثم غمزت بمكر: ايوه الحمدلله.. بس انتي باين عليكي بتحبي ادهم
بهت وجه كارمن بشدة، وهي تتذكر تلك الجملة التي قالها لها عمر في حلمها بالأمس.
عند حنان
صعدت بصينية الطعام إلى غرفة مريم، ثم طرقت الباب بلطف وإنتظرت برهة حتي سمعت نداء مريم من الداخل، وتسمح لها بالدخول.
حنان بإبتسامة ودودة: اخبارك ايه دلوقتي يا ست مريم!!
ردت مريم بابتسامة نقية أيضا: الحمدلله تسلمي حبيبتي ومافيش داعي لست مريم ناديني مريم علي طول
تقدمت حنان من الفراش قائلة ببشاشة: ماشي انا جبتلك لقمة تسندك.. حسيت انك ما اكلتيش كويس من امبارح
مريم بحرج: ليه تعبتي نفسك كتر خيرك
حنان بطيبة: دا الواجب واحنا اهل
مريم بلطف: عارفه فعلا حسيت انكم اهلي من وقت ما جيت هنا.. من زمان اوي كان نفسي اكون وسطكم مع محمد الله يرحمه
ثم تنهدت بحزن: بس للاسف راح قبل ما تتحقق امنيته انه يتجمع معاكو من جديد
احمر وجه حنان وهي منزعجة من نفسها بسبب سوء ظنها في تلك المخلوقة الطيبة، قائلة بإحراج: حقك عليا يا مريم لو عاملتك في الاول بجفاف شوية.. ربنا يبعد عننا الشيطان ويحمينا من الوساوس
مريم بسماحة نفس: امين يارب.. انا علي فكرة فهمت نظراتك ليا يا حنان.. لكن انا عذراكي ومش زعلانه منك باين انك طيبة ومش بتشيلي جوا قلبك
شعرت حنان براحة كبيرة، كأن ثقل جبل قد أزيل عن صدرها: تسلميلي يا خيتي وعايزاكي من هنا ورايح تعرفي اني اختك واي حاجة هتعوزيها اطلبيها مني وعيني ليكي
عند روان وكارمن
روان بإستغراب: مالك وشك اصفر ليه كدا
كارمن بإضطراب: مفيش بس حلمت بحاجة قلقاني شوية
تسألت روان بإستفهام: حلمتي بإيه
حدقت بها بتردد ثم بدأت تخبرها بكل ما رأته في حلمها المزعج
في ذلك الوقت
صعد أدهم من الأسفل وعلى كتفه ملك التي كانت نائمة ببراءة، وكان ينوي الذهاب إلى غرفتهما لتنام براحة على السرير دون أن يقلقها أي شيء.
رفع يده الأخرى لفتح باب الغرفة، لكن ذراعه تسمر في الهواء، وهو يقف مكانه بعيون واسعة بصد@مة ويستمع لما قالته كارمن.
في الداخل
اردفت كارمن بحزن: خاېفة ان يكون اللي حصل دا معناه ان عمر مش راضي عني وزعلان مني وبيلومني علي اني قربت من ادهم ودا محسسني بالذنب ناحية عمر اكتر
عند ادهم
أصبح وجه أدهم محتقنًا جدًا، ثم عاد إلى الوراء بصلابة حيث لم يعد يحتمل سماع المزيد، ثم مشى مسرعًا متجهًا نحو غرفة مريم ليعطيها الصغيرة.
في الداخل
روان بإستنكار: ايه الهبل اللي بتقوليه دا يا بنتي مش لسه قايلة انه قالك في الحلم انه مرتاح انك في امان مع ادهم
كارمن: ايوه
روان بتفكير: الثعابين في الحلم معناها غ،ـدر وخي،ـانة وعداوة يعني في جوا العيلة حد بيتمنالك الشړ والاذي
كارمن بحيرة: حد زي مين ؟
روان بتأكيد: اكيد مش من عيلتنا انتي شايفه اننا كلنا بنحبك ممكن يكون من عيلة جوزك
كارمن: مفيش حد غير ماما ليلي وهي بتعتبرني بنتها
روان: لا يا نبيهة في.. مرات جوزك اللي حكيتيلي عليها باين عليها حرباية من غير شك هي بتكرهك
كارمن پخوف: ربنا يستر انا عمري ما اطمنتلها
ربت روان على ركبتها قائلة بلطف: خدي حذرك منها انا قلبي بيقولي انها بتحاول تأذيكي
كارمن: حاضر
روان بغمزة: نرجع لكلامنا بقي انتي حبيتي ادهم بجد مش كدا
أومأت إليها مؤكدة في صمت خجول.
عند ادهم
خرج أدهم من غرفة مريم وسار في الممر الضيق، فرك يديه ببعض التوتر، وشعر أنه بحاجة إلى الهواء في أسرع وقت ممكن، وكان يكاد يختنق في كل مرة ترددت فيها كلماتها في أذنه.
....: اهلا يا ابو الشباب
ظهر شبح الابتسامة على شفتيه: اهلا يا ماجد
ماجد ببشاشة: جدي تحت كان بيسأل عنك كل رجالة العيلة تحت وعايزين يتعرفو بيك
على الرغم من أنه لم يكن في حالة مزاجية جيدة للسماح له بالجلوس مع أي شخص.
لكن كالعادة، إكتسي وجهه الجمود الذي لا يجعل أي شخص يتنبأ بما سيفكر فيه هذا الصلب، وكأن شيئًا لم يحدث.
قال أدهم وهو يأخذ نفسًا عميقًا ويحاول السيطرة على هدوئه: تمام يلا ننزلهم
ماجد بإبتسامة: يلا يا معلم
عند روان وكارمن
روان بإستفهام: بس ازاي اتقبلتي وجود ست تانية علي ذمته.. انا عن نفسي ماقدرش استحمل كدا ابدا ابدا
تنهدت كارمن قائلة بهدوء: الظروف بتحكم وفي الاول مكنتش بهتم اصلا بيها
ثم ارتفعت نبرة صوتها تلقائيًا، وأردفت: بس من وقت ماقلبي بدأ يدق له وانا حاسة ان جوايا غلاية مش بتنطفي كل مابتخيل انه ممكن يقرب منها في اي وقت
انْتفَضَ جسد روان بړعب من صياحها المفاجئ، وقالت بحذر: اهدي يا ست الغلاية انتي هتفوري في وشي انا ولا ايه
قهقهة كارمن بشدة على أسلوبها المرح، وتعبيرات وجهها وحركاتها المضحكة.
جاء المساء دون حدوث أشياء مهمة
دخلت كارمن غرفة والدتها قائلة بابتسامة رائعة: مساء الخير يا ماما عاملة ايه
مريم بحنان: مساء النور انا كويسة يا قلبي
جلست على السرير بجانبها وقالت حيرة: في ايه يا ماما انتي مانزلتيش الا مرتين بس تحت وباقي الوقت جوا اوضتك
اردفت بقلق: حصل حاجة بينك وبين جدي قالك حاجة زعلتك.. وشك مخطۏف من لما كنتي عنده احكيلي عشان خطړي
تحدثت مريم بابتسامة هادئة لطمأنتها: بالعكس جدك طيب جدا اليوم اللي قعدنا مع بعض فيه.. فضلنا نتكلم لحد قبل العشاء عني وعن ابوكي وعن اختي الله يرحمهم
كارمن: الله يرحمهم.. ماما انتي ليه مش بتحبي تحكيلي عنها!!
مريم بتنهيدة حزينة: الكلام ساعات بيوجع يا كارمن وبيفتح چروح كتير مالهاش علاج.. يمكن عشان حكيت مع جدك عنها نفسيتي تعبت شوية
كارمن پخوف: بعد الشړ عنك خلاص ارتاحي وبلاش تكلمي لو دا هيتعبك
ربت مريم على كفها الناعم قائلة بحنان: لا يا روحي انتي لازم تعرفي كمان طالما حكيت لجدك
كارمن بتوجس: ماشي
نطقت مريم بتحشرج وعيناها تتألق بالعبرات، فهي حتي الان لم تشفي چروح قلبها من حزنها على شقيقتها الوحيدة:.....
نهاية الفصل الخامس والثلاثون
الفصل السادس والثلاثون ( عودة ) مزيج العشق
في منزل الحج عبدالرحمن
على وجه التحديد في غرفة مريم التي ما زالت تستكمل حديثها
نطقت مريم بتحشرج وعيناها تتألق بالعبرات، فهي حتي الان لم تشفي چروح قلبها من حزنها على شقيقتها الوحيدة: الكلام دا حصل قبل ماتتولدي بأكتر من عشر سنين.. ابوكي اتجوزني بعد موتهم بأسبوع ماكنش عايزني ابقي لوحدي رغم كل الظروف والمشاكل مع ابوه.
أضافت بصوتًا مخنوقًا بالعبرات: كلهم راحو مرة واحدة بدون اي انذار هي وجوزها والواد والبنت محدش عاش منهم
سألت كارمن بتأثير: م١تو ازاي؟
مريم بتفسير: كنت لسه صغيرة لما اتجوزو.. هو اتعرف عليها عن طريق شغلو.. وكانت هي صحفية عنيدة ومابيهماش حد وهو صاحب شركة ادوية اهلو كانو ناس اغنياء وعندهم فلوس كتير وهو كان وحيدهم.. المشكلة بينهم بدأت لما كتبت مقال عن سمعة الشركة بتاعتهم جننه عملها مشاكل مع الجريدة اللي بتشتغل فيها تقريبا اتقفلت خالص والله مافاكرة بس كان عنده حق لان بعد كدا عرفت ان المعلومات اللي وصلتها كانت مزيفة وناس كانو قصدين يعملو فيه الحركة دي
أومأت كارمن برأسها، وحثتها على الاستمرار: وبعدين
مريم بابتسامة صغيرة من عيني كارمن المتلألئة بالفضول: حصل بينهم زي ما بيقول المثل ما محبة الا بعد عداوة.. طالبها للجواز هي شرطت عليه اعيش معاهم.. لاننا مالناش الا بعض كانا انا وهي لوحدنا في الدنيا.. اتجوزها وعشنا كلنا مع بعض.. كنت بعتبره اخويا الكبير وعوضنا عن دفي الاسرة اللي اتحرمنا منه
كارمن بتساءل: كان اسمه ايه يا ماما؟
لفظت مريم الاسم بشكل عفوي كما لو كان محفورًا في ذاكرتها: احمد راشد.. عدت سنين كتير انا كبرت ودخلت الجامعه وهما خلفو ولد وبنت اسمهم يحيي ومريم
ثم اردفت: قبل الحاډثة بفترة ابوكي طلبني من احمد وهو رحب بالموضوع لما لاقاني بحبه.. بس كانت معرضة ابوه هي العقبة الوحيدة
واصلت حديثها بدموع: في يوم الحاډثه انا كنت مع ابوكي اخدني وروحنا اسكندرية قضينا اليوم كلو هناك.. لما رجعت البيت لاقيت المساعد الخاص لأحمد بيبلغني ان عربيتهم اتقلبت واتحرقو جواها.. محدش عاش منهم وزي ما حصل معاكي وقعت واتحجزت في المستشفي مالحقتش الډفن ولا قدرت اودعهم لأخر مرة
احتضنتها كارمن بسرعة قائلة وهي تبكي: كفاية يا ماما خلاص كدا كتير عليكي
مريم بتحشرج: هالة وحشتني والولاد كنت بحبهم اوي.. لولا وقوف ابوكي جنبي كنت مoت لوحدي رغم معرضة ابوه اتجوزني وساندني في وقت احتياجي له.. انا مسامحة جدك يا كارمن وانتي كمان لازم تسامحي من قلبك الفراق صعب اوي يا بنتي.. مفيش حاجة تستاهل الزعل كلنا رايحين سامحي جدك وحافظي علي بيتك وجوزك
خرجت من بين ذراعي والدتها قائلة بإنصياع: ماشي يا ماما حاضر
مريم بحنو: اتكلمي مع جدك هو كمان من وقت ماعرف وهو حزنه زاد علي ظلمه لأبوكي.. اقعدي معه وصفي اي حاجة في قلبك نحيته
كارمن بهدوء: تمام اللي انتي عايزه هعملو.. ممكن ترتاحي لو سمحتي
مريم بإنزعاج: ماشي بس فين ملك انتو بقالكم يومين واخدينها مني مش عارفه انام من غيرها
ابتسمت كارمن، لتقول بلطف، وهي تمسح دموعها: هروح اجيبهالك يا ست الكل
عند كارمن
دخلت غرفة نومها بعقل شارد فيما أخبرتها به والدتها عن أختها وأولادها، نفضت كل الأفكار عن رأسها بعد أن أغلقت الباب خلفها واستدارت ظننا منها أن أدهم كان جالسًا في انتظارها، بعد أن أخذت الطفلة منه منذ دقائق لتعطيها لوالدتها، وطلبت منه انتظار عودتها إليه.
تفاجأت كارمن برقد أدهم على السرير، يدير ظهره لها، وبدا أنه نام من الإضاءة الخاڤتة للغرفة همست بدهشة: معقولة لحق ينام
لا تعلم لما شعرت بالڠضب والإحباط، ربما لأنها أرادت أن تخبره عن كل ما حدث لها منذ بداية اليوم، وحلمها المزعج، وكلام والدتها حتى تستريح قليلًا من التوتر العصبي الذي اصابها.
اردفت بتنهيدة: خلاص مش مشكلة نأجل الكلام للصبحxاكيد تعبان ونام ڠصب عنه
ذهبت إلى الخزانة، وسحبت ثوب النوم، ودخلت الحمام الملحق بالغرفة.
بعد قليل خرجت من الحمام، وسبقتها رائحة عطرها المميز، ثم سارت بخفة إلى السرير، واستلقت بجانب زوجها مدثرة نفسها في البطانية.
وضعت يديها تحت وجهها، وظلت تنظر إلى ظهر أدهم، وبعد قليل غفوت.
فتح أدهم جفنيه عندما شعر بإنتظام أنفاسها خلفه، وقلب جسده نحوها معانقا خصرها إليه، ثم رفع أصابعه برفق، وأبعد خصلات شعرها المبعثرة عن وجهها، وظل يحدق في ملامحها الناعمة.
لم يستطع النوم بسبب الفكر الذي يؤرقه كثيرا، وبقي على هذا الوضع مدة طويلة حتى تغلب عليه سلطان النوم.
صباح يوم جديد
في غرفة زين وروان
استيقظت روان منزعجة من صوت المنبه المزعج، كم تكره هذا الصوت لأنه يخرجها من أحلامها الوردية.
غمست رأسها أكثر في صدر زوجها الذي كان نائمًا بجانبها، لتمنع أشعة الشمس التي تضيء الغرفة من الوصول إلى عينيها.
فتحت روان عينيها ببطء وتكاسل، وأخذت تتأوه بضجر من ذلك المزعج الذي لا يريد التوقف.
تثاءبت قائلة لنفسها پغضب، وهي تمد يديها إليه لكي تغلقه: خلاص اسكت دا انت زنان ولحوح اوووي
انحنت بالنصف الجزء العلوي من جسدها على جسد زين النائم، قائلة ببحة خاڤتة من آثار النوم: زين اصحي يا قلبي
زفرت روان بتمتمة: يالهوي عليك يا زين وعلي نوم امك التقيل دا.. يا زين.. يا زينووو.. قوم وراك شغل
اردفت بابتسامة لعوبة على فمها: مفيش مفر انت اللي اضطرتني لكدا
أخذت نفسًا طويلًا استعدادًا لما ستفعله، وكانت على وشك الصړاخ، لكنها وجدت يدًا فوق فمها، ولم يستطع صوتها الهروب من حلقها.
رفع زين جسده قليلًا تجاهها، وقال بهسيس خبيث بجوار أذنها: اياكي تفكري تكرريها وټصرخي في وداني يا مجنونه
سقط قلبها في قدميها ونظرت إليه بعيون واسعة مندهشة، وهو يخفض يده من علي فمها، لتقول بصد@مة: هو انت صحيت من امتي !!
زين ببرود: من يالهوي عليك وعلي نوم امك التقيل
حاولت روان أن تتكلم لكن انعقد لسانها، فخرجت الكلمات غير مترابطة يا خبر.. احم.. انا مكنش قصدي انا..
نظرت روان إليه باسمة الثغر ببلاهة، لتقول بصوت مبحوح: صباح الفل
زين بعبوس: ايه الصباح الناشف بتاعك دا
قبلته بجانب شفتيه بعفوية لتسأل: كدا لسه ناشف
زين بنصف عين: ايوه لسه
روان بتذمر طفولي: ايه دا انت بتدلع يلا قوم عشان تلحق تنزل علي شغلك
عانق خصرها أكثر. وقال بنفس الهمس الأجش: وانتي هتروحي الجامعة ولا هتعملي عبيطة زي امبارح
طبعت قبلة خاطفة على خده، قائلة بابتسامة حمقاء: هعمل عبيطة طبعا
زين بجدية: معرفش ليه حاسس انك بتهربي من مرواحك الجامعه يا روان
زاغت عيناها، وتلعثمت في الرد: لا خالص.. انا ههرب ليه
حرك ذقنها لتواجهه مباشرة وغمغم بإصرار: قولي الحقيقة
لم تستطع أن تتجادل معه أكثر، وهو لن يتركها دون أن يحصل على إجابة، قائلة بتردد: بصراحة خاېفة اروح وتحصل مشكلة بينا وانا ماصدقت اننا مبسوطين
أغمض أدهم عينيه متضايقًا من نفسه، ثم هتف بتساءل: انتي لسه بتفكري اني مابثقش فيكي مش كدا؟
أدارت عينيها ولم تجيب على سؤاله.
تنهد زين وهو يرفع وجهها بأصابعه قائلا بهدوء: ارفعي وشك هنا دي اخر مرة هقول الكلام دا.. انا بحبك يا روان ومتأكد من حبك ليا زي ما انا متأكد من نفسي..
حدقت في عينيه عندما بدأ يداعب بشرتها الناعمة بإبهامه مردفًا: انسي كل حاجة فاتت.. تصرفي كان من غيرتي عليكي.. عارف انها صعبة شويتين بس استحمليني
استأنف حديثه مبتسمًا بمزح: انا زي جوزك برده
ابتسمت متأثرة بكلماته، حيث شعرت بأنها تستوطن قلبه حقا، ثم قالت متظاهرة بالتفاجئ، وهي تزم شفتيها للأمام: يعني دي اخر مرة هتقولي بحبك
ضحك عليها وهو يضرب رأسها بخفة، وتنهد بقلة حيلة من چنونها: هو دا اللي لفت نظرك من كل كلامي
وضعت روان يدها على خده قائلة بحب: مش عارفة اوصفلك قد ايه كنت محتاجة اسمع منك الكلام دا
صمتت قليلًا ثم اردفت بدلع طفولي: بس دا مايمنعش اني اسمع منك كلمة بحبك علي طول.. من حقي كمواطنة اسمعها منك دايما
ابتسم بمكر، ثم في لحظة قلب وضعمها لتجد نفسها في غمضة عين مستلقية على السرير بينما اصبح فوقها، قائلا بهمس خطېر أمام شفتيها: ايه رأيك اسمعهالك بالافعال مش بالكلام؟
اتسعت عيناها بهلع حيث احمر خديها من الخجل عندما أدركت ما قالته، وما الذي سيفعله زين.
روان بتحذير واستعطاف: اعقل يا زين انت عندك شغل ومتأخر كمان
أدار وجهه ونظر إلى الساعة المعلقة على الحائط، ثم ابتعد عنها قائلًا متذمرًا: كل مرة بتفلتي من ايدي بحجة مقنعة ملاحظة مش كدا
هتفت بمرح وهي تنهض من جانبه: دي حظوظ بقي.. انا غيرت وهروح الجامعة
زين بإبتسامة: برافو يا قلبي
نظرت إليه ببراءة قائلة بدلال: ممكن توصلني في طريقك
زين بضحكة: من عيونيx
في قصر ادهم البارون
تجلس ليلي في الشرفة الكبيرة، وتحمل كوبًا من الشاي بالنعناع كما تحب.
سبق نادين صوت رنين كعبها العالي، لېحطم هدوء المكان، وقالت بإستخفاف: صباح الخير يا طنط
نظرت ليلي إليها بعين غاضبة من سخريتها متمتمة: صباح النور
أردفت ببرود بينما كانت نادين تسير، وتجلس علي المقعد الأخر أمامها: بالمناسبة ادهم ومراته راجعين انهاردة من السفر
نادين بتعجب: بالسرعة دي غريبة ماكملوش يومين يعني
ليلي بسخرية: انا حبيت اعرفك قبل ما تخرجي وترجعي متأخر زي كل يوم من وقت ما سافرو
كانت نادين متوترة من أسلوب تلك المرأة العجوز، فتذمرت حتى لا تلاحظ عصبيتها: ايه يا طنط انتي عايزاني اتحبس في البيت يعني مش كفاية اني متجوزة ابنك ومش مراعيني خالص جواز بالاسم بس
تشدق وجه ليلي بابتسامة جانبية قائلة بصرامة: احمدي ربنا يا نادين انه مستحملك ومش عايز يطلقك لحد دلوقتي واسلوب كلامك معايا تعدليه بلاش دور الزوجة المظلومة اللي انتي عايشة فيه دا واضح كلامي
تمتمت نادين بحنق: واضح
اما في الصعيد
تحديدا في غرفة نوم ادهم وكارمن
تملمت كارمن في نومها إلى الجانب الآخر من السرير، ووضعت يدها على مكان نوم أدهم لتتفاجأ أن المكان كان فارغًا.
نهضت وفتحت عينيها الزرقاوين، تتثاءب بنعاس، تحدق في الغرفة لتدرك أنها كانت وحيدة فيها.
مدت يدها إلى الطاولة المجاورة للسرير وأخذت هاتفها، لتنظر إليه مخاطبة نفسها: انا نمت كتير اوي كدا.. الساعة بقت 10 ونص.. ادهم شكلو سبقني علي تحت.. بس ماصحنيش معه ليه دا؟!!
عند ادهم
كان يسير في الأراضي الخضراء حول المنزل، وقد استيقظ منذ الفجر وتسلل من جانب كارمن ثم جاء إلى هنا، وحتى الآن كان يفكر فيما سيفعله، ويحاول ترتيب أفكاره بهدوء وتمهل.
أخرج هاتفه من جيب بنطاله وضغط على زر الاتصال.
بعد لحظات سمع صوته قائلا بمرح: صباح الخير يا ابو الاداهيم
ادهم بضجر: صباح النور مش وقت سخافه علي الصبح يا مالك
مالك بحيرة: في ايه يا ادهم شكلك قرفان ليه كدا؟
تنهدت ادهم قائلا بهدوء: مفيش حاجة انت فينك
مالك: في البيت هفطر واروح الشركة
ادهم: طيب لما توصل احجزلي علي طيارة باريس انهاردة بليل او بكرا بالكتير
مالك: صبرك عليا عشان اترجم الكلام.. انت مش في الصعيد يا بني
ادهم بملل: ايوه راجعين انهارده هنتحرك من هنا علي الظهر وبليل نوصل مصر
مالك بدهشة: ايه اللي هيرجعكو بسرعة كدا في مشاكل ولا ايه !! ماتفهمني عدل
ادهم بهدوء: مش ضروري تفهم بعدين هبقي اقولك.. المهم دلوقتي نفذ اللي قولته.. يلا سلام
مالك بقلة حيلة: ماشي اللي تشوفه.. سلام
بعد فترة وجيزة في المندرة
الحج عبدالرحمن: ايه يا ولدي الكلام دا.. معقول تسافروا بسرعة كدا لسه مالحقناش نشبع منكم
ادهم بإحترام: سامحني يا حج عبدالرحمن لكن عندي شغل كتير لازم اتابعو بنفسي
أومأ الحج عبدالرحمن برزانه وتفاهم: اذا كان الموضوع شغل خلاص يا ولدي ربنا يكتبلك التوفيق ويصلح حالك
ادهم بإبتسامة: تعيش يارب
عند كارمن
خرجت كارمن من الحمام علي طرق الباب، فذهبت لتفتح لتجد مريم تدخل وتمسك بيد ملك
كارمن بإبتسامة رقيقة: صباح الخير يا ماما
مريم: صباح الورد يا كوكي
هبطت كارمن أمام ابنتها الصغيرة، وهي تقبل وجنتها المكتنزة بحب: ملوكة قلبي هاتي بوسة لمامي
مريم بهدوء: حبيبتي انا جيت اقولك ان ادهم كلم جدك عشان عايزنا نرجع مصر انهاردة
نهضت كارمن علي قدميها قائلة بإستفهام: ليه نرجع هو كان قالي اننا ممكن نقعد اسبوع.. وبعدين هو ماقاليش بنفسه ليه ؟
مريم بتبرير: يمكن زهق من القعدة هنا.. انتي عارفه طبع ادهم شغل وخروج.. حياته مختلفة خالص عن الحياة هنا يا بنتي..
ثم اردفت مجيبة علي سؤالها: هو اكيد اتحرج يقولك عشان ماتزعليش منه
كارمن بقلة حيلة: ماشي هحضر الشنط واجهز نفسي
مريم: لا سيبي انتي الشنط وروحي اقعدي مع جدك زي مافهمتك امبارح بعد مانفطر كلنا سوا قبل السفر
كارمن بضيق: حاضر هغير هدومي...
في الاسفل
تناول الجميع وجبة الإفطار في جو هادئ.
لم يتحدث أدهم وكارم أثناء الإفطار، لكنهما تبادلا بضع كلمات بسيطة ردًا على أسئلة الجميع.
بعد فترة وجيزة
كانت كارمن تجلس على بعد مسافة صغيرة من الحاج عبد الرحمن في المندرة بناء على طلبها، رحب الجد بذلك ثم جلسوا يتحدثون بهدوء.
استرسل الحج عبدالرحمن حديثه: انتي عارفه يا كارمن يا بنتي قبل ما تيجي.. كان عندي خبر بكل حاجة عن طريقة جوازك من ادهم وعدم رضاكي عن الوضع وانك اضطريتي لكدا عشان مافيش حد يقف في ظهرك
حاولت كارمن أن تقاطع حديثه: جدي
الحج عبدالرحمن: خليني اكمل كلامي وبعدين احكي علي راحتك
كارمن بإحراج: اسفه اتفضل يا جدو
الحج عبدالرحمن بنفس الهدوء: كنت ناوي اطلقك منه واخليكي تعيشي تحت سقف بيت اهلك ووسط عزوتك حتي لو هو مارضيش.. لكن بعد ما شوفت قد ايه هو انسان كويس وطيب.. كمان امك نفسها حكيتلي كل حاجة بيعملها عشانك وعشان الصغيرة فبدأت افكر من تاني
اختنق صوته، لكنه أصر على أن يخرج ما في قلبه، وامتلأت عيناه بالدموع التي بدأت تتساقط بهدوء، قائلا بندم وألم: انا غلطت يا بنتي في حق ابوكي جيت عليه كتير من صغره.. مش عشان مابحبوش بالعكس دا ابني البكري الغالي اللي من يوم ما اتولد اعتبرته السند والعون ليا.. يمكن عشان كدا قسيت عليه من غير ما ادري.. وبعد اللي حكيته ليا امك اتأكدت اني خلفت راجل بصحيح
تأثر قلب كارمن كثيرا بكلمات جدها، ورغم عنها دموعها سقطت على خدها ولم تستطع الجلوس في مكانها، فقامت وعانقته بحزن ودعم كبير.
اردف بصوت أجش، وهو يربت على رأسها ويعانقها بحنان: صدقيني يا بنتي بعد ما لاقيتك يعز عليا فراقك.. لكن انا مرتاح انك في عصمة راجل جدع كيف ادهم هو انسان شهم.. رغم اني عرفت انه متجوز لكن معاملته ليكي وخوفه عليكي وعلي بنتك يغفرله اي حاجة
صمت قليلا، ثم أخرجها من أحضانه عندما لم يتلق أي رد منها، ليقول بهدوء: وماتفتكريش اني بقول كدا عشان اللي سمعته عنه وبس.. لا من كلامي معه فهمته وعرفت قد ايه هو راجل يعتمد عليه
هتفت كارمن بإندفاع: بجد يا جدي دا رأيك فيه؟
ابتسم علي لهفتها وقال بمحبة: ايوه يا حبيبتي انتو صحيح ظروف جوازكم كانت غلط وقاسېة بس قلبكو نظيفة وهتنجحوا في حياتكو مع بعض ان شاء الله
ابتسمت كارمن من بين دموعها قائلة بسعادة حقيقية: ربنا مايحرمنيش منك يا جدي ويخليك لينا يارب.. انا كمان فرحانه اوي اني شوفتك وعرفتك كنت محتاج ليك جدا في حياتي
بعد قليل
قالت حنان بصعوبة وهي تعانق مريم بلطف: هتمشو بسرعة اوي كدا مالحقناش نقعد ونتكلم زي ما اتفقنا يا مريم
نظرت مريم اليها بإبتسامة وقالت: سامحيني يا حبيبتي مش بإيدي لكن اوعدك هنيجي تاني انا حبيت المكان وحبيتكو اوي ربنا اللي عالم
حنان بود: من القلب للقلب رسول يا غالية
انضمت إليهما كارمن فإقتربت من حنان وعانقتها، قائلة بهدوء: سلميلي علي روان اوي يا طنط حنان وقوليلها ماتزعلش اننا مشينا وهي مش موجودة.. وانا لما اوصل مصر هبقي علي اتصال بيها عشان اطمن عليكو
حنان: فكرتيني صحيح هتزعل جدا انكو ماقعدتوش معانا وماشيين.. معرفش انا وراكو ايه لو علي جوزك هو يسافر لشغلو ويعاود تاني يا الف مرحب به
كارمن بتنهيدة: ياريت كان ينفع يا طنط انا نفسي جدا افضل معاكو اكتر من كدا.. بس انا كمان بشتغل معه وفي شغل كتير محتاجنا
حنان: ربنا يصلح ليكو الحال يا حبيبتي ونشوفكم علي خير
بدر بإبتسامة لطيفة: مش هتسلمي علي عمك يا بنتي
ذهبت اليه كارمن وعانقته بمحبه، بينماوهو اخذ يربت علي شعرها، ليغمغم بحنان: هنتوحشك يا حبيبتي وقريب هتلاقينا عندك عشان نطمن عليكي
كارمن بنبرة ناعمة: ربنا يخليك ليا يا عمو
بعد ساعتين علي طريق السفر
في سيارة ادهم
أدهم يجلس بجانبها، لكنه لا يرفع عينيه عن الحاسوب الذي يضعه في حجره ويواصل عمله، بينما كارمن أيضًا صامتة، لا تريد أن تبدأ الحديث معه، ويدور في ذهنها سؤال واحد بحيرة: ايه اللي غيرو من نحيتي كدا لا بيكلمني ولا معبرني كأني مش موجودة.. حتي ماكلفش نفسه انه يقولي ليه راجعين بسرعة كدا.. ماهو لو علي الشغل صحيح هو بيشتغل من مكانه ومالك بيتصرف لو في حاجة ايه قلب حاله كدا ياربي بس
ادهم بهدوء: مالك ساكته من ساعة ما مشينا.. زعلانه مش كدا؟
خرجت من افكارها على صوته وردت بهدوء ايضا: لا عادي مش زعلانه ولا حاجة طالما الشغل عايزك مفيش مشكلة
أغلق أدهم الحاسوب ونظر إليها بتمعنx، ليسأل بصوت أجش: بس انا حاسك زعلانه من حاجة
كارمن بخفوت: اضايقت شوية انك ماقولتليش بنفسك اننا راجعين انهاردة
لم يستطع أدهم مقاومة ملامسة خصلات شعرها البنية التي هبت عليها الريح، فداعبها عفويا بأصابعه قائلا بحنو: مارضتيش اصحيكي من نومك
كارمن بإبتسامة هادئة: تمام
أمسك بيديها الدافئتين قائلا بلطف، ولم يستطع تصنع البرود بعد أن شعر بضيقها: اتكلمتي مع جدك في ايه؟
بينما كانت تنظر إليه بدهشة، تتسائل في ذهنها ما الذي غير مزاجه معها دون أي سبب واضح، ثم ردت برقه: قولتلو اني مش زعلانه منه واني سامحته ووعدته اننا هنزوره تاني قريب
واضافت بهمس: اول ما حضنته استريحت وشميت فيه ريحة بابا حسيت انه قدامي من تاني الله يرحمه.. عشان كدا اضايقت شوية واحنا ماشيين ماكنتش عارفه اني هتعلق به بسرعه كدا
ادهم بإبتسامة: هخليكي تسافري تشوفيهم تاني اي وقت تحبيه
كارمن بسعادة: بتتكلم جد!!
أومأ إليها بصمت، ثم عاود النظر إلى جهاز الحاسوب الخاص به.
في منزل ميرنا
تقدمت ميرنا من باب الشقة عندما سمعت دق الجرس، ثم فتحته لتتفاجئ بقاسم يقف عند باب المنزل، ويقول بابتسامة جانبية، بينما تفحصت عيناه جسدها الرشيق في ذلك السالوبيت الجينز الذي لائم عودها تماما: وحشتني يا وحش
ميرنا بفتور: اهلا يا قاسم ادخل
اردفت وهي تغلق الباب بعدما دخل: خير ايه سبب الزيارة المفاجأة دي؟
ذهب إلى الأريكة الكبيرة وجلس عليها بشكل مريح: كل حاجة اتفقنا عليها حصلت
جلست ميرنا بالمقعد المجاور اليه قائلة بتعجب: لحقت تنفذ بالسرعة دي
ابتسم قاسم بمكر: اضرب علي الحديد وهو ساخن يا مزة
ميرنا: تمام اوي هات الفلاشة
ألقى قاسم نظرة جريئة على جسم ميرنا الجذاب: مش قبل ما تسهرينا سهرة حلوة
ردت ميرنا بضحكة ساخرة: هي نادين ماقامتش بالواجب
قاسم: نادين صاروخ مافيهاش كلام.. بس انتي حاجة تانية ليكي طعم تاني
وضعت ميرنا إحدى قدميها فوق الأخرى أمامه قائلة بمكر أنثوي: دا عشان لحد دلوقتي ماطولتش مني حاجة.. وماينفعش يحصل احنا مع بعض فيد واستفيد اكتر من كدا مفيش
قاسم بضحكة: ماشي يا ريري اتقلي براحتك بكرا هتيجي بكيفك
اضاف بإستفهام: قوليلي ناوية علي ايه ؟
ميرنا ببرود: مش لازم تعرف
رفع قاسم حاجبه قائلا بدهشة: ازاي مش لازم اعرف احنا مش شركاء ولا ايه؟
ميرنا: اكيد
قاسم بإلحاح: خلاص امتي هنساوم نادين علي الفيديوهات
ميرنا بضجر: انت ليه مستعجل كدا الصبر حلو !!
قاسم بإستياء: ايوه بس انا محتاج فلوس الايام دي
ميرنا بسخرية: ومين سمعك انا كمان محتاجة فلوس يمكن اكتر منك بس لازم نصبر
قاسم بدهشة: ومحتاجة الفلوس في ايه ما انتي عندك ورث جوزك
ميرنا: صح بس اللي انت ماتعرفوش ان اهل المرحوم مش ساهلين مستكترين عليا الملاليم اللي ورثتها عنه وعاملين ليا مشاكل
قاسم: طيب ما نسرع الامور
ميرنا: ومين قالك ان نادين معاها فلوس.. انت ناسي انها صحبتي كل حاجة عنها اعرفها
قاسم بتأفف: اومال عاملين الحكايات دي كلها ليه!!
هتفت ميرنا بسأم: فتح مخك جوزها مليونير ومعروف اسمه زي الطبل في البلد.. لما توصلو الفيديوهات دي هيبقي مستعد يدفع اي مبلغ نطلبو منه من غير مايفكر.. مش هنحتاج نتعامل مع نادين من الاساس.. ساعتها هيدفعلنا وقليل عليها لو طلقها بعد اللي عملته فيه وممكن ېقتلها كمان مين عارف؟
ابتسم قاسم قائلا بصوت خفيض، وعيناه تلمعان بخبث من إعجابه بشدة دهائها: انتي ازاي خطېرة كدا دا ابليس نفسه يضربلك تعظيم سلام
ضحكت ميرنا پحقد: ساعتها حلال علينا الفلوس وحلال في نادين اللي هيجرلها من جوزها المغفل
قاسم بإلحاح: هرجع تاني واسألك امتي هنفذ!
ميرنا بحنق: يوووه علي زنك مش دلوقتي انا عارفه بعمل ايه كفاية اسئلة انا صدعت منك
نهاية الفصل السادس والثلاثون
الفصل السابع والثلاثون (جفاء غير مبرر) مزيج العشق
ليلا في قصر البارون
داخل جناح ادهم
خرج أدهم من الحمام، وهو يلف أسفل جسده بمنشفة كبيرة فقط، بعد أن أخذ حمام منعش من عناء السفر الطويل، ولكي يجدد نشاطه تمهيدًا لسفره الذي يفكر في كيفية إخبار كارمن بذلك الآن.
توقف مكانه، وهو يراها تدير اليه ظهرها، وتعبث في حقيبة سفره.
رفع ادهم حاجبيه متسائلا: بتعملي ايه!!
أدارت كارمن كتفها إليه، وقالت بنبرة عادية: بطلع هدومنا من الشنط زي ما انت شايف
أخذ نفسا عميقا قبل الرد محاولا الحفاظ علي رِباطة جأشه أمامها: احم لا سيبي هدومي زي ماهي في الشنطة
رمشت كارمن بعدم استيعاب: ليه مش فاهمة!!
تحرك بثبات نحو غرفة الملابس، قائلًا ببرود: انا مسافر.. بعد كام ساعة هتقوم طيارتي
وقفت هناك مصډومة، وعقلها يكافح لترجمة ما قاله منذ ثوان، ثم مشيت ورائه إلى غرفة الملابس، قائلة بتوتر: هتسافر لوحدك
تسائل أدهم بدهشة وهو يقف زر بنطاله بعد أن لبسه: نعم!
تنحنحت بحرج من سؤالها السخيف مصححة صيغة سؤالها: قصدي يعني هتسافر فين وهتقعد قد ايه؟
أجاب أدهم، وهو يستمر في ارتداء ملابسه بجمود: رايح باريس في عملاء مهمين لازم اقابلهم قبل ما يبدأ الديفليه
فركت كارمن رقبتها بإضطراب، وقالت بإستفهام: ضروري يعني السفر النهاردة...احنا لسه راجعين من مشوار متعب كتير عليك الضغط دا
رد أدهم بكذب دون أن ينظر إليها: ماتقلقيش عليا انا متعود.. وكمان هما ناس مهمه جدا يعني وقتهم بفلوس ومرتبطين بمواعيد كتير واحنا المحتاجين ليهم لان الفايدة الاكبر هتعود علينا فلازم اسافر بسرعة
قطبت كارمن حاجبيها قائلة بضيق: هتغيب كتير
ادهم بتنهيدة: مش اقل من اسبوعين
وأضاف بعد أن انتهى من لبسه، وتوجه نحو باب غرفة الملابس، ملاحظًا صمتها قائلا بهدوء وهو يقف أمامها مباشرة، ومد يده إلى ذقنها ليجعلها تنظر إليه: مكشرة ليه!!
نظرت كارمن اليه ببراءة قائلة بنعومة: مافيش حاجة
نظر أدهم إلى داخل زرقاوتيها التي شتت كيانه بالكامل، خاصة عندما حدقت فيه بعيونها اللامعة بإطلالاتها البريئة، ثم تدحرجت عيناه على ملامحها عاقدا حاجبيه، بينما زرقاوتيه الداكنه تموج بمشاعر مختلطة علي ملامحها الجميلة، فهو يشتاق إليها منذ الأن، هامسا بدون وعي: هتوحشيني
أحاط أدهم رأسها بكفيه وقبل جبهتها بحنان لم يستطيع قمعه، ليغمغم بصوت هادئ: خدي بالك من نفسك كويس ومن ملك
ابتسمت كارمن بحب رغم الضيق الذي يألم قلبها، وتمتمت: وانت كمان
رفعت أصابع قدميها، لتطبع قبلة رقيقة دافئة بجوار فكه مما ألهب مشاعره بشوق أكبر لها.
اتسعت عيناها مصډومة من فعلته لبرهة، ثم سرعان ما تلاشت الصد@مة، وهي تلف ذراعيها حول رقبته.
كيف ستتحمل غيابه عنها، على الأقل الآن، يمكنها أن تأخذ منه جرعة صغيرة لتهدئة روحها، لعلها تستكين قليلًا، فأن عشقه سكن وجدانها، واصبح حياتها كلها.
إستمع إلى تنبيه عقله، وانه يتواجب عليه أن يتغلب على هذا الانجراف الذي قد يجعله يلغي كل ما خطط له، ويبقى في ذلك النعيم بالقرب منها.
يريد الابتعاد، لكن كل حواسه ترفض الانصياع لأوامر عقله، مطالبة بالبقاء على هذا القرب المهلك منها، ولا تريد سواها.
كانت الدموع تنهمر من جفنيها المغلقين، وأغرقت خدها حين صفعت تلك الأفكار السيئة التي تخيفها في عقلها، وأنها لن تبقى معه في هذا الوضع أكثر من بضع ثوانٍ، ثم سيبتعد عنها.
كيف ستتحمل فراقه، لا تستطيع ليس بعد أن أحبته پجنون.
شعر أدهم بتلك القطرات التي بللت وجهه، وعقد حاجبيه بحيرة وهو يفصل بين قبلتهما ويبتعد قليلًا، ناظرًا إليها بدهشة، لكن عقله ترجم تلك الدموع التي رآها ټغرق وجهها بشكل خاطئ تمامًا.
حيث ظن أنها تذكرت أخاه، أو ربما لا تريده أن يكون قريبًا منها من الأساس، فلم يستطيع التحدث معها أو مواجهتها، قائلًا بصوت أجش: انا لازم انزل اعمل شوية مكالمات من المكتب قبل السفر
شعرت كارمن بالدوار حالما ابتعد فجأة عن جسدها، فحاولت أن تتكئ على الباب خلفها، قائلة بحة خاڤتة، وهي تمسح دموعها بظهر كفها: طيب انا هحضرلك باقي الحاجات في شنطتك
ذهب ادهم الي المنضدة، وتناول ساعته لكي يلبسها، قائلا بجمود: تمام
ابتلعت كارمن غصه تشكلت بحلقها قبل أن تتساءل بتفكير: احط لبس تقيل
هتف ادهم وهو يفتح باب الغرفة، ليغادر إلى الأسفل: مش كتير الجو في الوقت دا كويس من السنة هناك
همست كارمن بأنفاس مضطربة: حاضر
بعد عدة أيام من سفر أدهم
في الصعيد
هتفت روان بصوت عال: ايوه يا كوكي وحشتيني اخبارك ايه
قطبت كارمن بين حاجبيها من صخب صوت روان وقالت بلطف: الحمدلله حبيبتي انتي عاملة ايه وجدو والجماعه كلهم ازيهم
وزعت روان أنظارها بين جدها وامها الذين يجلسون أمامها وقالت علي الفور: كلنا بخير الحمدلله بيسلمو عليكي وجدو عايز يكلمك
همست لجدها بعيون تلتمع برجاء: جدو عشان خطړي بلاش تطول.. عايزة الحق اكلم معاها شوية
زجرتها حنان بتأنيب: بطلي رخامة يا روان سيبي جدك براحته عيب كدا
قال الحاج عبد الرحمن وهو يمسك الهاتف: ماشي يا شقية سيبي التليفون من يدك هيقع مني كدا
ثم قال الجد بمحبة بعد أن وضع الهاتف بجوار اذنه: الو يا نن عين جدك اتوحشتك يا حبيبتي
ابتسمت كارمن بسعادة وهي تستمع إلى كلماته الحنونة، حيث حياتها اصبحت افضل بعد أن تقربت من جدها: اهلا اهلا يا جدو.. انت كمان وحشتني.. طمني علي صحتك بتاخد الدواء ولا بتطنش
ضحك الجد قائلا ببشاشة: لا يا بنتي عندي هنا طقم كامل بيشرف علي كل مواعيد الدواء.. دا كفايه زين لوحده لو نسيت او راحت عليا نومه يفضل يتحدث كثير علي انه غلط.. لكن كلامه مابفهموش اصلا
قالت كارمن بضحكة: خايفين عليك يا جدو ودا لمصلحتك.. سيبك منهم كلهم وحياتي انا عندك خد الدواء بإنتظام
الحج عبد الرحمن بحنان: عيوني يا روح جدك.. سلميلي علي والدتك ووصلي سلامي لجوزك وامه كمان وبوسي الصغيرة نيابة عني
اردف بضحكة رجوليه عاليه: المخبلة روان عينيها بتطق شرار من دلعي ليكي خدي اهي معاكي كلميها
ضحكت كارمن علي كلماته وقالت برقة: حاضر يا جدي يوصل
أخذت روان الهاتف عن جدها، وابتعدت عنهما قليلًا، وقالت مازحة: ايوه يا كوكي كدا عايزة ټخطفي مني الراجل حرام عليكي
كارمن بإستياء مزيف: انتي طماعة اوي يا لهوي منك مش مكفيكي جوزك
روان بتذمر طفولي: جدو قاعد معايا علي طول بس جوزي بينزل الفجر ويرجع بليل يا اختي
كارمن بسخرية: احمدي ربنا انا بقي جوزي مسافر بقالو 4 ايام اهو ومحدش بيدلعني
روان بضحكة عاليه قائلة بمكر: ليه هو مش بيديكي جرعة حنان ورومانسية في التليفون
تنهدت بحزن: لا شكلو مشغول جدا بشغلو ومعندوش وقت للرومانسية
روان بإستغراب من صوت ابنة عمها الحزين: مالك يا كوكي حاسه انك مضايقة
تطلعت كارمن إلى السقف وقالت بهدوء: انا تمام يا حبيبتي ماتقلقيش.. بس عندي شغل دلوقتي لما اروح البيت هرجع اكلمك براحتي
صمتت روان قليلا ولم تصدق نبرتها المهزوزة، لكنها أجلت الأسئلة لوقت أخر، قائلة بقلة حيلة: ماشي يا قلبي هستناكي سلام
كارمن: مع السلامه
ظهرا في النادي
حيث تجلس نادين وميرنا
تساءلت ميرنا، وهي تري شرود صديقتها الغريب: ايه الاخبار؟
تنهدت نادين بسأم: من وقت ما رجعو من السفر وادهم سافر علي باريس.. مافيش اي جديد غير ان الهانم كل يوم بتنزل الشركة مع الحرس بتوع ادهم
ميرنا بإستفهام: وتفتكري ليه ماسفرتش معه؟
تمتمت نادين بغيظ: مالحقتش افهم ايه اللي حصل اصلا في الصعيد.. بس سمعت امه بتقول ان كارمن هانم بتجهز للديفليه اللي هتعملو شركة ادهم.. يمكن عشان كدا ماسفريتش معه
ميرنا بإبتسامة خبيثة: واو شكل كارمن هانم هتكون سيدة اعمال مهمه الفترة الجاية
نظرت نادين إليها نظرة حاړقة وصاحت پغضب: ميرنا انا مش نقصاكي.. دا كلو كوم والحصار بتاع امه عليا كوم تاني خالص.. حاسبة عليا الدخول والخروج ربنا ياخدها الحيزبونه دي ويخلصني منها
إلتفتت ميرنا حولها وعلي وجهها إبتسامة جامدة، وهمست بزمجرة فيها: اهدي يا نادين كل مرة تفرجي علينا الناس بصريخك دا
نادين پقهر: مش عارفه اتصرف ازاي معهم حاسة بخنقة بشعة بسببهم
فجأة، شعرت بصدام على الطاولة التي كانوا يجلسون عليها، فتطلعت إلى الأمام لتري بعض الأطفال يلعبون بالكرة، وقد اصطدمت بالطاولة أثناء اللعب.
صړخت عليهم نادين پغضب حاد: انت يا شاطر منك له العبو بعيد لا اخلي امن النادي يطلعو برا
خاف الأطفال من صړاخها المرعب وهربوا من المكان، بينما كانت ميرنا تراقب ما يحدث، وهي تضحك على طريقة صديقتها المخيفة مع الأطفال.
ضحكت ميرنا بقلة حيلة: ما تهدي يا نادين دول اطفال ذنبهم ايه تطلعي همك فيهم.. وانتي اصلا موضوعك معقد وبعدين كنت عايزة افهم حاجة..
عقدت نادين حاجبيها وقالت: حاجة ايه!!
ميرنا بتساءل: انتي ليه كنتي مستعجلة في اول جوازك علي الخلفة وانتي اساسا مابتحبيش الاطفال ؟
اجابت استخفاف: مين قال اني كنت مستعجلة انا حتي لو كنت خلفت كانت هتربيه مربيات مش انا خالص..
ثم أردفت بحنق: دي كانت فكرة بابا منه لله بقي قبل ما ېموت ملي دماغي.. خلفي منه وهاتيلو وريث عشان تضمني انك تعيشي في العز عمرك كله
أومأت ميرنا برأسها ساخرة: ايوه وم١ت ابوكي والبستي انتي في حيطة
أومأت نادين وقد تجعد وجهها بعبوس، قائلة بإستياء: بالظبط كدا فتحت علي نفسي فتحة سوده.. كان بقالنا 10 شهور متجوزين ومفيش حمل.. فضلت ازن ازن علي دماغ ادهم عشان نكشف وانتي عارفه الباقي وبقت اكذب كڈبة ورا كڈبة عشان اداري علي الكذبة الكبيرة
ابتسمت ميرنا بتلاعب، وقالت بخبث: عارفه احسن حل تعمليه ايه
نادين بلهفة: الحقيني به
ميرنا بغموض: تخلصي من مراته دي تماما
بعد مرور اسبوع
في شركة البارون
داخل مكتب كارمن، الذي كان في الماضي مكتب عمر المدير التنفيذي السابق، لكن يبدو مختلف تمامًا بعد التجديدات التي طرأت عليه.
أغمضت عينيها وأعادت رأسها إلى المقعد المريح، منهكة من كثرة التدقيق في الأوراق أمامها، ثم شردت في أفكارها بعيدا.
مر الأسبوعان بسرعة، وهي تستمر في العمل بانتظام، وكل شئ يسير على ما يرام، لكنها تجد ضغوطًا كبيرة من مقدار الأعباء التي تتحمل مسؤوليتها وحدها.
ماذا عليها أن تفعل؟
يجب أن تتحمل، لأنها تريد أن تثبت جدارتها حتى يعلم أدهم مدى التزامها وجديتها في العمل.
تنهدت بعمق علي ذكر أدهم الذي تفتقده بشدة، لكنها حزينة في أعماقها رغم أنها لا تظهر ذلك، لكن عدة مشاعر تأتي إليها، وتزعج نومها في الليل حزينة لأنه بعيد عنها.
بعد أن تعودت على وجوده بجانبها، تفتقد مشاكسته معها، وجديته، ومداعبته، وقربه الذي يجعل قلبها يخفق مثل الطبول.
تعترف بأنها تشتاق لكل شئ يخصه، وما يحزنها كثيرا هو بروده في الحديث معها عندما يتصل بها، فهو لا يتحدث في الهاتف لأكثر من دقيقتين، ولا يتحدث معها إلا عن أمور العمل وعن أحوال ملك.
لتنتهي المكالمة خالية من أي عواطف، رغم أنها ترغب في التعبير عن شوقها إليه، لكنها عندما تتلقى هذا الجفاء غير المبرر منه تصمت حفاظًا على كرامتها.
أطلقت تنهيدة عميقة، وهي تفتح عينيها محاولة إخراج كل هذه الأفكار من عقلها حتى تتمكن من التركيز فقط على العمل.
بعد بضع دقائق رن الهاتف اللاسلكي بجانبها حيث كانت السكرتارية تتصل بها، وأجابت بجدية: ايوه يا مها
تحدث مها بنبرة عملية مهذبة: استاذة كارمن الفريق في انتظار حضرتك في القاعة عشان ميعاد الاجتماع
كارمن بهدوء: تمام انا جاية حالا
أغلقت المكالمة، وقامت من مقعدها، وجمعت الأوراق والأشياء التي تخصها، وأمسكت بها بإحكام في يدها، وغادرت المكتب بخطوات ثابتة.
بعد بضع ساعات من العمل
تقف كارمن داخل غرفة فسيحة مخصصة للتصميم مع فريقها، وكانت الغرفة مميزة جدًا بزخارفها التي تتناسب مع أجواء الفساتين، وكل ما يتعلق بالأزياء والموضة.
التفتت كارمن إلى الفتاة التي تقف خلفها، وبدت وكأنها شاردة، حتى بعد أن أنهى الجميع عملهم وبدأوا في مغادرة الغرفة.
بقيت واقفة في مكانها غير منتبهة لأي شيء ولا تتحرك، تفاجأت كارمن بها وذهبت نحوها، قائلة بسؤال قلق: مالك يا نسمة.. نسمة بكلمك
خرجت نسمة من شرودها قائلة بإحراج، وهي تري أن المكان كان خاليًا من الجميع: انا اسفه في حاجة فاتتني؟؟
عبست ملامح كارمن، وقالت بإستغراب: انتي مش معايا خالص عقلك فينه
خجلت نسمة منها قليلا، وقالت بإبتسامة بسيطة: موجود والله
ضيقت كارمن عينيها عليها، وقالت بفطنة: لا انتي كنتي سرحانه في حاجة شغلاكي
ثم تركت كارمن الأقلام من بين يديها، واقتربت منها واضعة راحة يدها على ظهر نسمة، لتمشي معها دون اعتراض من الاخري، ثم جلسوا على الكنبة بجانب بعضها البعض.
تسائلت كارمن بهدوء: مالك احكيلي
نسمة بإضطراب: مافيش حاجة مهمة
كارمن بإصرار: لا اكيد مهمة عندك طالما مشغول بالك بيها لدرجة دي
ابتسمت نسمة بأدب وقالت بصدق: انا اسفه انا فعلا سرحت شويه ڠصب عني صدقيني مش قصدي
ربت كارمن براحة يدها علي كتف نسمة بلطف: مش محتاجة تعتذري كتير كدا.. لو مش هتعتبريني بدخل في امورك الشخصية.. هو السرحان دا سببه يوسف مش كدا
حدقت نسمة فيها، لتقول بصد@مة: هو انا واضح عليا للدرجة دي
أومأت كارمن وقالت بهدوء: كان واضح من نظراته المركزة فيكي طول الاجتماع وانتي كمان كنتي متوترة ومسهمة.. كأن الجو مكهرب بينك وبينه هو مضايقك في حاجة
تحول وجهها إلى اللون الأحمر من الحرج الذي تسببت فيه لنفسها، ولم تستطع الإجابة.
عندما تلقت كارمن منها الصمت غيرت صيغة سؤالها، وقالت بإستفهام: انتي بتحبيه يا نسمة؟
أطلقت تنهيدة قصيرة وخفضت جفنيها، وكانت الأفكار تتضارب في عقلها.
تحتاج إلى أن تخبر أحدهم بما يزعجها، لأنها بطبيعتها انطوائية للغاية وتحتفظ بأسرارها في داخلها، لكنها حزينة لدرجة أنها تشعر وكأنها على وشك الاختناق.
لا تعرف سبب ارتياحها لكارمن، فهي تعمل معها منذ أسبوعين فقط، لكن طيبة قلبها ولطفها في المعاملة جعلها تطمئن، وتفتح قلبها لها، لعلها تهدأ قليلًا.
همست نسمة بصوت خجول منخفض: انا ويوسف كنا مخطوبين لبعض
ارتفعت حواجب كارمن بإندهاش عند سماع هذا النبأ: بتكلمي بجد!!
اومأت برأسها قائلة بنبرة هادئة يشوبها الحزن: ايوه.. اتخطبنا 6 شهور وقبلها كنا زمايل واصدقاء هنا بالشركة سنتين من وقت ماجيت اشتغلت في الشركة
عضّت كارمن شفتيها بتردد خوفًا من إزعاجها: تسمحيلي اسألك طيب ايه اللي حصل معاكو
أسدلت نسمة عينيها واستمرت في الحديث بنفس الهدوء: في الاول انا كنت فرحانه اوي لما خطبني هو انسان كويس اوي وابن ناس وطموح جدا في شغله وناجح.. كانت كل الامور تمام وبجهز للجواز..
تنهدت بضيق مردفه: بس هو فجأة اتغيرت طريقته معايا بقي مشغول طول الوقت معندوش دقيقة واحدة يكلمني فيها.. في الاول عذرته وقولت يمكن عنده سبب مهم وضغط الشغل عليه والتزامات الجواز فسيبته لنفسه شويه...
نطقت كارمن تحثها على استكمال حديثها: تمام وبعدين
أخذت نفسا عميقا قبل أن تستأنف كلامها: الوضع دا استمر شهر ونص.. وانا معرفش مالو ولا عارفه اتكلم معه.. ومن 3 شهور كنت جيبالو ورق مهم يمضيه في مكتبه.. كان ممكن ابعته مع السكرتاريه بس قصدت اروحلو انا عشان اتكلم معه
ثم اضافت بتفسير: كان هو في حمام المكتب وقتها.. انا قعدت استناه وكنت محضره كلام كتير اقوله لما يخرج.. كان حاطط تليفونه علي المكتب.. سمعت صوت وصول رسالة ليه وانتي عارفه فضول البنات حبيت اشوف الرسالة عادي مش اكتر.. قومت ووقفت ورا المكتب وانا مترددة وخاېفه من رد فعله واول مرة اتصرف بالشكل دا وعلي اخر لحظة كنت خلاص غيرت رأيي وهرجع مكاني.. لكن لمحت اسم رانيا علي الرسالة ففتحتها...
كارمن بتساءل: رانيا مين!!
رمشت نسمة وقالت: بنت بتشتغل هنا في الشركة عارضة ازياء
جاءت في ذهن كارمن صورة تلك الفتاة الفاتنة التي لم تشعر بالراحة إليها منذ الوهلة الأولى: ايوه افتكرتها انا شوفتها مرة قبل كدا.. معلش اني قاطعتك كملي
أضافت نسمة بصوت مخڼوق بالعبرات: لما فتحت الرسالة لاقيت محادثة طويلة بينهم وكلها كلام زي حبيبي روحي وبيدلعها وبيهزروا سوا بقالهم فترة كبيرة
ارتفعت حاجبين كارمن بإزدارء وقالت: يعني طول الفترة اللي كان متغير معاكي فيها كانو بيكلمو بعض
نسمة: بالظبط كدا
كارمن: وعملتي ايه؟
كانت نسمة واقفة بجانب المكتب، وعلى وجهها علامات استغراب وصد@مة مما قرأته من كلمات غزل تشير إلى وجود علاقة حب بين خطيبها، وتلك الفتاة المسماة رانيا.
قلبت بأصابعها مرة أخرى في الهاتف، ووجدت تاريخ الرسائل بينهما منذ أشهر، وأنهما يتواصلان بشكل يومي.
تجمعت دموع كثيفة في عينيها لدرجة أن بصرها أصبح مشوش.
هتف يوسف بإستغراب من خلفها: انتي بتعملي ايه هنا يا نسمة ووافقة كدا ليه..
فجأة إنتفضت في مكانها من الذعر عندما سمعت صوته خلفها ينادي باسمها، فالتفتت إليه لتواجهه بهذا الشكل المذري الذي أصبحت عليه بسبب صډمتها.
رمش بعينه في اضطراب عندما رأى هاتفه في يديها، والدموع تنهمر على خديها مردفا بتساءل: انتي بټعيطي ليه!!
حدقت به، دموعها تتسرب على خديها الناعمتين ببطء، ولم تستطع الرد بأي كلمة، لكنها مدت يدها وسلمت له هاتفه.
أخذ الهاتف منها وهو متعجب من بكائها، ثم حدق في شاشة الهاتف ليتفاجأ بأن محادثته مع رانيا كانت مفتوحة، والآن وجد إجابة علي كل ما يحدث أمامه.
حاول السيطرة على توتره قائلا بنبرة هادئة يسودها الاضطراب: نسمة ممكن تهدي عشان نعرف نتكلم
هتفت نسمة من بين شهقاتها بتهدج: كنت جاية فعلا هنا عشان نتكلم بس المفروض هتقول ايه بعد اللي شوفته.. هتبرر بإيه انشغالك عني شهرين بدون اي سبب واضح وانا زي الهبلة عماله احطلك اعذار من الهواء
اردفت بحدة: ولا انك بتعرف واحدة تانيه وبينكم غرميات وانا اللي اسمي خطيبتك ولا معبرني..
جعد بين حاجبيه مقاطعا جملتها وهو يهتف بإنفعال: انتي ايه الهبل اللي عماله تخرفي به من الصبح دا.. مفيش حاجة بيني وبينها مجرد كلام عادي بين صحاب
راحت تحملق فيه بعين تطلق شرزا من بروده قائلةً پغضب شديد: صحاب يعني ايه.. الكلام اللي قرأته مش كلام بين اتنين صحاب
يوسف بتوتر: ايه اللي بتقوليه دا قولتلك انتي فاهمه الموضوع غلط
عقدت نسمة ذراعيها أمام صدرها قائلة بحدة: خلاص فهمني ايه هو السبب اللي مخليك مشغول ولا بتكلف نفسك برسالة فيها كلمة واحدة ليا.. دا حتي مش هاين عليك ترد علي مكالماتي ولو رديت تقولي مشغول..
اردفت بسخرية: اتاريك مقضيها حواديت وضحك مع الانسة رانيا
هتف يوسف بنفاذ صبر: اسمعي ماتتجاوزيش حدك وانتي بتكلميني.. انتي هتفتحيلي تحقيق وازاي اصلا تسمحي لنفسك تمسكي تليفوني وتفتشي فيه
مسحت ما تبقى من دموعها بأطراف أصابعها قائلة بتهكم ساخر: بقي هو دا ردك عليا.. بتهاجمني عشان تتهرب من الرد علي كلامي
تحدث يوسف بهدوء قدر المستطاع: نسمة قولتلك نقعد وانا هفهمك بهدوء انتي مش عايزة تسمعي الكلام.. واصلا احنا في مكان شغل مايصحش الكلام دا هنا خلينا ننزل نقعد في اي حته طيب ونتفاهم
حدقت فيه نسمة بنظرة حادة وحاولت أن تجعل صوتها ثابتا لكنه خاڼها أيضا وخرج مرتجفا قليلا: لا هنا ولا في اي مكان.. لو كان عندك ذرة شجاعة واحدة بس.. كنت وجهتني من البداية وقولت انك مش عايز تكمل.. مش تتهرب مني وعايش حياتك ولا كأن في انسانه ربطتها بيك.. وشكرا يا ابن الاصول علي تقديرك واحترامك ليا وربنا يسعدك انت وهي مع بعض
ثم خلعت الخاتم من إصبعها ووضعته في يده، ثم غادرت المكان دون تردد
نسمة: من وقتها مفيش بينا كلام الا في حدود الشغل وبس.. لولا اني متمسكة بشغلي هنا انا كنت سيبت المكان من زمان
ثم نظرت اليها بحيرة من ذاتها: انا اتوجعت جدا من اللي حصل.. الخداع احساس صعب ومر اوي.. من يومها جوايا حاجات اتغيرت ثقتي طبعا فيه اتعدمت ويمكن ثقتي في نفسي كمان من كتر مابفكر ليه يعمل معايا كدا
رفعت كارمن يدها تربت على كتفها بتعاطف، وقد ڠضبت من المدعو يوسف كثيرا كيف يمكنه أن يخذلها ويتلاعب بها هكذا، وشعرت بالحزن عليها قائلة بهدوء: طيب هو حاول يفتح معاكي الموضوع بعد كدا
فركت نسمة وجهها من ذلك الصداع الذي لا يفارقها من كثرة التفكير وقالت بنبرة متعبة: ايوه حاول جه لبابا واتكلم معه ولسه بيحاول يكلم معايا بس خلاص انا نفرت منه ومن الحب والارتباط كله
كارمن: ماتقوليش كدا انتي لسه العمر قدامك يعني ممكن تعتبريها تجربة وفشلت.. مفيش حاجة نجاحها مضمون ميه في الميه من اول مرة ولا ايه رأيك!!
اومأت نسمة بإبتسامة اشرقت وجهها الجميل تؤيد رأيها: عندك حق
ابتسمت إليها كارمن قائلة ببشاشة: طيب امسحي وشك وتعالي نكمل شغلنا
نسمة بإمتنان: حاضر.. متشكرة ليكي يا كارمن علي اهتمامك وكلامك ليا
كارمن بمودة: مافيش داعي للشكر احنا زمايل وبقينا اصدقاء كمان.. ماتشغليش بالك بحاجة الا مستقبلك وربنا يقدرلك اللي فيه الخير
نسمة شاهين: تبلغ من العمر 25 سنة، جميلة وجذابة للغاية لديها عيون خضراء واسعة، تعيش مع والدها الذي ليس لديه سواها ويحبها كثيرًا وهي أيضًا شديدة الارتباط به، حاصلة على بكالوريوس فنون جميلة قسم الملابس والمنسوجات.
عملت في الشركة لأكثر من عامين، ولديها خيال جيد وحس فني رائع، لذلك أبهرت كارمن بذوقها وخبرتها منذ اليوم الأول لها معهم في الفريق، وساعدتها أيضًا في بعض الأشياء التي وجدت صعوبات فيها، وبالتالي أصبحا قريبين من بعضهما البعض.
ليلا في قصر البارون
دخلت كارمن القصر بعد انتهاء يومها الطويل في الشركة أخيرًا
صاحت كارمن بنبرة عالية قليلا: مساء الخير عليكم
قالت ليلي بإبتسامة: مساء الشهد يا قلبي
تسائلت مريم بحنان: حمدلله علي السلامة يا حبيبتي.. اتأخرتي كدا ليه!!
جلست كارمن بجانبهم وقالت: الله يسلمك يا مامتي.. دا انا كنت هقعد في الشركة لحد الساعه 9.. عشان في قماش من المخازن كان لازم استلمهم بس هما بعته بدري الحمدلله خلصت وجيت علي طول
ليلي بصدق: ربنا يعينك يا كوكي
تطلعت كارمن حولها قائلة بإستفهام: امين يارب.. ملوكة وحشتني اوي هي فين!!
ضحكت مريم بحبور وقالت: لعبت طول اليوم مع ياسين ابن يسر ولما مشيو كانت نعست ونامت
أراحت كارمن رأسها على الأريكة بتعب، وأغمضت عينيها: ياسو كلمتني كتير وانا في الاجتماع بس معرفتش ارد عليها هكلمها قبل ما انام.. الصداع هيموتني يا ماما وعينيا مزغلله اوي
ثم اردفت بتعجب: مش عارفه ازاي ادهم بيستحمل كل التعب دا سبحان الله
ليلي: ربنا يقويكم يا قلبي
ربتت مريم علي قدمها قائلة بهدوء: طيب انتي اطلعي استريحي شوية علي ما العشاء يجهز يا كوكي
اعتدلت كارمن في مقعدها قائلة بإرهاق: لا يا ماما انا هقعد معاكو يمكن ادهم يتصل عشان اطمن عليه
حدقت مريم بصمت في ليلي، التي هتفت بهدوء على الرغم من توترها: ادهم اتصل من ساعتين يا حبيبتي وطمنا عليه هو بخير وبيسلم عليكي.. بس هو اضطر يتصل بدري انهاردة عشان وراه عشاء عمل وهيبقي مشغول لوقت متأخر
حاولت كارمن التحكم في نبرة صوتها حتى لا تبدو غاضبة قائلةً بجمود: عشاء عمل تمام يا ماما ليلي مش مشكلة..
ثم أضافت، ناظرة إلى ليلي: ومن بعد اذنك يا ماما ليلي.. كمان يومين هروح لبيت عمر عشان محتاجة انقل ادواتي واعرف اشتغل هنا في البيت.. وهحتاج كام وحدة من الشغالين هنا يساعدوني بنقلهم
ليلي بإبتسامة: بسيطة من عينيا يا كوكي
ابتسمت كارمن بهدوء: ميرسي يا ماما ليلي.. انا هطلع ابص علي ملك وارتاح شوية عن اذنكم
داخل منزل صغير في حي راقي
صاح رجل عجوز من داخل المطبخ: يلا يا روح بابا تعالي جهزتلك العشاء
بعد قليل
جاءت نسمة ترتدي إحدى بيجاماتها المريحة، حيث تحب دائمًا أن ترتدي ملابس فضفاضة في المنزل، وقالت بمرح وشهية: الله الله علي الروايح الحلوة يا عم شاهين
أشار شاهين برأسه إليها: هاتي العيش من هناك عشان تلحقي تاكلي الاكل وهو سخن
أومأت نسمة إليه وقالت: حاضر
جلست نسمة على طاولة الطعام الصغيرة في المطبخ مع والدها يتناولون وجبة العشاء
نسمة بعبوس: بابا مش انا قولتلك كتير تديني فرصه اعمل انا العشاء ولو مرة واحدة حتي
شاهين بضحكة: بقولك ايه احنا بينا اتفاق مافهوش رجوع من يوم ما طلعت علي المعاش.. انا اطبخ وامارس هوايتي المفضلة وانتي تشتغلي وترسمي وتشخبطي براحتك
ضحكت نسمة ثم قالت بنبرة هادئة: ايوه يا بابا بس وقفه المطبخ غلط عليك علي الاقل سيبني اساعدك
ثم اردفت بمزاح: ليه الانانية دي استحوذت علي المطبخ خلاص
ضحك شاهين بمرح وقال بتسلية: خلاص مايهونش عليا زعلك المواعين عليكي
انكمش وجه نسمة قائلة بحسرة: المواعين ماشي أمري لله
شاهين بمحبة وحنان: لما تتجوزي اعملي اللي انتي عايزه في مطبخ محدش هيمنعك
وضعت نسمة يدها اسفل ذقنها بحزن مصطنع: عايز تخلص مني بالسرعه دي يا شاهين
حدق شاهين فيها بطرف عين وقال: ماتتهربيش زي عوايدك يا نسمة انتي فاهمه قصدي
زفرت نسمة بضيق: بابا لو سمحت انا قولت قراري رجوع ليوسف انا مش هقدر
هز شاهين رأسه برفض وقال: انا مش بكلم عن يوسف خالص..حتي لو عايزة انتي ترجعيلو انا اللي هرفض هي بنات الناس لعبه عشان يعمل كدا معاكي.. انا بكلمك علي العريس اللي اتقدم بقالو اسبوعين وانتي حتي مش عايزة تقابليه
تركت الشوكة من يدها قائلة بتنهيدة عميقة: اسمعني يا بابا يوسف غلطان في اللي عملو والموضوع اتقفل لحد كدا بالنسبالي ومش هنكلم فيه تاني.. لكن انا محتاجة فترة ابقي لوحدي من غير ضغط..
ثم أضافت بحزن: اللي حصل دا يا بابا خلي ثقتي في نفسي تتهز لاني مالقتش مبرر لتصرفه معايا الا اني فيا حاجة غلط
شاهين بحنان: الكلام دا مش مظبوط يا نسمة انتي يا بنتي الكل بيشهد بأخلاقك وتربيتي ليكي وبجمالك وذكائك ونجاحك في شغلك واذا كان الموضوع علي فترة راحة انا موافق خلاص مش هنكلم عن الجواز الفترة دي خلاص يلا كملي اكلك
نسمة بحب: ربنا يخليك ليا يا احلي عم شاهين في مصر
في جناح أدهم
جلست كارمن أمام المرايا، تمشط شعرها بعقل شارد، بعد أن صعدت جناحها للنوم بعد أن تناولوا العشاء جميعًا.
أصبحت تشعر بقبضة في قلبها في كل مرة ترى نادين أمامها، لكنها تحاول أن تبقي تلك التخيلات التي تراها في أحلامها بعيدة عن عقلها قدر الإمكان.
يكفيها أفكارا السلبية، لعل هذه الأفكار هي سبب الكوابيس التي بدأت تراودها بعد سفر أدهم.
كما أنها أصبحت في الآونة الأخيرة عندما تكون وحيدة في الليل، تحاول ألا تكتم داخلها شوقها إليه، بل تلبس ثيابه قبل النوم وترش عطره المفضل حتى تشعر بوجوده معها، ربما هذا يريح قلبها قليلًا، وتبعد عنها تلك الكوابيس المرعبة.
نظرت للأمام بطيف ابتسامة وهي تقف أمام المرايا، ورأت نفسها في قميصه الأبيض، الذي وصل إلى بعد منتصف فخذها بقليل.
قالت بضحك علي حالها: بتصرف زي الحراميه وبستخدم حاجاته من وراه.. بس عادي مين يعني هيشوفني بالقميص ؟
ثم أضافت بنبرة مقهورة بعد أن نظرت إلى ساعة هاتفها: ماشي يا ادهم الساعة بقت 11 بليل ولحد دلوقتي ولا سألت فيا..
اردفت بسخرية: هو فيه عشاء عمل لحد دلوقتي..
ثم تحدثت مع نفسها بعناد، ناظرة إلى انعكاس صورتها في المرايا: طيب انا بقي مش هستناك وهروح اجيب اللي انا عاوزة من بيت عمر.. مش هفضل معطلة نفسي بسبب سيادتك وانت بقالك اسبوعين ولا سائل فيا
ثم ذهبت إلى الفراش وأطفأت الضوء بحيث لم يكن هناك سوى ضوء خاڤت بجانب السرير، ثم تمددت وأخذت الوسادة بجانبها لتمسك بها وتضمها إلي صدرها، لتظل تفكر قليلًا وبعد ذلك ټغرق في نوم عميق بسبب الكثير من التوتر والتفكير.
نهاية الفصل السابع والثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون ( إفصاح وصفح ) مزيج العشق
داخل فندق في باريس
ادهم بهدوء: ايوه يا مالك
نظر مالك إلى الساعة ليجد أن الوقت قد تأخر، وقال بقلق: ايه يا ادهم حصل حاجة معاك
ادهم بتنهيدة: لا انا كويس.. انت عامل ايه
مالك بتساءل: الحمدلله تمام.. انت مش خلصت اللي كنت رايح عشانه هترجع امتي
فرك ادهم ذقنه بتفكير وقال بصوته الرخيم: لسه مش عارف.. طمني ايه اخبار الشركة؟
ابتسم مالك بخبث: الشركة ولا اللي في الشركة
زفر ادهم وقال بضجر: بطل رزالة ورد علي قد السؤال
تغيرت نبرة مالك قائلا بجدية: هي كويسة وامور الشغل معاها تمام جدا بس دايما بتسألني عليك
ثم اضاف بحيرة: انت ليه بتعمل معها كدا
أغلق جفنيه متعبًا قائلًا بهدوء: خد بالك منها ولو احتاجت حاجة تنفذها فورا
ابتسم مالك بسخرية وقال بسأم: بتتهرب ماشي..
ثم أردف: بالحق قبل ما انسي هي هتروح بعد يومين لڤيلة عمر
فتح عينيه وابتسم پغضب متفهمًا حركتها العنيدة قائلًا ببرود: طبعا عشان ادواتها تمام.. لازم اقفل دلوقتي يلا سلام
قال مالك بقلة حيلة من تقلبات لابن عمه الدائمة: سلام
رمي أدهم الهاتف بإهمال على السرير بجواره، يفكر في وضعهما، يحاول كبح شعوره وأن لا يتبع رغبة قلبه المشتاق إليها.
فما كان سفره إلا لأنه ظن أنه يحاصرها بحضوره، لذا قرر البقاء بعيدًا لفترة مؤقتة، ليجعلها ترتب أفكارها المشوشة، ثم يعود لترتيب الأمور بينهما.
بعد مرور يومين
في فيلا عمر البارون
دخلت كارمن إلى المنزل، لكنها شعرت بالغرابة والحيرة، كيف يمكن أن تشعر أنها غريبة في ذلك المنزل الذي كان منزلها، وعاشت فيه لأكثر من عامين من حياتها.
ابتسمت كارمن بدهشة من تغيرات المصير اليوم، هذا المنزل الذي تشاركته مع عمر والذي جمعها معه تحت سقفه ذكريات كثيرة، أصبح شيئًا من الماضي في حياتها.
بينما تعيش الآن في الحاضر مع آخر شخص كان من الممكن أن يتوقعه عقلها، وربما ما كان يمكن أن يخطر ببالها ابدا، والعجيب أن هذا الحاضر أصبح محور حياتها، ولا تتخيل أبدًا أن مستقبلها سيأتي بدونه، وهذا ما تخشي منه منذ سفره، لكنها لا تستطيع الاعتراف حتى، لنفسها لأنها خائڤة جدًا من هذه الأفكار.
...: مدام كارمن
إنتبهت علي كلماتها وقالت بهدوء: نعم
ابتسمت الخادمة بإحترام: كنا بنسأل حضرتك نبدأ منين النقل
طردت كل تلك الأفكار التي شغلت عقلها منذ أن دخلت هنا لتقول بجدية: تعالو معايا هنبدأ بالحاجات اللي فوق الاول
بعد أن مرت ساعتين
كارمن: الو يا يسر
غمغمت يسر بينما تأكل الفشار: ها لاقيتيه ولا لسه
كارمن بنرفزة: يا بنتي اهمدي شوية في زحمة وكركبة هنا جامدة.. عشان كنت ناسية اماكن الادوات وفضلت ادور علي الكتاب فوق مش لاقياه
يسر بضحكة: مش مهم اي حاجة غير الكتاب
تمتمت كارمن بغيظ: اضحكي اضحكي دا اللي فالحة فيه.. انا مش عارفه اركز من زنك عليا
تنهدت يسر بملل وقالت بتحذير مزيف: خلاص هسيبك بس انا بحذرك اوعي ترجعي من غيرو
كارمن: كتبت قائمة بكل حاجة هجيبها واول حاجة كتابك.. بس ناسية هو فين هدخل دلوقتي مكتب عمر يا زنانه واشوفه
قوست يسر شفتيها وقالت بحزن متصنع: كدا يا كوكي انا زنانه
قالت كارمن بضحكة: لا ماتزعليش خليني اخلص واكلمك.. ماقولتلك تعالي معايا المشوار دا عملتي من بنها كنتي ساعدتيني شويه واتمرمطتي معايا
يسر: ماكنتش عارفه انك هتحتاسي كدا لو فعلا محتجالي هلبس علي طول واجيلك
كارمن: بعد ايه انا تقريبا خلصت.. ماتقلقيش معايا هنا بنات من القصر بيساعدوني.. بس ارحميني انتي شوية فاضل كتابك هدور عليه وبعدها هروح البيت.. يلا سلام بقي
يسر: أوك باي يا كوكي
أنهت كارمن المكالمة عندما دخلت مكتب عمر، وواصلت البحث في الرفوف عن الكتاب، لكنها لم تجده.
دلكت كارمن فروة رأسها في حيرة: وبعدين هيكون راح فين الكتاب المنحوس دا بس يا ربي
تحولت نظرتها إلى المكتب في منتصف الغرفة: يمكن علي المكتب او جوا درج من الادراج اما اشوف
قلبت في الأشياء الموجودة على سطح المكتب، ولم تجد شيئًا فجلست على كرسي المكتب وبدأت في فتح الأدراج واحدة تلو الأخرى.
ثم زفرت براحة: الحمدلله اخيرا لاقيتك متعب انت زي صاحبتك
ثم اردفت بضحكة: بس عسل لا ټموتني..
كانت هناك عدة أوراق تحت الكتاب خاصة بالعمل ظنت أنهم ذات قيمة، فبدأت تتمعن النظر فيهم ثمx أعدتهم حيث كانوا، لكن لفت انتباهها ظرف كبير ملفوف ومغلق بعناية بأسفل الدرج، لكنها تراه لأول مرة: ايه دا كمان!
أخرجته من الدرج ووضعت الكتاب بجانبها، ثم بدأت في فتح الظرف وتفريغ محتوياته على المكتب، وراحت تتفحصه بعيون واسعة من الصد@مة وعدم التصديق.
نهضت من مقعدها مذهولة ووقفت في منتصف الغرفة وهي تشعر بالدوار والتشويش
تتبادر إلى ذهنها كلمات مما قرأته للتو، وأحداث مرت منذ شهور، تتضارب في عقلها بشكل غير مترابط.
_ورم في الفص الأيمن من المخ في حالة متطورة
_سفر الي المستشفي الأمريكي في باريس
_عملاء مهمين في باريس يا حبيبتي لازم اقابلهم هيكون في شغل بينا وبينهم كتير وكمان مؤتمر مهم هنتكلم فيه عن الشركة
اتسعت عيناها في صد@مة من تكرار ذلك الحدث تقريبا، فالأولى كانت من عمر قبل ساعات من رحيله وۏفاته، والآخري كانت من أدهم قبل أسبوعين.
تكلمت مع نفسها في ذهول، وانحدرت الدموع بلا هوادة من عينيها من تأثير الصد@مة عليها: يعني عمر كان عنده ورم في المخ وفي حالة خطېرة ودا سبب سفره.. بس هو مالحقش يوصل باريس والطايرة وقعت به.. ليه ماعرفش بكل دا من زمان ليه كنت انا اخر من يعلم كدا..
همست پخوف بينما تغطي فمها براحة يدها: ادهم
استدارت وبحثت عن حقيبتها ثم لمحتها على الأريكة الصغيرة.
ركضت نحوها وأخرجت هاتفها، وبدأت تعبث بقائمة الأرقام ثم ضغطت على زر الاتصال.
تنهدت بإحباط وقلق عندما لم يرد على مكالمتها ثم مسحت دموعها بباطن كفها، وذهبت إلى المكتب وجمعت الأوراق في الظرف وأخذت الكتاب أيضًا ووضعته في الحقيبة، ثم خرجت بخطوات مترنحة
ليلا في قصر البارون
ليلى همست بلطف، إلى ملك التي كانت جالسة بجانبها على الأريكة بينها وبين ليلي: مين الحلوة اللي هتنام جنب تيته انهاردة
مريم بضحكة: لا موكة هتنام معايا انا انهاردة
عبست ملامح ليلي وقالت بإستنكار: كانت معاكي امبارح يا مريم.. احنا بينا اتفقنا كل وحدة يوم
صاحت مريم بمرح في كارمن التي دخلت لتوها من الخارج ولم تلحظ شحوب وجهها: تعالي يا كارمن شوفي حماتك العنيدة مش عايزاني انيم ملك معايا انهاردة
ليلي بدهشة: لا يا مريومة انتي بقيتي تنصبي عليا كتير.. احنا نعمل جدول تنظيم نومها عند كل وحدة فينا يوم.. الكلام الشفوي دا مابقاش ينفع
حاولت كارمن التركيز على ما كانوا يتحدثون عنه، وواجهت صعوبة في إخراج صوتها بشكل طبيعي، قائلة بهدوء: الافضل للبنت تتعود تنام لوحدها يا جم١عة.. عشان لما تكبر ماتبقاش مدلعة وتخاف تنام لوحدها
نظرت مريم إلى ليلي، التي أومأت لها بالموافقة، وقالت مريم دعمًا لرأي إبنتها: البت طلعت اعقل مننا وعندها حق مع اني مابقدرش استغني عن نومها عندي لكن هو دا الصح
كارمن بإبتسامة رقيقة: ماتزعلوش امشو علي الجدول فترة بسيطة وبعدين نخليها تنام من وقت لتاني لوحدها بالأوضة اللي عاملها ادهم ليها في الجناح بتاعه.. غلط انها تتعود علي كدا علي المدي الطويل
ليلي بإبتسامة: تمام يا حبيبتي.. جبتي كل اللي انتي عايزة من الفيلا
أومأت كارمن وقالت: ايوه يا ماما ليلي
قالت مريم بينما تهم بالنهوض: طيب يلا انا هقوم اقولهم يجهزو العشاء ونتعشي كلنا
هتفت كارمن برفض: لا يا ماما انا تعبانه جدا من المجهود اللي عملته طول اليوم هطلع انام علي طول تصبحو علي خير
بعد قليل في جناح ادهم
كارمن تجلس على السرير وركبتها مضمومتان إلى صدرها ويبدو عليها التوتر والقلق بعد أن حاولت الاتصال بأدم لتطمئن عليه، لكن هاتفه مغلق.
لا تريد أن تتخيل قط فكرة عدم عودته إليها، أو عدم وجوده في حياتها.
ليس بعد أن فهمت مشاعرها، وأطلقت العنان لقلبها وتبعته، ليقودها لمن يمتلكه.
هي احبت عمر ولا تنكر الا انه حب عشرة وتعود، فهو اول رجل يدخل حياتها، ويملأها باهتمامه لذلك من الطبيعي ان تنجذب اليه وتعتقد أنها تحبه، ربما بسبب قلة خبرتها في هذه الأمور.
كما أنه طلب منها الزواج منها بعد أشهر قليلة من معرفته بها، لكنها لم تشعر معه بنفس المشاعر التي تغزو قلبها الآن والتي تشتت كيانها، وتجعلها ترتجف خوفا من فقدانها.
حتى لو كانت تحبه حقا، فهي الآن تعشق أدهم.
تحبه من كل قلبها، تعشق كل تفصيلة صغيرة فيه، كل لمسة ناعمة، كل همسة لطيفة منه، أو مجرد قبلة صغيرة منه قادرة على جعل نبضها يتبعثر لساعات.
مددت كارمن ساقيها وأمسكت بالوسادة، وسحبتها بين ذراعيها، وهمست برجاء: يارب اغمض وافتح الاقيه قدامي مش قادرة استحمل غيابه اكتر من كدا
بعد مرور بضعة ساعات قليلة
دخل أدهم غرفة النوم بهدوء في وقت متأخر من الليل، فطائرته قد وصلت لتوها إلى مصر، وبعدها توجه مباشرة إلى القصر دون أن يخبر أحدًا، حتى والدته لا تعلم متى سيصل.
نظر إلى كارمن، التي كانت تنام بهدوء على السرير، ووسادته بين ذراعيها.
تمنى في هذه اللحظة أن تضمه بدلًا من الوسادة، وأن يشعر بأطراف أناملها وهي تلعب بخصلات شعره بحنان، حيث كان يتوق بشوق إلى لمساتها الرقيقة للغاية.
اقترب أدهم ببطء، وتمهل من السرير، ثم جلس على حافته، ودارت عينيه على وجهها، ينظر إليها بعشق وشوق جارف.
شعرت كارمن بحركة جانبها، ففتحت عينيها ببطء واستغرقت بضع ثوانٍ بينما ترمش عينها، لتتضح الرؤية في ذلك الضوء الخاڤت الذي يسود الغرفة حتى أدركت أنه كان يجلس بجوارها ويحدق بها.
صاحت كارمن باسمه في لهفة، وهي تقفز من مكانها: أدهم
ادهم يحاول تهدئتها لإعتقاده انه أثار ذعرها: ماتتخضيش ايوه ان..
لم يستطع إكمال جملته، حيث فوجئ بها ترتمي في حضنه دون لحظة من التفكير، وعانقته بشدة، وهي تغمض عينيها بقوة وتشكر ربها على أنه استجاب دعائها، وبالكاد تصدق أنها بين ذراعيه، وأنه علي ما يرام.
صدم أدهم من رد فعلها لرؤيته، والأكثر من عناقها له.
أحاطها أدهم بقوة لا يريدها أن تبتعد عن قلبه، إنه يشعر الآن أن نبضاته قد انتظمت بضمھا إليه، حيث إستنشق عطر جسدها الذي يدمنه، وهذا ما كان حقا يفتقده كثيرًا.
قالت كارمن بصوت مبحوح، بينما كانت ذقنها علي كتفه وتضمه بقوة: انت كويس امتي رجعت من السفر
رفع أدهم كفه، وربت على شعرها بحنان، ثم قال بصوت خاڤت بجوار أذنها، حيث أرسل إليها موجة من الإطمئنان: لسه واصل حالا والحمدلله أنا بخير معاكي اهو
خرجت كارمن من بين ذراعيه، وأحاطت وجهه بيديها الصغيرتين، وتفحصته باهتمام قائلة بعفوية: حمد الله علي سلامتك.. كنت بتصل بيك من بدري وخۏفت عليك لما لاقيت التليفون مقفول
اجاب ادهم بهدوء: كنت في الطيارة..
اردف بهمس: خاېفه عليا من ايه؟
إرتبكت كارمن من نبرة صوته الهامسة، بينما أحمرت وجنتاها خجلا قائلة بتلعثم: انا.. كنت بحاول اطمن عليك بس
لم يرد أدهم إحراجها أكثر، فغير الموضوع: صحيتك من النوم
خفضت كارمن يديها إلى جانبها، وقالت برقة: لا انا لسه ماكنتش نمت
حدق ادهم فيها وعينيه تلتمع بنظرة غريبة، وقال بتساءل: مع انك طول اليوم كنتي في بيت عمر بتنقلي ادواتك من هناك
تفاجأت كارمن بأنه علي علم بالأمر لتسأل بدهشة: انت عرفت منين؟
أجاب أدهم بينما ينزع سترته، ويضعها علي طرف السرير بإهمال: مالك هو اللي قالي من يومين
أومأت كارمن برأسها بصمت.
نهضت من السرير وذهبت إلى الخزانة في زاوية الغرفة، ثم فتحت أحد الأبواب، وأخرجت مظروفًا كبيرًا وعادت للوقوف أمامه، محاولة ترتيب كلماتها: انا لاقيت الظرف دا وانا باخد حاجتي من بيت عمر انهاردة
أمسك أدهم المغلف من يدها، وقام بفتحه ليخرج تقارير المستشفى، وينظر فيها بصلابة دون أي رد فعل يبدو علي وجهه، ولكن بداخله شعر بقبضة مؤلمة تعتصر قلبه من رؤية ذلك الورق، ثم رفع رأسه وحدق في كارمن، متسائلًا بهدوء مبهم: كان فين بالظبط الورق دا!!
تفاجأت كارمن من هدوئه، وأنه لم ينظر حتى إلى ما بداخل الأوراق متسائلة بارتياب: مش هتفتحو وتقرأ اللي جواه
ادهم بجمود: انا عارف الموجود فيه
حدقت فيه كارمن، ثم هتفت بصد@مة: يعني ايه عارف.. كنت عارف ان عمر عنده ورم في المخ وانه دا سبب سفره من الاول
قام أدهم من الفراش، وقد توترت أعصابه بهذا الحدث الذي لم يكن مستعدًا للكشف عنه الآن.
أمسك بمرفقها برفق محاولا تهدئتها: ممكن نقعد وتسمعيني
سحبت ذراعها من قبضته، قائلة بحدة: لا عايزة اسمع وانا واقفة
زفر أدهم من عنادها، ثم بدأ يتحدث بهدوء قدر استطاعته: كارمن.. عمر في الفترة الاخيرة كان دايما حاسس بإرهاق وصداع مستمر واكيد انتي كنتي عارفه
ردت كارمن بعد أن ابتلعت ريقها بقلق: ايوه ولما سألته وقتها قال انه راح لدكتور وقاله ان دا بسبب الارهاق ومحتاج انه يهتم بصحته مش اكتر
قال ادهم دون أن ينظر إليها: انا اللي خليته يقولك كدا
أردف بحزم، ورفع يده أمامها عندما حاولت الكلام: ماتقطعنيش.. هو ماكنش عايز يعرفك حاجة ولا انتي ولا امي.. حالته كانت سيئة ولازم عمليه الدكتور اقترح انه يعملو العمليه في مستشفي بباريس وهو فعلا حضر نفسه عشان يسافر وانا كنت هاحصلو بعدها بيومين عشان محدش منكم يحس بحاجة غريبة
أضاف بحزن وألم علي أخيه: بعدها حصلت الحاډثه علي طول قبل مايلحق يوصل
همست كارمن بصد@مة: يعني انت كنت عارف بالوصية مش كدا
هتف ادهم بصدق: ماعرفتش بوجود وصية اصلا غير لما جالي المحامي للشركة وبلغني.. ولا كنت اعرف باللي جواها الا لما اتفتحت قدامنا كلنا
كانت كارمن صامتة، مطرقة رأسها لا تدري ماذا تقول، لأنها لم تفكر للحظة أن أدهم لديه خبر عن كل هذا، واتضح أنها هي التي لم تكن تعلم شيئًا عما يجري من حولها.
استمعت كارمن إلى صوته الرخيم، مستطردًا حديثه: ماكنش ينفع اقول بعد مۏته بأن سفره كان للعلاج يا كارمن حطي نفسك مكاني واحكمي انتي وقتها كانت حالتك صعبه وامي كانت مڼهارة من حزنها علي ابنها كنت هبقي بزود الۏجع عليكم
رفعت عينيها إليه، وهتفت پقهر، بينما تعتصر قبضة قاسېة قلبها: وانت بقي ضحيت بنفسك واتجوزت مرات اخوك عشان تربي بنته وتنفذ وصيته وعشان حياتك ماتبقاش بايظة من كل جهه حاولت تحبها لكن ماقدرتش تضحك علي نفسك كتير وسافرت عشان تبعد عنها وترتاح منها شوية
احتدت نظراته قائلا پغضب: انتي اټجننتي من الصد@مة باين عليكي.. عماله تخرفي بتقولي ايه
للحظة خاڤت كارمن من غضبه، لكنها أكملت بتمرد: تفسر بإيه تجاهلك ليا من يوم ما رجعنا من الصعيد وسفرك السريع وبرودك طول الاسبوعين اللي فاتو معايا من غير أي سبب واضح
صمت ادهم قليلا وهو محدقًا بها، وقال بجمود: عايزة تعرفي السبب
تفوهت كارمن بإصرار: ايوه عايزة اعرف
تسائل أدهم بضيق، بعدما تملكته مشاعر الغيرة، وهو يكرر تلك الكلمات التي تسربت في عروقه كالسم: المفروض اعمل ايه لما اسمعك بتقولي انك حاسه بالذنب من ناحية عمر عشان قربتي مني يا كارمن
للحظة تسمرت كارمن مكانها حتى أنها حصرت أنفاسها في رئتيها، وشعرت بحروفها تهرب من بين شفتيها، وهي تتذكر تلك الجملة التي قالتها لروان في غرفتها قبل أسبوعين، ثم استطاعت أن تهمس بصعوبة، بينما عينيها متسعة بصد@مة: انت سمعت كلامي مع روان
صر أدهم على اسنانه پغضب دفين حتى أنه اوشك على تحطيمهم، ليقول من بينهم: سمعت تحديدا الجملة دي يا كارمن
تصلب وجه كارمن التي ابتسمت بسخرية وقالت: طبيعي انك سمعت الجملة دي وبعدها اكيد مشيت لانك لو سمعت الجملة اللي بعدها او حتي الكلام من اوله ماكنتش هتعاملني بالطريقة دي.. بس ازاي وانت عايز بأي شكل تخليني غلطانه
رفع ادهم حاجبيه قائلا بإبتسامة جانبية: انتي شايفه كدا فعلا؟
هتفت كارمن بإنفعال: انا شايفة انك لو كنت سألتني عن اللي سمعته يا ادهم او حتي كنت اديتني فرصة ومارجعتناش هنا بالسرعه دي من الصعيد او حتي فضلت هنا يوم كمان كنت هقولك لوحدي علي نفس الكلام اللي حكيته لروان لكن انت هربت وسيبتني
ادهم بتعجب: كلام ايه دا!!
قالت كارمن بتفسير: قبل ما كل دا يحصل بليلة واحدة شوفت كابوس خوفني وخلي اعصابي تعبانه اكتر من الاول
ثم بدأت تخبره بكل شيء رأته في حلمها
واضافت: دا اللي كنت بحكيه لروان اللي فسرت الحلم علي انه مجرد توتر عصبي بسبب الضغوط اللي كنت بمر بها
ثم همست بنبرة تأنيب ممزوجة بقسۏة: بس انت متسرع جدا يا ادهم واناني اوي مافكرتش غير في نفسك ومافكرتش انا حاسه بإيه او حتي عذرتني لو شايفني غلطانه
استدارت لتغادر المكان، وقد اختنقت بشدة لدرجة أنها لم ترغب في البقاء أمامه لفترة أطول.
وجدت يده تلتف حول معصمها، مما منعها من الابتعاد، فحدقت به پغضب لتجد نظراته عليها تبرز شرزا، هاتفًا فيها پغضب عڼيف، وقد بدأت اعصابه تخرج عن سيطرته: رايحة فين.. مش انتي عايزة تعرفي كل حاجة من البداية.. اقفي هنا واسمعيني كويس.. الحقيقة هي اني بحبك من قبل ماتتجوزي اخويا
اردف أدهم بنبرة حادة، بينما يري عينيها تتسمر عليه بصد@مة، كأن دلوًا من الماء البارد قد سكب اعلى رأسها، لتفر الډماء من وجهها: بس لو اناني ومش بفكر غير في نفسي زي ماقولتي.. كنت اتجوزتك بدالو ولو ڠصب عنك.. بس انا مش حقېر عشان اجبرك علي حاجة ولا افرض نفسي عليكي لو بعبدك.. ولا اقدر احطم قلب اخويا اللي مربيه ولا اكسر فرحته بإيدي واخدك منه.. وهروبي زي مابتسميه عشان كنت خاېف ومتعذب.. لو كنت قادر استحمل كتمان حبك جوا قلبي زمان واعيش عادي.. بقي مستحيل اقدر اكتمه بعد ما ادمنت كل لحظة بتبقي فيها قريبة مني وفي حضڼي.. بعد ما قربت منك ولمستك.. بعد ماحسيت بإنجذابك ليا وفي نفس الوقت مش قادر الومك علي تشتتك وهواجسك اللي بتقولي عليها
أخذ نفسا عميقا قبل أن يواصل حديثه بنبرة أهدأ من ذي قبل، لكنه استمر في النظر إليها بعينه الداكنتين: كنت خاېف تكوني استعجلتي لما قولتي انك بتحبيني.. كان لازم ابعد فترة عشان مابقاش ضاغط عليكي وتعرفي انتي عايزاني وبتحبني فعلا ولا اتقبلتي الوضع اللي انفرض عليكي وبتتعايشي معه وبس
همست كارمن بتحشرج من الدموع الكثيرة، التي تذرفها نتيجة كلماته التي أكدت مدى عشقه لها وعڈابه لسنوات، وهي لا تعلم عنه شيئًا: المفروض بعد ماقرأت التقارير دي افكر في عمر وفي حياتي معه واحن ليه.. مش هو دا الصح.. بس انا لما شوفتهم مقدرتش افكر غير فيك انت.. كنت ھموت اصلا من الړعب وانت بعيد عني.. من يوم سفرك وانا خاېفة بس حاولت اصبر نفسي واطمنها أنك بتكلمني حتي لو من تحت درسك.. لكن لما عرفت الحقيقة اللي كانت مستخبية عني اڼهارت ومخي وقف
سألت بعد أن لم تتلقي منه سوى الصمت: برده لسه مش عارف اذا كنت بحبك ولالا ؟
تركته كارمن لتذهب، وتشعل إضاءة الغرفة القوية وركضت إلى المرايا لإحضار شيء منها، ثم عادت إليه وهي تقول بحنق، وأعطته في يده زجاجة العطر الخاص به: مش دي بتاعتك انت كنت سايبها كدا.. قبل ما انام كنت بملئ بها الاوضة وأرشها هدومي
ثم نظرت إلى ما كانت ترتديه وقالت بتهدج: تفتكر ليه لابسه ترينجك وبنام به كل ليلة لمدة اسبوعين..
كل اللي بعملو دا عشان ارتاح لو شوية من الكوابيس والافكار الۏحشة المسيطرة علي عقلي وانا لوحدي وانت ولا داري اساسا بيا
أكملت حديثها بدموع، ونبرة صادقة تسللت إلى أعماق قلبه دون أدني مقاومة منه: انا بحبك اوي يا ادهم لما بكون قدامك قلبي بيرتبك وينتفض من مكانه ولما بشوف ابتسامتك بطمن ولما بتضمني في حضنك روحي بترتاح
حدقت فيه بعيون تلتمع بحزن، وأضافت بصوت هامس كما لو كانت تتحدث مع نفسها: انت بقيت جزء رئيسي في حياتي.. اقتحمتها فجأة بدون ارادتي وعلي المهل قربتني ليك.. بقيت قدامي طول الوقت احتليت عقلي وحصرتني لحد قلبي ما اتعود علي وجودك ولما بعدت مابطلش يوجعني ويسألني عنك انا مابقتش حتي عارفه امتي حبيتك
تلألأت الدموع في عينيه بتأثير شديد لاعترافها الذي أعاد قلبه إلى الحياة، واصبح ينبض بقوة من جديد.
كانت تنظر إليه، وصدرها يرتفع وينخفض من شدة إنفعالها بينما تنهمر دموعها بلا هوادة، فقال وهو يمسح وجهها براحة يده: حبات اللؤلؤ دول غالين اوي عندي.. انتي الوحيدة اللي قلبي فتحلها بابه رغم كل حاجة.. ماكنتش بفكر غير فيكي ودايما متابعك وبطمن عليكي من غير ماتحسي
أزاحت يده من على خدها پغضب، قائلة پقهر منه: موتني من الړعب لما مرديتش عليا وانت بكل برود بتقولي انك سافرت عشان تديني مساحتي وفرصة افكر في علاقتنا ها وخاېف تكون بتضغط عليا وبتشوشر علي قراري
ثم عادت إلى همسها قائلة: لما أنا قولتلك قبل كدا اني بحبك كنت بكلم بجد من قلبي.. ممكن اكون كنت متوترة شوية من الاحداث اللي بتتغير حواليا بسرعة.. بس انا فعلا بحبك لكن كنت مكسوفه زي اي وحدة في بداية جوازها ايه الغلط في كدا
أسدلت كارمن عيناها، واستمرت في التكلم بدموع أكثر، وأصبح صوتها مبحوحا جدًا: يمكن كانت المشكلة في الاول اني كنت خاېفة امشي ورا قلبي واحبك بعدها اخسرك ماكنتش هستحمل انك تروح مني
لم يستطع تحمل صعوبة كلماتها القاسېة عليه أو تخيلها، ليجذبها إلي صدره وضمھا إليه، فتتثبت هي به جيدًا بينما تسمعه يقول: استغفري ربنا وبطلي هبل انا علي قلبك مش هروح في اي حته فاهمه
كارمن بهمس: أستغفر الله العظيم..
أكمل ادهم حديثه پألم: اعذريني يا كارمن يمكن كنت خاېف لان جوازنا كان بسبب الوصية في الاساس خۏفت تطلبي نسيب بعض بعد ما قابلتي عيلتك.. مش عشان الفلوس انا عارف ان ملك هي سبب قبولك للوصية لكن خۏفت تبعدي عني وتعيشي معاهم
تفوهت كارمن بينما تضم نفسها أكثر في حضنه: دايما انت بتحس بنفسك اذا هتقدر تكمل من غير شخص معين ولالا.. دايما كنت بستغرب ليه ماما ماقدرتش تحب او تتجوز بعد بابا رغم انها كانت مش كبيرة في السن اوي.. بس دلوقتي فهمت
دفنت وجهها في تجاويف رقبته، مستنشقة عطره الحلو، وهي تلف ذراعيها حول خصره وقالت بهمس: انت طمنتني ودعمتني وفهمتني ومبسوطة معاك مش عايزة ابعد عنك ابدا انا بمoت فيك يا ادهم
زمجر أدهم وهو يشدد قبضته على جسدها: ماتقوليش الكلمة دي تاني.. قولي هتعيشي ليا يا كارمن
ثم أضاف بهمس حاني، وهو يقبّل رقبتها من الجنب: بعشقك
أسترسلت كارمن حديثها الذي ينبع من أعماق قلبها: بقيت حبيبي واماني وحياتي كلها ومش عايزة حاجة من الدنيا غير انك تكون جنبي..
ثم همست بتساءل حزين: هو دا صعب للدرجة دي يعني
أمسك أدهم بكتفها برفق وأخرجها من حضنه، لكنها كانت لا تزال بين ذراعيه قائلا بحب: خلاص انسي اللي حصل ممكن ماتزعليش مني
كارمن بتذمر طفولي: لا انا زعلانه عشان تعبت اوي وكنت محتجالك وانت سايبني
ادهم بندم: صدقيني كان ڠصب عني انا لما بتنرفز بكتم جوايا اتعودت علي كدا يا كارمن
هزت رأسها برفض وقالت بعناد: مش مبرر دا علي فكرة انا هفضل مخصماك عشان بعد كدا لما تزعل تيجي وتقولي مش تهرب مني
وضع أدهم خصلاتها الضالة على جبهتها خلف أذنها، وقبل وجنتها بحب، قائلًا بصوت هامس: حقك عليا انا اسف
كارمن بتبرم: مش كفاية
تنهد أدهم وبدأ يضجر من عنادها معه، لكنه تمالك نفسه قال بصبر: عايزاني اصالحك ازاي ؟
عقدت كارمن ذراعيها فوق صدرها وقالت بإصرار: لا انا هعاقبك بأني أطلع انام في الريسبشن برا واسيبك تنام لوحدك هنا لمدة اسبوعين
هتف ادهم بضيق: اللهم طولك ياروح.. كارمن بلاش تبقي قاسېة كدا
قالت كارمن بنظرة خاطفة: اتعلمتها منك وهو دا العقاپ اللي تستاهلو علي كل اللي عملته فيا
تومضت عيناه بحزن من كلماتها، مما جعله يشعر بإختناق شديد في صدره، لكنه يدرك جيدا أنه الذي أوصل نفسه إلى تلك الحالة معها، فعليه أن يتحمل قليلًا، ثم أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يدعي القول بفظاظة وغيظ: مادام انا اللي طلعت غلطان يبقي انا اللي هطلع انام علي ام الكنبة دي بس بعد كدا هولعلك فيها
بعدها تحرك أدهم إلى الخارج بحنق، بينما ظهرت ابتسامة خبيثة على شفتي كارمن، ثم سرعان ما اختفت.
شعرت بالندم فالجو بارد بالخارج، ثم توجهت إلى غرفة الملابس لإحضار شيء ما.
بعد قليل
خرجت من الغرفة، وعيناها تدوران في المكان، ثم رأته مستلقى بملابسه على الأريكة وعيناه مغمضتان، وظهرت علامات عبوس جعدت ملامحه الوسيمة.
شعر بخطواتها تقترب منه، لكنه بقي على حاله دون أن يتحرك، بينما كارمن تبتسم وهي تراه عاقدا حاجبيه بشدة.
تساءلت كارمن برقة: ادهم انت نمت؟
فتح أدهم جفنيه ببطء، وخفق قلبه من نبرة صوتها الرقيق، لكنه نظر إليها بسخرية عندما رأى ما كانت تمسكه بيديها: كتر خيرك.. جيبالي غطاء من البرد
لوت شفتاها بتهكم من سخريته اللاذعة، لكنها تجاهلت ذلك قائلة بهدوء: جيبالنا احنا الاتنين
ادهم بعدم فهم: قصدك ايه؟
صعدت بقدميها على الأريكة، ثم استلقت بجانبه وهي تمد ساقيها مثله.
كان هو على حافة الأريكة وكانت بالداخل، ثم تحدثت بنبرة ناعمة، وهي تسند رأسها على الوسادة خلفها بشكل مريح، وتغطي نفسها بالبطانية: انا بقالي اسبوعين مش عارفه انام كويس من يوم سفرك فكنت بلبس من هدومك وارش برفانك عشان احس بيك معايا واقدر انام.. بس انا صبري خلاص خلص وعايزة انام في حضنك الليلة دي بالذات
برقت الدموع في عينيها، وهي تقول بنبرة متحشرجة بعض الشيء: وفي نفس الوقت.. مصممة اخليك تنفذ العقاپ اللي قولت عليه جواه بس مع تغيير بسيط.. اني هعاقب نفسي معاك وننام هنا
استدار على جانبه، وهو يميل نحوها ويسند جسده على مرفقه، وأصبح وجهه قريبًا من وجهها.
حدق فيها بنظرة ثاقبة يهمس باسمها ثم قال: عارف ان من حقك بعد اللي حصل تنقهري وتزعلي مني..
وضعت كارمن سبابتها على شفتيه قائلة بإصرار رقيق: انت اتكلمت كتير دا دوري انا.. احنا حياتنا سوا في البداية اتفرضت علينا.. بس اننا نستمر سوا اختيار.. لما بعدت عني لاقيت نفسي بتلقائية بختارك وعايزاك معايا رغم اي حاجة.. وبعد كل اللي قولنا من شوية انا بعيدهلك تاني وبقولك انا اخترت اكمل معاك بإرادتي عشان بحبك
كانت عيناه تتألقان بتأمل عاشق فيها، ثم همس بصوته الرخيم: شعورك من ناحيتي دلوقتي هو اكتر حاجة حلوة حصلتلي في حياتي.. كفاية عندي كلامك اللي خارج من جوا قلبك وروحك ونظراتك اللي كلها حب بالدنيا كلها
ثم اردف: تدابير ربنا جمعتنا ويمكن الفرصة دي هي بداية لحياة سعيدة نعيشها مع بعض
دارت عيناه تتأمل ملامحها وابتسامة جذابة شقت شفتيه وقال: بحبك من اول مرة بصيت في عيونك من سنين طويلة.. بقيتي حته من روحي وقلبي كله ملكك انتي.. عمرك ماخرجتي من تفكيري حتي وانا في عز ازماتي
شعور جميل يسكن روحها حيث رأت عينيه تتألقان بنظرة غريبة، مزيج من العشق والدفء والحنان والعاطفة التي جعلت قلبها يرقص بسعادة كبيرة.
أغمضت كارمن عيناها وقالت پألم: كنت فعلا محتجالك اوي يا ادهم.. مش هقدر تاني اكون لوحدي من غيرك
مسح بظهر كفه على بشړة خدها الناعم بينما هي تستمع إلى همسه الرقيق بقلب يرتجف مع العشق حتى في أحلامها، لم تتخيل أنها ستشعر بهذا الأمان: اوعدك مش هسيبك تاني.. وعايزك تعرفي انك عمرك ماكنتي لوحدك يا كارمن انا دايما معاكي حتي لو من بعيد
همست، وهي تجعد حاجبيها بعبوس لطيف: لا مافيش بعد تاني
لمعت عيناه خبثًا وقال: ايه دا هو انتي بتحبيني اوي كدا
عضت كارمن علي شفتيها، وواصلت بصوتها الهامس المغري الغير مقصود وهي تعبث بشعر ذقنه، الذي نمى قليلًا عن ذي قبل: لا مش بحبك يا ادهم.. دا قليل علي احساسي نحيتك انا بتنفسك وبعشق..
ارتجف جسده بسبب تلك اللمسة البسيطة منها، ومضت عيناه بنظرة قاتمة لم تدركها
حملقت به بوجه احمر، وتنفس سريع من اضطراب قلبها الذي نثر نبضاته من تلك القبلة اللاهبة، قائلة بخجل وبدأ النعاس يداعب عينيها: حبيبي ممكن ننام عشان انا تعبانه اوي
ابتسم علي منظرها اللطيف، ثم سرعان ما اختفت ابتسامته، وكأنه يتذكر شيئًا، فقال بجدية: كارمن امي عرفت بحاجة عن التقارير اللي لاقيتيها
إحتارت من تقلباته المفاجئة، لكنها هزت رأسها برفض قائلة بهدوء: لا انا ماتكلمتش مع حد غيرك
رفع أدهم جسده عنها، ووقف على رجليه، قائلا بإصرار: قبل ما ننام في حاجة مهمة لازم نعملها قومي معايا
نهضت كارمن أيضًا معه، قائلة بعدم فهم: حاجة ايه؟
أمسك أدهم بيدها برفق وقال: الورق دا لازم نتخلص منه عشان اتأكد انه مش هيقع في ايد ماما وحالتها تسوء انتي عارفه هي مش هتستحمل وصحتها ضعيفه ازاي
أومأت إليه بتأكيد: معاك حق
ذهب كلاهما إلى غرفة النوم، ثم أمسك أدهم بالأوراق وسار إلى الطاولة المجاورة للسرير، وفتح أحد الأدراج وتلاعب بمحتوياته قليلًا تحت عيون كارمن المتفاجئة بما يفعله.
نظر إليها أدهم مشيرًا إليها لتتبعه، فسارت كارمن ورائه ثم دخلت خلفه إلى الحمام، ثم ضغط على الولاعة وهو يرفع الأوراق بيده الأخرى لإشعال اللهب في طرفها، بعد ثوان بدأت الڼار تلتهم الورق أمام أعينهم، ثم تركها من يده تحترق داخل الحوض علي المهل.
الټفت إلى كارمن قائلا بجدية وحزم حزين: السر دا محدش غيرنا هيعرف به يا كارمن.. ابن عمي نفسه مش عارف حاجة خالص ولا اي حد مهما كان لازم يعرفو تمام
أومأت إليه بالموافقة، ثم إرتمت بين ذراعيه حيث عانقته بشدة، تربت على ظهره بحنان، كأنها تواسيه، على أمل أن تخفف العبء الذي يحمله على عاتقه وحده.
نهاية الفصل الثامن والثلاثون
الفصل التاسع والثلاثون (حبها الثمين)
صباحا في منزل مالك البارون
وقف مالك أمام التسريحة، ناظرًا في المرآة، وهو يمشط شعره بينما يدندن أغنية بروقان بصوته العذب: يا جميل يا اللي هنا ما بقينا لوحدنا يا جميل يا جميل
تسللت يسر إلى الحجرة بخفة، ووقفت وراءه، وهي تضع كلتا يديها علي خصرها، قائلة في ڠضب مصطنع: بتغني لمين وانت غزالتك رايقة كدا يا سي مالك؟
ضحك مالك بمرح، وهو ينظر إليها من خلال المرآة، وقال بغمزة: هو انا عندي غيرك انت يا جميل في حياتي
ضيقت يسر عينيها، ثم أدارت جسده في مواجهتها، قائلة برقة مفرطة: هممم انا كمان بقول كدا
رفعت يدها وبدأت تصلح ربطة عنقه، وأردفت بدلال، وهي ناظرة إليه بعيون متسعة ببراءة: ميكي حبيبي
علق مالك نظراته في السقف، وقال بارتياب: طالما فيها ميكي وعلي الصبح كدا.. يبقي وراها حاجة استرها من عندك يارب
وكزته يسر برفق في كتفه، وقالت بعتاب، بينما تقوس شفتيها للأسفل: اخس عليك يا مالك
قبل مالك خدها بحب. ثم أشار إليه بإصبعه، وهو ينذرها: بهزر معاكي يا قلبي أأمريني.. بس بسرعة انا متأخر علي الشغل وابنك عنده حضانه
تنحنحت يسر قائلة بصوت منخفض: أحم كنت عايزاك تجيبلي حاجة معاك وانت راجع من الشغل
نظر مالك في المرآة، وهو يعدل ملابسه، رافعًا حاجبيه، ليقول بملل: حاجة ايه دي ما تتكلمي علي طول يا يسر بلاش مقدماتك الطويلة دي
فركت يسر فروة شعرها بتوتر خفيف، ثم إستجمعت شجاعتها، ونطقت بسرعة: انا عايزة رنجة
الټفت مالك إليها بسرعة، وعيناه جحظت بصد@مة، وهتف بدون وعي وإستنكار: نعم يا اختي عيدي تاني كدا
إنتفضت يسر من صراخه عليها، قائلة في ذعر، بينما تجمع قبضتيها معا علي صدرها: خضتيتي ما براحة بقولك عايزة رنجة.. ايه چريمة دي
تشدق صدغ مالك بسخرية، ثم سألها بصوت لاذع: من امتي وانتي بتاكلي الحاجات دي يا هانم
رفعت يسر كتفها، وقالت دون أن تهتم باستهزائه بها: نفسي راحتلها.. مفيهاش حاجة لو جربتها.. ريحتها مش بتفارق مناخيري من كام يوم
ابتسم مالك بإيماءة صغيرة، وقال بشك مليء بالفرح: الله الله انتي بتتوحمي يا سوسو
فتحت فاهها بصد@مة، وتفوهت ببلاهة: ها.. بلاش سخافة يا مالك.. وحم ايه دلوقتي
أمسكها مالك من كتفيها، وهو يردد مجددا بحماس: لا انتي بتتوحمي انا متأكد
أسدلت يسر عينيها للأسفل، وظلت تحسب الأمر في ذهنها لبعض الوقت، تتخبط أفكارها دون أن تصل إلى أي شيء، ثم نظرت إليه وقالت بحيرة: تصدق مش عارفه بس حاليا ضروري تجيبهالي وانت جاي
قال مالك بسرعة، وهو يمشي بها إلى خزانة الملابس: ماشي هجيبلك اللي انتي عايزاه بس تعالي البسي عشان نروح للدكتور
توقفت يُسر، وإستدارت إليه بكامل جسدها، قائلة بدهشة من إلحاحه: مالك يا حبيبي انت اټجننت دكتور ايه.. انت وراك شغل وانا عايزة اروح لكارمن عشان اخد منها الكتاب
برزت عيناه، وقال بلهفة، وهو يربط الأشياء معًا في ذهنه: اهو الكتاب دا اكبر دليل ان كلامي مظبوط.. انتي بقالك فترة زنانه ومتغيرة عماله تزني علي البت تجيبهولك بقالك اسبوعين ومش طايقه نفسك ولا طايقاني
أشارت يسر إلى نفسها بغباء وقالت: معقولة انا بقيت كدا بجد
تنهد مالك بسأم من اعتراضاتها الكثيرة، وقال بسرعة: مش وقته الكلام دا يلا البسي خلينا ننزل بسرعة يا حبيبتي
ربَّتت يُسر على ذراعه، وقالت بتريث: اهدا يا قلبي واسمعني ياسين مستنيك عشان تاخده الحضانه لما ترجعه من الحضانه نوديه عند ماما ونروح للدكتور بليل في الروقان
قلب هذا الكلام في رأسه، ثم أومأ إليها بالموافقة، وقال بتحذير: خلاص موافق بس بشرط تاخدي بالك من نفسك وماتنزليش.. اتصلي حالا بكارمن خليها تجيب الكتاب علي الشركة وانا هعدي اخده منها
قبلته يسر على خده بلطف، وقالت بإبتسامة متسعة مظهرة أسنانها البيضاء: حبيب قلبي انت حاضر
في قصر البارون
داخل جناح ادهم
رن الهاتف الخلوي فوق السرير، بينما كارمن كانت تقف أمام المرآة وهي تعدل مكياجها، ليقطع رنين الهاتف إندماجها فذهبت إليه لالتقاطه، وتنهدت بقلة حيلة عندما وجدت اسم يسّر مضاءً على الشاشة.
ألقت نظرة خاطفة على الحمام الذي ډخله أدهم للتو، ثم أجابت بهدوء: الو
هتفت يسر بمرح، بينما تقف وراء النافذة تنظر إلى زوجها، وهو يسير نحو سيارته وفي يده ياسين: صباح القشطة يا قلبي
ابتسمت كارمن، وقالت بنبرة رقيقة: صباح الورد يا ياسو عاملة ايه
يسر بتنهيدة عميقة: فل الحمدلله وانتي طمنيني عليكي
جلست كارمن أمام الطاولة تمشط شعرها ناظرة إلى المرأة، وقالت بلطف: يارب دايما انا تمام والله
همهمت يسر بتساءل: فينك كدا
كارمن بعدم إكتراث: ابدا لبست ونزلين علي الشركة
عقدت يسر حاجبيها قائلة بإستفهام: نزلين انتي ومين
لوت كارمن شفتيها، وأجابت بسخرية: انا وادهم يا تايهة
توجهت يسر نحو المطبخ لإعداد كوب قهوة، بينما تسألها بعدم إستيعاب: هو رجع امتي مش المفروض مسافر
قامت كارمن من مكانها تتحرك في أرجاء الغرفة، وقالت: لا رجع امبارح بليل
تمتمت يسر بإستغراب: غريبة مالك ماقلش انه جه يعني
كارمن بتنهيدة من كثرة اسئلتها: عشان مالك مايعرفش.. محدش عارف اصلا
ثم أضافت بإبتسامة خبيثة: بقولك ايه ماتقوليش حاجة وخليه يتفاجئ به قدامه في الشركة
ضحكت يسر أيضا بطريقة شريرة، وأعجبت بتلك الفكرة حيث ستستطيع الاڼتقام منه لاستهزائه بها منذ قليل: ماشي يا سوسة مش هقول حاجة بس لو عرفتي تصوري الحدث دا ابقي ابعتيهولي
ثم أردفت بسرعة: بس اسمعي صحيح مالك هيعدي عليكي عشان ياخد منك الكتاب خديه معاكي اوعي ماتنسيش
قلبت كارمن عينها للجهة الأخري، قائلة بملل واضح: يادي الكتاب يا ست الزنانه ماشي عايزة حاجة تانية لازم اقفل متأخرة ارحميني من رغيك شوية
قهقهت يسر بصخب، وبدأت تصدق حديث مالك عن أسلوبها مؤخرًا: لا يا حضرت المهمه هانم روحي والقلب دعيلك وابقي كلميني بليل
قالت كارمن بضحكة عالية: اوك يلا باي
يسر بإبتسامة مشرقة: مع السلامة
التفتت كارمن إلى زوجها بعد انتهاء مكالمتها، وتشمله بإلقاء نظرة فاحصة من الرأس إلى أخمص القدمين، قائلة بإعجاب صريح بجسده المعضل داخل بدلته الرسمية الأنيقة: قلبي لا ماقدرش علي الشياكة الفتاكة دي كلها
ابتسم أدهم بلطف علي تغزلها الرقيق به، وهو يقترب منها قائلًا بصوت رخيم هادئ، وهو يقبل جبهتها: كلي ليكي يا روحي.. يلا بينا ننزل نشوفهم بيعملو ايه تحت!!
أشارت كارمن بيدها إليه، وقالت على الفور: حاضر بس لحظة واحدة حبيبي
انتهت من الحصول على الكتاب، ووضعته في حقيبتها قبل أن تنسى، ثم أخذت معطف زوجها ومعطفها وسلمته خاصته، وبعد ذلك تأبطت ذراعه ونزلوا معًا إلى الطابق السفلي.
بعد قليل في الأسفل
دخل أدهم وكارمن غرفة الطعام حيث كان الجميع جالسين في أماكنهم بهدوء.
كانت أول من رأتهم هي ملك التي كانت تطعم كلبها الصغير بلطف، لذا ركضت إلى أدهم قائلة بنبرة طفولية سعيدة: بابا
حملها أدهم من الأرض، وهو ينظر إلى الجميع، وقال معتذرًا: سامحوني يا جم١عة بس السكر دي وحشاني جدا
ضمھا بين يديه، وهو يقبل خدها بشوق لرائحتها اللطيفة، قائلا بابتسامة عريضة علي شفتيه: يا حبيبة بابا.. انا وحشتك قد ايه
همهمت ملك بكلمات غير مرتبة، وهي فتحت يديها على مصراعيها وقبلته على خده بلطف، لكن ملامحها عبست فجأة.
تساءل ادهم بعدم إدراك: هي مالها كشرت كدا ليه!!
قالت كارمن بضحكة، مداعبة خد ابنتها بلطف، ثم قرصت أنفها برفق، وهي تبتسم إليها بحنان، لتقول بشقاوة: ذقنك يا بابا طويلة شوكتها
ضحك ادهم، وهو يومئ بتفاهم، قائلا بحنو: معلش يا روحي عشانك انتي بس يا ام عيون تجنن هخفها
واصل حديثه بصوت منخفض بالقرب من أذن كارمن: وعشان عيون امك كمان
ابتسمت كارمن بخجل ثم أومأت برأسها، وهي تبتعد عنه متجهة نحو طاولة الطعام.
أنزل أدهم الصغيرة إلى الأرض، لتجري خلف كلبها الصغير، وقد نست ما حدث منذ دقيقة، ثم هتف ادهم بمرح: يا صباح الفل علي الحلوين
قالت ليلي بفرح لرؤيته أمامها، وهو يبدو سعيدا: صباح الورد يا حبيبي حمدلله علي سلامتك
بينما ابتسمت مريم بإتساع، وهي تصافحه بمحبة: نورت بيتك يا بني وحشتنا والله
بعد أن رد على تحياتها بأدب وود، ذهب أدهم إلى ليلي واحتضنها بشوق كبير، ثم انحنى وقبّل يدها ثم جبهتها، قائلًا بابتسامة جذابة: وحشني حضنك جدا يا ست الكل طمنيني صحتك عاملة ايه؟؟
جلست كارمن أمام كرسي والدتها من الجانب الآخر للطاولة، قائلة بابتسامة رقيقة مشرقة، وعيناها تشعان بالسرور: صباحك هنا يا مامتي
قالت مريم بحبور: صباح الورد يا نن عين امك
كانت والدتها سعيدة للغاية بتألق عينيها، وابتسامتها التي تذبلت على شفتيها منذ سفر أدهم، وحتى وجبة الإفطار لم تتناولها معهم منذ فترة طويلة، وكانت تذهب مباشرة إلى الشركة أثناء غياب زوجها.
دخلت نادين الغرفة برشاقة في ذلك الوقت، لكنها توقفت فجأة عندما رأته أمام عيناها يصافح والدته.
تضاربت الأفكار في ذهنها بحيرة، متي وصل من سفره، ثم إرتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها، وهي ترى ابتسامة كارمن السعيدة، وسرعان ما اندفعت إليه بسرعة، متظاهرة باللهفة: حبيبي ادهم
تفاجأ أدهم بمن إرتمت عليه وعانقته، ثم تمسكت برقبته، وقبلت خديه، وهي تردد بدلال أنثوي مقصود: وحشتني مoت.. حمدلله علي سلامتك يا روحي
اشتعلت عينا كارمن بلهيب أزرق ناريّا كاد أن ېحرق نادين في ظهرها.
أما بالنسبة له، فلم يشعر جسده بأي شعور يذكر عندما اقتربت منه نادين بهذه الطريقة، وكأنها لا شيء على الإطلاق، على عكس كارمن التي بلمسة بسيطة منها جعلته يشعر بتيار كهربائي في جميع أنحاء جسده، ثم تمتم ببرود: الله يسلمك يا نادين
أنزل ذراعيها اللتين تلتف حول رقبته مثل الحية التي تلتف حول فريستها، وهو يتنهد مما فعلته، فهذا الأمر الآن بالطبع سيسبب له مشاكل مع كارمن، بالتأكيد ستغضب منه الآن.
نظر إلى كارمن التي كانت جالسة تشاهد هذا العرض المسرحي الساخر أمامها دون أي رد فعل يظهر علي ملامحها المقتضبة.
اختفت الابتسامة المشرقة عن شفتيها، وقد أقتحن وجهها بشدة حيث نجحت تلك المرأة البغيضة حړق أعصابها عندما اقتربت منه، ولكن كيف لها أن تمنعها، وهي زوجته في النهاية أيضًا.
جلس أدهم بهدوء بجانبها دون ان ينبس ببنت شفة.
تساءلت ليلي في محاولة لفت انتباه كارمن، عندما رأت نظراتها الڼارية إلى نادين: انت رجعت امتي يا ادهم محدش من الخدم شافك والا كانو بلغوني علي طول
بدأ أدهم بشرب قهوته بعد أن سكبتها كارمن في فنجانه، ثم قال بعدم إكتراث: جيت بليل يا امي ومحبتش ازعج حد طلعت علي جناحي فورا
نطقت ليلى بصوت خفيض ماكر، وألقت نظرة سريعة على مريم التي فهمت عليها سريعا: قول كدا بقي انك ما صدقت وصلت وروحت طيران علي الناس اللي وحشوك
غصت كارمن أثناء شرب العصير من تلميحات والدته الجريئة، لكنها سرعان ما ابتسمت بمكر أنثوي، لأن الكرة أتت إليها، ولابد من أن تسجل هدفا ذهبيا الآن.
اقتربت كارمن منه بجرأة، وهي تميل عليه، ثم وضعت كفها الناعم على خده، ومسحت آثار قبلات تلك الحرباء بتعمد واضح، ثم رفعت يدها الأخرى إلى صدره متظاهرة بتعديل رابطة عنقه.
حدقت كارمن في عينيه بإشتياق، قائلة بنعومة مفرطة يتخللها الغنج: لا يا ماما بالعكس ماتظلميهوش.. انا اللي مسكت فيه امبارح اول ما لاقيته قدامي.. كان وحشني اوي اوي ماقدرتش اقوم من حضنه طول الليل
اختتمت جملتها بقبلة صغيرة بجوار فكه أمام كل الجالسين.
برزت عينا أدهم إلى الأمام، وهو يحدق فيها بصد@مة حقيقية، لأنه توقع منها كل شيء بعد حركة نادين، باستثناء هذه التصرفات الجريئة منها أمامهم، لكنه ابتسم بدهاء من مكرها الذي أسعده وأرضاه كثيرًا، وهي علمت بذلك جراء عيناه التي إلتمعت بشغف نحوها.
قالت ليلي بابتسامة متلاعبة، وقد أحببت ما فعلته كارمن: ربنا يسعدكم يا حبيبتي
بينما كانت نادين تجلس بابتسامة سطحية على شفتيها، تختبئ وراءها قدرًا هائلًا من الكراهية والحقد لكارمن، التي انتصرت عليها للمرة المائة، وبدلًا من مكايدتها، كانت هي التي أغضبتها كثيرًا.
بعد بضع دقائق، أمام قصر البارون
ركبت السيارة بجانب زوجها حيث كان جالسًا أمام عجلة القيادة، وفقالت برقة: ادهم ممكن تستني ماتطلعش دقيقة بس
أنهت كلماتها، ثم عبثت قليلًا في حقيبة يدها، وأخرجت منها شيئًا تحت عيون أدهم الذي يناظرها بحيرة
همست كارمن بنبرة خجولة بعض الشئ، بينما تعلو شفتيها إبتسامة رائعة: اتفضل
أخذ من يدها الصندوق الملفوف بأناقة، وحدق فيها بذهول، وسأل باهتمام: فيها ايه العلبة دي يا حبيبي
هزت كارمن كتفيها، وأجابت ببساطة: افتحها وانت تعرف
بدأ أدهم بفك الرابط من علي الصندوق، ثم أزال المغلف ورماه إلى جانبه بإهمال، لتتسع عينيه بدهشة، حيث رأى مجموعة مصاحف قرآنية داخل الصندوق، ثم استمع إلى صوت كارمن اللطيف قائلة: كنت بفكر طول فترة سفرك في هدية اقدمهالك لما ترجعلي بالسلامةx
ثم ألتقطت احدي المصاحف من الصندوق، ووضعته امام زجاج السيارة من الداخل، قائلة بمحبة: مافيش افضل من كلمات الله عشان تحفظك من كل مكروه في اي مكان تروحو
في نظره، كانت هذه بالفعل أعظم هدية نالها في حياته، لأنها كانت كلمات الله الحافظ، كما أنه شعر بمقدار المشاعر العميقة التي تكنها كارمن في قلبها له، لقد كانت هدية معبرة جدًا وتأثر بها بقوة.
قال أدهم بابتسامة، وعيناه تشعان لها بالحب والتقدير: ربنا يخليكي ويحفظك انتي ليا يا قلبي وكفاية عندي اني اشوفك قدامي دي احلي هدية في الدنيا
همست كارمن بصوت خجول: ربنا مايحرمنيش منك حبيبي.. باقي المصاحف هنحطهم في المكتب عندك
ثم أدارت رأسها إلى الوراء، ونظرت إلى السيارات المتوقفة في الخلف من خلال الزجاج المظلم للسيارة، وتمتمت مازحة: طب يلا اتفضل اتحرك.. احنا بقالنا كتير واقفين كدا الحراس هيفهمونا غلط
ضحك أدهم بصوت عال على مزحتها الطريفة، ثم سرعان ما سيطر على قهقهته، وهمس بابتسامة جذابة على شفتيه، بينما يقترب منها بمكر واضعا يده علي قمة المقعد خلف رأسها: مش متحرك ويفهمو اللي يفهمو مايهمنيش
إلتصقت كارمن في باب السيارة، قائلة بإرتباك مختلطًا بخجل مما ينوي فعله: ادهم مش وقت رخامة بقي لو سمحت
رفع أدهم حاجبيه، وابتسامة لا تزال على شفتيه، متمتما: لما تقوليلي الاول انك مابقتيش زعلانه مني
ابتسمت كارمن بهدوء، وقالت بنبرة متلاعبة أيضًا، بعد أن تأكدت قليلًا من أنه لن يكون متهورًا: لا لما اتأكد انك بقيت تفهمني ومش هتسيبني تاني لوحدي وتخلع
مال أدهم نحوها قليلًا، وقبل خدها بحب، ليهمس بجانب أذنها: اوعدك وغلاوتك عندي عمري ما هخلع ابدا
رفعت بصرها محدقة فيه، متسائلة ببراءة: والمرة الجاية هتاخدني معاك وانت مسافر
لثم ادهم جبينها بعمق، قائلا بنفس الصوت الخاڤت: مش هسافر بعد كدا غير وانتي معايا..
ثم قرص وجنتيها المشټعلة بأحمر قاني بخفة متسائلًا: ها لسه زعلانه
أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تجيب عليه، بينما تصاعدت الحرارة في وجنتاها، ممَ جعلها تشعر بالدفء والإسترخاء: من خۏفي عليك كنت زعلانه منك
ثم أردفت بنبرة صادقة: ادهم انت نعمة ربنا عوضني بها عن كل حاجة اتحرمت منها في الدنيا وبحبك اوي
إلتمعت عينا أدهم من السعادة التي جعلت ابتسامة كارمن العاشقة تتسع أكثر، قائلًا بهيام في عينيها: وانا بعشقك يا عمري كله
جميل أن تكون شيء ثمين لدى شخص ېخاف فقدانك يومًا.
بعد حوالي ساعتين في شركة "البارون ديزين"
في مكتب كارمن
جالسة أمام الكمبيوتر تقوم ببعض الأعمال، قاطعها دلوف مالك بعد أن طرق الباب.
مالك بصوت مرح: صباح النشاط علي مديرتنا
تركت شاشة الحاسوب ناظرة إليه، وردت بابتسامة على تحية الصباح: صباح الورد يا مالك
جلس مالك امامها قائلا بإهتمام: ايه الاخبار معاكي بالشغل
أومأت برأسها قائلة بهدوء: كله تمام انت لسه واصل
همهم مالك، وقال بلا مبالاة: ايوه عديت علي الشركة التانية خلصت شوية حاجات وجيت علي هنا..
ثم أردف، وهو يستعد للنهوض: اذا احتاجتي مني حاجة انا علي مكتبي
أوقفته كارمن، وهي تعبث في حقيبة يدها وقالت على الفور: ماشي.. استني قبل ما انسي
أخرجت الكتاب من حقيبتها، وقالت بمزح: خد وقول لمراتك ترحمني شوية من الزن
أمسك مالك الكتاب منها، وبدأ يفحص غلافه، وهو يتمتم: ماظنش انها هتبطل دي يدوب بتسخن
رفعت كارمن حاجبيها بدهشة وقالت بتساءل: ازاي يعني؟
نظر مالك إليها محاولا كبح ضحكته، وقال على مضض: الهانم طالبة مني اجيبلها رنجة
اتسعت عيناها، وقالت بإيماءة صغيرة من رأسها: انت بتهزر صح
قال مالك بضحكة خاڤتة: والله بجد شكلها بتتوحم
تمتمت كارمن بغيظ: ازاي البت دي ماتقوليش
اجاب مالك، وهو يستقيم في جلسته: احنا هنروح بليل للدكتور واذا الخبر صحيح ان شاء الله هتقولك بنفسها
دخل أدهم المكتب فجأة بهدوء، وهو يغمز بعينيه إلى كارمن التي فهمت معنى تلك الإيماءة، ثم سعلت بعد أن أفلتت منها ضحكة صغيرة حتى لا ينكشف أمرها أمامه.
وأجابت علي مالك بنبرة عادية، وهي تكتم ابتسامتها بصعوبة: خلاص ماشي احم
هبط أدهم بكف يده على كتف مالك الجالس، ويولي ظهره نحو باب المكتب، ثم صاح في ڠضب أجاد تصنعه: انت قاعد تكركر هنا يا استاذ وسايب شغلك
اتنفض مالك من على كرسيه، وخفق قلبه بقوة من تلك المفاجأة، قائلا بدهشة مستنكرًا: بسم الله اللهم احفظنا.. انت طلعت منين يا اخي
اڼفجرت كارمن ضاحكة من التعابير المفاجئة على وجهه، والتي كانت مضحكة للغاية.
نظر أدهم إلى كارمن، وهو يشير بيده إلى مالك، وقال بتهكم ساخر: والله عال شايفه الاستقبال بيبقي عامل ازاي منه
هزت كارمن رأسها مؤيدة لزوجها في حديثه، وقالت بتسلية: دلوقتي عرفت يسر جابته منين اكيد اتعدت منه
صاح عليهم مالك بسخط: حيلك حيلك انت وهي هتتمسخرو عليا انا ومراتي كدا كتير
قالت كارمن بينما تمط شفتيها للخارج متصنعة الحزن، وتسبل عيونها: لا خلاص كفاية عليك اللي هتعملو فيك يسر
عبست ملامح مالك قائلا بحسرة: ربنا معايا
ثم قال موجها حديثه لأدهم: قولي صحيح انت رجعت امتي يا شبح
وضع أدهم يديه في جيوبه، وقال بفظاظة وغرور: بعدين هبقي اقولك انزل شوف المخازن دلوقتي.. عايز مراتي في كلمتين لوحدنا
جز مالك علي أسنانه من لهجته المتعجرفة، وقال پقهر: بتوزعني كدا عيني عينك
أومأ ادهم ببرود: اكيد
غمز مالك بخبث، وقال بإبتسامة: ماشي يا ابو الادهيم
زم أدهم شفتيه وشد علي قبضته بحنق من استفزاز مالك له، ثم تحرك قاصدا أن يلقنه درسًا عنيفًا، لكن فر مالك من أمامه في غمضة عين للخارج.
أدار أدهم رأسه ونظر إلى كارمن، التي كانت تغطي فمها براحة يدها لإسكات ضحكها عن زوجها الغاضب، الذي يبدو لطيفًا جدًا هكذا.
تقدم ادهم منها بإبتسامة جانبيه، وسأل بينما هو واقف امامها مباشرة: بتخبي ضحكتك ليه يا شقية؟
ردت كارمن بضحكة خافته بعد أن خفضت يدها، وإستندت علي حافة المكتب خلفها: قلقانه لا تمسك فيا.. مين هينجيني منك وقتها؟
نظر أدهم حوله، حيث كان جدار الغرفة مصنوعًا من الزجاج، ممَ يجعل الواقف من الخارج يرى الداخل بوضوح، وقال بتنهيدةx: لا اطمني انتي هنا في امان
تنهدت كارمن براحة، وقالت بإبتسامة رائعة: طب كويس انك قولتلي
مال أدهم بجسده عليها قليلًا، وهو يمسك خصرها بين يديه، وقال بينما كانت عيناه تتألقان بنظرة خبيثة: بس مش عايزك تاخدي كلامي بالثقة دي انا ممكن اتهور بعد الابتسامة اللي تجنن دي
جحظت عيناها فى ړعب، وهي تحاول الافلات منه بإحراج، لكي لا يراهما أحد في هذا الوضع الحميمي، فقالت مبتعدة عنه قليلًا: لا وعلي ايه.. نلبس الوش الخشب ونتكلم في الشغل احسن
نظر أدهم إليها بنصف عين، قائلا بهدوء: شطورة يلا هاتي لابتوبك وتعالي اشتغلي عندي بالمكتب
جعدت كارمن حاجبيها، وهي تضع يديها على خصرها، وقالت بعبوس لطيف: اشمعنا بقي
ضاق أدهم عينيه وهو يتظاهر بالتفكير، ثم أجاب: عشان تشتغلي وأنتي قدامك منظر جميل وتقدري تخرجي كل الابداع الفني
أردف بجدية: وفي موضوع مهم كمان عايز نتكلم فيه قبل ما نرجع البيت
حركت كارمن رأسها بإيماءة صغيرة، وقالت برقة: حاضر اسبقني وانا هاجي وراك
ادهم بتحذير: بس ماتتأخريش
قالت كارمن بينما تعبث في حاسوبها: ماشي
بعد قليل
غادرت كارمن مكتبها، وسارت في طريقها إلى مكتب أدهم لتتفاجأ بأن أدهم، يقف مع مها السكرتيرة في الممر، ومعهما رانيا عارضة الأزياء.
زمت كارمن شفتيها مستاءة من تلك الفتاة التي لا ترتاح لها، ولا لنظراتها الجريئة إلى أدهم، وأيضا غاضبة مما تسببت فيه هي ويوسف إلى نسمة من ألم وخذلان، لكن اللوم لا يقع عليها وحدها كان هو أيضًا سببًا رئيسيًا لهذا الۏجع لتلك المسكينة، أنهما نفوس خبيثة حقًا.
سارت بهدوء ووقفت خلفهم، لتقول بصوت رقيق للغاية: ادهم حبيبي اسفه لو قطعت كلامكم
الټفت ادهم اليها قائلا بإبتسامة حنونة تخصها وحدها: لا ابدا حبيبتي لحظة واحدة
ثم عاد يردف بجدية، منهيا حديثه مع رانيا التي كانت تثرثر، لبضع دقائق دون جدوى: الموضوع دا تقدري تكلمي فيه الفريق المنظم للديفليه يا رانيا وحاليا عن اذنك لان عندنا شغل كتير
اضاف بتساءل يوجه حديثه إلي سكرتيرته الخاصة: مها في ورق محتاج امضتي غير اللي بعتيهم الصبح
مها بنبرة عملية: لا يا فندم
ادهم بهدوء: تمام.. تعالي يا كارمن
سارت كارمن معه، وشبكت يدها في يده يكملون طريقهما إلى مكتبه، وعندما دلفت خلفه مغلقة الباب خلفها، تمتمت بشئ وصل إلى مسامع أدهم: البنت دي مش طبيعية بجد
ادهم بإستفهام: بنت مين !!
تقدمت كارمن من المكتب الذي جلس خلفه أدهم، لتتسلق حافة المكتب أمامه، وتجلس عليه بشكل مريح قائلة بسخرية: الانسة رانيا
رفع ادهم حاجبه بتعجب وقال بدهشة: مالها بس عملتلك ايه
زمجرته كارمن بنبرة حادة: وهي تقدر تعملي حاجة كنت قرقشتها بسناني
ابتسم أدهم لأسلوبها اللطيف، وكلماتها الغاضبة وهو يقرص أنفها، وقال مازحا: يا واد يا شرس انت
وجهت وجهها بعيدًا عن متناول يده، وقالت في انزعاج: ادهم بطل الحركة دي.. يسر كانت بتعملها في ابنها لحد الواد ما مناخيره بقت قد البرتقالة بسببها.. وبعدين هبقي اقولك هي عملت ايه
قام بشبك أصابعه بين أصابعها النحيلة، قائلًا بجدية: ماشي ركزي هنا معايا عشان عايزاك في موضوع
نظرت إليه كارمن بتمعن وقالت بفضول: خير موضوع ايه دا؟
قال أدهم في صوته الرخيم، وعيناه لم تترك عينيها: عارف ان نادين بحركاتها المستفزة بقت تضايقك كتير
أسدلت كارمن عينيها، وقد ألمتها معدتها من سيرة تلك المخلوقة، حيث ظنت أنه سيدافع عما فعلته نادين في الصباح، لكنها تحدثت بهدوء: دا العادي مش جديد عليها يا ادهم وانا بقيت متعودة
رفع أدهم ذقنها بأصابعه، لتنظر في عينيه ملاحظا هو نظراتها الحزينة، ليردد مجددًا: كارمن هي وجودها فعلا بيضايقك ماتنكريش.. انا وهي اصلا علاقتنا مېته من سنين والمفروض انها تنتهي لان مالهاش معني وانا حاليا عايز اطلاقها و...
بترت كارمن جملته، قائلة برفض وهي تهز رأسها: لا.. لو هتطلقها يا ادهم يبقي عشان انت عايز كدا لكن ماتعملش كدا عشاني
رفع ادهم حاجبيه، قائلا بعدم تصديق: يعني هي وجودها في حياتنا مش مزعلك
تنهدت كارمن بضيق، وقالت بنبرة حزينة: انا مش ملاك طبعا زعلانة وھموت من القهر والغيظ.. ان وحدة غيري علي ذمتك ولما بتقرب منك ببقي عايزة اخنقها.. بس بلاش تطلقها بسببي انا وانت قولت مالهاش حد غيرك هتروح فين وتعيش ازاي
أومأ أدهم برأسه وقد تفاهم كلامها، قائلا بابتسامة صغيرة: خلاص فهمتك انا هشوف الموضوع دا قريب واخلص منه بطريقتي وصدقيني مش هظلمها يعني هتاخد حقوقها بالكامل ومبلغ كويس تعيش منه.
إلتمعت عينيها بالدموع تأثيرا بحديثه، وقالت بنظرة عاشقة، بينما كلتا يديها وضعتها علي وجهه: مفيش حد في طيبتك ورجولتك يا ادهم وبجد بحسد نفسي اني معاك وانا فعلا بمoت فيك وهعيش ليك طول عمري
بعد مرور عدة ايام
في شركة البارون ديزين
نزلت من المصعد، وسارت بخطوات هادئة في الممر بعد انتهاء الاجتماع، ثم توقفت عندما رأت الساعي يمر بجانبها، لتنطق بنبرة منهكة: عم ممدوح لو سمحت تعملي النسكافيه بتاعي وتجيبو علي مكتبي
قال ممدوح بتهذيب: تأمري يا استاذة نسمة
أهدته ابتسامة لطيفة، ثم توجهت مباشرة إلى مكتبها.
دخلت المكتب، وهي تفحص بعناية الأوراق الممسكة بها بين يديها، لذلك لم تلاحظ من كان يجلس على الكرسي أمام المكتب بهدوء صامت.
رفعت نسمة بصرها، ونظرت إليه بتفاجئ من جلسته هكذا، وللحظة شعرت بالتوتر، لكنها سرعان ما وضعت الاوراق على المكتب، وقالت بنبرة رسمية، وهي تتخذ موقفًا دفاعيًا حيث كانت ذراعيها متشابكتان تحت صدرها: ايوه يا استاذ يوسف في حاجة تبع الشغل
تحدثت ببرود وبلا مبالاة،xوهي تتساءل محتارة في سرها، أين ذهب شعور الإعجاب والإستلطاف الذي كانت تشعر به تجاهه من قبل؟
أثارت لهجتها الجليدية دهشة واستياء يوسف كثيرا.
صحيح أنها كانت تتجنبه منذ شهور، لكنه ظن أنها فترة ستمضي وستعود إلى طبيعتها معه، خاصة عندما علم من صديقه المقرب أن رانيا اقتربت منه فقط لأنه كان قريبًا من صاحب الشركة لا أكثر، وكانت تطمح في أن تقترب منه من خلاله، لكن منذ زواج أدهم وهي إبتعدت عن يوسف، لإعتقادها أنه وسيلة بطيئة للوصول إلى مبتغاها، وهو كان في تلك الحكاية مثل الأحمق الذي انجرف بسحرها وفقد خطيبته.
ظل يوسف محدقًا فيها بنفس الصمت، بينما كانت الأخرى ترمقه بعيون باردة قوية.
أين ذهبت ابتسامة نسمة الرقيقة الآن ؟
هل هو بالفعل قد أذي شعورها لهذه الدرجة ؟
تنهد في سره يفكر ما فائدة الندم الأن، عليه أن يحاول إسترجعها وألا يقف مكتوف الأيدي هكذا؟
نطق يوسف بتعجب: انتي ليه بتتكلمي معايا بالاسلوب دا يا نسمة؟
هتفت نسمة بتصحيح ولهجة جدية للغاية: استاذة نسمة لو سمحت.. ثانيا انا بتكلم بكل ادب مع حضرتك
حاول السيطرة على أعصابه التي بدأت تهتز من أسلوبها الصارم معه، وقال بتوتر طفيف: انا قصدي ليه الرسمية دي كلها.. احنا كنا اصدقاء قبل مايكون بينا ارتباط وخطوبة
ابتسمت نسمة ابتسامة لم تصل لعينيها، وقالت بسخرية: انت قولتها كنا مافيش حاجة بتمشي لوراء.. حاليا احنا مجرد زمايل وبس
هدر يوسف بإنفعال، بعدما تمكنت من خروج غضبه الكامن بسبب تهكمها الزائد معه: يا نسمة اسمعيني شوية بلاش طريقتك الزفت دي
صاحت نسمة بصوت عال ايضا: لو سمحت لو عندك حاجة خاصة بالشغل قولها لو مش...
قطع مشاجرتهما دخول ممدوح بعد أن طلب الإذن بكل احترام: القهوة يا استاذة نسمة
نسمة بهدوء مفتعل، بينما صدرها يعلو ويهبط جراء تنفسها السريع: شكرا يا عم ممدوح
وضع ممدوح القهوة فوق سطح المكتب، ثم نظر إليهم غير مدرك لحرب النظرات بينهم لبعضهم البعض، قائلا بابتسامة بشوشة: تأمروني بحاجة يا استاذ يوسف اجيبهالكم هنا
اجابت نسمة بهدوء لاذع: تسلم يا عم ممدوح.. الاستاذ يوسف هيروح لمكتبه لأن عنده شغل كتير
ثم جلست خلف مكتبها، وقالت بهدوء أشد، وهي تنظر إلى الأوراق أمامها: بعد اذنك يا استاذ يوسف ورايا انا كمان شغل عايزة اخلصه
شعر يوسف بإحراج شديد، وإقتحن وجهه بقوة من طردها له بالذوق أمام ساعي الشركة، ثم اتجه للخارج بخطوات غاضبة دون أن ينطق بكلمة.
قالت نسمة بتهذيب: اتفضل انت يا عم ممدوح اذا احتجت حاجة من البوفيه هبلغك
بعد أن أصبحت وحيدة في الغرفة شبكت يديها، وأرحت مرفقيها على المكتب، وأسدلت رأسها بإرهاق بينهما، وهي تغلق عينيها بقوة، وتضاربت الأفكار في عقلها، ولكن رغم أي شيء لم ټندم أبدًا على معاملته بهذه الطريقة الجافة.
ماذا ينتظر منها بعد أن استهزأ بها ولم يحترمها، وأهان كرامتها بفعلته.
كما أنه سقط عن أنظارها، وانتهى الأمر لهذا الحد.
لكن هل ينتهي الأمر حقًا عند هذه النقطة، أم ستقلب الأقدار التالية كل شيء رأسًا على عقب، من يدري؟
نهاية الفصل التاسع والثلاثون
الفصل الأربعون (صدمات متتالية) مزيج العشق
بعد قليل
و مازلنا في شركة البارون
في مكتب ادهم
كارمن تجلس منذ أكثر من ساعة علي الأريكة الموجودة أمام مكتب أدهم، وتعمل على جهاز الحاسوب الخاص بها بناءا علي تعليماته، بينما أدهم جالس على مكتبه، يتابع حركاتها اللطيفة من حين لآخر بابتسامة صغيرة دون أن تلاحظه.
وقفت كارمن علي قدميها، وهي تستقيم بجسدها مع شعور طفيف بالألام في رقبتها من جلوسها بوضع ثابت فترة طويلة، لكنها شعرت بالجوع وكانت علي وشك أن تسأله ماذا يأكل، لكن هاجمها دوار مفاجئ لتتمايل قليلًا في وقفتها، وشعرت بهزة تحت قدميها، فجلست بسرعة ووضعت يدها على جبينها تدلكه پألم.
لاحظ أدهم ما حدث معها، لينهض بسرعة من مقعده متجهًا نحوها، قائلًا بإهتمام: حصلك ايه حاسة بحاجة بټوجعك ؟
ابتسمت كارمن له بإرهاق، وحاولت أن تجعل صوتها طبيعيًا لكي تجعله يطمئن بعد أن إستشعرت خوفه عليها، لكنه رغما عنها كان خافتًا: دوخة بسيطة يا حبيبي وعدت ماتقلقش
جلس أدهم بجانبها يلف كتفيها بحنان بذراعه، ويربت على شعرها، ثم قال بقلق يتخلله بعض اللوم بسبب خوفه عليها: ازاي ماقلقش انتي من مدة حاسة بصداع ودلوقتي دوخة.. اكيد من مجهودك طول الوقت في الشغل
رفعت كارمن عينيها إليه، ثم تمتمت في محاولة أن تنكر ما يقوله برقة: لا يا ادهم انا ماكنش بيحصلي كدا وانا بشتغل زمان
لثم ادهم شعرها وهو يضمها أكثر بذراعه، وقال بحنو: دلوقتي غير زمان انتي ناسية انك ضعيفة من وقت ما ولدتي ملك لازم نروح للدكتور نطمن
مدت كارمن ذراعيها حول رقبته، وقالت بابتسامة هادئة مقوسة شفتيها للأسفل ببراءة: بس انا مش بحب الدكاترة ولا المستشفيات
ثم قبلته على ذقنه بأنفاس ساخنة، وقالت بدلال: صدقني شوية ارهاق صغيرين وهيروحو لحالهم عشان خطړي
تنهد من قلبه، غير قادر على الضغط عليها، لكنه همس بإصرار، ورفع حاجبيه: بشرط تاخدي اليومين الجايين اجازة من الشغل
ادارت عيناها بتفكير ثم قالت برضوخ: ماشي
أردف ادهم بنفس الهمس المخملي ناظرا إليها بعيون تفيض حبًا: وتوعديني اذا حسيتي بتعب تاني تقوليلي ماتخبيش وحياتي عندك.. بلاش عنادك دا كله الا الصحة يا كارميلتي
نطقت كارمن بإبتسامة رائعة: حاضر هو انا اقدر اعاند قصاد الحنان والاهتمام دا كله
في قصر ادهم البارون ليلا
يجلس أدهم على مكتبه، وينجز بعض الأعمال المهمة، لكن شتت انتباهه دخول ملك عليه التي ركضت نحوه، ليلتطقها بين يديه ويجلسها على قدميه قائلًا بحنان: ايه يا قلبي انتي تهتي منهم برا ولا ايه؟
هتفت ملك بتعثر بلهجتها الطفولية الناعمة: لا.. بابا.. مش عايزة اكل
إبتسم ادهم وقال بصبر: ليه يا روح بابا الاكل هيخليكي تكبري وتبقي حلوة.. انتي مش عايزة تبقي حلوة
عبست ملامحها البريئة قائلة بإشمئزاز: عاوزة.. بس لبن يع
ابتسم أدهم لحركاتها البريئة وقال ضاحكًا، وهو يشير إلى قدميها الصغيرتين: لا اللبن هيخلي الرجلين الصغنين دول يكبروا بسرعة يا شقية
ثم دغدغها بمرح حتى رن ضحكها العالي في المكان بسعادة
دخلت كارمن من خلال باب المكتب المفتوح، وشاهدت ما يحدث بابتسامة رقيقة على شفتيها، قائلة بحزن متصنع: ايه دا انا قطعت عليكم اجتماع مهم ولا ايه ؟
ثم اكملت بتوعد زائف للصغيرة: كدا يا لوكة تدوخيني عليكي في الجنينه وانتي قاعدة مبسوطة وتضحكي هنا
نظر إليها أدهم، ورفع شفتيه جانبًا، وقال ساخرًا: هو دا اللي هتقعدي في البيت وترتاحي.. بقي هي دي قعدة البيت بتاعتك يا كارمن
زمت كارمن شفتيها بإحراج، قائلة بدفاع عن نفسها: انا بقيت احسن صدقني وبعدين انا مش بتحرك كتير
هز رأسه بقلة حيلة من عنادها، ثم وجه حديثه لملك قائلا بحنان: لوكة احسن منك يا ماما خلاص هي تشرب اللبن عشان تكبر مش كدا يا ملك
أومأت ملك ببراءة همهمت: اه
طبع ادهم قبلة علي وجنتها المكتنزة بحب وقال بلطف بالغ: طب يلا روحي مع ماما ولما تخلصي الاكل كلو هجيبلك لعبة كبيرة
كانت الطفلة سعيدة للغاية، ونزلت بسرعة من قدميه، وتوجهت إلى والدتها التي قالت، وهي ترفعها بين ذراعيها: افضل انت دلع فيها كدا وكل يوم شقاوتها بتزيد يا ادهم
تلاعب ادهم بحاجبيه وقال بخبث: من حق الجميل يدلع انا عارف انك متغاظة منها عشان بتدلع اكتر منك
شهقت كارمن قائلة بصد@مة مزيفة، وهي تقوس شفتيها للأسفل: بقي دي اخرتها هتركن علي الرف
قال ادهم بغمزة: ماعاش ولا جاش اللي يعمل فيكي كدا يا كارميلة قلبي
ثم اردف بهدوء: طلب صغير حبيبي قولي لكريمة تعملي فنجان قهوة دماغي وشت من الشغل
كارمن بإبتسامة جميلة: حاضر من عينيا
في المطبخ
دخلت كارمن وعلي ذراعيها تحمل ملك، قائلة بابتسامة حلوة: دادة كريمة معلش هتعبك اعملي قهوة لادهم ووديهالو في المكتب علي ما اعشي ملك انتي عارفه مابتحلاش القهوة الا من ايدك
أومأت كريمة بطاعة قائلة ببشاشة: بس كدا غالي وادهم بيه يأمر
قالت كارمن بود لتلك المرأة الطيبة: تسلمي يا دادة ربنا يديكي الصحة
كريمة: سيدة في أواخر الأربعينيات من عمرها وتعمل في القصر منذ أن كانت طفلة، وكانت هي التي اعتنت بأولاد ليلي واعتمدت عليها في أمور كثيرة ووثقت بها، كما أن أدهم يكن لها مكانة خاصة كثيرا في قلبه.
بعد قليل
دلفت كريمة المكتب بعد أن طرقت الباب، وسمح لها أدهم بالدخول، وهي تحمل صينية قهوة في يديها، ثم بعد وضعتها على سطح المكتب، ووقفت تنظر إليه بتردد وارتباك.
نظر أدهم إليها، مندهشًا من وقوفها الصامت، وهي تتحدث معه عادتا عندما تأتي إليه، فسألها باهتمام: خير يا دادة انتي حاسة انك تعبانه!!
أجابت كريمة بتلعثم متوترا بعض الشئ: لا يا ابني الحمدلله انا كويسة
ضيق أدهم عينيه، وهو ينظر إلى عيناها التي تدار في المكان، ولا تنظر له مباشرة قائلا بشك: اومال مالك وشك مخطۏف ليه
قالت كريمة بتردد: ادهم بيه انا كنت عايزة اتكلم معاك في موضوع كدا
ترك أدهم القلم من يده واتكأ ظهره على الكرسي، قائلًا بتوجس: طالما فيها ادهم بيه يبقي في مشكلة اكلمي من غير لف ودوران في ايه
أجابت كريمة بتنهيدة مضطربة: بصراحة في حاجة حصلت وانا مش لاقية ليها تفسير وكان لازم ابلغك بها فورا لكن مالحقتش الصبح
تنهد ادهم بضجر من مماطلتها له، وقال بينما يفرك فروة رأسه بإنزعاج: يا دادة ادخلي في الموضوع علي طول الله.. انتي عارفاني مابحبش المقدمات الله يرضي عليكي قلقتيني
صمتت كريمة تحاول ترتيب كلماتها، ثم ذكرت اسم الله في سرها، وبدأت حديثها بهدوء: انا كنت بحضر السفرة انهاردة الصبح بنفسي زي ما ليلي هانم طلبت مني وبعدين خرجت اجيب اكل الكلب بتاع ملك.. لما رجعت شوفت مدام نادين بتحط برشام في كوباية العصير بتاعت مدام كارمن
جحظت عينيه بصد@مة، وزادت خفقات قلبه مما يسمعه قائلا بقلق وتشوش: انتي متأكدة من كلامك ايه البرشام دا
رفعت كريمة كتفيها دلالة علي عدم معرفتها وأردفت: معرفش والله يا بني.. انا بعد ما هي خرجت للجنينة قبل ما انتو تنزلو.. دخلت لمېت كل الكوبيات.. رميت اللي فيها وصبيت لكل واحد فيكم في كوبيات تانية نظيفة.. لزوم الاحتياط ما هو انا معرفش هي حطت لمين تاني غير ست كارمن
احتدت نظرات ادهم الذي قال بغموض: ماشي يا دادة روحي انتي لشغلك وماتجبيش سيرة لاي حد خالص فاهمه يا دادة وخصوصا امي مش عايزها تعرف حاجة دلوقتي
أومأت كريمة بطاعه وهمت لتغادر الغرفة: حاضر عن اذنك
أوقفها صوت ادهم قائلا بتحذير صارم: دادة خلي عينك علي نادين كويس ماتغفلش عن عينيكي ولما تخرج بكرا للنادي بلغيني
صباحا في اليوم التالي
داخل إحدي المقاهي بجانب القصر، حيث يجلس أدهم ويبدو عليه الشرود بعيدا بتفكيره.
فرك أدهم عينيه متعبًا، حيث كان جالسًا على هذا الوضع لأكثر من ساعتين.
زفر ثم سند رأسه على مرفقيه أمام الطاولة منهكا، لأنه لم يتذوق طعم النوم منذ أمس.
سيفقد عقله من كثرة التفكير في تصرفات تلك المچنونة التي تجلس في منزله، ولا يدري ما الذي تخطط له وما المخزي من فعلتها.
همس ادهم بوعيد حاقد لنفسه: ياريت اللي في بالي يكون غلط عشان وقتها مش هرحمك يا نادين
انقطعت أفكاره بسبب رنين هاتفه فأجاب بلهفة: ها يا دادة في جديد
نظرت كريمة جيدًا حولها بشك، لكي تتأكد من عدم وجود أحد ما قد يتنصت عليها، حيث لم تعد تشعر بالراحة إلى معظم الخدم في القصر، ثم قالت بصوت منخفض: الست نادين خرجت من خمس دقايق يا ادهم بيه
قال ادهم بتحذير: ماشي اوعي يكون حد حس بحاجة عندك
تنهدت كريمة وقالت بنفي: لا مافيش
زفر ادهم وقال ببرود: تمام سلام
نهض بسرعة وهو يتأكد من وجود مفاتيح السيارة في جيبه، ثم سرعان ما غادر المقهى متجهًا مباشرة إلى القصر.
في شركة البارون
دخل يوسف مكتبه الذي يتشاركه مع زميله كإعصار دون أن ينبس ببنت شفة.
هتف بإستغراب: السلام لله يا اخينا
تمتم يوسف بحنق: وحيات ابوك تسيبني في حالي يا سامر
قام سامر من مقعده وذهب، ليجلس فوق مكتب يوسف وقال: خير يا ابني.. وشك مالو مقلوب ليه كدا.. ما ترد عليا هفضل اكلم مع نفسي
حدق يوسف فيه بنظرة غاضبة، وقال بغيظ: سمعت كلامك وجربت معها مرة واتنين وعشرة كل يوم مافيش اي فايدة
ضړب سامر كف علي كف، وهو ينظر إليه بحاجب مرفوع، وقال بذهول: اما انت امرك عجيب صحيح.. منين تعجب بوحدة تانية وانت خاطبها ودلوقتي شاغل بالك بها وحليت أوي في عينك
زفر يوسف بحرارة، قائلا پغضب من نفسه: كنت اعمي ارتحت كدا
ثم أضاف بندم غاضبًا، بينما كان يضرب سطح المكتب أمامه بقوة: بس انا استحق اللي بيجرالي دا واكتر.. عشان جريت ورا وحدة زي رانيا دي.. معرفش عقلي كان فين !!
ربت سامر على كتفه بمواساه، قائلا بتشجيع: خلاص طالما فوقت لنفسك وعايز تصالحها لازم تتعب شوية
فرك يوسف عينيه بإرهاق، وقال بتنهيدة مؤلمة: بقالي شهور بحاول معاها وروحت لأبوها كذا مرة.. بيقولي نفس الجملة دي بنتي الوحيدة وانت من علي البر ماعرفتش تحافظ عليها اومال بعد الجواز هيحصل ايه
دعك سامر ذقنه، وقال بتمتمة: عنده حق اب ويهمو مصلحة وامان بنته انت اللي غلطان
أومأ يوسف بتفاهم وقال مرددا حديث صديقه: صح مافيش حاجة بتحصل بالساهل عندك حق.. انا ماكنتش عارف اني بحبها بالشكل دا الا لما رجعتلي الدبلة وبعدت عني
واضاف بغيظ: بس هي دماغها حجر ربنا يقدرني عليها
قال سامر بتحذير: خد بالك هي اكيد فقدت الثقة فيك ومش بسهولة هتقدر تسامحك وتنسي وحتي اذا سامحت هتفضل تخنقك بشكها فيك وهيكون ليها حق..
حملق به يوسف بعيون تلتمع بحزن وقال: انا برده انسان مش معصوم من الغلط يعني.. وربنا بيغفر ليه هي ما تغفرليش اول غلطة ليا
بسط سامر كفيه أمامه قائلا بهدوء: هي مابقتش عايزة تكمل معاك كل بنت حسب طاقتها في ست تسامح وست ما تقدرش.. لو مراتك كانت ممكن تديك فرصة لكن دلوقتي هي قفلت الباب في وشك وانتهي الموضوع.. نصيحة من صحبك سيبها في حالها وشوف نصيبك بعيد عنها.. انت جرحت كرامتها والست رانيا الله يكرمها ماسابتش حد الا وقالتلو انك سيبت نسمة عشان خاطرها
تمتم يوسف بصوت خفيض: دي بنت تيت انا فعلا ندمان اني عبرتها من الاول..
ثم قال مردفا بعزيمة: بس مش هستسلم بسهولة وهفضل احاول يمكن وقتها تقتنع اني فعلا بحبها وشاريها
تنهد سامر بقلة حيلة من صديقه، وصمت ليعود إلى عمله.
عند ادهم
دخل أدهم القصر، وصعد الدرج بسرعة حتى لا يراه أحد من الحاضرين بالأسفل.
ذهب أدهم مباشرة إلى جناح نادين، وحالما دلف إلى الداخل، بدأ يبحث في كل مكان وقعت عيناه عليه حتى وجد أخيرًا ما كان يبحث عنه في خزانة ملابسها.
جلس على السرير، وقلب فيما وجده الذي كان عبارة عن مجموعة من علب الأدوية، والعديد من الأقراص المختلفة.
أخرج هاتفه وكتب أحد أسماء تلك الأودية، وبدأ يبحث عن ما تكون تلك الأشياء.
برزت عيناه مما اكتشفه، وكأنه قد تلقى للتو صڤعة قوية، فما هي تلك الحبوب إلا من أجل منع الحمل، ومن عيار شديد وخطېر أيضًا، كيف لم يفكر في تلك النقطة، كيف له أن يغفل عما قد تفكر في فعله تلك الأفعي السامة؟
اشټعل قلبه بالحقد والكراهية تجاه تلك الحية التي تفرز سمها في كل مكان حولها، وهو مثل الأحمق الذي لا يدري شيئا عما تفعله، وقد يؤدي إهماله هذا إلى إصابة تلك المسكينة بالأذي التي لا ذنب لها فيما يجري من حولها.
ضغط أدهم علي تلك العلبة في قبضته حتي اعتصرها پقهر، واعدًا نفسه أنه لن يرحمها، ثم نهض پغضب چحيمي وهلع إلى الطابق السفلي، ليهدر بصوت جهوري: كريمة
بعد لحظات هرولت راكضة إلى عنده بسبب صوته الذي نادرا ما يكون مرتفعا جدا إلا إذا كان في قمة غضبه: ايوه يا ادهم بيه
أمرها أدهم بعيون حمراء ونبرة حادة: اول ما توصل نادين من برا يا كريمة ماتخليهاش تطلع لفوق تجيبها علي مكتبي فورا مفهوم
أومأت كريمة بطاعة، وهي تدعي في خاطرها أن يمر هذا اليوم علي خير: امرك حاضر
عند كارمن في توقيت العصر
نزلت من الجناح بعد أن أمضت اليوم كله في الفراش، وهي لا تعرف ما هذا الخمول الذي أصابها، ربما يكون هذا بسبب العمل الدائم خلال الفترة الماضية.
مرت إحدى الخادمات أمام كارمن، وأوقفتها كارمن بابتسامة: مساء الخير يا رقية
رقية بتهذيب: مساء النور يا هانم
كارمن بتساءل: فين الجم١عة وملك
ابتسمت رقية لها، وقالت بعفوية: موجودين في الجنينة وملك بتلعب مع كلبها معهم ونادين هانم لسه في النادي وادهم بيه في مكتبه
فوجئت أن أدهم جاء مبكرا جدا اليوم، لأنه عادة يأتي بعد غروب الشمس، لكنها ردت عليها بهدوء: تمام يا رقية روحي انتي علي شغلك
توجهت كارمن إلى المكتب ثم فتحت الباب بعد أن طرقته.
تساءلت كارمن بهدوء: حبيبي انت هنا من امتي؟
كان جالسًا خلف مكتبه، ويبدو عليه الإرهاق، ولكن عندما سمع طرقًا على الباب، استقام في مقعده وأجابها بهدوء: من شوية
أومأت إليه كارمن بفهم، ولم ترغب في إطالة الأسئلة عليه، عندما لاحظت شحوب وجهه، ثم مشيت نحوه بهدوء، ووقفت خلف مقعده، ثم رفعت ذراعيها وغمرت أصابعها في شعره، ودلكته برفق.
أغمض أدهم عينيه مصدرا أنين خاڤت من التعب، وراق له كثيرا ملمس أناملها الرقيقة بين خصلاته، وطغي علي حواسه شعورا بالارتياح مذهل جعل الصداع الذي يألم رأسه يتقلص تدريجيا.
كارمن بخفوت: باين عليك التعب وماما قالت انك مافطرتش قبل ماتنزل الصبح.. اكلت أي حاجة طول اليوم
همس أدهم وهو على حاله: لا يا قلبي
تفحصت كارمن وجهه بإهتمام، ثم قالت بإبتسامة: طيب تحب اخليهم يحضرولنا الغداء وناكل كلنا مع بعض
ادهم بتنهيدة: ماليش نفس
طبعت قبلة دافئة على جبهته، قائلة بإصرار ناعم: عشان خطړي تاكل شكلك مرهق اوي ودا غلط علي صحتك ولا انت غاوي بس تقولي اقعدي في البيت وماتتعبيش نفسك وانت تتعب
أمسك بيديها اللتين وضعتهما على كتفه، وقبّل راحة يدها، ليقول بأنفاس حارة: كلي فداكي وبعدين يمكن تعبت شوية لاني طول اليوم ماكنتيش معايا في الشركة
قالت كارمن بضحكة رائعة جعلت أدهم لا يستطع المقاومة أو الرفض: انت بقيت بكاش اوي علي فكرة برده هتاكل ماتحاولش انا مصرة
وقال أدهم مازحًا بعد أن صفي ذهنه قليلا من أسلوبها الهادئ الحنون ورقة همساتها التي كان يعشقها: ماشي روحي خليهم يحضروا الاكل بس انتي تتفرجي من بعيد ماتبوظيش الاكل
ابتعدت كارمن عنه قليلًا، قائلة بعبوس لطيف: دمك تقيل يا ادهم
ادهم بحب: بهزر يا عيونه
أرسلت له قبلة في الهواء، لتقول بينما تغادر المكتب: ماشي
بعد مرور ساعة
كانت كارمن تتحدث إلى روان على الهاتف، بجانبها ملك التي تلاعب كلبها، وليلي ومريم يتحدثان عن العديد من الموضوعات أثناء متابعتهما إلى التلفاز بعد أن تناولوا جميعًا الغداء.
روان: اخبارك ايه دلوقتي
اجابت كارمن، بينما تلاعب خصلات شعر ابنتها بحنو: الحمدلله تمام بس تعرفي اتعودت علي الشغل حاسة بملل من القعدة
روان بتحذير: ريحي نفسك يا كارمن الصحة مافيهاش هزار
تنهدت كارمن، وقالت بقلة حيلة: انا بقيت احسن دلوقتي والله
روان بنفي: ولو اسمعي الكلام
كارمن بإبتسامة: ماشي يا اختي قوليلي انتي ايه اخر اخبارك
روان بضجر: الروتين العادي الكلية ومذاكرة وطلبات زين وكدا
ثم اضافت بحماس: بس المفاجأة بقي اني اقنعت زين اننا نسافر يومين اسكندرية بعد كام يوم قبل زحمة الامتحانات
كارمن بإستغراب: يا مچنونة الجو بدأ يبرد ماتستني للصيف
روان بنعومة: لا هو بيقول ان اسكندرية في الوقت دا جوها جميل وانا ھموت واروحها بقي
كارمن بهدوء: ماشي ربنا يهينيكم يا رورو.. واحنا مش باقيلنا كتير ويبدأ الديفليه وفي شغل لازم اخلصو وادهم مصمم افضل في البيت
قالت روان بضحكة: ماتعانديش معه وخديه بالسياسة كدا امي علي طول تقولي الجملة دي بس انا ماشاء الله عليا زي الدبش برمي الكلام وانا ونصيبي بقي
في مكتب ادهم
نادين تقف أمام المكتب، وخلفه يقف أدهم بهيئة صارمة للغاية بعد أن أغلق الباب ورائها عندما دخلت.
ينظر أدهم إليها، بينما تغلفه هالة من الغموض لا تستطيع معها تخمين ما يدور في ذهنه.
عصفت الأفكار في ارتباك وقلق برأسها من صمته المطول منذ دخولها من دقائق ولم ينطق بشيء،
و لقد أدى هذا حقًا إلى توتر أعصابها، وجعل القلق يتفاقم بعمق أكبر داخلها.
تفوهت نادين بتوتر: في حاجة يا ادهم انت ليه موقفني كدا
تحدث أدهم ببرود مبهم، وهو ېحترق من الداخل، لكنه سيطر على نفسه بكل قوته حتى لا يرتكب چريمة فيها: كنت عايز اسألك عن حاجة؟
دقت نواقيس الخطړ داخل عقل نادين التي همست بحذر، بينما قلبها يخفق مثل الطبول بين ضلوعها، منذ متى يسألها عن أي شيء: اسأل
أخرج علب صغيرة من جيوبه ووضعها على مكتبه، قائلًا بسؤال بارد، بينما عيناه تطلقان أسهم الڠضب التي كانت على وشك الإطاحة بكل شيء أمامه دون ذرة تفكير: تعرفي دول بتوع ايه!!
هرب الډم من وجهها، وللحظة شعرت أن الغرفة تدور بها عندما رأت تلك الأشياء أمامها، وجعلها الخۏف مثل ورقة مزقتها ريح الخماسين، التي تحمل آلاف الأطنان من الكوارث التي ستدمرها حتمًا، لكنها هتفت متلعثمة بإنكار: لا.. مع.. معرفش.. هما ايه دول
احتد صوت أدهم قائلا بنظرة قوية محذرا: متأكدة
نادين همست بعيون زائغة تفرك يديها في ارتباك شديد: ايوه
ابتسم أدهم ببرود، يتلاعب بأعصابها أكثر ثم أجاب: دول موانع حمل والغريبة انهم كانو في اوضتك وتحديدا جوا دولابك
لم تطمئن أبدًا لهذا البرود الجليدي الذي يغلف صوته، وهذا الهدوء الذي يسود كلامه، تقسم أنه ما هو إلا هدوء ما قبل عاصفة ستندلع بسببها الأخضر واليابس، لكنها هتفت كاذبة: صدقني انا معرفش عنهم اي حاجة
تجعد أدهم حاجبيه شاعرا باشمئزاز من إنكارها غير المجدي قائلًا بسخرية: المفروض اسألك انتي بتستخدمي الحبوب دي ليه وانا مش بخلف ولا بقرب منك اصلا.. الا اذا كنتي بتلعبي بديلك من ورايا يا نادين هانم
سرت قشعريرة باردة في جسد نادين من الړعب الذي كانت تشعر به في تلك اللحظة، وقالت پهستيريا بينما هزت رأسها مستنكرة: انا لا طبعا ازاي تفكر فيا بالشكل دا.. اكيد حد حطهم ليا..
هدر فيها أدهم پغضب شديد جعلها تجفل، وتتوقف عن قول تلك الكلمات الحمقاء: او انتي اللي بتحطيهم لحد يا نادين
برزت عيني نادين بشدة، وقالت بقشعريرة مضطربة: يعني ايه ؟!!
كشړ أدهم عن أنيابه قائلا بغموض: هتعرفي دلوقتي
بعد أن قال ذلك، توجه مباشرة إلى باب المكتب وفتحه، ونادى بصوت عال: كريمة
هرولت إليه كريمة التي كانت واقفة على بعد أمتار قليلة من المكتب، كما أمرها أدهم منذ قليل وقالت على الفور: ايوه يا ادهم بيه
أشار أدهم لها للدخول، ثم التفتت عينيه إلى نادين، وقال بسخط: عيدي تاني كلامك ليا امبارح
وزعت الأخرى نظراتها، بينهما بقلق لكنها تشجعت، وردت بصدق: انا شوفت الست نادين بتحط حبوب في كوباية مدام كارمن
صړخت نادين فيها بهستيرية: انتي وحدة كذابة انا معملتش حاج...
لم تكمل جملتها لأن أدهم هرع إليها، وأمسكها بشدة من شعرها، ولم تشعر إلا بصڤعة قوية هشمت عظام خدها من يده الأخرى، لتترك خدها مخدرًا من قوة الضړبة، ثم صړخ في وجهها بتحذير عڼيف: اخرسي خالص ماسمعش حسك يا زب@الة
زأر بصوت مخيف مخاطبا كريمة بكلماته، دون أن يرفع عينيه المشټعلة بوميض ڼاري عن تلك المرتجفة من الخۏف في يده: اخرجي انتي يا كريمة دلوقتي
أومأت كريمة برأسها خاضعة لأوامره التي لا يمكنهم كسرها واندفعت للخارج.
ثم واصل صراخه في نادين التي كانت تتلوى من الألم الرهيب بسبب قبضته القاسېة على شعرها، بصوت جهوري حاسم مليء بالڠضب: انطقي والا اقسم بالله ھدفنك مكانك
بينما ركضت كريمة إلى الصالة الكبيرة حيث جلست جميع السيدات.
تلعثمت بصوت لاهث، وغير مفهوم من الإرتعاب: الحقي يا ست ليلي
نهضت ليلى من مقعدها واقتربت منها، قائلة بقلق عندما لاحظت وجهها الشاحب: مالك يا كريمة انتي تعبانه
تكلمت كريمة بتحشرج: ادهم بيه
صاحت ليلي بذهول مذعور، بينما خفقات قلبها بدأت تعلو بإضطراب: اتكلمي علي طول في ايه يا كريمة ادهم ماله
أمسكت كارمن بكتفها، وسحبتها بعيدًا عن كريمة، وقالت بحذر وهي تنظر إليها: استني بس يا ماما.. خدي نفسك يا ست كريمة وفهمينا
ابتلعت كريمة لعابها بصعوبة، وواصلت حديثها بصوت متقطع: ادهم.. في المكتب مع ست نادين.. وبيض@ربها
استفهمت ليلي بإستنكار: ليه عملت ايه البني ادمه دي!!
انقبض قلب كارمن التي هتفت بسرعة: مش وقت اسئلة يا ماما تعالي ورايا بسرعة يا كريمة
وهرعوا جميعًا إلى المكتب بقلق ليروا ما يجري هناك
في المكتب
صاح ادهم بصوت مخيف بينما الشرز يتطاير من عينيه پغضب: صبرت عليكي سنين عملت فيكي بدل الثواب عشرة وانتي وحدة خس*سة وحق*رة ماطمرش فيكي رغم اني كنت مستحملك بعللك
ثم أضاف بقسۏة بينما يواصل هزها پعنف ممسكا بذراعيها بقبضته الفولاذية: الحاجة الوحيدة للي هتخلي ڼاري تبرد شوية اني اشوفك مرمية في السچن يا نادين وهيحصل دلوقتي حالا
نزلت على ركبتيها، تقبّل قدميه بضعف وذعر من تلك الفكرة المروعة بالنسبة لها، والدموع تنهمر من عينيها وقالت بتلعثم: ابوس ايدك.. ابوس رجلك ماتعملش كدا ماتأذنيش يا ادهم ارجوك.. صدقني والله انا هطلع من حياتك خالص مش هتشوفني تاني ولا هقرب منك بأي شكل.. بس وحياة اغلي حاجة عندك ماتسجنيش
صر أدهم على أسنانه پغضب كاسح حتى كاد أن يكسرها، ليقول من بينهم پحقد وكراهية: كل اللي جرا منك زمان يا نادين لحد دلوقتي.. هتتحاسبي عليه هتدفعي تمنه ومش هرحمك مهما قولتي لان اي حاجة هتقوليها مش هصدقها اصلا.. وكلو كوم واذيتك لمراتي كوم هدوقك المر ومحدش هيشفق علي ك*بة زيك
ثم عبست ملامحه، واردف بإشمئزاز: كفاية السنين اللي ضيعتها من عمري وانا سكت فيها عن عمايلك.. وانا عارف انك بتكذبي عليا وان العيب منك وفاكرة نفسك ناصحة وبتخدعيني
شعرت أن دلوًا من الماء البارد قد سكب على رأسها، وجحظت عيناها بړعب ممَ قاله حيث خارت أعصابها، وتركت ذراعه الذي كانت تمسكه بضعف، علي أمل أن تستطيع استعطافه ليرحمها، لكن الآن كل ما كانت تخاف منه صار مكشوفا وهو يعرف كل ما فعلته.
شق هدوء المكان صړخة قوية منها دوت في أرجاء المكتب، حينما ركلها أدهم بمقدمة حذائه في بطنها، ثم أمسكها مرة أخرى من شعرها الذي أصبح منتوف خصلات كثيرة منه بسبب قسۏة قبضته عليه، وكان ال،ـدم ينبض في عروق وجهها التي كانت ملونة بالأزرق ومتورمة من كثرة الضړب الذي إنهال عليها به، بمنتهي الحقد والڠضب الدفين.
تحت اصوات صړاخها المستغيثة، والتوسل اليه ان يرحمها، لكنه لا يسمع أي شيئا مما تقوله لانه فقد السيطرة تماما، ليصب جام غضبه فيها.
...: ادهم!!؟
لم يعيده إلى رشده إلا صوت كارمن المذعور وهي تركض إليه، ووقفت حائلا في الطريق بينه وبين نادين.
تراجع إلى الوراء قسرًا لئلا تتأذى منه في حالته الچنونية التي وصل إليها، وكان صدره يهبط ويعلو جراء أنفاسه سريعة، وشعره متناثر على جبهته بفوضي مع وجود بعض قطرات العرق متساقطة عليه أثر المجهود الذي بذله للتو.
أما نادين فحدث ولا حرج، كانت في حالة مذرية وفوضوية شديدة وشعرها أشعث،
سألت ليلي بدهشة وخوف مما تراه عيناها: ايه اللي بيجري يا ابني.. عملتلك ايه عشان تض،ـربها بالمنظر دا ما تفهمنا
صړخ بهن هادرًا بنفاذ صبر: خدوا بعضكم علي برا يا امي حالا
قالت نادين وهي تنتحب بصوت مبحوح: لا يا طنط ليلي ارجوكي دا هيموتني في ايده.. خليه يسيبني امشي وانا والله ما هقرب لحد فيكم ابدا
هتف فيها أدهم بزمجرة شرسة علي أثرها إرتجفت أوصالها، وهي تزحف الى الوراء قليلا بعد أن سقطت علي الأرض بإنهاك قوي: تمشي منين يا روح امك انتي هتخرجي من هنا علي السچن
نظرت مريم إلى ليلي، ثم هتفت الأولي، متسائلة بعدم إستيعاب: سجن ايه بس يا ابني.. استهدي بالله كدا واقعد قولنا ايه اللي حصل
أجاب ادهم علي سؤالها بسؤال أخر بصوت شديد الصارمة: عايزين تعرفو في ايه.. ؟
أردف بصوت بارد يتخلله بعض الحدة، بعد أن حدق فيها من رأسها إلى إخمص قدمها بنظرات حاړقة كالبارود: الهانم كانت بتحط في عصير كارمن حبوب منع الحمل وكريمة شافتها وبلغتني
سكت الجميع للحظة، يحدقون فيه بنظرات تفيض بالدهشة والاستنكار والاستغراب الشديد، والأفكار المختلفة المتداولة في أذهان كل منهم على حدة.
ابتلعت ليلى ريقها قائلة بتوجس وعدم فهم: بشويش عليا عشان افهم يا ابني ازاي يعني !! وهي تعمل كدا ليه وانت اللي مش بتخلف
قهقه أدهم پقهر قبل أن يجيب عليها ببرود ساخر: المدام هي اللي عندها عقم مش انا.. فاكرة نفسها ذكية وبتخدعني ومكملة في التمثيلة بمنتهي البجاحة
أنهي جملته بينما كان يوجه عينيه نحو زوجته، فوجد وجهها شاحبًا وهي ساندة على حافة المكتب في صد@مة مروعة بعدم تصديق، وعيناها مفروجتين على وسعهما.
صاحت نادين بتوسل: ارجوك انا غلطانة واستاهل اي حاجة تعملها فيا.. بس ابوس ايدك بلاش السچن يا ادهم والنبي
تقدم نحوها پغضب عاصف، قاصد لكمها لتصمت، لكن كارمن أوقفته عندما ركضت إليه مذعورة، لتمنعه بأحاطتها ذراعه قائلة برجاء: ادهم لو سمحت عشان خطړي انا.. ماتعملش كدا
هدر ادهم بها في حدة محاولا ابعادها عن طريقه: انتي مجنونه دي بتأذيكي الله اعلم بسبب الادوية دي اتسببت في ايه
نظرت كارمن له نظرات مترجية دامعة، وهي مقوسة شفتيها الى الاسفل مردده في استماته مجددا، لتهتف بصوت مبحوح: وحياتي عندك يا ادهم ماتعملش كدا فيها.. اذا علي العقاپ ربنا المنتقم الجبار وقادر ياخد حقنا عشر اضعاف ما انت هتعمل فيها.. ماتشيلش ذنوب بسببها وسيبها تمشي من هنا
نظراتها البريئة وكلماتها المفعمة بالخۏف عليه كانت كتعويذة سحرية جعلته لأول مرة في حياته، يتراجع عما قاله، ثم أدار عينيه فتجهمت نظراته فجأة، تجاه تلك المرأة المنكمشة، محاصرة نفسها في زاوية بعيدة بالمكتب، وامتلأت عيناها بالذعر من المصير الذي ينتظرها، ثم هتف پغضب مشمئز: سمعتي يا حقي** اللي كنتي بتأذيها بتقول ايه.. هسيبك تغوري من هنا بس عشانها.. لكن لو فكرتي بس تقربي من حد فينا تاني او شوفتك صدفة انتي الجانية علي روحك ساعتها
استرسل حديثه بصوت جهوري، بينما يرمقها بنظرة مليئة بالاحتقار الشديد: انتي طالق يا نادين وورقتك هتوصلك علي شقة ابوكي اللي بإسمك.. وحالا تطلعي برا من غير اي حاجة.. بالهدوم اللي عليكي وبس وسيبي مفاتيح العربية هنا
أشاح بصره عنها محدقًا في كريمة، ليصيح ببرود: كريمة اتأكدي انها خرجت من القصر يلا
نهاية الفصل الأربعون